سقيفة الشبامي

سقيفة الشبامي (http://www.alshibami.net/saqifa//index.php)
-   سقيفة عذب الكلام (http://www.alshibami.net/saqifa//forumdisplay.php?f=27)
-   -   نقد - دال (العبور ) مدلول (الوقوف)_ ديوان ( رجل ذو قبعة ووحيد ) (http://www.alshibami.net/saqifa//showthread.php?t=47461)

صالح البطاطي 03-04-2009 02:39 PM

نقد - دال (العبور ) مدلول (الوقوف)_ ديوان ( رجل ذو قبعة ووحيد )
 
بسم الله الرحمن الرحيم
دال (العبور ) مدلول (الوقوف)
قراءة في دلالة أربع قصائد من ديوان ( رجل ذو قبعة ووحيد )
للشاعر محمد حسين هيثم
د.عبد القادر علي باعيسى

يبدو أن المنطلق الأساس للدخول في قصائد الشاعر محمد حسين هيثم في ديوانه الأخير ( رجل ذو قبعة ووحيد ) هو أولا : دال العبور المنوع ( عبروا ، ساروا ، مضوا ، تناءوا ...) إلخ ، المقرون بالضمير ( هم ) الذي تمثله قصائد ( تغريبة يمانية ) و ( كيف تأتلف الكناية ها هنا ؟) و ( أين تمضي بأيامنا يا غزال ؟ ) و( الأقاصي ) وثانيا : دال آخر أو دوال مجتمعة ، مقرونة بالضمير ( هي ) أو بضمائر أخرى تمثلها قصائد مختلفة لن نعرض لها هنا خوف الإطالة ، أي أن الاهتمام سينصب على النصف الأول المستنتج قرائيا من مجموع هذا الديوان لا بحسب الترتيب و الذي تمثله القصائد المذكورة آنفا وهي الأولى والثانية والثامنة والثالثة عشرة .
يبدأ المقطع الأول من القصيدة الأولى بـ ( ساروا ) وهو أحد التكوينات المتعددة لدال العبور ، ويبدأ المقطع الأول من القصيدة الثانية بـ ( حمل ، ومضى ) (1) ويبدأ المقطع الأول من القصيدة الثامنة بـ ( هربوا ومروا ) ، ويبدأ المقطع الأول من القصيدة الثالثة عشرة أو الأخيرة بـ ( عبروا ) كما يمتد دال ( العبور ) مقترنا بضمير الجمع إلى بواطن هذه القصائد بغزارة ، وإنما أريد بهذا الابتداء التسريع بالإشارة إلى فاعلية هذا الدال الذي تتكئ عليه بقية الدوال في انتشاراتها ، فالعبور مولد دلالي مهيمن على أكثر من مستوى حتى في تقنيات الفراغ داخل المقاطع أو فيما بينها أو في طبيعة الترتيب على الورق ، فهو عبور مبني على الوعي الشعري الكتابي باللغة أكثر من كونه تحركا واقعيا ، ولذلك جاء تنوعه ، كما جاء -وهذا هو الأهم _ مدلوله المغاير لطبيعته ،فالقول (( ساروا بلا شمس )) من القصيدة الأولى يحيل مباشرة على انعدام الرؤية أو الرؤيا بما يقدم مدلول الوقوف أساسا ويلغي العبور _ التجاوز ، وهو ما يمكن عده مؤشرا أول يمكن ابتداء منه الاسترسال في قراءة مقاطع القصيدة:
أ_ساروا / وقد عصبوا الظلال على خناجرهم / وكان حنينهم طرقا مطوحة / وبين رعودهم ملح وأسماء 0
إن الظلال متحركة عادة ، غير أن تحولها إلى شيء مادي ( يعصب به ) يعني أنها فقدت سمة الحركة ، ولم تعد ظلالا ، صارت شيئا آخر جامدا أو ميتا ، وإن احتفظت من الظلال باسمها للحفاظ على وجهي القصيدة الظاهري والباطني ، ( وكان حنينهم طرقا مطوحة ) أي مشتتة تائهة تذهب إلى هنا وهناك فلا تصل إلى بغيتها بما يعني الضياع المتضمن وقوفا بالضرورة ، وفي القول ( بين رعودهم ملح وأسماء ) إشارة إلى أن أمطارهم مدعاة للجدب والموت ، مادامت ملحا فثمة وقوف عن النمو 0
ب_ ساروا / و ساروا / سربهم حفل من التيه / وهذا الماء مطفأ / والكلام تناسل النسيان /والخطوات صحراء 0
تحمل دوال هذا المقطع مدلولات المقطع السابق ، فالذي يسير في التيه لايتقدم أصلا لأنه لن يصل ، والماء والكلام فقدا فاعليتهما بالانطفاء والنسيان ، والخطوات غير ذات نتيجة ( صحراء ) وفي كل هذا وقوف يلغي مدلول ( ساروا ) الشاخص في رأس المقطع .
ج _ ساروا سرايا / في صباح خاثر / صحراؤهم سارت وراءهمو / وسارت ذئبة / سارت أفاع / سار غيم يابس في ركبهم / سارت سماء 0
