[جمال العطاس]

ارتديت معطفي وترجلّت . وانطلقت أقدامي يحملني الشوق والفرح
لزيارة زميلين لي وقد كان بيننا موعدا في تلك الليلة الباردة .

وصلت اليهما واخذت اطرق الباب فاذا بالباب قد فتح وقد وقعت نظراتي على بسمة زميلي العريضة التي اكتست شفتيه . أدخلني البيت , حضر زميلنا الآخر وبدء الحديث بيننا والتشاور في ان نكوّن لنا شركة على أساس من التفاهم والتفاني على أن يضع كل منا فيها مايستحسنه من ممتلكاته وقبل أن نفرغ من وضع اللمسات الأخيرة على هذا الاتفاق . وعندما فرغت من قول بعض الكلمات لزملائي فاذا بعواء ( كلب مريض ) يخترق اسماعنا ويهتك استار الهدوء . واستمر ذلك العواء لحظات ...
بعدها تحدث لي احد زملائي قائلا لي :
يبدو أن هذا ( الكلب المريض ) يريد ان يعترض على ماقلت .
قلت له : دعه انه كلب مريض يستحق الشفقة والرفق . الم يوصنا ديننا بالرفق بالحيوان ياصديقي ؟؟؟ قاطعني زميلي
قائلا : بلى لقد أوصانا ولكن هناك ضرر بالغ اذا مامات هذا الكلب
واصبح جيفة نتنة . انها ستلوث ألاجواء وتنشر رائحة كريهة تزكم الآنوف .
قاطعنا زميلنا الآخر قائلا : لاعليكم انه لن يموت انما هو كلب يعشق العواء . واذا ما مات فعلا سنلقيه في حفرة لكي نكون في مأمن من روائح جيفته المنتنة . ووعد بانه سيقوم هو بذلك اذا مامات هذا ( الكلب المريض ) . طلبت الاستئذان منهم للانصراف بعد ان اتفقنا على اقامة هذه الشركة وقبل أن اغادر المكان أوكلت اليهم أختيار من سيكون منهم ً ( مديرا ) لشركتنا التي نحبها ونتمنى لها أن تكبر وتزدهر ويعود نفعها علينا وعلى من يسكن في مدينتنا الفاضلة ..ولكننا لم نستريح من عواء ذلك ( الكلب المريض ) اطلقت العنان لرجلّي في طريق العودة على أمل أن تنهض هذه الشركة ويسهم من يتولى ادارتها اسهاما خلاقا لكي تعود علينا الشركاء الفوائد والارباح .
لقد انقضت ليلة باردة . وماألهب لحظاتها هو مصداقية الحوار بين الشركاء
وكما قيل :
يد الله مع الجماعة !!!!!!!