جامل الغاوون صوت العرب ونسوا صوت الجنوب العربي ... يا نجيب - محمد أحمد البيضاني
الجمعة - 30/01/2009 - 11:15:08 صباحاً
جامل الغاوون صوت العرب ونسوا صوت الجنوب العربي ... يا نجيب - محمد أحمد البيضاني
السياسي المفكر الأستاذ نجيب قحطان الشعبي.. نعود مرة أخرى لنستكمل موضوع الجنوب العربي.. يا نجيب..
الخيال هو الخيال المريض للجمهورية العربية اليمنية التي تريد تفرض سلطتها على شعب الجنوب العربي وتمحو هويته، والإرادة هي إرادة شعب الجنوب العربي التي يفرضها العقل والواقع والمنطق والتاريخ ، الإرادة هي الحق و لسان الصدق الذي يرفض هذه الوحدة المزعومة، هذه الوحدة التي فرضت في غفلة من الزمن ووقعت في هرجلة دون استشارة أمة من خير أمم الأرض، اثنان من البشر كان بينهم صفقة لا يعرف تفاصيلها أحد، كلاهما له حساباته ورؤيته الشخصية دون التفكير في مستقبل الناس وتاريخهم، إن بناء الشركات يحتاج إلى الخبرة والمعرفة، فكيف في بناء الدول والكيانات الإنسانية.
رفضت السودان الوحدة القديمة والدائمة مع مصر وأنهت وحدة وادي النيل التاريخية، ونظر الساسة السودانيون إلى مصلحة بلادهم، ونظرت مصر وجمال عبدالناصر إلى قضية الانفصال العادلة بعين الاعتبار، فانتصرت الإرادة وسقط الخيال ووافق جمال عبدالناصر على الانفصال الذي طالب به السياسيون والشعب السوداني، احتراما منه لتاريخ ومصلحة أمة أرادت الحرية والحياة الكريمة فوق أرضها.
يا نجيب العزيز.. كان السودان من أغنى البلدان في أفريقيا، هذا البلد الذي يملك النهر الأزرق والنهر الأبيض.. النيل العظيم ويزرع أجود أنواع الذرة في المحاصيل الزراعية، "نوع ذرة الفيتريتا" وهي أغلى ذرة في العالم، ويزرع هذا البلد أحسن فاكهة في الدنيا "المانجو "، ويصدر أكبر كمية عالمية من الصمغ العربي المشهور، وعلى أرضه الخصبة الغنية ترعي أغلى وأجود الأغنام في العالم .. "الأغنام السواكنية" المعروفة بجودتها، بلد غني وفيه كل الموارد الطبيعية وكاد السودان يصبح من مشروع الكنانة أكبر مصدر للسكر في العالم بعد كوبا، إضافة إلى البترول والغاز لولا نكبة تدخل "هوردلات" الجيش السوداني في شؤون حكمة، هذه الثروة الضخمة لم يطمع فيها جمال عبدالناصر ولا شعب مصر، وتركوا السودان يقرر مصيره، وخير السودان لأهله، منذ عقود كانت هناك فرق الجيش المصري المرابطة في السودان، كانت هذه القوة الضاربة تستطيع أن تحتل هذا البلد خلال ساعات و بكل بساطة وتفرض الوحدة.. وحدة وادي النيل ولكن ثقافة وعبقرية وسياسة جمال عبدالناصر لم ترد أن تستولي على بلد الآخرين وتفرض الوحدة بالقوة، كما فعلت بنا عصابة صنعاء بأسم الوحدة والخيال القومي المريض.
يا نجيب العزيز.. كان أولي بالغاوين في الجبهة القومية عدم التسرع منذ البداية والوقوع في الخيال، بدأت المأساة التاريخية في جينيف المشئومة، أراد الغاوون في جينيف أن يصالحوا المد القومي ويجاملوا الطفرة القومية وغليان الشارع العام الذي قامت بخداعه أبواق إذاعة صوت العرب من القاهرة ووضعوا جمال عبدالناصر أمام الأمر الواقع ليصبح الوضع كما يسمى في القاموس السياسي باللغة الإنجليزية: Ipso Facto، حقيقة وفعلا.. جامل الغاوون صوت العرب ونسوا صوت الجنوب العربي بلادهم عبر عصور التاريخ.
أراد الغاوون في الجبهة القومية قطع الطريق على جبهة التحرير وحزب الرابطة والقوى الثورية الأخرى في المنطقة للمشاركة في الحكم، أخذوا الاستقلال في هرجلة تاريخية ولم يطالبوا بتعويضات أو مساعدات مالية وفنية، بل عادوا إلى عدن وخفضوا رواتب الناس وحطموا وسرحوا أعظم جهاز إدراري للدولة كان عمره ما يقارب 128 سنه، شباب الجبهة القومية كسبوا الشارع العام وخسروا الوطن.
يا نجيب العزيز.. إن بناء الدول يتم بمعادلات سياسية ومصالح الناس والحفاظ على تاريخهم وهويتهم. الجبهة القومية في جينيف وضعت جمال عبدالناصر أمام الأمر الواقع وذلك بحشرها "مسمى اليمن" في أسم الدولة ليحرجوا مصر لتعترف بنظامهم ويجاملوا الشارع السياسي، كان "طيش شباب" لم يدركوا يوما ما إنهم سقطوا في الفخ المتوكلي الذي كان يغذيه الدخلاء من أبناء الشمال في الجبهة القومية، وبعد شهور وللحقيقة والتاريخ تحرك ضباط الحرس الوطني الاتحادي في مارس 1968 ليصححوا الوضع وإدراكهم خطورة الأمور ومن قبضة من استولوا على الحكم في البلاد، تحركوا ونجحت الحركة الانقلابية، ولكن ضباط الجيش رفضوا تأيد الحركة لأسباب تاريخية قديمة سوف نتطرق إليها في كتاب شامل، لقد جنب ضباط الحرس الوطني ألإتحادي البلاد من أعظم كارثة بعدم إصرارهم على موقفهم، ولكنهم انسحبوا بهدوء ليجنبوا البلاد الحرب بين قو تين عسكريتين نظاميتين. نقول هنا إن التاريخ سوف يذكر هؤلاء الضباط الشجعان الذي تقبلوا الهزيمة وجنبوا بلادهم الجنوب العربي من القتال و الدمار الشامل.
يا نجيب العزيز.. أنظر بكل تمعن موقف ضباط الحرس الوطني الاتحادي، وهذا الموضوع التاريخي الذي لم يشير إليه أحد من قبل، لقد رحلوا بهدوء ولكن أسمائهم ونعرفهم معرفة شخصية سوف تدون وسيكتبها التاريخ بحروف من النور، هؤلاء ضباط الجنوب العربي.. أبناء قبائل الجنوب العربي.. يا نجيب العزيز.. هل من العدل أن نمحو تاريخ بلادهم وقبائلهم من أجل المنفعة الشخصية وتقديم بلادنا غنيمة حرب إلى الغزاة الطغاة تحت أسم الوحدة والكذب على التاريخ. أنظر يا نجيب.. إلى ضباط الحرس الوطني الاتحادي كيف ضحوا بأنفسهم ومناصبهم وحافظوا على أمن وسلامة بلادهم.
الوحدة هي الكذبة الكبرى التاريخية، مارس هذا الغي والكذب على التاريخ أئمة بيت حميد الدين وعقداء الظلام في الجمهورية العربية اليمنية، لقد انفصلت الباكستان عن الأم الكبرى الهند، وانفصلت سانغفورا عن الملايو، وتركت بنجلاديش دولة الباكستان، وانفصلت السودان عن مصر، هؤلاء الناس بحثوا عن مصالح الأمة وتركوا الشعارات والخداع القومي. . يا نجيب.. هل كل هؤلاء الناس خونة و دعاة انفصال !!
يا نجيب العزيز قول لهم.. إن فكرة استعادة دولة الجنوب العربي سوف تعاد من جديد لأنها ليس جديدة بل هي التاريخ، إنها أماني وتطلعات شعب أراد الحياة الحرة الكريمة.
لقد ذكرنا سابقا أن هناك وضع في غاية الخطورة، وهو إن شعب الجنوب العربي لن يستسلم أبدآ ، كما أستسلم شعب الجمهورية العربية اليمنية، أكان ذلك في الهروب إلى الهجرات الجماعية وبقاء المستضعفين من الناس والنسا ء والأطفال، والقبول بالأمر الواقع. يا نجيب.. قد تتساءل في نفسك بكل صدق وأمانة لماذا يستسلم اليمني الشمالي للأمر الواقع، ويرفض ذلك مطلقا ابن الجنوب العربي ؟ ؟ السبب هو في غاية الخطورة لم يدركه حكام صنعاء، وهو التالي: إن معظم سكان اليمن الشمالي من المزارعين، ومعظم السكان من أبناء الجنوب العربي هم من الجنود.
يا نجيب العزيز.. هل ستعرف صنعاء خطورة هذه المعادلة.. وما هو الفرق بين المزارعين والجنود.
السيد الكريم والسياسي المثقف ابن الجنوب العربي.. الأستاذ نجيب قحطان الشعبي.. لك كل احترامي وتقديري.
سلام قولٌ من رب رحيم.. سلام ٌ على جنود الجنوب العربي. .. سلامٌ على زعماء الجنوب العربي التاريخيين في الداخل والخارج.. سلامٌ عليك عدن.. عاصمة الجنوب العربي. .. بلادي.. وبلاد أمي وأبي.
كاتب ومؤرخ سياسي
كوبنهاجن
شبكة شبوة برس
المحرر : شبكة شبوة برس