في هذا المقطع جاء سير الجماعة في تخثر الصباح مفسودا بسير الصحراء معهم ، وسير أفاع ، و ذئبة ، وغيم يابس ، وسماء لايمكن وصل دلالتها المبهمة هنا إلا بالغيم اليابس بوصفه قريبا منها في السياق ، وفي المعنى ، ومنسجما مع الدلالة العامة للقصيدة ، فسيرهم _ وهم سيئون بهذه المصاحبات السيئة المرافقة لهم _ موصوف ضمنا باللا جدوى، مما يجعله وقوفا في الأصل ، فضلا عن الدلالات الواضحة على الإعاقة في المقطع الأول مثل : ( قطفوا الهواء من الخرافة ) أو ( أمالوا للفخاخ نجومهم ) 0
وعليه فإن العبور الظاهر على سطح القصيدة ( ساروا ، مضوا ) يشير إلى دلالتين متغايرتين : دلالة مباشرة تعني المضي أو السير ، ودلالة غير مباشرة تعني الوقوف ، مما قد يقربنا من مفهوم المعنى ومعنى المعنى عند عبد القاهر الجرجاني ، لكن الأمر ليس ذلك تماما ، ما دامت الدلالة تحمل التضاد داخل بنية التركيب نفسه ، بخلاف ما كان سائدا في كتابات عبد القاهر ، فمعنى المعنى يوسع الدلالة في اتجاه المعنى نفسه لا بخلافه مثل ( كثير رماد القدر ) الدالة على كثرة القرى(2) ، فضلا عن أن النظر هنا يتعلق بالقصيدة كلها ، لا بجزئيات منها ، بحيث تترافد الدلالة الكلية للنص باتجاه الوقوف ، بل تأخذ في التمدد حين يتم تجاوز القصيدة إلى قصائد أخرى وإن انفصلت بعنوانات معينة ،ففعل الفصل لا يعني مطلق القطع ، بل هو – في ما يبدو – ميزة فنية وسعت مساحة الفصل من جزء من الصفحة إلى صفحات كثيرة تحتلها قصائد أخرى ذات طبيعة مختلفة مما أوحى بالوقوف ، وظلت العنوانات إشارات شكلية إلى هذا الفصل ، لا دالة على الاستقلال المنقطع تماما لكل قصيدة ، بدليل وقوعها جميعا – أي العنوانات – على دلالات متقاربة من المتاهة والحيرة والبعد : ( تغريبة يمانية ) و ( كيف تأتلف الكناية ها هنا ؟ ) و ( أين تمضي بأيامنا يا غزال ؟ ) و ( الأقاصي ) .
يمكننا الآن أن ننظر في القصيدة الثانية ( كيف تأتلف الكناية ها هنا ؟ ) وأول ما يستطاع قوله إن تراكيب هذه القصيدة تحمل في ذاتها الشيء وضده ، أي السلب والإيجاب ، أو الوقوف والتجاوز ، وهو ما يجعلها تتلاقى فنيا مع القصيدة السابقة لكنها أكثر تميزا عنها في إبراز ذاتها عن طريق تعادل الدلالات المتناقضة التي تقدم نفسها من خلال شكل واحد ، ويمكن قراءتها بالقوة نفسها في وقت واحد معا ، أي إن دال المضي يستند – من ناحية – إلى علامات بارزة في السياق تجعله يتجه نحو مدلوله المباشر بصورة واضحة ، كما يكون – من ناحية أخرى – دالا على الوقوف أو الإعاقة بالاعتماد على علامات أخرى في السياق نفسه أو على علامات محايدة تعمل لصالح الطرفين بحيث يتم التساوي بين الدلالات المتناقضة ( المضي والوقوف ) داخل بنية التركيب ذاته ، وتقدم جميعا بوصفها قيما متعادلة ، كالآتي :
أ‌-حمل الكلام حقوله وجراره / ومضى إلى أقصى الكناية / للكلام غواية / و به انهدام
قد يحمل المضي معنى الرغبة في التجاوز المبهج ، بدليل ( الغواية ) التي تحمل هنا معنى مقاربا للعشق والافتتان ، وقد يحمل المضي معنى الانتهاء – الوقوف – بدليل ( الانهدام ) .
ب – كيف تأتلف الكناية هاهنا ؟ / بيت بأعلى الظل / والبحر الذي مرت أصابعه على أرقي / تعلقه الحروب على صفير الشاحنات / ثم يرديه الكلام .
قد تحمل العبارة ( البحر الذي مرت أصابعه على أرقي) معنى الملاطفة والهدهدة ، وفي ذلك إشارة إلى الحياة ، وهي استمرار وتجاوز ، فبكون القتل فعلا سلبيا ، وقد تحمل العبارة نفسها معنى الاغتيال والقتل خنقا ( الوقوف ) فيكون القتل قصاصا وهو فعل إيجابي ، فلا يمكن ائتلاف الكناية ها هنا ! على الرغم من أن البيت الكائن بأعلى الظل يطرح نفسه مباشرة في إطار الهمود – الوقوف من خل التفسير المعطى لدال ( الظل ) الذي يستمر في الوصول إلينا من القصيدة السابقة ، والذي يأخذ وجوده هنا معنى تعميقيا ( أعلى الظل ) .
ج – وللكلام ظهيرة غجرية / و به ازدحام :
إن الازدحام هنا ذو دلالة إيجابية تحيل على التكاثر والتنوع ، أي الرغبة في الوجود والاندفاع ( التجاوز ) وهو بالمقابل ذو دلالة سلبية تشير إلى التضايق والتطاحن ( الإعاقة ) و ( الظهيرة الغجرية ) بقدر ما تشير إلى الفرح الفطري والتنقل ، بقدر ما تشير إلى الزوال وسرعة الانقضاء والتبدد .
د. هكذا قال الكلام خلاءه / وبنى حذاقته هنا نسرا فنسرا / كيف يهتبل الكلام نساءه ؟ / والجمر خطو العطر / والشرفات حشرجة تؤثثها الزوامل / والكناية غصة .
ربما كان الخلاء يشير إلى الانطلاق الواسع ، وربما كان يشير إلى العدم . وإذا تم الأخذ بالدلالة الإيجابية فالنسور مثل قوي لتأسيس الكلام فاعليته وانطلاقه ، وعلى هذا يكون السؤال كيف يهتبل الكلام نساءه ؟ دالا إيجابيا على تكاثر بنات الإبداع وتنوعها ، بينما قد يكون السؤال نفسه لو تم الأخذ بالدلالة السلبية دالا على عجز الكلام وفشله في التواصل ، مما يعني الوقوف ، ( والجمر خطو العطر ) قد تحمل هذه العبارة معنى الانطلاق والرغبة في التجاوز ، فالنار رمز لمحاولة الانعتاق من السيطرة ( نار برومثيوس ) وقد تحمل العبارة نفسها توقع الحرائق – المعوقات حتى من الأشياء الجميلة ، وفي عبارة ( الشرفات حشرجة تؤثثها الزوامل ) يبرز الفعل ( تؤثثها ) معطيا إشارة فرح في هذه العبارة المشحونة بالحزن ، فينقلب معنى الشرفات إلى دلالة إيجابية تشير إلى البحث والتطلع ، مدفوعة بتحريض الزوامل بدل الحشرجة – الإعاقة .
هـ - جاء الكلام واحتسى قمرين / واستلقى قليلا / لم يجد نوما يشابه زرقة الليل / فهل يهوي على حجر النبيذ بفأسه النساء ؟ / هل كان الكلام / يرتل الوعل الخبيء هناك تخت النصل ؟ / هل كان الكلام / يعيد أحفاد الهواء إلى شواغله / ويغسل بالزلازل عبء ضحكتهم ؟ / وهل كان الكلام / وللكلام أميرة / و به ابتسام .
يبدو أن هذا المقطع أشد غموضا من سابقيه فاللغة الشعرية تبدو في أحيان كثيرة أشبه بمستوطنة توحي بالفراغ ، بينما هي مشحونة بسكان يتحركون في اتجاهات مختلفة عندما تشاغبهم ، هكذا هي العبارات الآتية ( جاء الكلام / واحتسى قمرين / واستلقى قليلا / لم يجد نوما يشابه زرقة الليل ) أي مستوى من الدلالة على الوقوف / التجاوز يمكن الإمساك به بيسر من خلال هذه العبارات ؟ سنحاول تبيان الأمر عبر ضبط الدال ( جاء ) من خلال اتجاهين مختلفين :
أولا : من خلال علاقته الضدية بأفعال المضي المتكررة في القصائد ( خرج ، مضى ، سار ، نأى .. ) إلخ . فهو مجيء فريد إذ يقف وحده بمواجهة تلوينات المضي المختلفة ، وهو بعكس هذا مجيء هامد ، ذلك لأن فعله لم يتطور لينتج تنويعات مجيء مختلفة كما في المضي يمكن متابعتها في القصائد فهو بهذا أقرب إلى الدلالة على الوقوف .
ثانيا من خلال علاقته الجوارية بسياق المعطوفات عليه ، المكملة له ، التي منحته وجودا فاعلا من خلال ( الاحتساء ) و ( الاستلقاء ) الدالين على الاطمئنان وإمكانية السيطرة ، فهو بهذا التفسير مجيء بارز ، وهو بعكس ذلك مجيء / وقوف ، فالاحتساء والاستلقاء يشيران إلى الخمرة والنوم ، وهما تعطيل في الحقيقة .
إن همود الكلام أو توقفه لا يعنى صمته المطلق فهو لم يمت ، أو بتعبير القصيدة ( لم يجد نوما يشابه زرقة الليل ) فلا بد من ممارسة فعل ما ، فهل يهوي ( على حجر النبيذ ) رمز الغياب والتعطيل بفأسه النساء ؟ ، وفي ( النساء ) هنا دلالة تلغي المعنى الثابت للكلام ، فالنساء صفة تحمل معنى التغير والتبدل ، وهي إلى ذلك أي ( النساء ) تحتفظ للكلام بإمكانية العودة إلى الوقوف حين ينسى فعل تغييره فيجمد 0 ، فهل أعد للأمر عدته ؟ ( هل كان الكلام يرتل الوعل الخبيء هناك تحت النصل .
وإذ قد وظف الكلام نفسه لإجراء فعل التخلص على المستوى الإيجابي ؟ ) إن في إعداد الوعل الخبيء ، إشارة إلى الانطلاق إلى الأعالي القابل للظهور بعد ممارسة النصل دوره التطهيري ، والمحجور الآن تحت قوة النصل ، فللنصل هنا دلالتان متعاكستان : دلالة المخلص ، ودلالة القاصم ، ( وهل كان الكلام يعيد أحفاد الهواء إلى شواغله / ويغسل بالزلازل عبء ضحكتهم ؟ ) إن في ( أحفاد الهواء ) إشارة إلى اللاهين ومن يمارسون الفراغ واللاجدوى ، وفي السؤال تحرق إلى أن يمحو الكلام ضحكاتهم اللاهية بزلازله ، هذه هي الدلالة الإيجابية للكلام في هذا السياق ( دلالة التجاوز ) ، والدلالة السلبية لا يمكن إغفالها من حيث كونها تتلهف إلى معرفة الدور الطاغي للكلام في إدخال الطامحين واهبي الحياة ( أحفاد الهواء ) إلى دائرة شواغله واهتماماته ، فيمحو ضحكاتهم العبء عليه ( والضحكات هنا رمز البراءة والطهر ) بعد أن ينوط به فعل قصفهم وإنهائهم ( فعل الوقوف ) 0
