سقيفة الشبامي

سقيفة الشبامي (http://www.alshibami.net/saqifa//index.php)
-   سقيفة الأخبار السياسيه (http://www.alshibami.net/saqifa//forumdisplay.php?f=56)
-   -   الأمريكان بين تفاقم الحراك الحوثي والجنوبي وأهمية استقرار اليمن (http://www.alshibami.net/saqifa//showthread.php?t=56397)

حد من الوادي 10-25-2009 04:16 PM

الأمريكان بين تفاقم الحراك الحوثي والجنوبي وأهمية استقرار اليمن
 

الأمريكان بين تفاقم الحراك الحوثي والجنوبي وأهمية استقرار اليمن

د. زيد بن علي الفضيل الجمعة 2009/10/23 الساعة 07:35:35

في ثنايا الندوة السياسية التي نظمتها مؤسسة "كارنغي للسلام الدولي" حول تزايد نفوذ القاعدة في اليمن ، التي شارك فيها كلا من قريقوري جونسون من مؤسسة الفولبرايت الأمريكية في اليمن ، وشاري فيلاروسا نائب منسق الشؤن الإقليمية في مكتب منسق مكافحة الإرهاب بالولايات المتحدة الأمريكية ، كان واضحا أهمية تثبيت استقرار اليمن سياسيا وأمنيا ضمن إطار الذهنية السياسية الأمريكية ، حتى لا يستفيد تنظيم القاعدة ، وهو العدو الرئيسي للنظام العالمي ، من أي خلل أمني وسياسي يمكن أن يصيب المنطقة واليمن على وجه الخصوص ، التي تعمل قيادة القاعدة فيه على جعله منطقة استقرار آمن لهم ، ليكون قاعدة انطلاق مستقبلية لتحقيق مخططاتهم التوسعية ضمن إطار المنطقة الإقليمية بوجه خاص .

كان واضحا أيضا من خلال حيثيات الحوار في الندوة بحسب ما تم نشره في موقع التغيير الإلكتروني ، إدراك المشاركون لحقيقة استفادة القاعدة من تزايد الاضطرابات الأمنية جراء احتدام الصراع بين حركة الحوثيين في الشمال والحراك الجنوبي في المحافظات الجنوبية مع السلطة الحاكمة في صنعاء ، لزيادة تجنيد أكبر عدد ممكن من العناصر في اليمن وخارجه ، ومن إعادة ترتيب أوراقها بالشكل المناسب ، باعتبار ما توفره الصراعات الجانبية السالفة الإشارة إليه ، من فرصة جيدة لالتقاط الأنفاس وإعادة ضبط حركة التنظيم .

على أن أخطر ما ورد في الحوار هو ما جاء على لسان جونسون حين وصف مدى خيبة فخامة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بالصدمة الكبيرة ، حين أبلغه المسؤولون خبر تعليق الحكومة الأمريكية لمساعداتها التي تقدر بـ 20 مليون دولار وفق برنامج US AID حال زيارته للولايات المتحدة سنة 2005م ، في الوقت الذي كان فخامته ، بحسب قول جونسون ، ينتظر مكافأته على تعاون حكومته في الحرب على القاعدة ، "وتضاعف غضبه – والكلام لجونسون بحسب التقرير المنشور – في اليوم التالي عندما أخبره البنك الدولي أنه قام بخفض المساعدات إلى اليمن من 420 مليون دولار إلى 280 مليون دولار سنويا" ، وخطورة هذا القول كامن في المقطع التالي حين أشار مندوب مؤسسة الفولبرايت في اليمن إلى تغير الأحوال في اليمن بعد ذلك لصالح تنظيم القاعدة ، بهروب 23 من معتقلي القاعدة الخطرين من سجن يمني ، وكأنه بقوله هذا ، يشير إلى وجود علاقة خفية بين غضب فخامة الرئيس من قرارات البيت الأبيض والبنك الدولي ، وتسهيل هروب معتقلي القاعدة من السجن اليمني ، الذي يجيء هنا ، بحسب إشارته الخفية ، كردة فعل غير مباشرة من قبل السلطة على القرارات السالفة الذكر ، حيث وعوضا عن مكافأته نظير جهوده في حرب القاعدة ، قاما بتعليق وخفض المساعدات المالية لليمن ، مطبقين جوهر المثل القائل : "خيرا تعمل شرا تلقى" ، وهو أمر إن صح ستكون له دلالاته الخطيرة في هذا الإطار .

في مقابل ذلك فقد عمدت السلطة السياسية في اليمن على توسيع دائرة الخوف العالمي من تنامي ظاهرة الإرهاب لتشمل حركة الحوثيين في صعدة ، بمحاولاتها المتكررة إدراجهم ضمن القائمة الدولية للإرهاب ، لاسيما وأن الحركة قد جعلت من الموت لأمريكا والموت لإسرائيل والنصر للإسلام شعارا لها ، وهو ما تتفق فيه لفظا وجوهرا مع جمهورية إيران والتنظيمات التابعة لها بحسب توصيف الحكومة اليمنية ، وما تتفق فيه جوهرا مع تنظيم القاعدة أيضا ، غير أن كل جهودها في هذا الأمر قد فشلت سواء في الإطار الأمريكي أو الإطار الأوربي ، الذين تكرر رفضهم في العديد من المناسبات السياسية إدراج حركة الحوثيين ضمن قائمة الحركات الإرهابية ، كما لم يرد من قبل مسؤوليهم السياسيين أي نص صريح يدل على وجود أي علاقة حقيقية مع دولة إيران ، ومع تنظيم القاعدة ، والأمر كذلك لفصائل الحراك الجنوبي ، وهو ما يعني إدراك السياسي الأمريكي على وجه الخصوص لطبيعة الصراع في اليمن ، وخلفياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية ، الأمر الذي لا يزال العديد من كتاب أعمدة الرأي المحليين والإقليميين في غفلة عنه حتى هذه اللحظة .

وتأكيدا لما سلف فقد شدد أحد مسؤولي السفارة الأمريكية في صنعاء في مقابلة مع Global Post بتأريخ 8 أكتوبر 2009م ، بحسب ما نشرته جريدة المصدر في عددها 94 ، شدد على خوف بلاده من تشتيت الحكومة اليمنية نفسها ، ودخولها في صراعات جانبية مع مختلف القوى المحلية ، بل ومعارضة حكومته لاستخدام القصف الجوي لحسم خلافها العسكري مع المتمردين في محافظة صعدة بحسب توصيفها لهم ، مشددا بأن ذلك سيساهم في زعزعة جهود مكافحة الإرهاب في شبه الجزيرة العربية المرتبط حصريا بتنظيم القاعدة بحسب قوله . وأشار المصدر الأمريكي أيضا إلى "أن التنمية والحكم الذاتي الموسع كان من شأنهما أن يعملا على وضع حد للصراع ، أكثر من خيار استمرار القتال ، مشددا على أن ذلك هو الطريق إلى السلام في المنطقة وليس القصف الجوي".

وأشار التقرير في هذا الإطار إلى أنه وبينما تركز اليمن على قتال الحوثيين في الشمال والحراك الجنوبي ، فإن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يتفاخر بأن البلاد ستصبح مكانا مزدهرا للتنظيم ، وهو ما أكده غالب الزايدي أحد قيادات التنظيم ، الذي أبان بأن انعدام الأمن ، وعدم الاستقرار ، وزيادة الاضطرابات كما هو الحال بين الحكومة والحراك الجنوبي ، وكما هو الحال مع حركة الحوثيين في صعدة ، سيساعد على صحوة التنظيم ، بحسب ما نشرته صحيفة الغد ، وهو ما أورده ناصر البحري الحارس الشخصي لأسامة بن لادن الذي أبان عن أهمية افتقاد الحكومة اليمنية لسيطرتها بالنسبة لهم ، لإمكان إخفاء الأسلحة ، وذلك وفقا لما جاء في التقرير الأمريكي المنشور في صحيفة المصدر السالف الإشارة إليه .

إذا فالمسألة واضحة ومحددة في ذهن المنظر السياسي الأمريكي ، الذي وعلى الرغم من ضراوة القتال المحتدم حاليا ، وتأثيره الفعلي على طبيعة الحياة السياسية والأمنية في اليمن ، إلا أنه لم ينجرف إلى تبني سياسات السلطة السياسية اليمنية الحالية في التعامل مع الأزمة ، لكونه لا يرى في محرك الأزمة الحالية أي خطر حقيقي ، فالحراك الجنوبي وإن كان أبناءه يجأرون مطالبين بالانفصال ، لكن ذلك لا يمثل أي خطر جوهري على فكرة استقرار اليمن من وجهة نظره ، كما وفي المقابل فإن تأييدهم لخيار الحكم الذاتي الموسع منسجم مع مطالب الكثير من قيادات الحراك الجنوبي سواء في الداخل أو الخارج ، والأمر كذلك بالنسبة لطبيعة الصراع المسلح في صعدة ، حيث تبرز التنمية كعامل أساسي في تأجج وتيرة الصراع ، وبالتالي فلا إشكال حقيقي مع حركة الحوثيين على الرغم من رفعهم لشعار العداء لهم ، الذي ينظر إليه الساسة الأمريكيون من زاويتهم الديمقراطية بأنه جزء من حق التعبير عن الرأي لا أقل ولا أكثر .

وواقع الحال فإن ما سبق يدعوني إلى القول بأن من أكبر الأخطاء التي نرتكبها كسياسيين أو كتابا أو محللين حين التعاطي مع أزمة اليمن الحالية ، كامن في تبني وجهة النظر الرسمية لحيثيات الصراع ، دون تمحيص لها أو التفكير في مختلف الحسابات المؤدية إلى تأجج الصراع ، وهو ما يؤدي إلى ضبابية الرؤيا بشكل عام ، إن لم يكن انحرافها عن تحديد مكامن الخطر الحقيقية في كثير من الأحيان ، ولعل أكثر ما يصيب المرء بالغثيان ، حين يتلامس سمعه في الوقت الراهن ، مع خطاب مرحلة الستينات من القرن المنصرم ، ذلك الخطاب التخويني العامل على تقزيم جوهر أي صراع من جانب ، وتحميل شهوده وزر العمالة والارتزاق ، كما هو الحال حاليا حين التعاطي السياسي مع أزمة اليمن السياسية سواء في إطار محافظة صعدة أو المحافظات الجنوبية . ولاشك فإن ذلك لا يمكن أن يساهم في حل أي إشكال وطني ، حتى لو انتهى آنيا بتغلب سلطة الجيش وسلاح القوة ، فالحقوق الوطنية بركان مشتعل سرعان ما ينفث حممه الملتهبة مع أول فرصة ممكنة ، فهل يعقل الوطنيون ذلك ؟


الساعة الآن 03:04 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas