سقيفة الشبامي

سقيفة الشبامي (http://www.alshibami.net/saqifa//index.php)
-   سقيفة الأخبار السياسيه (http://www.alshibami.net/saqifa//forumdisplay.php?f=56)
-   -   حضرموت كي لا يثمر زرعنا شوكا ...! 7/4/2011 منصور باوادي (http://www.alshibami.net/saqifa//showthread.php?t=89925)

حد من الوادي 07-05-2011 03:16 AM

حضرموت كي لا يثمر زرعنا شوكا ...! 7/4/2011 منصور باوادي
 

كي لا يثمر زرعنا شوكا ...! 7/4/2011 منصور باوادي

لقد يسر الله لي أن أحضر بعض الملتقيات والتجمعات ذات الماركة الحضرمية الخالصة, والتي تأخذ اتجاهات مختلفة ما بين ثقافية وفكرية واجتماعية وغيرها,والتي يحرص الحضارمة في المهجر على المحافظة عليها واستمراريتيها, وكان أبرز ما يميزها هو الطابع الحضرمي الصرف مما يجعلك تعيش لحظة وجد وشوق وعشق مع حضرموت وسهولها ووديانها وسواحلها, حيث تسمع قعقعت اللهجات الحضرمية المختلفة ما بين لهجة مكلاوية ودوعنية وسيؤنية كلها تمنحك شعورا دافئا وتعود بذاكرتك لأيام حضرموت الغوالي, ورغم تأثر كثير منهم بثقافة البلد المضيف إلا أنك تستطيع أن تميز الحضرمي مباشرة وبدون تردد, كل هذا الإحساس يسري إليك في حركة انسيابية تامة دونما تصنّع أو تكلّف ويحلق بروحك في فضاءات الوطن من خلال كل ذلك الطيف المتعدد الحاضر في هذه المناسبة أو تلك.

ولكن دخيلا ثقيلا يلقى بظلاله ويصر إلا أن يعكر صفو هذا الجو الحضرمي الجميل في المهجر, ويقضي على آثار ذلك الشعور وتلك الوناسة ويعيدك إلى أحقاب مضت وانقضت, ولم يكن هذا الدخيل من إضافات المهجر وتأثيره فحسب, وإنما تجده وبقوة داخل الوطن الأم كذلك, وتشتد وطأته في وقت الأزمات كأنها متلازمة لا انفكاك عنها غزت ثقافتنا ففرخت وتمددت على مساحات من الذاكرة الحضرمية حتى بات من العسير التخلص منها , ومما يبعث في النفس الأسى أن تجدها بين الأجيال والشباب يتناقلونها بوعي أو بدون وعي كأنهم يؤكدون على بقائها في دائرة الثوابت والأساسيات الحضرمية, إنها عبارات التحقير والتقليل من شأننا وأننا قوم لا نجيد سوى الكلام نجتره كاجترار البهائم لعلفها " حق لحي " وأننا عند اشتداد الوطيس " ما حد يعرف حد " وما سيبي " , وما من حوار أفتحه مع بعض الشباب حتى أسمع هذه العبارات تتردد على لسانه أكثر من تردد نفسه دخولا وخروجا, وفي إحدى اللقاءات والتي تعتبر من اللقاءات النخبوية لمناقشة بعض القضايا الحضرمية طرح أحد هؤلاء الحاضرين وكان يتحدث بلغة ممتازة قذيفة من العيار الثقيل هزت كياني وعكرت صفو مزاجي قائلا : "عندما أبلغوني باللقاء وضعت يدي على قلبي خوفا من هذا اللقاء لأننا نحن الحضارم لا نعرف النجاح إلا فرادى , ولم نعرفه جماعات وتكتلات بل حدث وأن تقاتلنا وتناحرنا فيما بيننا البين " قلت فإذا كان هذا خطاب من يسمون بالنخبة أو ما شابه ذلك فلا لوم على بعض أصدقائي ممن يردد هذه العبارات صباح مساء.

لقد شغلت هذه القضية تفكيري ووضعتني وجها لوجه أمام ركام من علامات الاستفهام التي تأخذ شكل وصورة المعول لتهدم فينا روح النهوض: هل نحن الحضارم فعلا " حق لحي " ؟ وهل نحن فاشلون في مشاريعنا الجماعية ؟ وهل الشخصية الحضرمية لا تعرف النجاح إلا خارج أرضها؟ وهل نحن الحضارم لا نجيد بناء مشروع خاص بنا ؟ وهل نحن لا نعرف للاتفاق طريقا؟ هذه الأسئلة وغيرها ترد بصيغ متعددة على سبيل الإقرار والاستسلام والقبول في تعليقاتنا وحواراتنا التي تدار في المقاهي والأرصفة وحتى مجالس النخبة.

فإذا كانت هذه ثقافة سادت فينا نتيجة لمرحلة ما, لها ظروفها وملابساتها وطابعها فلماذا نصر على أن تكون طابعا حضرميا يطارد كل جيل, وأنه كالموت لا ينجو منه جيل, مما ساهم في أحداث اضطرابات عنيفة هزت كيان الثقة بالنفس فأثرت على السلوك وأنتجت أجيالا مهزوزة مترددة في تبني خياراتها وتحملها, هناك نماذج ناجحة داخل الوطن وخارجه قديمة وحديثة , لكنها لم تسلم من مقلصة قانون " الحضرمي ينجح بشخصه لا بقومه " من أجل أن يظل المشروع الحضرمي محصورا داخل نطاق الأفراد فقط, ولا نسمح له بتجاوزهم ليكون مشروع أمة وجماعة.

لست ممن يغرق في نظرية المؤامرة ويرجع كل أسباب الفشل للمتآمرين علينا وإن كنت لا أنفي وجود المؤامرة والكيد, ولكن هناك جزاء كبيرا من الإخفاق ينبغي أن نعترف بمسؤوليتنا عنه, والله عز وجل جعل تحول أحوال الناس مرهون بتغير أحوال أنفسهم سلبا وإيجابا فقال " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " فليس من الصواب أن نمارس دور الضحية دائما ونردد كثيرا في مقالاتنا وحواراتنا وملتقياتنا أننا قد ظلمنا وهمشنا وأخذت حقوقنا على مدى سنوات مضت, ونملئ الدنيا ضجيجا وصراخا , ونجعل هذا كل منانا ومطلبنا, وعندما يتطلب الأمر خطوات أكثر جدية وجرأة وتبدأ تحط قدمك على الطريق , تنهال عليك من كل فج وصوب عبارات التحقير والتقليل والتعجيز, لتقتل فيك روح النهوض.

إن الله جل في علاه خلق الشعوب وجعل فيها ناجحين وفاشلين ومثابرين ومتخاذلين, وجعل الفرص متاحة للجميع ومضبوطة بضوابط ونواميس شرعية وكونية, لا تستجلب إلا إذا بادرت الأمة واستنهضت هممها واستجمعت إمكاناتها وقدراتها وتلمست مواطن القوة والنهوض سواء في ثقافتها أولا أو في مواردها وثرواتها البشرية والطبيعية, ونحن لسنا خارج هذه المعادلة , بل نملك من الإمكانات البشرية والطبيعية ما يجعلنا نحقق ما نصبوا إليه.

هناك كثير من الخطابات السلبية توارثناها ورافقتنا خلال مسيرة أعمارنا , لها مبرراتها ودوافعها , ينبغي أن تظل في حدود تلك المرحلة, فمن الجرم العظيم أن نسمح بتمريرها للأجيال القادمة, فإنهم خلقوا لغير عصرنا , ولزاما علينا أن نضبط خطاباتنا لتكون بناءة محفزة للأجيال القادمة تحيي فيهم روح المبادرة والنهوض, وهذا اللازم للفئة النخبوية أولا, وأن نمدهم بالجوانب الايجابية البناءة في ثقافتنا الحضرمية من خلال المؤسسات المعنية كالأسرة والمسجد والمدرسة والجامعة والإعلام والنادي حتى نخلق جيلا عاملا وليس خاملا.


الساعة الآن 12:58 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas