فيما الحاكم ينكر وجود أي أزمة..
سياسيون:التبلد السياسي للحزب الحاكم أوصل البلاد إلى أزمة تهدد المجتمع الدولي
03/12/2008 الصحوة - فهمي العليمي

mohammed_12_3_2008.JPG

55500001_12_3_2008.jpg
وجدت أحزاب اللقاء المشترك نفسها أمام مسئولية وطنية لإنقاذ البلاد من أزمات بعضها فوق بعض، راكمتها وعلى مدى ثلاثين عاما السياسات الخاطئة للسلطة، وعقلية التملك التي تدار بها البلاد.
جديد تلك الأزمات الانتكاسة الديمقراطية التي يريد الحاكم أن يبني على أنقاضها تجربته الخاصة القائمة وفق نظرية الإقصاء والاستعلاء وفرض سياسية الأمر الواقع التي يسميها أيضا تجربة ديمقراطية!، كضمانة لإطالة عمره وتوريث ملكه.
يشخّص الدكتور محمد الظاهري – رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء- الأزمة الراهنة بالقول " وجود نخبة حاكمة ضعيفة تتقمص دور النخب الحاكمة القوية، وفي المقابل لم تتفهم تخلَق معارضة قوية يراد لها أن تقبل بالوضع الراهن رغم سوءه، قابلت ذلك بالإنتقال من القبول بالوضع الراهن إلى العمل على تغيير هذا الوضع السيئ، بعد أن استشعرت بأن النخبة الحاكمة تهدد وجودها السياسي".
وأكد بأن ما تمر به البلاد "أزمة مركبة" تكشف بوضوح نفاد صلاحية "الكذب السياسي" وبدء مرحلة
"ورطة التحايل السياسي"، حيث استنفذت الحكومة والحزب الحاكم والنخبة الحاكمة كل الرداءات الشكلية التي يستجلبها من الديمقراطية الليبرالية الغربية كالانتخابات وغيرها.
وقال في تصريح لـ"الصحوة" ثمة بديهية مسلمة في العمل السياسي تتمثل في أن " عجز الحكومة والدولة عن القيام بمهامها ووظائفها يخلق وعي شعبي للتغيير".
تخندق الحكومة والنخبة الحاكمة وتمترسها حول مصالحها، أوصلنا كما يؤكد الظاهري، إلى مرحلة انتقل فيها المواطن من الأنين الصامت إلى الأنين المعلن، وهو ما يجعل الإحتمالات كلها مفتوحة أمام استمرار المعاناة وبلوغ الفساد مداه، في سبيل توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة لشعب طالما اكتوى بنيران الفقر والبطالة والفساد وغلاء المعيشة بعد أن عجزت السلطة والحكومة عن القيام بوظائفها، وانشغلت بالعمل على إطالة عمرها الإفتراضي المنتهي، إلى أطول فترة ممكنة، مراهنة في ذلك على التحايل والكذب السياسي.
وعبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء عن أسفه للخطاب الرسمي الذي لا يزال يتسم بالاستثنائية مشبوعاً بالتفاؤل الكاذب تجاه ما تمر به البلاد من أزمة وطنية حادة وأخطار تهدد اليمن والمجتمع دولة وكياناً، وهي نتاج إشكاليات متعددة مصدرها السلطة لا غير، منها ما وصفه الظاهري بإشكالية التبلد السياسي الذي تملك النخبة الحاكمة والحزب الحاكم، وإشكالية غياب ثقافة الإعتراف لدى العقل السياسي اليمني.
وأضاف الظاهري بالرغم من تكاثر الأزمات في اليمن إلا أن النخبة الحاكمة لا تزال بمنأى عن الإعتراف بهذه الأزمات، وإن اعترفوا كالعادة يتبرءون منها وينسبونها إلى المعارضة، التي ليست لها سلطة في ذلك "لا مسئولية بلا سلطة"، أو الخارج كما هو الحاصل في اليمن.
وأكد بأن هذا الغرور والتبلد السياسي يؤدي إلى مزيد من الأزمات تهدد الاستقرار السياسي، لا يستبعد أن يصل معها الوضع حد " أن توضع الأيادي على الزناد" خاصة وأن اليمنيين شعب مسلح.
• القمع والإعتقالات دليل أزمة
عدم اعتراف السلطة وحزبها الحاكم بالأزمة الراهنة ومخاطر ما قد تؤول إليه تلك الأزمة ، حركت بتداعياتها الشارع اليمني الذي خرج في عواصم المحافظات وقراها لاستعادة إرادته المقموعة وحريته المصادرة وحقوقه المنهوبة، آخذاً عهدا على نفسه بألا يكون بعد اليوم شاهد زورٍ على بقاء سلطة انتهى
عمرها الإفتراضي.
واعتبر الأمين العام المساعد للتجمع لليمني للإصلاح د. محمد السعدي، خروج المواطنين إلى الشارع دليل على ضيقهم من تلك السياسات الخاطئة التي طالما حذر المشترك من نتائجها الكارثية.
وأكد بإن إصرار الحاكم على عدم الاعتراف بالمشكلة وتحديدها، غروراً في غير محله سيقود إلى أزمات ويزيدها اتساعا على كل المستويات، معتبرا قمع المواطنين العزل الذين خرجوا للتعبير عن رأيهم سلميا ومواجهتهم بالسلاح نوع من التعقيد لتلك الأزمات.
وقال د.السعدي في تصريح لـ"الصحوة" إن المرحلة الراهنة والمستقبل القريب لا يمكن لأي قوة سياسية منفردة أن تعالج القضايا الاقتصادية والأمنية والنتائج التي أوصلها التفرد بالحكم إلى هذا المستوى.
انفراد المؤتمر الشعبي الحاكم بالإنتخابات، يعني كما يؤكد السعدي، مزيداً من الانسداد ومزيداً من السياسات الفاشلة، والتيئيس من الديمقراطية كمدخل يمكن من خلاله حل القضايا اليمنية، تجعل كل الاحتمالات مفتوحة بالنسبة للمشترك لايقاف ذلك العبث.
وأكد الأمين العام المساعد للإصلاح أن الاعتداء على الدستور، وحالة الطوارئ المشاهدة اليوم وتمارس في أكثر الأوقات جزئيا وكلياً، تزيد الأوضاع تأزيماً، وأن القوى الفاعلة سواء في اللقاء المشترك أم غيره لن تقف متفرجة والوطن ينهار.
وأضاف "المشترك يقدر وجود تحديات وأزمة، ولم تعد تغريه المصالحات الجزئية، فهو يحمل مشروعا شاملا واضحا معلنا من علاماته سيادة القانون، والمواطنة المتساوية، والتنمية الشاملة، والسير باليمن نحو الأفضل في مجال الخدمات ورعاية مصالح المواطنين".
• المأزوم من ينكر الأزمة
الأزمة التي ينكرها الرئيس تكمن أصلاً في ذلك الإنكار غير المنطقي للإزمات، بحسب رئيس دائرة النقابات والمنظمات الجماهيرية بالحزب الإشتراكي اليمني، علي الصراري، معتبرا مثل هذا الإصرار أن اليمن ليست فيها أزمات ، يؤدي إلى استفحال أزمات فعلا وصولا إلى نقطة اللا عودة واللا حل.
وأضاف " من الصعب أن تكون الأزمات مجرد إفتراضات لدى المعارضة أو لدى شخصيات في
المعارضة، لأن واقع حال اليمن يؤكد أن هناك أزمة كبيرة وربما خطيرة للغاية، متسائلاً : وإلا ماذا يسمون وجود أعداد هائلة من العاطلين عن العمل؟، وماذا يسمون هذه الملايين التي تشكل أكثر من نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر؟، إذا لم تكن هذه أزمات فماذا تكون! .. هل تعد إنجازات؟!!.
وقال الصراري في تصريح لـ"الصحوة" عندما يصل الإنقسام الداخلي إلى درجة أن تشن حرب ضد محافظة بكاملها وأن تخضع ست محافظات لحالة الطوارئ وينشر الجيش بأسلحته الثقيلة في قراها ومدنها، هل هذا الإنقسام يمثل أزمة أم أنه يمثل مكسبا وحدويا من مكاسب السلطة الراهنة؟.
الانسداد السياسي القائم الذي دفع أحزاب المعارضة الحقيقة التي تمتلك تمثيلاً واسعاً في البرلمان وحضورا حقيقيا في مدن وقرى البلاد إلى رفض المشاركة في العملية السياسية التي تديرها السلطة والتي تحاول من خلالها أن تستأثر بالعملية الإنتخابية وتحديد نتائجها سلفا.. هل هذا الإنسداد السياسي – الصراري متسائلاً - دليل استقرار أم انه دليل أزمة ودليل على أن العملية السياسية في البلاد لا تسير وفق قواعد عادلة ترضي الجميع؟.
الفوضى التي تعتمل في البلاد وما يحدث في البلاد من انتهاكات لحقوق الإنسان وتعديات خطيرة على أمن المواطنين وعلى كرامتهم ولقمة عيشهم ، وتقف السلطة متفرجة على هذه الممارسات والإنتهاكات وفي كثير من الحالات تكون طرفا فيها... هل هذا يدل على أن البلد ينعم بالاستقرار أم انه يعاني الاعتداءات والفوضى المخلة بحقوق الناس كمواطنين وكا كائنات إجتماعية.
واعتبر الصراري إنكار وجود أزمة لا يعبر إلا عن "حالة خوف شديد من تحمل المسئولية المترتبة عن هذه الأزمة، والسلطة بهذا الإنكار تريد سلفا أن تعفي نفسها من تحمل المسئولية، ولكن يصعب مجاراتها ، وليس من المسئولية الوطنية القبول بهذا الإنكار لأنه يمثل قوة دفع نحو الوقوع في الكارثة".
اللقاء المشترك عندما اتخذ الموقف من الانتخابات – يضيف الصراري - لم يطالب بأي نوع من المصالح الذاتية التي تخص قياداته وأحزابه .. الأزمة لم تبدأ في رفض الإجراءات الإنفرادية التي تقوم بها السلطة نحو الانتخابات.. جزء من تداعيات هذه الأزمة إصرار السلطة على أن تدفع بها حد النهاية، لتدفع المشترك عن التراجع عن موقفه والرضوخ لموقفها.
وقال رئيس نقابات ومنظمات الحزب الإشتراكي اليمني، المشترك يرفض المشاركة في اللعبة السياسية المختلة التي تديرها السلطة بعيدة عن المسئولية الوطنية، لأنه يجد السلطة تريد من الانتخابات هدفاً واحداً هو تجديد شرعيتها بطرق شكلية، وهي تريد من هذه الشرعية لكي تستمر في خوض الحروب الداخلية وفي تنمية الفساد والعبث بموارد الدولة وادخارها لجيوب الفاسدين.
ويؤكد الصراري بالقول: لا يجوز القبول في انتخابات لا تؤدي إلي تطوير السياسات .. لا يجوز المشاركة في انتخابات لا تدار بطريقة منصفة وعادلة توفر شروط الحرية والتكافؤ للمتنافسين في هذه الانتخابات، وإذا لم تتوفر شروط الحرية والنزاهة لا يعني إلا تواطؤ مع رغبة السلطة في إعادة إنتاج نفسها لكي تستمر فيما هي قائمة عليه من عبث وإهدار وضياع للحاضر والمستقبل.
• الشارع كمخرج من الأزمة:
لجوء المشترك إلى الشارع، كان خياراً أخيراً لإيقاف عبث السلطة الذي طال شرعية الدستور ومؤسسات الدولة، ويكاد يعصف بحاضر اليمن ومستقبله، بعد أن استنفدت كل محاولاتها لإقناع السلطة بخطورة ما قد تؤول إليه الأوضاع جراء ذلك التعالي والغرور، بحسب ما أشار الأمين العام المساعد للتنظيم الوحدوي الناصري، محمد مسعد الرداعي.
وقال بإن المأزوم هو من ينكر الأزمة، التي بدت مؤشراتها واضحة من خلال الإعتقالات السياسية
والحروب الأهلية والتهديدات الإقليمية لسيادة الوطن، ورفض القبول بالأخر والإنقلاب على الشراكة الوطنية.
وأكد الرادعي في تصريح لـ"الصحوة" بإن الحزب الحاكم يتكئ في سياسته الخاطئة وإدارة البلاد بالأزمات إلى التفريط بالسيادة الوطنية، وتحويل الوظيفة العامة إلى كسب للو لاءات، إضافة إلى التعبئة الخاطئة لأبناء القوات المسلحة والأمن ضد المعارضة، والاستغلال السيئ للقضايا الأمنية وتوظيفها بما يسئ للسيادة الوطنية، خدمة لمصالحه وديمومة بقائه.
واعتبر تغيب سيادة القانون وإفراغ مؤسسات الدولة أوصل البلاد إلى حالة إحتقان غير معروف، سيكون أول ضحاياها السلطة، نتيجة إخفاقاتها التي ضاق بها الشعب الذي بدأ متحمساً للتغيير، وعبر عن رأيه ذلك بوضوح في مهرجانات جماهيرية بعموم محافظات الجمهورية وقراها خلال الأسابيع الماضية.
وأكد الأمين العام المساعد للتنظيم الناصري أن سياسة "فرق تسد" لن تصمد كثيراً أمام وعي الشعب الذي استلهم ضرورة التغيير من أوضاع معيشية صعبة وغياب الحقوق وانتهاك الحريات، اكتوى بنيرانها على مدى ثلاثة عقود، بعد الإطاحة بالنظامي الملكي.
الرداعي الذي توقع ان يتحول الحزب الحاكم مع الأيام القادمة إلى تحالف "المصالح والمنافع" لانه لازال حتى اللحظة غير مستوعب التغيرات الحاصلة حوله، قال بأن المشترك يراهن اليوم في معركته ضد عبث السلطة على وعي الشعب التواق للتغيير، حيث بدأ بتعجيل مرحلة التشاور الوطني لتوسيع قاعدته الجماهيرية وإشراك كل القوى الوطنية والشعب في تشخيص الأزمة الراهنة.
وأكد بأنه لا مخرج من هذه الأزمة إلا بالعودة إلى الخيار الديمقراطي والإعتراف بالأخر وبالشراكة الوطنية، وإعمال الدستور والقانون والعودة إلى دولة المؤسسات، وبغيرها ولن تنتصر الإرادة التغيير.
• نناضل لأجل اليمن:
ويلخص الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني الدكتور ياسين سعيد نعمان في حوار مع “الخليج” ما يدور اليوم بالقول إن الوضع معقد، وإن سبب هذا التعقيد هو سياسة الحزب الحاكم، التي قال إنها ستقود البلاد إلى مصائر مجهولة.
وقال إن المشهد السياسي في اليمن اليوم مشهد معقد، لكنه ليس بتلك الدرجة من التعقيد التي يصورها الحزب الحاكم، جزء من التعقيد سببه غياب استراتيجية العمل الوطني التي من الممكن أن تضع المشهد السياسي أمام القوى السياسية بشكل واضح حتى تتمكن فعلاً من وضع المعالجات والحلول اللازمة له.
وأضاف:للأسف السلطة استأثرت بكل شيء ولا تريد شراكة أحد، هي تريد من المعارضة أن تلتحق بها في كل خطواتها دون أن تدري إلى أين، مؤكدا بأن البلد دخل في أزمة وطنية حادة لا تجدي معها المعالجات
الجزئية ولا الحلول الآنية المؤقتة، بل لا بد من البحث في عمق الأزمة.
الانتخابات من وجهة نظر المشترك – والحديث لأمين عام الإشتراكي - جزء من المشكلة وليست المشكلة كلها، لكن السؤال هو ما الذي جعل الانتخابات في اللحظة الراهنة مشكلة؟ لا شك أنها الأزمة السياسية والوطنية، فالأزمة السياسية والوطنية ضاغطة على أية عملية سواء كانت على الانتخابات أم غيرها... هي تمترس السلطة وراء مصالح منتسبيها، الذين لا يريدون التنازل عنها من أجل الديمقراطية، فمن وجهة نظرهم تذهب البلد إلى الجحيم لتبقى مصالحهم، هذه المعادلة نحن نرفضها رفضاً مطلقاً، بل نقول لتذهب مصالحهم إلى الجحيم ويبقى الوطن، وسنتمترس وراء هذا الخيار... كل عملنا حتى الآن يدور في اتجاه واحد وهو كيف نعيد لهذه الانتخابات اعتبارها، الانتخابات في كل بلدان العالم تهدف بدرجة رئيسية إلى رد الاعتبار للإرادة الشعبية، إلا في اليمن فإنه يراد للانتخابات تحقير الإرادة الشعبية وتسطيحها وتجاوزها، وانتخابات تحقر الإرادة الشعبية من خلال التزوير لا نراها ضرورية، هذا نضالنا حتى اليوم، ولدينا رؤية في اللقاء المشترك أصدرناها قبل أيام تتحدث عن كيف نرى الانتخابات البرلمانية القادمة ووفق أية شروط ومعايير سواء كانت سياسية أو اجتماعية وطنية.
وأكد بأن التراجع عن الخيار الديمقراطي سيقود البلد إلى انزلاقات؛ لأن البديل هو المشاريع التفكيكية والإرهاب ، وبالتالي فإنه في ظل الفقر والفساد السائد سيكون البديل بالتأكيد أسوأ مما نتصور.