هذه الدلالات المتضاربة تدل عليها العبارة التساؤلية المحايدة بعدم اكتمالها لغياب خبر كان ، والواردة مباشرة بعد ما سبق ، وهي ( وهل كان الكلام 00؟ ) أو الدالة _ لو تم عد الفعل ( كان ) تاما بمعنى حدث _ على التشكك في وجود الكلام أصلا لتوزعه بين المتضادات ، ووقوعه تبعا لذلك في نقطة مبهمة لا تقدم وجوده _ معناه أساسا ، وقد تليت هذه العبارة بالقول ( وللكلام أميرة / و به ابتسام ) ، الذي يحيل على معنى متضاد للإمارة : معنى القاصم ومعنى الهادي ، وعلى ذلك يكون الابتسام كاذبا أو صادقا ، دافعا إلى الإحباط أو دافعا إلى التجاوز .
و- هكذا / خرج الكلام إلى كمائنها / هي امرأة / ويثخنها الكلام بقلبه / امرأة / ويخفرها إلى عرصاته / هذا الضحى الملغوم بالنسرين / ينفتح الكلام على طزاجتها / فتترك في فواصله / حروبا / واشتهاءات / وظلا مالحا .
إن الأميرة – اتصالا بما سبق – غامضة تماما ، ذات كمائن ، لايمكن تصنيفها ، لعلها خليط من القرب والبعد ، من الألفة والغربة ، من الشيء واللاشيء ، أو من أشياء أخرى ، وفي هذا – بالضرورة – حديث عنها من جهات مختلفة ( هي امرأة ) ولعل لهذا اللفظ اتصالا بما سبق ، فالمرأة في المجتمعات الشرقية كيان قريب ومهجور ، أليف وغامض ، مرغوب فيه ومرغوب عنه ، وعلى ذلك يأتي فعل الإثخان دالا على القتل ، ودالا على قوة الهيام بها في آن واحد ، وإن في خفر الضحى لها ما يوحي بإجارته إياها وفي الإجارة نوع من الهيمنة ، لكنها هيمنة النور ، غير أنه نور متفجر ، ولكن بالنسرين ، فوجه العبارات يوحي بالسيطرة ، ووجه يوحي بالانطلاق والانفساح ، وإذ ينفتح الكلام على طزاجة المرأة ( نعومتها ) تترك في فواصله المتنافرات عقابيل الحرب ، وجمال الشهوة ، وزعوقة الملح ، فهي طزاجة متضادة .
من خلال ما سبق لا يمكن العثور في القصيدة على معنى أول ومعنى ثان أو معنى ومعنى المعنى ، إنها تقدم وجوها متضادة في وقت واحد ، وبقوة متماثلة من السيطرة والحضور المادي المسجل على الورق ، بحيث لا يمكن لأحدها أن يتغلب على الآخر إلى الحد الذي يعجز فيه مصطلح المعنى ومعنى المعنى عن العمل ، فلكل وجه دواله الواضحة المشيرة إليه ، المتمردة عليه في الوقت نفسه ، من جراء تداخلها مع بنية الآخر ، وتشابكها فيه ، بحيث تنضاف الدلالة إلى الشيء وضده 0
واستنادا إلى ما سبق لا يكون الكلام واحدا ، بل متنوع تتضاعف حوله دلالات ذات طابع قمعي ، ودلالات ذات طابع تجاوزي ، ودلالات أخرى يمكن قراءتها بشكل مختلف ، فما يلوح أمامنا في السطور ( الكلام ) مفردا ، وما يخفيه ذو أطياف شتى ، وعلى ذلك فضمير المفرد المحيل على الكلام ظاهرا يمارس التنوع تحت سطح الكلمات ، ولعله لذلك جاء السؤال في نهاية القصيدة ( أيان يحتطب الكلام سريرة الأنثى / وأنى يحتذي نسيانها ) إذ لا يمكن حصر الأبعاد وإغلاق المعنى ، فقد ( خرج الكلام إلى عراء لا تؤديه الكناية / خرج الكلام ) في تجاوز باحث عن حضوره فوق قواعد التكرار والمعيار ، إن النص يسترجع بيسراه ما يعطيه باليمنى لو استخدمنا تعبير ( ريفاتير ) الذي يرى أن دلالة القصيدة تمكن في الاستقطاب الذي أجاد ( ما لا رميه ) وصفه عندما نعت قصيدته بأنها لوحة مكتضة بالحلم والفراغ (3) ومثل ذلك – في ما يبدو – النص هنا المملؤ بالوقوف والتجاوز والساحب منا الأول ليعطينا الإحساس بالثاني ( التجاوز ) أو الساحب منا الثاني ليعطينا الإحساس بالأول (الوقوف )
يمكننا الآن آن ننظر في القصيدة الثالثة ( الثامنة في الديوان ) ، (أين تمضي بأيامنا يا غزال ؟ )0 ومباشرة يظهر فيه (الغزال ) الخارق للأبعاد ، المتجاوز للمسافات، اللاهثة بعده الجماعات 0لاتعرف وجهته وطريقه ( فالذين أتوا خلسة ) ( والذين / الذين /الذين ) كلهم يفرزون سؤالا واحدا حائرا ( أين تمضي بأيامنا ياغزال ؟ ) 0
ما الذي يخفيه هذا الغزال المنطلق ؟ وما صلة هؤلاء به ؟ سنبدأ منه ومنهم إذن مختارين المقطع الأخير من القصيدة حيث يبرز صوتهم – في ما يبدو – ملتحما بالغزال ، محتفيا به .
ياغزال / نحبك / ننزف أيامنا في خطاك / ونكبر في طرقاتك / نهرم فيك / وتبقى غزالا صغيرا / وتمضي بأيامنا / أين / تمضي / بأيامنا / ياغزال .
إن التصريح السريع بالفعل ( نحبك ) لم يدع فرصة لأفعال النزيف والهرم الدالة على الوقوف والإعاقة أن تبرز بمداليلها الطبيعية من جراء انفتاح مداليلها الشعرية التي أنتجها الفعل ( نحبك ) مبطلا معناها المعجمي بوصفه مهيمنا رئيسا في المقطع وظفت الدوال الأخرى في اتجاه دلالته ذاتها ، فغدت لذلك أفعال النزيف والكبر والهرم دال على التوحد والتواصل لا على العطل والموت .
غير أن الغزال وإن كان يبدو من ظاهر الكلمات أنه في حالة مضي وتجاوز ليس إلا واقفا ، ذلك لأن من ينزفون أيامهم ويهرمون فيه ، هم في حالة وقوف بالأصل ، دلت على ذلك المقاطع الأربعة لهذه القصيدة كما سوف يأتي إيضاحه ، فضلا عن أن قولهم في المقطع نفسه ( وتبقى غزالا صغيرا ) اعتراف ضمني بعجزه وغرارة تجربته على الرغم مما يوحي به الصغر من طاقة ونشاط ، لكنها طاقة معدومة الرؤية والهدف ما دامت مقرونة بالصغر ، ولذلك جاءت العبارة ( وتمضي بأيامنا ) فارغة المحتوى ، أي غير دالة على المضي ، بفاعلية هذا الذي تقدم ، وبفاعلية السؤال اللاحق لها مباشرة وهو آخر ما في القصيدة وقد رسم في هيئة عمودية منحرفة :
أين
تمضي
بأيامنا
ياغزال
معطيا –أي – السؤال بذلك الترتيب الذي يقرأ باتئاد عادة فضلا عن دلالته وموقعه في نهاية القصيدة توجسا كبيرا بالفشل وانبهام الطريق ، ومن ثمة توقع المصاعب والمزالق ، ذلك هو – في ما يبدو - باطن القصيدة الذي يقول غير ما يظهره سطحها وهو ما تلتقي فيه هذه القصيدة مع القصيدة الأولى ، أي من حيث وجود ظاهر وباطن أو معنى ومعنى مخالف ، بخلاف القصيدة الثانية ذات الباطن – الباطن الحاملة للمعنيين المتخالفين معا وبالقوة نفسها ، غير أن القصائد تتفق جميعا في اعتمادها على مكونات دال العبور الأساس والاستفادة من ثرائه الدلالي تضادا وتوافقا ، ولعلنا نستطيع الآن متابعة الإيضاح المتعلق بهذه القصيدة من خلال تناول مقاطعها الأربعة الأساسية :
أ-الذين أتوا خلسة / هربوا في الكلام غزالا صغيرا / ومروا ظلالا / إلى طلل في الفواصل / كانت منازلهم حرقة في التشابيه / ريحا على الرف / أبكوا / بكوا / ثم مالوا / إلى غيبهم / وأناخوا قليلا / وقالوا / ألا / أين تمضي بأيامنا / ياغزال .
فمنذ البدء يبرز العبور الذي يمكن رؤية تعيينه الظاهر في المتقاربات ( هربوا ،مروا ، مالوا ، تمضي ) وفي ضده الوحيد ( أتوا ) وهو ضد ينتظمه سلك العبور أساسا ولا يقدم ذاته بوضوح ، ذلك لأنه أتى خلسة يهيئ للعبور فهو مجيء برغبة الانطلاق . غير أن العبور ليس إلا وقوفا في حقيقته ، فالذين مروا كانوا ضلالا أو أشباحا لا فاعلية لهم ، ومسند هذا القول دلالة الظلال المعجمية ودلالته في القصيدتين السابقتين حيث يحيل على الوقوف والانعدام ، وإذ قد مروا ( ظلالا ) استقبلهم طلل في الفواصل – الفراغات ، والفواصل خواء بصفتها الغالبة ، وأن يقوم طلل فيها فذلك ما عمق الدلالة عن طريق جعل محيط الطلل من صنف ذاته ، فالمرور إلى الفراغات مرور فاقد الفعالية ، ومنازلهم التي قد تكون بمعنى البيوت أو بمعنى المكانات جمع مكانة تؤلم التشابيه عند مجاراة وصفها لازدياد المماثلات السيئة التي يمكن أن تشبه بها ، كانت ريحا – وهي رمز على التغيير – فجمدت على الرفوف ، الأمر الذي صار من نتيجته البكاء المطلق لهم ولمن حولهم ، ثم الأفول إلى المتاهات والغيب بعد أن توقفوا قليلا ( أناخوا ) ليطرحوا سؤالا خائرا غامضا ( ألا أين تمضي بأيامنا ياغزال ؟ ) وكانوا قد هربوه ( هربوا الغزال ) من قبل في الكلام فقط ، في ظاهر العبارات دون الفعل ، تلكم هي الجماعة الأولى ، فلا وجود لغزال ماض بها ، غير وجود ضامر لغزال صغير .
ب- والذين ترنح فيهم صباح / أفاقوا على أرق / جالس عند أرجلهم / جففوا نومهم / علقوه على مشهد جانبي / وشدوا الستائر / كيف تراخى المدى / وارتخت في الظلام / شموس مسننة / وذئاب / طيوف / سعالى / وماء أجاج / وثم غزال صغير / غزال يجوس بأيامهم / رمموا ماءهم / واستطالوا / على حافة من نعاس / وقالوا / إلى أين تمضي بأيامنا ياغزال ؟ .
والجماعة الثانية ترنح فيهم صباح ، والترنح هنا يسهم في متابعة نواة الوقوف المتضمنة في القصائد ، فترنح الصباح – وهو دال على الحياة والتجدد _ لا يعني إلا نهايته ، وإن إفاقتهم غير ذات جدوى ، ذلك لأن الأرق الرامز عادة إلى القلق وعدم الاستقرار والدافع بهم – كما هو الأجدى – إلى التجاوز والرفض ، لم يكن إلا مطمئنا ( جالسا ) عند أرجلهم ، وفي لك إشارة إلى انسجامه مع دال الوقوف المتكرر ، فضلا عن رغبتهم في مزاولة نومهم الذي علقوه على مشهد جانبي أملا في استعادته بدلا من طرده مطلقا ، الأمر الذي كان مدعاة لشد الستائر وإغلاق المدى ، فارتخت لذلك في الظلام ذئاب وسعالى وماء أجاج وشموس ذات أسنان ، وليس ثمة غير غزال صغير يجوس في هذا الجو المعادي له تماما ، بينما هم قد ذهبوا باستطالة في النعاس قائلين فيما يشبه حال المخمور : إلى أين تمضي بأيامنا ياغزال ؟ .
إن حال الغزال مهددة بالموت ، ولا طريق له ، ومع ذلك يهجسون به ، لعله يمثل رمز حلمهم المقتول بهم ، ولذلك يأتي ظهوره استعراضا فارغ المحتوى ماداموا خارج التواصل معه إلا كلاما ، إن حديثهم عن الغزال يشيع زيف المحبة كما تشيع الدلالات الأخرى للقصائد زيف الخطو والتجاوز مما يعطي استنتاجا بأن علاقة الزيف الموحية بالحب أسهمت في تشكيل علاقة الزيف الموحية بالتجاوز ، فكان نوع العلاقة بالغزال وهو تواصل داخلي مزيف يقيم أبعاد دلالات التجاوز الشعرية ، ويعيد تكرار خصائصه الذاتية فيها ، عن طريق التماثل بين المقومات الشعرية غير المتفارقة ، فالحب زيف والخطوات زيف ، والحب مقطوع التواصل ، والخطو مقطوع التواصل مما نتج عنه إمكان قراءة التأويل الفني لطبيعة الدلالة في القصائد بالاستناد إلى هذا التماثل غير البارز للوهلة الأولى مما يتيح للقراءة في هذه النقطة من تطورها أن تكتشف منتج العبور المزيف أو الوقوف وهو علاقة الحب بالغزال ، فهذه العلاقة تأتي أهميتها انطلاقا من هذا الموقع ، أي من مساعدتها – حسب هذه القراءة – على كشف السبب الكامن وراء زيف السير ، وبمختصر القول : إن التماثل في هذه القصيدة دل جليا على اتضاح الزيف ( زيف الحب ، وزيف الخطو ) ولذلك جاءت هذه القصيدة أبين في الدلالة على هذه البغية أكثر من غيرها ، فهي لم تراوح بين الدلالة على الشيء وضده ، أو على السلب والإيجاب ، كما فعلت القصيدة السابقة بل ظلت ذات بعد سلبي واحد ، وإنما تأتي قيمتها من خلال تنويع التقديم الشعري على هذا البعد ، كما سوف نستمر في الإيضاح :
ج- والذين يبللهم ندم عالق بين أسمائهم / ساورتهم حروب معلبة / فاستداروا إلى بدئهم / واستعادوا غزالا صغيرا وبحرا / وساروا خفافا إلى يومهم / يشبهون الكنايات / يشتبهون على الطير / لكنهم بلل شاخص / بلل في الطوالع / مادت بهم نجمة / فاستمالوا / إلى ندم عالق بين أسمائهم / جمرة / واستقالوا / وأدوا غزالا / وقالوا / إذن ، أين تمضي بأيامنا ياغزال ؟
الجماعة الثالثة أفرادها محوطون بالفشل ، فاقدون لأيامهم ، يلتصق بهم ندم دال عليهم كجزء من أسمائهم ، ساورتهم شهوة الحرب رغبة في استرجاع أيامهم ، وهي حرب مصنوعة بهدفية معينة ( معلبة ) هي بدؤهم ، وقد استداروا إليها عجلين ، ولم يكن لهم بدء جميل يوجد في القصيدة ما يدل عليه ، مستعيدين معهم طفولة الغزال وبراءته وبحرا ، علهم يوهمون بما ليس في نيتهم ، وقد نجحوا فعلا ، فاشتبهوا على الطير رمز المسافر المسالم ، لكنهم في حقيقتهم مزيفون كالكنايات ، مبللون بالأسى منذ مطالع خطواتهم الأولى ، ولذلك مادت بهم نجمة سريعا حين لم يكونوا أهلا للانطلاق إلى الأعالي فسقطوا ، واستمالوا كعادتهم إلى ندمهم القديم العالق بين أسمائهم ألما كالجمر ، وابتعدوا ، تاركين الغزال لمصيره وحيدا ، ومتسائلين بعجز : إذن : أين تمضي بأيامنا ياغزال ؟ .
د- والذين / الذين / الذين هؤلاء لا هوية لهم غير بياض الورقة بوصفه جزءا مما قالته الكتابة أو دالا على أن الحديث عنهم كالحديث عن سابقيهم خواء ، ففيه إسقاط البنية العميقة للقول على البياض ، وتعميق إفادة هذا الأخير عن طريق التماثل ولكنه هنا بين الكلمة والشيء ، أي إنه تماثل غير مباشر ، فهو تقنية شعرية سمحت بإدخال اللغة في حال فراغها الأول قبل أن تكون ، مما وسع من منظور دلالة الفراغ – الوقوف – ووظف أكثر من مستوى لتأديتها ، فضلا عن أن ( الذين ) رسمت في الجانب الأيسر من الصفحة هكذا :
والذين
الذين
الذين
مما يجعل البياض – الخواء – يسبقهم ويأتي بعدهم فضلا عن أنهم مبهمون في ذاتهم إذ ليسوا سوى أسماء موصولة لا صلة لها ، وحينئذ لم تبق إلا ( الأقاصي ) عنوان القصيدة الأخيرة ، نتجه صوبها علنا نجد فيها شيئا نسر به :
القتيل الذي مر في نومنا / والصديق المؤثث بالحرب / والمرأة المزة / والأخوة الطير / والطاولات الشجية / والبحر منتصبا / والهبوب المخبأ تحت حوافرنا / والملاك .
كلهم عبروا / عبروا في الأقاصي / بعيد التخوم / على طرف السهو / بين الشراك .
كلهم عبروا / عبروا / لا عراة / فنسطو على نأيهم / لا غزاة / فنغسل أرجلهم بالحنين / ولا يشبهون الأغاني / فنذرعهم بالهلاك .
كلهم/ عبروا / كلهم / عبروا / مرة / كلهم / عبروا / مرة / من / هناك .
يسرد المقطع الأول من القصيدة صيغا بارزة للوقوف والإعاقة كالقتيل الذي مر في نومنا ، فمات من غير أن يتم الالتفات إلى فعل الجريمة ، أو الإحساس به ، ويلاحظ أن ( مر ) هما لا تعني ذاتها ، بل تعني النهاية والوقوف ( الموت ) والصديق الذي لا يحمل من صداقته غير ديدن الحرب المؤثث بها ، أو الدالة عليه بقوة ، والمرأة المزة المهيأة للترف والإغراء ، والإخوة الطير فهم القابلون للافتراق والتشتت ، والطاولات الشجية بالكؤوس والسمر ، والبحر المنتصب ، وفي الانتصاب دلالة على امتناع الحركة والتجمد ، والهبوب المخبأ تحت الحوافر ، فهو المغيب الذي لا فاعلية له والملاك .
هؤلاء كلهم عبروا في الأقاصي / على طرف السهو / بين الشراك ، كما تقول القصيدة ، فانتحوا بعيدا في الموت أو اللاجدوى ، أو الإعاقة ، أو الفرح الحامل للضياع في غفلة من ملاحظة العيون المنتقدة ، إن العبور هنا دال واضح على الوقوف ، وإذ تم تخصيص ذلك – حسب هذه القراءة – فإن العابرين عجزوا عن إنجاز وجود جميل كما يدل المقطع الثاني ، إذ لم يكونوا عراة _ والعري هنا رمز للصفاء والوضوح – حتى يتم السطو على نأيهم ، أي امتلاك الحد الأعلى من النقاء ، وللسطو هنا دلالة الشغف لا العنف ، ولم يكونوا غزاة ذاهبين لمجد فتغسل أرجلهم بالحنين إليه ، لقد كانوا واقفين حقا ، وهم لا يشبهون الأغاني فليست لهم وعودهم الجميلة وأحلامهم ، إنهم جديرون حقا بالهلاك والانطفاء .
ويأتي المقطع الأخير من القصيدة مختتما ليس القصيدة وحدها في ما يبدو ، بل مجموعة القصائد السابقة التي شكلت كلا متقاربا ، فـ ( كلهم ) يحتشد فيها معنى الوقوف من جرا ما تقدم لا من خبرها ( عبروا ) حسب ، فهم = الوقوف حين تحول الجميع فيما مضى إلى صيغة كبيرة للإعاقة أو العبور في اللاجدوى ، وحينئذ لم تكن ( عبروا ) غير تحصيل يسير اقتضاه إكمال بناء الجملة ، ولعله نظرا لذلك – لانعدام التشعير الحاد في عبروا هنا نظرا لتكرارها – وجه الناص الملة باتجاه التفاعل مع ذاتها فأنتجت ( مرة ) في المرة الأولى لتزيد نفسها حصرا ( كلهم عبروا مرة ) وأنتجت ( من هناك ) في المرة الثانية ( كلهم عبروا مرة من هناك ) فتم بذلك تحجيم المكان والزمان لتبرز ضمنيا منافذ جديدة للعبور لم يبح بها النص ، ولم تصدمنا سيئاتها بعد .






الهوامش :
1) سنكتشف لاحقا أن الضمير المفرد ( هو ) دال على جمع مبطن .
2) دلائل الإعجاز ، تصحيح محمد عبده ومحمد محمود الشنقيطي ص49 .
3) مدخل إلى السيميوطيقا بإشراف سيزا قاسم ونصر حامد أبو زيد ص68 .

إيمــان 03-06-2009 02:08 PM

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

شـكـرا (( للبطاطي )) ناقل هذا الموضوع (( الدراسة النقدية )) التي كتبها الدكتور (( باعيسى )) وقد تواجه قراء هذه السقيفة كثير من الصعوبات التي يمكن ان تعترض فهمهم لمثل هذا النقد للشعر المعاصر لأنهم اعتمدوا على قراءة المقاربة الكلاسيكية التي انقطعت بها السبل بين الدال والمدلول وما بينهما، فأسرار البلاغة والنحو وحدها لم تعد كافية لتحليل كثير من النصوص المعاصرة ولم تعد قادرة على ان تعمل كما يجب على تأطير الانزياحات التي تجترحها النصوص الشعرية الحديثة وما تكتنز به من اساطير وايديولوجيا وفلسفة.. الخ. وخاصة قصيدة النثر ، واذا اعتمد النقد على مقاربات الحداثة وما بعد الحداثة فانه سيكسر عنقه وهو ينظر الى ذلك البرج العالي الذي انتجته العلوم الانسانية الحديثة من نظريات في النقد واختلاط بينها .

إن ماكينة النقد الأدبي بمساراته واتجاهاته المختلفة يبدو أنها بدت ديدن الدراسات النقدية للدكتور (( باعيسى )) ، يضاف الى ذلك لغة الشعر العصية الدائمة الحركة وغير القابلة للضبط، لغة نافرة مكتظة بالانزياحات والالتفاتات الصادمة للتنظير والبلاغة وسائد المعاني، ولايعني ذلك ان لغة الشعر تقع خارج وظيفة الكلام التواصلية ولكنها لغة تدفع بالانزياحات اللغوية الى حدودها القصوى، واحياناً باتجاه اللامعقول من الكلام .
قال : سان جان بيرس ( لقبوني بالغامض وكان الشعر مقصدي ) . فهنيئا للشعر اليمني هذا الغموض في الشعر ، وهنيئا لنا الغموض في النقد.

صالح البطاطي 03-06-2009 10:13 PM

أتمنى أن لا يخطئ الدكتور باعيسى بتصفح الموضوع مرة أخرى

إحساس حضرمية 03-08-2009 04:48 AM

أخوتي الكرام كذاا مايصير ...


هذه ساحات { للعذب من الكــــــــلام }


أدب
وفن
ورقي
وجمال


و
هدوء
هدوء
هدوء
هدوء
هدوء
هدوء
هدوء




الساعة الآن 08:41 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas