![]() |
حضرموت والجنوب العربي( وتشيكوسلوفاكيا ) / كتب: د. أحمد باحارثة
الجنوب وتشيكوسلوفاكيا 6/18/2011 المكلا اليوم / كتب: د. أحمد باحارثة بعد أن انهارت المنظومة الاشتراكية انهار معها كل الكيانات التي كانت تدور في فلكها، وكان من بينها الكيان الازدواجي الذي سمي "تشيكوسلوفاكيا"، الذي يشكل إقليمين وهويتين لتعود كل هوية إلى كيانها المنفرد فتنقسم تلك الدولة إلى دولتين للتشيك والسلوفاك، وفي أقصى جزيرة العرب تشكل كيان مزدوج آخر كان من الممكن أن يسمى " حضرموعدانيا"، ثم يستقل كل كيان بدولته "حضرموت" و"عدن" إذا لزم الأمر. ولكن لأن هذا الكيان أضاع هويته وتبنى هوية غيرية، فقد وقعت له نهاية عكسية، فإذا به جزء من كيان هوية الآخر الذي فصلها على مقاسه، وصرنا في إطار جديد يضيق عنا، لكنه يتميز برسوخ هويته وأصالتها بينما نحن "الجناوبة" ما زلنا نبحث عن أنفسنا إن بلادًا مثل "المغرب" هويتها يحمل اسم جهة لكنه اسم قديم قدم التاريخ فهل مسمى "الجنوب" كذلك، أما الدول المنفصلة عنه "دول المغاربة" فاتخذت لها أسماء جزئية تميزها كاسم عاصمتها "الجزائر وتونس مثالاً" أو اسم تاريخي لبعض أجزائها "ليبيا مثالاً"، وإن بجوارنا شعب لا يميزه عن غيره سوى أنه حمل اسم أسرة، أسرة لا غير. إننا نحن الحضارمة لسنا مشدودين لفترة دولة ما قبل الوحدة، وإنما مشدودون لفترة ما قبل دولة ما قبل الوحدة، ليس لأننا نحن للسلاطين كما قد يرى البعض، وإنما لسبب بسيط، هو أنه كان لنا وجود نستطيع به أن نعبر عن أنفسنا وأن نتحدث فيه عن ذاتنا دون أن نجد من يلمزنا أو يغمز من قناتنا، لا أحد يطاردنا بصكوك الوطنية أو بدموع المناطقية، في الوقت الذي كان يتملكنا شعور عميق بالانتماء العام لوطن يضم الجميع، لكن عندما أتى هذا الوطن وأصبح حقيقة واقعة، إذا بنا نصبح كبش الفداء على مذبحه في وجودنا، ولم نعد نستطيع أن نترجم عن ذاتنا وإلا سحبنا إلا مقصلة المناطقية وأخواتها، فمات ذلك الشعور العميق بالانتماء وحل مكانه الشعور العميق بالاغتراب في وطن لا نراه يمثلنا، في وطن نخاف منه ويخاف منا. ولهذا السبب نرفض منطق جرنا إلى مرحلة التيه، مرحلة هوية الجنوب التي عفا عليها الزمن ورفضها حتى أهلها آنذاك، فإن أرادوا العودة اليوم إليها فليس يعنينا أن نتبعهم على ذلك وكأننا كالماء لا قوام له إلا أن ينطبع على ما يسكب فيه فإذا بنا جنوبيون مع الجنوبيين، يمنيون مع الشماليين، لا وألف لا، نحن الحضارمة الآن نرفض الوصاية الجهوية، جنوبية أو شمالية، ورؤيتنا هي تقويم الهوية واحترام التنوع ومن ثم تصحيح إدارة البلاد، بغير هذا لا استقرار في هذا الوطن سواء قبل الثورة/الأزمة الحالية أو بعدها. إن الحراك الشعبي بدأ شعبيًا وانتهى كذلك، وهو يتعالى على كل الأسماء التي ظهرت في تضاعيفه والتي لم تزده إلا خبالاً، وما نسمعه من أطروحات سياسية ليست نابعة منه بل هي مركبة عليه، بل لقد أضرت به وعزلته وأسلمته إلى الفشل والخذلان، وعلى طريقة "وين أذنك يا حبشي" يأتي من بيننا من يقول لنا : إن حضرموت لن تستطيع أن تطلب حقها أو تناله إلا عبر البوابة الجنوبية بقيادة الحراك الجنوبي الذي يطالب بدولة على حدود عام 67، هل هذا كلام يعقل ؟ وفي أي سياق يمكننا أن نضعه أهو ضرورة سياسية أم هو الممكن السياسي الوحيد أمامنا ؟ وأيها أعرق في أصالتنا صفتنا الحضرمية الراسخة بنا أم صفتنا الجنوبية الماسخة لنا ؟ هل عدنا لعصر المستشارين وعلى حضرموت أن تتخذ مستشارًا جنوبيًا وأن توقع معاهدة الحماية الجنوبية، فلا يمكننا أن نتخاطب مع "الخارج" إلا عبر التاج الجنوباني. وإذا كنا في النهاية سننصاع جميعًا لدولة الوحدة بثوبها الجديد فأيهما خير لنا أن نخاطب المركز كحضارمة لا يجهل مكاننا، أم كجنوبيين ومرتدين للباس غير لباسنا، ونتخاطب من خلف البرقع الجنوبي، ما الزيادة التي سنكتسبها من الجنوبة في صناعة مستقبلنا القريب وماذا سنخسر ؟ هل كل مطالبنا متمثلة في المطالب المشتركة عن الأراضي والوظائف أو إن لنا بعدها مطالبنا الخاصة جدًا التي يجب أن توضع في الصورة من أول وهلة، وهي مطالب يجب أن تحترم وتؤطر رسميًا، إنها مطالب لا يراها ولا يقدرها إلا الحضارمة الخلص الذين لم تشبهم شائبة جنوبية ولا شمالية. وأخيرًا فكما تجزأت تشيكوسلوفاكيا بانهيار المنظومة الاشتراكية إلى كيانين مستقلين، فكذلك دولة "حضرموعدانيا"، وأصبح كل منهما كيان أعرف بنفسه أدرى بحاله ومصلحته، ربما ننسق مع بعضنا في ما هو غبن مشترك لكن دون ارتباط ولا تداخل بأي صورة وبأي شكل، وهو نفس شأننا مع شمال غرب الوطن ككيان أو ربما كيانات. |
الساعة الآن 02:13 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir