هل من المروءة يا حكومة صنعاء إستيراد الكلاب البوليسية لقمع ثورة أمة - محمد أحمد البيضاني
شبكة شبوة برس - شعب يئن تحت الإحتلال وتفاهة فكر تستورد الكلاب البوليسية لتحافظ على الأمن ، دعنا نسأل هولاء الناس ، من أين يأتي الأمن والإستقرار ؟
يأتي الأمن حين يشعر الإنسان بأن كرامته وعرضه مصان من الدولة ، إذا كانت الدولة هي العصابة فمن أين يأتي الأمن ؟.
إن الأمن وإستقرار الأمن هو العنصر الرئيسي لإقامة الدولة ، فلا يمكن أن يقوم تطور أو حضارة من دون أمن ، خلال عصور التاريخ وعند بناء الحضارات صنع الإنسان النظم والقوانين والدساتير وحتى الرسالات السماوية كلها اشترطت على أهمية الأمن وفي القبائل البدوية القديمة التي لم يكن لديها دين يردعها ولكن كانت هناك أعراف ونظم بين القبائل وقد ذكرت ذلك المستشرقة البريطانية العظيمة كارين ارمسترونج Karin Armstrong، في كتابها التاريخي " History of God " ، لقد ذكرت أن العرب قديما لم يكن لديهم دين سماوي ولكن كان لديهم دين أسمه "دين المروءة" ، إنه العُرف القبلي العظيم - إنها المروءة - فهل من المروءة يا حكومة صنعاء إستيراد الكلاب البوليسية لقمع ثورة أمة .
يا حكومة صنعاء .. والله لو عرف قادة ثورة بلادكم : الموشكي ، والزبيري ، والسلال ، والعمري ، والوزير، واللقيه ، وعبدالمغني ، والبردوني ، والثلايا ، والإرياني ، لو عرفوا إن حكومة الجمهورية العربية اليمنية سوف تستورد الكلاب البوليسية في شعب يموت من الجوع والمرض ، لسالت الدموع من عيونهم وندموا على قيامهم بالثورة وتمنوا أن يحكمكم بيت حميدالدين إلى يوم يبعثون .
منذ عصور دارت عجلة التاريخ ونمت تجارة قريش وأزدهرت ولكن القبائل المتواجدة بجانب طريق القوافل التجارية قد أضناها الفقر والجوع ، فقامت بالهجوم على قوافل التجارة إلى مكة ولم تنفع كل الوسائل للحيلولة من مهاجمتها .
أشعل الله عز وجل ضوء العبقرية في قلب عبدالمطلب ، إن الله الكريم لم يمجد أو يذكر أي جاهلي في القرآن ولكن ذكر وكرم عبدالمطلب الذي ذهب إلى القبائل التي تسكن في طريق القوافل وتصالح معها وخصص لها حصة معلومة من دخل التجارة ووقع معها الحلف التاريخي المجيد الذي ذكره الله في القرآن الكريم ، إنه "حلف الإيلاف" والآمان والإسقرار في طريق التجارة وأفرد القرآن سورة كاملة لتخليد هذا الحدث العبقري والإنساني والتاريخي .
: " لإيلف قريش . إيلفهم رحلة الشتاء والصيف . فليعبدوا رب هذا البيت . الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف . صدق الله العظيم .
(وقد ذكر العلامة جار الله أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري 538 – 467 هجرية – في الكشاف – تحقيق ودراسة الشيخ علي محمد معوض –الطبعة الأولى 1998 الناشر مكتبة العبيكان – الرياض ، مجلد 6 – صفحة 436 : يقول : الإيلاف من قولك : آلفت المكان أولفه إيلافا : إذا ألفته ، فأنا مؤلف.
زعمتم أن أخوتكم قريش – لهم إلف وليس لكم إلاف – أولئك أومنوا جوعا وخوفا – وقد جاعت بنو أسد وخافوا .
لمسار بن هند بن قيس يخاطب بني أسد . وقريش خبر . وقولهم "لهم إلف" استئناف لبيان كذبهم. والإلف والآلاف : مصدر ألفه ، إذا أحبه واعتاده ولم ينفر منه. وآلف إيلافا بينهما : جعل بينهم إلفا. وقد جمعت قريش بين رحلة الشتاء والصيف ؛ فتارة ترحل هذه بلا خوف أو فزع . ينظر : لسان العرب وتاج العروس وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 1449 – وتهذيب اللغة 379/10 – انتهى ) .
إن عبقرية عبدالمطلب كانت السبب الرئيسي في غنى وازدهار قريش ، إن عبدالمطلب سيد قومه ، لقد عرف السبب في تدهور الأمن في طرق التجارة فعالج الموضوع بالحكمة والسياسة وحسن التصرف .
إن الحكم والمُلك له شروط وأحكام ، وليس إستيراد الكلاب لقوات الأمن العام .
في عام 1839 استولت الإمبراطورية البريطانية على عدن ، وجدت أن المهم في بداية عمل هذا الميناء الهام هو إستتاب الأمن والإستقرار ، فكيف يمكن أن يحدث ذلك ؟
لقد قامت بريطانيا بالقضاء على الفقر والبطالة والجهل والمرض ، بادرت بمد شبكة المياه النظيفة وبنيت المستشفيات والمدارس وأوجدت الأعمال للناس ، بدأت أولا بمستعمرة عدن وأصدرت قانون بمنع حمل السلاح داخل المستعمرة مطلقا وعملت نقطة "باب السلب" ونقطة "دار سعد" لترك سلاح القادمين قبل دخول عدن و حتى سلاطين وشيوخ الجنوب العربي يتركوا سلاحهم في هذا النقطة قبل دخولهم مستعمرة عدن ، قانون صارم وعادل وساري على الجميع ، شعر الناس بالأمان والإستقرار فلم يعد هناك داعي لحمل السلاح . أنشأت قوة بوليس عدن Aden Police - في عام 1891 وهي قوة بوليس نظامية لا تحمل سلاح ، ثم أنشأت عام 1920 قوة البوليس المسلح Armed Police – وهي قوة شبه عسكرية لحراسة الأماكن الإستراتجية في المستعمرة وأفراد هذه القوة يحملوا السلاح عند الدوام الرسمي فقط ، وأصدرت قانون مدني يحرم حمل السلاح أو حتى سكين حادة يكون طولها أكثر من 6 أنش أو حمل عصا يكون وزنها محدد بصيغة القانون – هذا هو الأمن والأمان تتوصل إليه الدول بأحترام كرامة الإنسان .
إن الإنسان لا يحتاج إلى كلب بوليسي لكي يعلمه القانون و النظام .
وفي المحميات قامت بريطانيا بإنشاء الحرس القبلي Tribal Guard ، للمحافظة على النظام و الإستقرار في المنطقة ، لقد زرعت بريطانيا السلام في المنطقة بعد حروب طاحنة بين القبائل ، قتل كثير من الضباط الإنجليز والعرب لفرض النظام والقانون والسلام ، لقد حافظت بريطانيا على التقاليد والقيم الروحية والدينية ، إن مايدعو إلى الفخر والإعتزاز والتأمل ، كيف تُبني الدول والمجتمعات الإنسانية ، إن العدل والآمان لا يأتي من الظلم والإستبداد والقهر للبشر.
صمم ضابط بريطاني شعار الحرس القبلي والذي تحول فيما بعد إلى الحرس الوطني الإتحادي F N G – Federal National Guard – كان هذا الشعار مكون من هلال و2 بنادق وجنبية ، وقد كتبت حول الهلال باللغة العربية ، أعظم آيات القرآن الكريم : إن الله يأمرُ بالعدل والإحسان - سورة النحل – الآية 90 - لبس هذا الشعار على القبعات العسكرية كل الضباط والجنود العرب والإنجليز إن هذا العمل يدعو إلى الإنبهاربعدالة واحترام الإمبراطورية البريطانية للدين الإسلامي والبشر الذي يخدمون تحت ظل العلم البريطاني . كان عصرا فريدا من الحرية والأمان .
لم يحدث أبدا .. ولن يحدث كمثل هذا الإعجاز الإنساني مطلقا .. وستبقى البشرية عاجزة في إيجاد نظام عالمي وإنساني وثقافي كمثال الإمبراطورية البريطانية .. وسيبقى هذا العجز إلى الأبد
عبدالمطلب وطد الأمن في مكة .. وصالح زرع الرعب في عدن و صعدة .
سلام قولٌ من رب رحيم .. سلامٌ عليك جيش الجنوب العربي .. وقوة أمن الجنوب العربي .. سلامٌ عليك عدن .. عاصمة الجنوب العربي .. بلادي .. وبلاد أمي وأبي.
كاتب ومؤرخ سياسي كوبنهاجن
شبكة شبوة برس