عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2003, 11:07 PM   #1
باشراحيل
مشرف قسم الأدب والفن ورئيس لجنة المسابقة الشعر يه

افتراضي أزمة امريكا في العراق.. و" الفيل باتقتله درّة "

البساطة والتلقائية في التعبير عن قضايا الأمة

أزمة امريكا في العراق.. و" الفيل باتقتله درّة "


الشعر الشعبي هو جزء من التجربة العاطفية والذهنية للأمة , وهو مرآة حياتها بأفراحها واتراحها وانتصاراتها وانكساراتها بوصفه عاملا من عوامل التعبيرعن التحولات في الوعي الإنساني والثقافي للجماهير. وهوليس بمعزل عن المعركة الحضارية التي تهدد امتنا العربية في وجودها ومعتقداتها وثرواتها وحريتها والتي تشنها اعتى قوة غاشمة في العالم اليوم .. وفي تراثنا كان صوت الشاعر هو الأقوى لأنه صوت الأمة المعبر عن ضميرها ووجدانها وهو صوت الحق الذي يؤكد دائماً ان هذه الأمة مهما اعتراها من ضعف وتمزق هي أمة واحدة في تراثها ودينها ولغتها وتاريخها , وفي وحدة اهدافها ومصيرها , لذلك يصبح صوت الشعر في أي قطر من أقطار العرب هو صوت الوجدان القومي ونداء الضمير في صدر كل عربي..
وحين تنطلق القصيدة الشعبية من وجدان صادق فإنها قادرة أن تسبر أغوار العقول وتكشف حقيقة ما يشعر به الناس تجاه الأحداث وخاصة عندما تدور القصيدة في أفلاك قضايا الأمة..ولكل طبقة من طبقات الشعب أسلوبها في التعبير وأدواتها في توصيل مايجيش في نفسها , وأي كان شكل هذا التعبير تحت مجهر المعايير والأسس الفنية فإن الأثر الذي تتركه القصيدة في وجدان المتلقي يظل هو سيد الموقف ومقياس النجاح بعيداً عن القواعد والنظريات , وتعد بساطة التعبير الشعبي وتلقائيتة في القصيدة بمثابة جواز سفر حقيقي الى قلوب الناس .
لقد أطل الشاعر الشعبي جمعان مبارك بن جوهر"مباركين" وهو من شعراء مدينة الشحر بحضرموت -أطال الله عمره- الذي تجاوز الثمانين سنة وهو لايزال حاملاً ذاكرة نابضة حية. وأطلق صوته الشعري بحس تلقائي وعفوية بعد سقوط بغداد مباشرة, و رسم لنا في إبداع بمخيلته الشعبية ولهجته الحضرمية البسيطة خريطة محنة العراق وحالات السلب والنهب التي طالت ممتلكات الناس هناك على مرآى ومسمع القوات المحتلة(حد منهم يسرق وحد عايهوش) , (وإبن الوطن يمشي وهو مدهوش) وقد رأينا ذلك رأي العين في الفضائيات,كما رسم لنا ببصيرته الصادقة وحدسه مالم نراه أبداً حينئذ, واستطاع أن يقرأ المستقبل ويبشّر بالآتي فصوّر لنا إرادة الصمود ومعالم المقاومة العراقية الباسلة التي يشتد عودها وتشتعل هممها لتلتهم بنيرانها وإرادتهاأرواح وإمكانات العدو
(شو ذا طواهش باتجي وحنوش** فيها المصائب والمضرّه) , وانكسار تحالف الشر أمام صلابة الحق الوطني (تريّضوا لاياأهل بامطروش!!....). وكذلك تورط القوات الغازية في بلد الحضارات(خلّه يصاليها لوحده بوش!!).. وقد صدق شاعرنا وبوش يستنجد اليوم بقوات دولية لتشكّل له طوق النجاة وتعينه على الخروج من أزمته !!, كماأستلهم الشاعر أيضاً هزيمة أمريكا في العراق وأطلق صرخته العالية لإيقاظ القلوب الخامدة والعقول الجامدة والضمائر النائمة والمتسلطة على الأمة تلك النفوس الخائرة والمستكينة لتحديات العصر, محذراً قوى الاحتلال ومبشراً أمته على يقين بقوله :
"الفيل باتقتلة درّة ".. وهاكم قصيدة الشاعر بن جوهر...


بتـّوا وخلّـوا رأسـهـا منفـوش *** قـع في المدينـة مصقعـرّه
حد منهم يسـرق وحـد عايهوش *** ومن لحـق صاحبـه كـرّه
البطـل في بغـداد جـم مفـروش *** وكـل تـرّه بعـد تــرّه
وأبن الوطـن يمشي وهـو مدهوش *** ماحـد قفـز عالأمـن زرّه
ومن تحتّـل فـي حمـول العـوش *** بايحطّـها عشـريـن مـرّه
تريّضـوا لا يا أهـل بامطـروش *** الـفيـل باتقـتـلـه درّه
شو ذا طواهـش باتجي وحنـوش *** فيهـا المصـائب والمضـرّه
والبحـر في بغـداد جم مربـوش *** ومن الزعـل ماتشوف بـرّه
خلّـه يصاليـها لوحـده"بـوش" *** ويـرد ماهـا فـي مقـرّه

...........................................

بتّوا : غادروا. , منفوش : غير مرتب كناية عن ترك البلد بدون نظام . , مصقـعرّه : فوضى .
يهوش : يسلب بالقوة . , مفروش : مبسوط أي منتشر . , ترّه : وقت اوفترة .
مدهوش : مندهش . , تحتّل : حمل الشيء بتكلف . , بامطروش : إسم عائلة .
حمول العوش : الحمول كثير الحجم قليل الوزن . طواهش وحنوش : الثعابين الكبيرة والأعتيادية .
مربوش :مضطرب و غير مستقر . , الزعل : هيجان البحر وارتفاع موجه.
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس