سقيفة الشبامي

سقيفة الشبامي (http://www.alshibami.net/saqifa//index.php)
-   سقيفة الأخبار السياسيه (http://www.alshibami.net/saqifa//forumdisplay.php?f=56)
-   -   اليمن... لا غالب ولا مغلوب / د. زيد بن علي الفضيل (http://www.alshibami.net/saqifa//showthread.php?t=89066)

حد من الوادي 06-23-2011 01:18 AM

اليمن... لا غالب ولا مغلوب / د. زيد بن علي الفضيل
 

اليمن... لا غالب ولا مغلوب

2011/06/22 الساعة 19:26:06
د. زيد بن علي الفضيل

الحكمة اليمانية التقليدية أمام امتحان الوطنية العسير: إذا استمرت قوى الشارع والسلطة في تعزيز تصلبها السياسي، فلن يجدوا في نهاية المطاف 'يمنا يختلفون عليه'.

في ظل تفاقم سوء الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها اليمن حاليا، ووضوح حالة الممانعة السياسية والعسكرية والشعبية التي أظهرتها قوى السلطة بقيادة حزب المؤتمر الشعبي العام، وبروز بعض ملامح التغاير والخلاف بين مكونات الثورة الشبابية المعتصمة في ساحة التغيير، يُصبح إعادة التفكير في الحلول المطروحة لإخراج اليمن من أزمته المعاشة أمرا وطنيا بالدرجة الأولى، إذ في حال استمرت قوى الشارع والسلطة في تعزيز تصلبها السياسي، فلن يجدوا في نهاية المطاف "يمنا يختلفون عليه" بحسب قول رئيس الدورة الحالية للقاء المشترك الدكتور ياسين سعيد نعمان لقناة BBC العربية.

من هذا الموقف السياسي النبيل، وانطلاقا أيضا من الموقف النبيل لجماعة أنصار الله بزعامة السيد عبدالملك الحوثي، الذي وحين أعلن اللواء علي محسن انضمامه لساحة التغيير ورحب به حزب الإصلاح، لم يقفوا حائلا أمام ذلك، ولم يعلنوا انشقاقهم عن الساحة، أو رفضهم لانضمامه إليها، بل طالبوا بتقديمه اعتذارا عن كل الأخطاء السالفة في حقهم، على الرغم من قيادته لكل حروب السلطة ضد الجماعة في محافظة صعدة، والتي نتج عنها قتل الكثير من الأبرياء، وتشريد الآلاف من المواطنين، وتخريب الكثير من المباني السكنية؛ هذا الموقف الوطني من قبل السيد الحوثي وأنصاره يعكس وعيا بظروف المرحلة وتحولاتها، ويُنبئ عن حس وطني أصيل لاسيما وأنه لم يعمد إلى الاستقلال بمحافظة صعدة وهو قادر على ذلك الآن، بل حافظ على مشروعية الدولة فيها عبر تأييده ليتولى الشيخ فارس مناع المقرب من السلطة والنظام الحاكم إدارة محافظة صعدة.

وواقع الحال فإن كان ذلك هو موقف الدكتور نعمان وموقف الحوثيين أيضا وقد تعرضوا في صعدة والجنوب لكثير من أعمال القتل والتنكيل، فبالأولى أن يكون هو موقف ومنطلق القيادات السياسية والشبابية الأخرى، التي لم تعان من ظلم وتصلب النظام بحقهم كما عانى نظرائهم، بل إن عديدا منهم قد مثلوا نقطة ارتكاز فيه خلال السنوات الماضية، وكانوا جزءا رئيسا في أروقته السياسية والعسكرية والاقتصادية؛ خاصة وأن الوضع الإنساني قد أصبح في غاية السوء، وبوادر حدوث كارثة بيئية وصحية أصبحت ماثلة للعيان، وملامح انهيار البلد اقتصاديا وبالتالي انهيار كل شيء بعده قد باتت قاب قوسين أو أدنى، إن لم يتم تدارك الأمر بشكل متسارع، حيث أبان عديد من المسؤولين الاقتصاديين بأن اليمن يخسر يوميا إيرادات تقدر بنحو عشرة ملايين دولار منذ توقف خط الأنابيب النفطي عن العمل، كما أن كثيرا من الخدمات العامة كالكهرباء قد توقفت بشكل مضاعف عما كانت عليه، وتوقف معها استمرار الإنتاج في عديد من قطاعات الدولة الصناعية والخدماتية على المستوى الحكومي والأهلي، بل إن خزينة الدولة قد شارفت على الانتهاء إذ يتردد تحذير من صعوبة صرف مرتبات الموظفين في الأيام المقبلة، وهو ما ستكون له نتائجه الوخيمة في مجتمع يعتمد نصف سكانه على الدخل الوظيفي، والنصف الآخر على تدويل الاقتصاد محليا بالاعتماد على مصروفات النصف الأول.

