05-06-2002, 05:12 PM
|
#2
|
حال نشيط
|
ماذا وراء الحديث عن التصوف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق الإنسان وصوره وشق سمعه وبصره ، والصلاة والسلام على معلم البشرية الخير محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين .
وبعد أشكر أخي صادق المحبة على هذه النفحات الطيبة التي أضاء بها سقيفتنا من أقوال سلف الأمة وحملة أعلام الهدى والنور ، وما سطرته أقلامهم حول التصوف والصوفية في نشأته الأولى ، فوصفوا المتصوفة بأنهم أهل الزهد والعبادة والصدق مع الله عز وجل طلقوا الدنيا في سبيل الظفر بالآخرة فصدق فيهم قول القائل :
إن لله عباداً فطنا *** طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
عركوا فيها فلما علموا *** أنها ليست لحي وطنا
جعلوها لجة واتخذوا *** صالح الأعمال فيها سفنا
فهم كما وصفوا أنفسهم : من صفا من الكدر ، وامتلأ من الفكر ، واستوى عنده الذهب والحجر التصوف كتمان المعاني ، وترك الدعاوي واشباه ذلك .
والتصوف في نشأته الأولى التعلق بالله دون من سواه كما قال الجنيد في وصف التصوف "أن تكون مع الله بلاعلاقة" .
فهؤلاء القوم هم سلف الأمة اتخذوا من الزهد والتقشف وسيلة يتقربون بها إلى الله بغية الفوز برضوانه عز وجل فهم الصدّيقون الذين أنعم الله عليهم .
وقد انتسب إليهم قوم ليسوا منهم في حقيقة الأمر فاتخذوا من التصوف ستاراً لنشر بدعهم وظلالاتهم وتسويق أفكارهم المنحرفة على عامة الناس فانحرفوا بالتصوف عن جادة الحق وانزلقوا به إلى غياهب الزيغ والضلال وتبعهم في ذلك خلق كثير ، وواقع الحال يشهد بهذا ، فأين من ينتسبون إلى الصوفية اليوم ، أقول أين هم من هؤلاء الأخيار وأين هم من سيرتهم العطرة ، إن البون بينهما شاسع والفرق كبير ، فلا مجال لنا أن نقارن بين أولئك الأبرار الأطهار وبين هؤلاء الذين اتخذوا القبور مساجد ، والأضرحة مزارات وموالد ، فتعلقوا بغير الله عز وجل ، وجعلوا بينهم وبينه علائق وعلائق ، وهذا الصنف من الصوفية قد تكلم عنه ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وأفاضا في الحديث فيه ، مع بيان ضرره وخطره ، ولا أدري لماذا أعرض أخي صادق المحبة عن نقل ما قالوه في ذلك .
أخي الكريم صادق المحبة : لقد عنونت لمقالك بـ (ماذا في الصوفية) وأنا أقول بأنني لا أدري ماذا وراء كتابتك عن الصوفية . إن أخشى ما أخشاه أن نعود إلى سالف العهد ، كتابات وجدل ليس من ورائها طائل .
أخي الكريم إنني أدعوك إلى الوقوف عند هذا الحد ، وإن أبيت إلا الكتابة في هذا الصدد فإنني أدعوك إلى مناظرة ترتكز على أسس الجدل العلمي ، وأن نتناول النقاط نقطة تلو أخرى ، وأن لا ننتقل من نقطة إلى التي تليها حتى ينحسم الأمر فيها ، كما أرجو أن يستمر النقاش بيننا ، فيشهد الله إنني أبحث عن الحق وليس لي غاية سواه ، ووالله لو كان تبين لي أن الحق عندك لكنت أول المتبعين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
|
|
|
|
|