كن ناقدا ولكن بحدود اللياقة
ــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم
من خلال قراءاتي في الكثير من المنتديات خرجت بالكثير
من التجارب الأدبية مما قرأت ، إذ أني وجدت بعض الكتابات
يقف خلفها فكر مستنير وبعضها الآخر انطلقت من تفكير ضحل
لا يعرف صاحبه قيمة الكلمة التي يتفوه بها ، لا لشيء إلا لأنه
وجد نفسه أمام شاشة الحاسوب ولا احد يراه ، فاحب ان يفرغ
ما في نفسه دون مسئولية أدبية او أخلاقية على طريقة
( من أمن العقوبة أساء الأدب )
وللأسف بعض هؤلاء تجد لديهم معلومات وثقافة واسعة
ولكن هذه الثقافة وهذه المعلومات ليس لها قيمة إذا صدرت
من شخص لا يتخلق بها ولا تظهر على سلوكه مع إخوانه
في المنتديات ، فما فائد المعلومات الغزيرة إذا قدمت إلينا
بلغة المقاهي ورطنة الشوارع
بالتأكيد كل منا له ثقافاته وتوجهاته ورغباته النفسية
وميوله المتعددة وبالتأكيد ايضا أننا في هذه التعددات الفكرية
نحب أناسا ونكره آخرين وبالتاكيد أيضا اننا سنكتب كلاما طيبا
عن الذين نحبهم ، أما الذين نكرههم فسنكتب عنهم كلاما
يشفي الغليل
لكن في الجانب الآخر هناك تجربة الجميلة استفدتها من
قراءأتي وهي التجربة الأخلاقية التي تحلى بها الكثير من
الكتاب ، فنجدهم يقدمون النصح لمن أحبوا ولمن كرهوا
على حد سواء
فكونك تحب إنسانا فهذا لا يعني أنك تمجده وتمدحه بما فيه
وما ليس فيه لأنك ستقابل بالسخرية من القارئ وأولهم من
أصبغت عليه المديح
وكونك تكره إنسانا فهذا لا يعني أنه يجوز لك أن تطلق كل
ما لذ لك من مفردات الشتائم عليه مستغلا هذه الصفحات
المجانية وبعيدا عن المحاسبة الأدبية ظانا منك أن اسمك
المستعار قد أتاح لك ان تقول ما تشاء في من تشاء وقت
ما تشاء ، فكما يسخر منك القارئ عند المبالغة في المدح
هو أيضا يسخر منك عند استخدام المفردات المؤذية
للذوق السليم
قد يرد على هذا الكلام بأننا في المنتديات لابد لنا من النقد
ولابد لنا أن نقول للمحسن : أحسنت ، وللمسيئ أسات وهذا
صحيح ولكن بحدود الأخلاق واللياقة والأدب ، والذين تعودوا
على الكتابات الساذجة والنقد الجارح قد يصعب عليهم معرفة
الأخلاق واللياقة والأدب فتجدهم نتيجة لهذا التعود محرومون
من الإبداع لأن رئوسهم فارغة من العقل المبدع ، بسبب الحرية
السوقية التي تعودوا على ممارستها وبسبب البعد عن المسئولية
الأخلاقية والأدبية أمام شاشة الحاسوب ، وكلما ازداد الإحساس
بالمسئولية الأدبية والأخلاقية لدى الكاتب ازداد لديه العقل المبدع
والعكس صحيح
فنصيحة مني لهؤلاء أقول لهم أذا اردتم أن تمدحوا شخصا ،
أو تقدحوا فيه فالتزموا أولا بحدود اللياقة في مدحكم ونقدكم لأن
الكاتب يقاس بالأدب واللياقة وليس بمجرد كلمات يتم قذفها على
طريقة ( أنا أعمى ما أشوف ، أنا ضراب السيوف ) ، وثانيا التزموا
بالمصداقية بمعنى أن يكون لكلامكم مساحة واسعة من العقل إلى
جانب مساحة الأدب
وهؤلاء المشاتمون مهما مدحوا ومهما شتموا فإنهم لا يفيدون
الشخص الممدوح شيئا كما أنهم لا يستطيعون أن يضروا الشخص
الذي وقع عليه شتمهم ، بل يحدث رد فعل معاكس لدى القارئ وهو
أنه يتعاطف مع الشخص المشتوم ويكره المشاتم حتى ولو كان من
أكرم الأسر ، وقد وجدنا في تجربتنا ان الإنسان كلما تعرض للشتم
والأذية ازداد أصدقاءه ومحبوه ، فالذي يفقد قيمته واحترامه هو
الناقد ذو اللسان الطويل أما الشخص المنقود لن ينقصه
ذلك النقد شيئا
ونصيحة ثانية : لهؤلاء المشاتمين أن يضعوا أنفسهم في مكان
المشتومين ويتصوروا أنفسهم انهم هم المشتومين ، أيضا ان
يضعو أنفسهم في مكان الممدوحين ، عندها سيعرفون قيمة الكلمة
والقيمة الأخلاقية لها
ونصيحة ثالثة : وهي عند الكتابة يجب أن تكون كتابتهم صادقة
ومطابقة للعقل والواقع ، وأن تكون هذه المصداقية خلُقا وليس
تصنعا ، ونحن كقراء نستطيع بسهولة أن نعرف مصداقية الكاتب
وصدقه أو كذبه
أسأل الله لكم التوفيق
مع خالص احترامي وتقديري لكم
........أخوكم / المحمدي.........