أمام هذه الظروف أصبح البحث عن حلول عملية مطلبا أساسيا للخروج من النفق المظلم، والبدء في تشكيل معالم الجمهورية اليمنية الحديثة بصورة أفضل، وفي تصوري فقد بلغت السلطة سدة قناعتها بأهمية الركون إلى تبعات الوضع السياسي الجديد، وأدرك صانعوا المشهد السياسي فيها أنهم لم يعودوا اللاعبون الوحيدون على الساحة، وأن مكونات جديدة قد انضمت إليهم، تحمل بعدا سياسيا حديثا، ترتكز قوائمه على أسس الديمقراطية الفعلية وليس الصوتية، تلك التي ألفوا الاستماع إليها طوال الفترات السالفة من حكم اليمن.

من هذا المنطلق واستنادا إلى قيم السماحة والعقل الواجب تحكيمهما في الوقت الراهن، لاسيما وأن السلطة بشخوصها الحالية لم تكن المسؤولة الأوحد عن كثير من المفاسد الحاصلة، حيث شاركها بعض أركان اللقاء المشترك في وقت مضى، الذين لولا تباين المصالح ما كانوا سيؤيدون الثورة الشبابية، ولشاركوا في قمعها بعدتهم وعتادهم، لكن وطالما وأن المواقف قد تباينت، فلا بأس وأن يبحثوا عن شماعة يُحَمِّلون عليها أخطاءهم ويتطهرون على حسابها، والشارع في هذه الحالة أشبه ما يكون بالدمى التي تُساق بأيدي خفية لتحقيق هذه التصفية الداخلية، وتسهيل مهمة التطهر على مذبح الحرية والإصلاح، متناسين بأن الفساد لم يكن في يوم من الأيام مشروعا أحاديا، بل هو منظومة يشترك في صياغة ملامحه رتل من الفاعلين والمستفيدين وحتى الذين اقتصر دورهم على المشاهدة الصامتة، ولهذا فما أحوج اليمن اليوم إلى أن تتشكل قوائم حكمه الجديد، بعيدا عن ملامح الإقصاء، حتى لا يقعوا في براثن أخطاء الماضي، فالإقصاء وجه من وجوه الاستبداد، المرفوض بأية حال وفي كل الأحوال.

إننا ونحن نعيش هذا المشهد لنسترجع مفاهيم الدولة السلطانية الأحادية التي نشأت مع تكوين الدولة الأموية، وتكرست مفاهيمها مع سياق الحكم العباسي، الدولة السلطانية التي ارتكز قيامها على إقصاء كل المخالفين، بل والعمل على اجتثاثهم من الوجود، هكذا كان حال المعارضين للحكم الأموي في معركة كربلاء، ومعركة دير الجماجم، وفي غيرها؛ وهكذا كان الحال مع قيام الدولة العباسية التي استهدفت اجتثاث الوجود الأموي؛ وهكذا كان الحال مع الحكم الجمهوري الذي عمل على اجتثاث تاريخه الوطني لمجرد ارتباطه بدولة الأئمة الزيدية. فهل تغلب الحكمة اليمانية في هذه المرة قبل أن ينجرف اليمنيون في عقود من الاقتتال الأهلي، ويحققوا بناء جمهوريتهم الجديدة منطلقين من قاعدة لا غالب ولا مغلوب؟

" ميدل ايست أونلاين"


الساعة الآن 01:53 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas