صالح عبدالله مثنى في مرحلة من مراحل صراعات الجبهة القومية
صحيفة ( 26 سبتمبر )
( كان التنافس بين الجبهة القومية وجبهة التحرير ومقاطعة المصريين لنا يحفزنا على تطوير نشاطنا بين المواطنين ودمجهم بالعمل السياسي إلى جانب الجبهة بموازاة تصعيد جيش التحرير للعمليات العسكرية, كانت الجبهة القومية امام تحدٍ مصيري لتثبيت وجودها بين الشعب وفي مواجهة سلطات الاحتلال وامام العالم الخارجي، إلى أن جاءت الأشهر الأولى من العام 67م ونفوذها في حالة تصاعد وسيطرتها على الرأي العام يتسع على مدى ساحة البلاد ) .
دور القيادي الشهيد فيصل عبد اللطيف
في ربيع العام نفسه جاءنا الاخ فيصل عبداللطيف الشعبي وطرح أمامنا مسئولية تجنيد اعضاء التنظيم وأنصار الثورة في معسكرات للحرس الشعبي، قالوا لنا إنهم سيكونوا إلى جانب جيش التحرير نواة جيش الاستقلال التي على الجبهة أن تستعد لانتزاعه، خاصة وان بريطانيا قد أعلنت عزمها على الرحيل في نهاية العام وكان على الجبهة ان تكون بمستوى الاستعداد لاحباط اي محاولة لإضفاء طابع شكلي على الاستقلال حيث كان يجري رصد مخططات لتسليم السلطة إلى قوى موالية ).
الصراع الحاد
( في الخلافات التي كانت دائرة داخل الجبهة القومية منذ المؤتمر الأول في العام65م حول الموقف من الاشتراكية العلمية كنظرية للتنظيم، تكون الأمور قد وصلت إلى ان برنامج اليسار قد حاز على الأغلبية في المؤتمر الرابع الذي انعقد في مارس من العام 68م في زنجبار، لكنه تعرض إلى حركة انقلابية في العشرين من ذلك الشهر، أقصت قيادته المشاركة في السلطة ما دفع بها الى الرد بتنظيم انتفاضة 14 مايو ، الا انها فشلت وجرى ملاحقة قيادتها التي كانت تضم أغلبية القيادة العامة للجبهة، اضطروا معها النزوح الى شمال الوطن ثم إلى الضالع وأصبح الانشقاق داخل حكومة الاستقلال عميقاً، أعقبها احتدام الصراع داخل قوات الجيش والأمن لأوضاع ما قبل الاستقلال بدا كما لو انه يتخذ طابعاً قبلياً قائماً على عداءات سابقة وصلت إلى مستوى لجوء احد أطراف الصراع إلى دعم تنظيم انتفاضة 27/7 ضد الوضع كله, وبعد فشلها تطورت إلى مواجهة عسكرية بين أبناء ما كان يسمى سابقاً العواذل والعوالق من أبناء شبوة وأبين، وكان محتملاً أن يطمح الطرف المنتصر في أن تكون له اليد الطولى على كامل الوضع لما بعد الاستقلال بعد أن اصبح ضعيفاً بابعاد جناحه اليساري وجيش التحرير والفدائيين الملتفة حوله, والبعض رأى أن هذا هو الهدف الأساسي للخلاف ) .
الرئيس أمام مسئولياته
( اتذكر انه عندما زار الضالع الاخ/ الرئيس قحطان الشعبي في العام 68م، وقام أثناءها بتوزيع عقود أراضي بعد إقراره قانون الإصلاح الزراعي، خاطبته في كلمة الترحيب التي ألقيتها كمسئول للقيادة المحلية في المهرجان الجماهيري : (إنكم وانتم تطبقون قانون الإصلاح الزراعي يا فخامة الرئيس تكونون قد حددتم تطور البلاد في الاتجاه الاشتراكي، الأمر الذي سيقود إلى مواجهة مع قوى الثورة المضادة المدعومة من الخارج، وهذا يتطلب وحدة تنظيم الجبهة القومية وحدة الجبهة الداخلية وحدة الحركة الوطنية اليمنية).
وبالرغم من أن الأخ/ الرئيس رد على الكلمة في الخطاب الذي ألقاه على الجماهير (بان تنظيم الجبهة القومية موحد وان تنظيم الجبهة القومية متماسك) إلا انه بعد ذلك استدعاني في المساء، وقال (على يدكم انتم والأخ علي عنتر نحن مستعدين للتفاهم مع الإخوان وهم موجودون عندكم، ولكن بدون الشطط والتطرف)، بعدها ارسل الينا الاخ فيصل عبداللطيف وبدأ الحوار مع الإخوة سالمين والاخرين, أثمر بعد فترة وجيزة بالوصول إلى اتفاق وتمت عودتهم إلى عدن.
في ذلك الوقت كانت الحرب بين ابناء العوالق والعواذل من محافظتي ابين وشبوة المدعومة من أنصارهم في الجيش والأمن قد دخلت شهرها الثامن، ولإيقاف تلك الحرب طلب الأخ علي عنتر من الرئيس قحطان الشعبي قيادة الجيش الذي كان يقاتل هناك و تفويضه بحل المشكلة، وتوجه على الفور الى منطقة المواجهة، فأمر الجيش اولاً بالتوقف عن نهب ممتلكات المواطنين وتخريبها ثم أخذ يتنقل بين الطرفين الى إن تكللت مهمته بالنجاح في وضع نهاية لتلك الحرب التي كانت الحكومة تقف عسكرياً وتستخدم الجيش إلى جانب احد تلك الأطراف، وبعد اسابيع قليلة عاد الأخ علي عنتر الى عدن وقد توقفت المواجهة تماماً، ولكن نذر شؤوم قد أخذت تلوح من جديد في صراع اخر ومفتوح بين الرئيس ووزير الداخلية لم يكن معه ممكناً الوصول الى حل، وقامت حركة تغيير في 22 مايو 69م وكلفت كثيراً )