شخصيات هامه
|
التوسّل بالنبي ( ص) والأنبياء والصالحين والأحياء والموتى !!!
هذا هو رأي أهل السنة والجماعة المستند على الأدلة الشرعية المحكمة في موضوع ( التوسّل ) ونقلاً عن كتاب ( قضايا الوسيلة ) : وهذا ماقاله أهل العلم المشهود من علماء الحديث وغيره
أنواع التوسّل :
من حيث أن أصل التوسل مشروع لاخلاف عليه , كان الكلام
في فروعه من الخلافيات التي لاتتعلق بإيمان ولاكفر, ولاتوحيد ولاشرك , وإنما محلها الجواز والمنع , فحكمها حكم الحلال والحرام .
إنه لاخلاف بين طوائف المسلمين إجماعاً, على ثلاثة أنواع من التوسّل :
النوع الأول : التوسل بالحي الصالح إلى الله تعالى , كما في حديث الضرير مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم , الذي سيأتي بيانه .
النوع الثاني : : توسل الحي بالعمل الصالح إلى الله تعالى, كما في حديث ( أصحاب الغار والصخرة ) الذي أورده الإمام البخاري في صحيحه .
النوع الثالث : التوسل إلى الله بذاته تعالى, وبأسمائه وصفاته ونحوهما , وبما أن هذه الأنواع من التوسل متفق على مشروعيتها , فلا داعي لسرد الأدلة عليها ... وانما الخلاف على التوسل بالميت الصالح .. وقد أجازه جمهور العلماء وسائر المسلمين من أهل السنة والجماعة , ولديهم عليه من الأدلة النقلية المتعاضدة نكتفي منها ( بحديث الأعمى ) من حيث أنه المحور الأكبر في هذا الباب وعليه يدور النقاش .
حديث الأعمى في التوسل وقضاء الحاجة :
روى الترمذي بسنده عن عثمان بن حنيف ان رجلا أعمى اتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : اني أصبت في بصري , فأدع الله لي,قال ( ص) : اذهب فتوضأ وصل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد , نبي الرحمة . يامحمد اني استشفع بك إلى ربي , في رد بصري , وفي رواية ( في حاجتي لتقضى لي , اللهم شفعه في ) ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم : وان كانت حاجة فأفعل مثل ذلك .
( وفي بعض روايات الحديث خلاف يسير في الألفاظ ليس ذي بال ) .
من هذا الحديث : أحذ الفقهاء مندوبية صلاة الحاجة , فمن كان له إلى الله تعالى حاجة, صلى هذه الصلاة , وتوجه بهذا الدعاء, مع مايناسبه من الدعاء المأثور وغير المأثور, مماتمس إليه الحاجة ومايشعر به صاحبها .
منطوق الحديث حجة على صحة التوسل بالحي , ومفهومه حجة على صحة التوسل بالميت , ان التوسل بالحي أو الميت
ليس توسلا بالجسم ولا بالحياة ولا بالموت , ولكن بالمعنى الطيب الملازم للإنسان في الموت والحياة , ومالجسم إلا حقيبة لصيانة هذا المعنى , فأستوجب بهذا تكريم الإنسان حياً كان أم ميتا , على ان قوله( يامحمد ) نداء للغائب الذي يستوي فيه الحي والميت ,فهو موجه للمعنى الكريم على الله تعالى, والملازم للروح , والذي هو موضع التوسل بالحي والميت على حدٍ سواء .
ومع هذا فقد أخرج الطبراني في معجمه الصغير , عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف , عن عمه عثمان بن حنيف :
ان رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجةٍ له , فلقي ابن حنيف فشكا إليه ذلك ( أي بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم , وبعد خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ) . فقال له عثمان بن حنيف ( وهو الصحابي المحدث العالم بدين الله ) . ائت الميضأة . فتوضأ , ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين , ثم قل :
( اللهم اني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة , يامحمد . اني أتوجه بك إلى ربي , في قضاء حاجتي . قال عثمان : وتذكر حاجتك ورح حتى أروح معك ) .
فأنطلق الرجل يصنع ماقال له عثمان , ثم أتى باب عثمان بن عفان رضي الله عنه , فجاء البواب حتى أخذ بيده , فأدخله على عثمان بن عفان , فأجلسه معه على الطنفسة ( الوسادة )
فقال : ماحاجتك ؟ ! فذكر حاجته قضاها عثمان له , ثم قال له : ماذكرت حاجتك حتى كان الساعة !! وقال : ماكانت لك من حاجة فأذكرها !!
ثم ان الرجل خرج من عند عثمان بن عفان رضي الله عنه , فلقي عثمان بن حنيف . فقال له : جزاك الله خيرا ماكان ينظر في حاجتي , ولايلتفت إلى حتى كلمته . ( يقصد ان عثمان ابن حنيف كلم عثمان بن عفان في أمره ) . فقال عثمان ابن حنيف للأعمى : والله ماكلمته . ولكني شهدت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد أتاه ضرير . فشكا إليه ذهاب بصره , فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم , أو تصبر !؟
فقال الضرير : يارسول الله انه ليس لي قائد , وقد شق علي :
فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( ائت الميضأة , ثم صل ركعتين , ثم ادع بهذه الدعوات .
قال ابن حنيف : فو الله ماتفرقنا . وطال بنا الحديث , حتى دخل علينا الرجل كأن لم يكن به ضر قط .
وهذا نص صحابي قطعي وصريح في صحة التوسل بالموتى
تحقيق صحة حديث الضرير :
قال الطبراني : انه حديث صحيح , وذكر ان عثمان بن عمر تفرّد به عن شعبه .
قال الشيخ ابن تيمية : ( تأمل ماقال ) :
ان الطبراني ذكر تفرده بمبلغ علمه , ولم يبلغه رواية روح بن عبادة عن شعبة , وذلك إسناد صحيح , يبيّن انه ينفرد به عثمان بن عمر .
ولو سلمنا بإنفراده به عن شعبة , وإنفراد أبي جعفر عن عمارة , فهما ثقتان بإجماع علماء الحديث , وبهذا ينتفي تغريب الحديث عن الترمذي , وكم من حديث صحيح , ولكنه غريب , كحديث
( انما الأعمال بالنيّات ) مثلا .
وبهذا يتحقق علمياً ان الحديث صحيح على شرط الشيخين
( البخاري ومسلم ) ومع ذلك , فبعض الذي في صدورهم غرض معين . يضعّف هذا الحديث من رواية الترمذي , بحجة ان في سنده رجلا غير معروف , والقاعدة عند علماء الحديث ان المجهول عند واحد , إذا كان معلوم عند غيره , فالحجة للعالم به , والمثبت مقدم على النافي عند جميع أهل العلم , خصوصا أهل الحديث .
وقد قال الترمذي عنه : ( حديث حسن صحيح غريب , لايعرف الا من هذا الوجه , من حديث أبي جعفر . قال : وهو غير الخطمي ( بفتح الخاء ) ومعنى هذا : ان رواة الحديث مع مجهولية ابي جعفر عند الترمذي : مقبول بدرجة الحسن والصحة على الوجهين . وعلماء الحديث الذين سبقوا الترمذي
حققوا ان أبا جعفر ( المجهول عند الترمذي ) هو الخطمي بعينه , قال ابن خيثمة : ابو جعفر هذا الذي حدّث عنه حماد بن سلمة : اسمه عمير بن يزيد . وهو ابوجعفر الذي يروي عنه شعبة , ثم روى الحديث من طريق عثمان عن شعبة عن أبي جعفر .
قال ابن تيمية : بعد ان روى حديث الترمذي : ( وسائر العلماء قالوا هو ابو جعفر الخطمي , وهو الصواب ) فتأمل ماقال ( ابن تيمية ) .
وفي ( تعريف التهذيب ) للحافظ ابن حجر : انه الخطمي , وانه صدوق من ( السادسة ) وفي ( الإستيعاب ) لإبن عبد البر : انه الخطمي كذلك , ثم ان الحديث رواه البيهقي من طريق الحاكم وأقر تصحيحه , وقد رواه الحاكم بسند على شرط الشيخين , واقره عليه الحافظ الذهبي , واستشهد به الشوكاني ( وهما الذهبي والشوكاني ) !!
معنى ذلك : ان جميع رجال السند معروفون لكبار أئمة الحديث كالذهبي ( الأكثر تشددا ) وابن حجر ( الأكثر ضبطا وحفظا وتحقيقا ) والحاكم والبيهقي والطبراني وابن عبد البر والشوكاني وحتى ابن تيمية .... الخ .
ثم ان الحديث اخرجه البخاري في ( التاريخ الكبير ) وابن ماجه في ( السنن ) ونص على صحته , والنسائي في ( عمل اليوم والليلة ) وأبو نعيم في ( معرفة الصحابة ) والبيهقي في ( دلائل النبوة ) والمنذري في ( الترغيب ) والهيثمي في ( المجمع ) والطبراني في ( الكبير ) وابن خزيمة في صحيحه , وآخرون ..
وقد نص على صحة هذا الحديث نحو خمسة عشر حافظا , وهكذا جاء كما تقدم على شرط الشيخين البخاري ومسلم , فلم يبق بعد ذلك مطعن لطاعن ولا مغمز لمغتمز في صحة الحديث .
وبالتالي في جواز التوسل بالحي وبالميت جميعاً من طريق :
العقل والعلم والعاطفة وفي الأمر سعة , من شاء توسّل ومن شاء ترك بلا فتنة ولا تأثيم ولادعاوي للجاهلين والمغرضين والذين في صدورهم غرض لذلك . والذين يأخذون بأقوالٍ توافق هوى في انفسهم لأناس لايساوي علمهم شيئا بعلم هؤلاء الجهابذة الذين ذكرناهم ..... ويتركون مالا يروق لهم . فليـُلجَم فم كل من تفوه وقال غير ذلك بعد كل هذا التدقيق والتحقيق .وقول ائمة الحديث ورواته المعتبرين . !!
|