وقال نعمان : هناك أزمة تتطلب من الجميع أن يبحث في مستقبل هذا البلد وإلى أين يسير، هذه هي الصفقة الوطنية الكبرى التي يجب أن يشارك فيها الجميع، ونحن في اللقاء المشترك سائرون في طريق التشاور الوطني والدعوة إلى حوار وطني شامل، ولدينا رؤية سنطرحها في إطار هذا التشاور والحوار كيف نرى مستقبل البلد، عمل من هذا النوع هو الذي يتطلبه اليمن في الوقت الحاضر، مع اعترافنا بالصعوبات التي يعيشها البلد في الوقت الحاضر مثل كارثة حضرموت والمهرة في المناطق الشرقية وفي الحديدة وحرب صعدة وغيرها، ونعتقد أنه آن الأوان للبحث عن حل بالدفع باتجاه نحو حوار وطني شامل، إذا كانت هناك تسوية فيجب أن تكون تسوية وطنية كبرى، إذ إن اللقاء المشترك لن يدخل في أية تسوية أو صفقة جزئية، مؤكداً "لا يوجد خيار آخر غير خيار الحوار الوطني الشامل إذا أردنا فعلاً أن يخرج اليمن من مأزق الصراعات وعدم الاستقرار، يجب أن تكون هناك تسوية عبر حوار وطني شامل، أما التسويات الجزئية التي لا تنتج إلا المآزق والخلافات وتعيد الصراعات بين فرقاء الحياة السياسية فإنها لا تفيد اليمن، بل تضره.
• نتيجة للحكم الفردي:
قوبل إعلان المشترك عن لجنة وطنية عليا للتشاور الوطني برئاسة الشيخ حميد الأحمر، التي بدأت منذ فترة الإعداد والتحضير لمؤتمر وطني لإخراج البلد من الأزمات، بترحيب واسع في أوساط النخب اليمنية في الداخل والخارج باعتبار ما أقدم عليه المشترك خيارا وطنيا لإنقاذ الوطن.
وأبدى الرئيس اليمني الأسبق علي ناصر محمد استعداده للمشاركة في أي مؤتمر وطني يُدعى إليه من أجل ذلك.
ورحب في السياق ذاته "بالجهود التي تبذل من قبل أحزاب اللقاء المشترك وكافة القوى الوطنية التي تبحث
عن مخرج للأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد وتمنى أن تكلل أعمالها بالنجاح".
ناصر الذي أكد على أهمية التشاور بين القوى السياسية للتوصل إلى مخرج، حذر السلطة الحاكمة مما أسماه "مخاطر اللعب بالنار في هذه المرحلة"، ودعاها للإبتعاد عن المكابرة للخروج بالبلد من الأزمات التي تكاد تعصف بها، مشيرا إلى ما حل بالصومال "نتيجة للحكم الفردي".
وقال في حوار أجرته معه أسبوعية "النداء" الأهلية التي إلتقته في العاصمة المصرية القاهرة لن أتردد بالحضور إلى أي مؤتمر وطني تحضره كافة الأطراف السياسية والاجتماعية اليمنية للخروج بالبلد من هذه الأزمة، مذكرا "عندما وجهت لي الدعوة إلى عمان عام 1994 شاركت في ذلك اللقاء الوطني الذي توج بتوقيع وثيقة العهد والاتفاق التي كانت محل إجماع وطني وتضمنت حينها أسساً هامة لبناء الدولة اليمنية الحديثة".
مضيفا " أعتقد أن المشترك تنبه لهذا الأمر، والأمل في أن تتوافق الإرادات السياسية وأن تكون مُلبية لمصالح الشعب شماله وجنوبه.
وقال الرئيس اليمني الأسبق، الذي يقيم لفترة غيرة قليلة بالعاصمة السورية دمشق ويرأس المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، " إن البلد بحاجة إلى الانفراج بدلاً من تضييق الخناق على الشعب وعلى القيادات في الداخل والخارج، الأفضل هو الانشغال بهموم البلد بدلاً من الانشغال بتوجيه الشتائم".
إعترافات مؤتمرية بخطورة الأزمة
يخطئ الرئيس وحزبه حين يعتقد أن بإمكانه تجاوز أزمته مع الشارع اليمني، الذي أضحى مهيأ أكثر من ذي قبل لمقاطعة الانتخابات فاقدة المشروعية، حينها سيكون على الحزب الحاكم أن يقف في مقابل كل قوى الشعب ويتحدى الجميع فهل يجرؤ؟ خاصة والمشترك قد دشن مشروعة السياسي لإسقاط النظام القائم، هذا ما تنبئ به الاستعدادات الجارية على قدم وساق لأحزاب المشترك على طريق الإعداد والتحضير لمؤتمر وطني يشارك فيه أكثر من ستة وعشرون ألف شخصية وطنية واجتماعية وسياسية يمنية.
خطورة ما يمكن أن يقدم عليه حزب الرئيس إذا ما أصر على تجاوز الشارع اليمني بعد إنقلابه على الشراكة الوطنية، جعل بعض قيادات الحزب ومؤسسيه تخرج عن صمتها وتقر بخطورة ما تمر به البلاد وخطورة ما قد تؤول إليه في ظل الأزمة الراهنة.
وأكد القيادي المؤتمري عبد السلام العنسي أن البلاد تعيش أزمة وطنية حادة، قابلة للانفجار إذا ما أصر الحزب الحاكم على الإنفراد بالانتخابات بعيدا عن التوافق الوطني.
وقال "إن المؤتمر الشعبي العام بعد التسعينيات أصبح مختلفا تماما عن ذي قبل، إذ كل من دخل أو انضم (للمؤتمر) لم يعد يستوعب أو يقرأ الميثاق الوطني (الوثيقة الرئيسية في الحزب الحاكم)، وإن هناك استراتيجية سياسية واقتصادية بالمؤتمر اليوم إنما لغرض أن يحصل العضو على منصب أو يدير عملا سياسيا ليس إلا".
تأكيدات القيادي المؤتمري العنسي بوجود أزمة وطنية حادة، كشفت عن زيف إدعاءات قيادات الحزب الحاكم التي نفت في تصريحات باسم مصدر مسئول وجود أزمة – تناقلته وسائل الإعلام الرسمية والمؤتمرية - وهو النفي الذي ردده رئيس الجمهورية أمام مؤتمر لجنته الدائمة الاستثنائي.
وأضاف القيادي المؤتمري العنسي : من لم يعترف بوجود أزمة فهو خاطئ، وهو ذاته كان قد أكد خلال
الدورة الاستثنائية للجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام مطلع الشهر الجاري وجود أزمة سياسية، وبرر أهمية خيار تأجيل الانتخابات، وقدم للرئيس مبررات تجعل من هذا الخيار مقبولاً بحكم السياسة والمنطق.. غير أن الرئيس لم يستسغ الأمر، فكان كمن يحاول اتقاء سهامه بتعمد إهمال النظر إليه، محاولاً التقليل من شأن ما يقوله، غير أن المحارب القديم، كان بين الفينة والأخرى يتوقف، طالباً منه حسن الإصغاء إليه، وفي المعنى: الانتباه لاستقبال تلك السهام.
وأوضح في حوار مع يومية (الشموع) الأهلية أنه طرح رأيه في اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام في دورتها الاسثنائية أمام رئيس الجمهورية وصارحه بأنه ليس من مصلحة الوطن ولا الحزب الحاكم ولا من مصلحة الرئيس إجراء انتخابات في ظل ظروف المشكلة السياسية الكبيرة والأزمة الحادة التي تمر بها البلاد سواء فيما يتعلق مع الحوثيين أو الأزمة الدائرة بين أحزاب المشترك والحزب الحاكم، مؤكدا على ضرورة إعطاء فرصة للحوار سنة أو سنتين حتى يتم الوصول إلى التوافق الوطني المطلوب سواء على قضية الانتخابات أو على القضايا التي تخص الوضع السياسي وضوابط المؤسسة الديمقراطية.
وأشار إلى أن هناك الكثير من أعضاء اللجنة الدائمة ومجلس النواب والشورى يرون صوابية تأجيل الانتخابات لفترة حتى ولو كان هناك خسارة من الأموال وغيرها في عملية اللجان الانتخابية في سبيل الوصول إلى أخف الضرر بدلا من المكابرة والوصول إلى نتائج غير مرضية. وطالب العنسي بتأجيل الانتخابات أو أن يصل الجميع إلى صيغة توافقية كاملة ومعقولة ومنطقية تلبي مصالح الجميع وترعى مصالح الوطن لأن البلاد حسب، العنسي، مقدمة على أزمة سياسية كبيرة أو كارثة سياسية كبيرة في نهاية المطاف.