عرض مشاركة واحدة
قديم 04-22-2004, 01:56 PM   #1
جمال العطاس
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية جمال العطاس


هواياتي :  الشعر والمواضيع الادبيه
جمال العطاس is on a distinguished road
جمال العطاس غير متواجد حالياً
افتراضي الشاعر البردوني . والمعتصم بالله !!! قصيدة

الشاعر البردوني . والمعتصم بالله !!!

تشهد الأمّة حالة من الذل والضعف والهوان يعجّز أن يصفها واصف ولم أجد أروع مماقيل عن هذا الضعف كقول شاعر اليمن الكبير( عبدالله البردوني ) قال هذه القصيدة في العام 1975 الميلادي
في العراق . نقلاً عما قيل عن الشاعر عبدالوهاب البياتي حرفياً عن هذا الحدث :
حضر الشعراء وكان كلٌ منهم يترقّب أن يأتي دوره ليقول قصيدته فألقيت قصيدتي وألقى نزار قباني قصيدته وألقى الجواهري قصيدته , وكنّا قد رأينا ذلك الكفيف ولا ندري ماذا سيقول . وعندما أتى دوره لإلقاء قصيدته لم يأبه به الحضور جميعاً وراحوا يتجاذبون أطراف الحديث ولم يكترثوا بهذا الأشعث القادم من ( اليمن )
فإذا نحن برجل في الأربعين من عمره كفيف البصر يتلمّس بيديه بحثاً عن ( المايكرفون ) . إستهل قصيدته بالبيت الأول منها وعند فراغه
من هذا البيت . فإذا بي أرى الشاعر الجواهري يدير قبعته ( الروسية )الشهيرة . فإلتفتُ يسرة فإذا بي أرى الشاعر نزار قباني يحاول تعديل ( ربطة عنقه ) وأطبقت حالة من الصمت على سائر الحضور وكأن على رؤوسهم الطير , فأردف البردوني قوله بالبيت الثاني فإلتهبت أكف الحضور جميعاً بالتصفيق ودون شعورٍ منهم نهضوا وقوفاً إجلالاً لهذا الشاعر الفذ . ويتابع الشاعر البياتي قوله قائلاً :
عندها علم الجميع بولادة نجم في سماء الشعر العربي .!!!
يقول الشاعر الكبير في وصفه لحالة الضعف المزري للأمّة وحكّامها :


