عرض مشاركة واحدة
قديم 07-02-2007, 08:57 PM   #24
محمد التميمي
حال متالّق

افتراضي

نابغة حضرموت الغنائية وشمسها التي لن تغيب

بدوي زبير .. إنساناً وفنانا

محطة (الشحروالمحضار
)


لقد ارتبط فناننا الزبير بمدينة الشحر ارتباطا وثيقاً وتوثقت عرى المحبة بها وبأهلها .. والشحر هي مدينة الفن والشعر وكانت محطة مهمة من محطات انطلاقة شهرته وتحليقها في الآفاق , وقد أحب فناننا اهل المدينة حبًا جماً وتشكلت في الشحر جماعات و فرق كثيرة من محبي فنه وجمهوره العريض التصقت به تناقشه في فنه وتناصره وتحضر حفلاته وتتنقل معه من مدينة الى اخرى ومن ريف الى قريه ومن واد الى سفح تتلقف اغنياته بمحبة وشوق وشغف .. فالفنان الناجح عادة له جمهوره الخاص الا ان بدوي زبير جمهوره كل الناس حتى الذين اتخذوا منه موقف لسبب من الاسباب فأنهم سرعان مايستسلمون لهذا الصوت العظيم وتكفي محبة الناس لهذا الفنان ان لقبته ب ( جوهرة الطرب ) هذا اللقب بما يختزنه من اطلاق يحمل في مضمونه الكثير من الدلالات والمعاني السامية والتكريم النبيل .
وقد اتاح له وجوده الدائم في الشحر معانقة الشاعر الكبير حسين ابوبكر المحضار والارتباط به فنياً وقد وجد شاعرنا الكبير في هذه النابغة الغنائية وصوته العبقري ضالته فجمعتهم بعض المجالس واضحى فناننا اول من يستقي بكارة اعمال المحضار الغنائية في سنواته الاخيرة ومنها آخر اغنية للمحضار قبيل رحيله وهي ( الأختطاف ) :
خطفت قلبي لأنك ماتخاف
وولفت في عشقتك عالأختطاف
عشقتك مثل البروق الخاطفه
لاتنقلب كل ساعة عاصفة
ويشهد الوسط الفني في حضرموت بأن النابغة الزبير يسمو ويتألق في كل اغنياته وفي أداء الأغنية المحضارية بصفة خاصة ولعل سر ذلك يعود لطبيعة أغنيات المحضار المضيئة في كلماتها ومعانيها والنقية في موسيقاها والحانها والتي تصادف هوىً في اوتارمشاعر فنان عاطفي رقيق فيستظهرها ويمنحها حقها عند الأداء ,هذا من جانب ويعود كما أرى من جانب آخر للأرتباط النفسي والعاطفي والوجداني الوثيق بين الفنان الزبير والشاعر الكبير المحضار.. ومحبة بدوي وارتباطه بصديقه هو انعكاس لمحبة وأرتباط صديقه المحضار به, وقد تجلى فنيا ذلك العشق المتبادل عندما وصل بدوي الى جده وكان مقيما بها المحضار في عام 1991م..علم شاعرنا بقدوم صديقه وهو في غربته يفتش عن نسمة تأتيه من ناحية وطنه تحمل له عبق الاهل والأرض ليستشعر طعما لأحوالهم وللحياة هناك , فأوقد شمعة تضيء ليل الغربة واضاء بقصيدته عتمة وجدان الغريب , حين نادى شاعرنا الكبيرالمحضار صديقه بدوي زبير قائلاً :
ايش اخبار لي من عندهم جيت يابدوي
عاد اخبارهم في الحيد موجب زمن تدوي
لي ليالي ولي ايام انا ماسمعت الصوت
كل شي يحتمل الا فراقك يابلادي حضرموت
وحين يتساهل بعض المطربين في غنائهم عموما وحتى في اداء الاغنيات الجديدة فيبرز خروجهم المسيء عن اللحن اوالتخبط الموسيقي او الاخطاء اللفظية الكثيرة او عدم وضوح مخارج اللفظ عند الغناء فإن فناننا الزبير بحسه الموسيقي المرهف وفطرته النقية الصافية يفطن الى الخفي من الملامح الجمالية في الموسيقى او اللحن او الكلمة ويتعامل مع النص الجديد بكل طاقته الفكرية والوجدانية وقد رأيته في ذلك رأي العين .. رأيته كيف يتلقى أغنية جديدة من اغاني المحضار بفكره واحساسه ومشاعره وكيانه كله وهاكم حكايتها :
عند وصولي مدينة جدة عام 1989م كنت قد حملت في يدي من الشحر آخر اغنية عاطفية ابدعها المحضار آنذاك مسجلاً في شريط كاسيت لحنها وكلماتها بصوت المحضار ( يرحمه الله ) لتقديمها في مناسبة فرح لأحد اقربائي بجده وتلك هي اغنية ( حذاري تتبع الاوهام ) .. وكان فناننا الزبير هو مطرب الحفل فأعطيته الأغنية , ورأيته برفقة الموسيقي المعروف احمد مفتاح كيف ينصت الى اللحن والى الكلمة في الاغنية وشاهدته في البروفة كيف كان صارماً و جاداً الى ابعد حدود الصرامة والجدية.. لايمزح ابداً ويكررسماع اللحن بإنصات تام ليكتشف في كل مرة اشعاع جميل او نغمة آسره ..يتعامل بدقة متناهية مع النص الجديد وكان يمتزج باللحن ويذوب عند الغناء في البروفة ثم في الحفل ..ولعل السر في كل ذلك انه كان يعيش الأغنية في وجدانه ويهضم تأملاتها وسبحاتها في الكلمة وفي اللحن وأنه كان حريصاّ دائما على فنه وحريص على ان لايطيش له سهم في أي زاوية من زوايا الأغنية الجديدة , لأنه(يرحمه الله) كان يرى ان المتعة الحقيقية للمستمع لاتتحقق الا بالفهم الواضح للكلمات وبالحفاظ على جماليات الابداع اللحني والموسيقي للمبدع الكبير المحضار .
وللموضوع بقية ......
الحلقة الثالثة : - سعة الأفق ورحابة المعرفة
- اخلاقه وشمائله
- رحيل عبقري
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس