عرض مشاركة واحدة
قديم 12-26-2006, 11:29 PM   #1
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي صورالحاكم في الاغنيه الشعبيه00وادي حضرموت انموذج

نبأ نيوز- عناوين ثقافية -

• لم تغفل الذهنية الشعبية ما للحاكم من أهمية في منظومة البنية الاجتماعية وترادفات صورة وجوهر الفعل الحياتي ترادفا يؤشر إلى الحاكم كسلطة تلازمية تنظم مفردات هذا الفعل، بل ذهبت غالب الثقافة الشعبية بتأطير منظومتها لتدور في كنف سلطة ما حيث يفصح مجمل موروثها عن أن الانسان ليس سوى كائن مسير وفق منظومة سلطوية مضطردة تفرض هيمنتها عليه ثم مضطراً يخضع لها، وعطفا على ذلك تتبدى الذهنية الشعبية في أنساقها الثقافية مرتهنة بالرجعية القدرية كاتساق فكري يموضع القدرة كمقابل للسلطة ويبرر إحالات منظومة الخضوع تجاهها.
وفي قراءة مقابلة نراها.. أي الثقافة الشعبية.. تجترح فلسفة شعبية عميقة حينما نتتبع دلالاتها الثقافية نجدها قد جعلت مجمل مفردات الحياة حاضنة لمحمول سلطوي، ومثلا على ذلك الصبر كدلالة شعورية وسلوكية ثقافية تستهلكها الثقافة الشعبية كثيرا وتصدرها كسلطة تخضع الصابر وينصاع لها، في المقابل يظهر الصابر مالكا لسلطة، ألا وهي سلطة التحمل- تقول شاعرة حضرمية في قصيدة مغناة:
زال الجبل والطبع ومابايزول والصبر قد نحن من أهله
والشاعرة هنا تتفاخر بالصبر مثلما يفاخر بالسلطة والحكم والجاه.
فالسلطة في الوعي الشعبي تتقاطع وتمظهرات شامل ثقافته، ويأتي الحكم والحاكم كجوهر مفاهيم السلطة والحاكم سبب والحكم نتيجة، ويتلازم المفهومان لتأطير دلالات السلطة، ونرى الثقافة الشعبية تسوق لنا أمثالاً عديدة لمقابلات الصورة الحاكمية، فالصبر كما أسلفنا حاكم والزمن والدهر حاكم والهوى حاكم والحبيب حاكم على محبوبه والمال حاكم وهكذا.. يقول الشاعر صالح عبدالرحمن المفلحي في قصيدة مغناة:
ليه بالله يادهري اسألك بالله
كم تذل من بني قومي وتجعله مرثاه
خفف الجور يادهري وخل المعاداة
وتقول أغنية الشاعر الكبير المحضار:
نا كيف سوي والدهر يقسى ويتعنت
كلما له الانكد عليا بأحزانه

لقد تفتقت الذهنية الشعبية على عديد صور للحاكم انضوت في الثقافة الشعبية وصاغتها في فنونها وأدوات تعبيرها وتأتي الأغنية في مقدمة هذه الفنون والأدوات لقدرتها على التعبير عما ينطوي عليه المجتمع وإمكانية انتشارها بشكل واسع، لذا كانت ومازالت من الأدوات الفنية التعبيرية التي يستخدمها الناس لنقل محمولات واقعهم.. وفي هذا المقام صاغت الثقافة الشعبية في حضرموت أغنيتها حول الحاكم، كما هو في واقعه وكمطموح به في ذهنية الناس.
ولقد عرف في وادي حضرموت مرجعيتين للسلطة والحاكم هما السلطة الروحية والسلطة المدنية أو السياسية بمفاهيم السلطة الحديثة ولقد تناولت الأغنية الشعبية صورتي الحاكم وفقا لهاتين المرجعيتين.
في البدء سنتناول صورة الحاكم الروحي التي ظلت لها عميق تأثير في المجتمع الحضرمي لعدة قرون إلى أن بدأت تخف في نهاية الستينات من القرن العشرين، ربما تزامنا مع ظهور واقع جديد مصحوبا بأفكار ثورية وعلوم حديثة ازاحت ما قر في الذهنية الشعبية وزعزعت بعض مسلماتها، غير أن الثقافة الشعبية وموروثها كان زاخرا -ومايزال- بصور تقديس الحاكمية الروحية.. فالمجتمع الحضرمي في بنيته وتركيبته الاجتماعية مجتمع منغلق ومتدين إلى درجة كبيرة، فبعد هجرة آل البيت إلى وادي حضرموت وحلولهم في ربوعه واندماجهم في مجتمع الوادي واختلاطهم بسكانه والتماهي في واقعه مع احتفاظهم بقدسية النسب المتصل بالرسول «صلى الله عليه وسلم» وحملهم علوم الدين والفقه والعبادات وما يتعلق بهذا الشأن ونشرها بين أوساط الناس كمعلمين ومرشدين ، وتحلى كثير منهم بالزهد والورع والتصوف مما جعل الناس تصبغ عليهم هالات التقديس وتنسب اليهم الكرامات والمعجزات، واعتبار أن لهم مع الله عروة وثقى وحبلا لا يفصم وصنفتهم اولياء صالحين متصلين بعالم الحجب والماورايات وكذلك كل من نهج نهجهم وسار على دربهم أصبح من أهل الخطوة والحظوة حتى من غير السادة آل البيت، فقد انتشرت مقامات الأولياء ومزاراتهم في عرض الوادي وطوله واقيمت لهم الموالد والزيارات، مثل زيارة الحبيب أحمد بن عيسى المهاجر والحبيب عمر بن عبدالرحمن البار والشيخ علي باراس والشيخة سلطانة الزبيدية ، ويقتصر لقب الحبايب على السادة آل البيت ويطلق على الرجل حبيب والمرأة حبابة ، ويتوجه الناس إلى الأولياء لما لهم من سلطة روحية تغلغلت في وعي الناس فيلجأ إليهم وإلى مزاراتهم حين الرضى واشتداد هموم المعيشة ويستغاث بهم لنزول المطر حين انقطاعه وعودة الغائب وفك المسجون، وما إلى ذلك.. تخاطب شاعرة حضرمية بقصيدة مغناة أحد الاولياء مستغيثة به قائلة:
يتبع

التعديل الأخير تم بواسطة حد من الوادي ; 12-26-2006 الساعة 11:42 PM
  رد مع اقتباس