مـا أصدق السيف! إن لم ينضه الكذبُ = وأكـذب السيف إن لم يصدق الغضبُ
بـيض الـصفائح أهـدى حين تحملها = أيـد إذا غـلبت يـعلو بـها الـغلبُ
وأقـبح الـنصر... نصر الأقوياء بلا = فهمٌ.. سوى فهمْ كم باعوا... وكم كسبوا
أدهـى مـن الـجهل علم يطمئن إلى = أنـصاف ناس طغوا بالعلم واغتصبوا
قـالوا: هـم الـبشر الأرقى وما أكلوا = شـيئاً.. كـما أكلوا الإنسان أو شربوا
مـاذا جـرى... يـا أبا تمام تسألني؟ = عفواً سأروي.. ولا تسأل.. وما السببُ
يـدمي الـسؤال حـياءً حـين نـسأله = كـيف احتفت بالعدى (حيفا) أو (النقبُ)
مـن ذا يـلبي؟ أمـا إصـرار معتصم؟ = كلا وأخزى من (الأفشين) مـا صلبوا
الـيوم عـادت عـلوج (الروم) فاتحة = ومـوطنُ الـعَرَبِ الـمسلوب والسلبُ
مـاذا فـعلنا؟ غـضبنا كـالرجال ولم = نـصدُق.. وقـد صدق التنجيم والكتبُ
فـأطفأت شـهب (الـميراج) أنـجمنا = وشـمسنا... وتـحدى نـارها الحطبُ
وقـاتـلت دونـنا الأبـواق صـامدة = أمـا الـرجال فـماتوا... ثَمّ أو هربوا
حـكامنا إن تـصدوا لـلحمى اقتحموا = وإن تـصدى لـه الـمستعمر انسحبوا
هـم يـفرشون لـجيش الغزو أعينهم = ويـدّعـون وثـوبـاً قـبل أن يـثبوا
الـحاكمون و(واشـنطن) حـكومتهم = والـلامعون.. ومـا شـعّوا ولا غربوا
الـقـاتلون نـبوغ الـشعب تـرضيةً = لـلـمعتدين ومــا أجـدتهم الـقُرَبُ
لـهم شموخ المثنى ظـاهراً ولهم = هـوىً إلـى ( بـابك الخرمي ) ينتسبُ
مـاذا تـرى يـا (أبا تمام) هل كذبت = أحـسابنا؟ أو تـناسى عِـرقه الذهبُ؟
عـروبة الـيوم أخـرى لا يـنُمْ على = وجـودها اسـم ولا لـون.ولا لـقبُ
تـسـعون ألـفاً (لـعمورية) اتـقدوا = ولـلـمنجم قـالـوا: إنـنـا الـشهبُ
قـبل: انتظار قطاف الكَرْم ما انتظروا = نُـضج الـعناقيد لـكن قـبلها التهبوا
والـيوم تـسعون مـليوناً ومـا بلغوا = نـضجاً وقـد عُصِر الزيتون والعنبُ
تـنسى الـرؤوس العوالي نار نخوتها = إذا امـتـطاها إلـى أسـياده الـذنبُ
(حـبيب) وافـيت من صنعاء يحملني = نـسر وخـلف ضلوعي يلهث العربُ
مـاذا أحـدّثُ عـن صـنعاء يا أبتي؟ = مـليحة عـاشقاها: الـسل والـجربُ
مـاتت بصندوق( وضـاح) بلا ثمن = ولـم يمت في حشاها العشق والطربُ
كـانت تـراقب صبح البعث فانبعثت = فـي الـحلم ثـم ارتمتْ تغفو وترتقبُ
لـكنها رغـم بـخل الغيث ما برِحَتْ = حُبلى وفي بطنها (قحطان) أو (كَرِبُ)
وفـي أسـى مـقلتيها يـغتلي يمنٌ = ثـانٍ كـحلم الـصِبا... ينأى ويقتربُ
(حـبيب) تسأل عن حالي وكيف أنا؟ = شـّبابة فـي شـفاه الـريح تـنتحبُ
كـانت بـلادك رحلاً ظهر ناجية = أمـا بـلادي فـلا ظـهر ولا غـببُ
أرعـيت كـل جـديب لـحم راحـلة = كـانت رعـته ومـاء الروض ينسكبُ
ورحـت مـن سـفرٍ مضنٍ إلى سفرٍ = أضـنى لأن طـريق الـراحة التعبُ
لـكن أنـا راحـلٌ فـي غـير ما سفرٍ = رحلي دمي... وطريقي الجمر والحطبُ
إذا امـتـطيت ركـاباً لـلنوى فـأنا = فـي داخـلي... أمتطي ناري واغتربُ
قـبري ومـأساة مـيلادي عـلى كتفي = وحـولي الـعدم الـمنفوخ والـصخبُ
حـبيب هـذا صـداك اليوم أنشده = لـكن لـماذا تـرى وجـهي وتكتئبُ؟
مـاذا؟ أتعجب من شيبي على صِغَرِي؟ = إنـي ولـِدت عجوزاً.. كيف تعتجبُ؟
والـيوم أذوي وطـيش الـفن يعزفني = والأربـعـون عـلى خـدّيَ تـلتهبُ
كـذا إذا ابـيَضَ إيـناع الـحياة على = وجـه الأديـب أضـاء الفكر والأدبُ
وأنـت مـن شبت قبل الأربعين على = نـار الـحماسة تـجلوها وتـنتخبُ
وتـجتدي كـل لـص مـترف هـبة = وأنـت تـعطيه شـعراً فـوق ما يهبُ
شـرّقت غـرّبت من والٍ إلى ملكٍ = يـحثك الـفقر... أو يـقتادك الـطلبُ
طوفت حتى وصلت الموصل انطفأت = فـيك الأمـاني ولـم يـشبع لها أربُ
لـكـن مـوت الـمجيد الـفذ يـبدأه = ولادة مـن صـباها تـرضع الـحِقَبُ
حـبيب مـازال فـي عينيك أسئلة = تـبدو... وتـنسى حـكاياها فـتنتقبُ
ومـاتـزال بـحـلقي ألـف مـبكيةٍ = مـن رهبة البوح تستحيي وتضطربُ
يـكـفيك أن عـدانـا أهـدروا دمـنا = ونـحن مـن دمـنا نـحسو ونـحتلبُ
سـحائب الـغزو تـشوينا وتـحجبنا = يـوماً سـتحبل مـن إرعادنا السُحُبُ
ألا تـرى يـا (أبـا تـمام )بـارقنا = إن الـسماء تـرجّى حـين تحتجبُ


بابك الخرمي : نسبة إلى خرم . حليف إمبراطور الروم تيفوئيل جرجس ضد المعتصم عند فتح ( عمورية ) . وقاتل ضد المعتصم وقتل بسامرا وصلب فيها .
حبيب بن أوس الطائي : هو أبو تمام الشاعر المعروف زميل البحتري .
الأفشين : هو قائد الميمنة من جيش المعتصم وهو تركي الأصل واسمه حيدر بن كلوس . والأفشين لقب لملوك اشروسنة تركيا .
عمورية : مسقط رأس ملك الروم تيفوئيل جرجس فتحت في رمضان سنة 223 هجريه.
وضاح :الشهير بوضاح اليمن وهو : عبدالرحمن بن إسماعيل الخولاني
شاعر رقيق . يتقنّع في المواسم لجماله المفرط . قتله الوليد بن عبدالملك في مكة المكرمة لتغزله في زوجته .

نعم يكفينا أيها الشاعر الكبير :
ان عدانا أهدروا دمنا = ونحن من دمنا نحسو ونحتلبُ
فاصلة : لاأروع من مقال هذا الشاعر الفذ في وصف ضعفنا وهواننا وذلنا وخنوعنا حكّاماً ومحكومين !!
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس