عرض مشاركة واحدة
قديم 04-17-2009, 11:17 AM   #4
الواثق بالله
شاعر السقيفه

افتراضي

طعن البعض في عقيدة أن القرآن كلام الله الغيرمخلوق و أن الكلام صفة من صفاته سبحانهو بُنى ذلك المطعن على ثلاثة شبهات:
1)فكرة أزلية الأسماء و الصفات، لأن الكلام لا يمكن أن يكون أزلياً فقد تكلمالرب به في وقت ما مما يعنى أنه حادث.
2) أن الكلام يتم باللغة و اللغة مخلوقةفيكون الكلام مخلوقاً.
3) ما ورد في القرآن الكريم أن الله نادى موسى من شاطئالوادي الأيمن عند البقعة المباركة مما يعنى أن الكلام مخلوق صادر من الشجرة و إلالكان الله تعالى قد حل فيها و الله منزه عن هذا ولا تحل ذاته الكاملة التي لا تسعهاالسماوات و الأرض في مخلوقاته الناقصة.

بعدالحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:
القول في كتابه المفصل
بأنه كـــــــلامــــــــــهالمنزل
على الرسول المصطفى خير الورى
ليس بمخلوق ولامفــــــــــــــترى


بداية نشير إلى أن أول من قال بخلق القرآن كانواالجهمية و المعتزلة و قد تصدى علماء أهل السنة و الجماعة لهذه البدعة و فندوهابالأدلة العقلية و النقلية إلا أن النصارى و من على شاكلتهم ممن يهوون البحث فيالقمامة يثيرون هذه المسائل المنتهية التي ابتدعتها هذه المذاهب الفكرية القديمةفقط للمجادلة بالباطل فنردها من عدة جهات:
1) جاءت الآيات المحكمات جازمةبإثبات صفة الكلام للرب تبارك و تعالى و منها قوله تعالى (( وَكَلَّمَ اللّهُمُوسَى تَكْلِيماً )) و قوله سبحانه ((وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَاسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُمَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ )) و قوله عز و جل ((يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْنُوراً مُّبِيناً ))
فهذه الآيات البينات و غيرها كثير تثبت صفة الكلام يقيناًلله تعالى و أن الكلام من جملة كلامه الذي هو من صفاته و ليس بمخلوق.
2) أنأزلية الأسماء و الصفات لا تتعارض مع صفة الكلام لأن الصفات على نوعين:
صفات الذات:و هي الصفات الملازمة للذات و التي لايتصور انفكاكها عنها كالحياة و العلم و القدرة و العظمة و السمع و البصر.
صفات الأفعال: و يقصد بها أفعاله سبحانه التي تقعبمشيئته كالخلق و الرزق و الإحياء و الإماتة و الحب و البغض و الرضا و الكره والمجيء و الكلام ، و هي صفات أزلية النوع حادثة الآحاد يفعلها الله تعالى متى شاء.
و على هذا لا إشكال في صدور الكلام عن الرب في أي وقت و أن يكلم الله ملائكته ورسله و من شاء من عباده بكلامه الذي هو من صفاته و ليس مخلوقاً.
3) و لا محلللاعتراض بأن اللغة مخلوقة لأننا نبحث في ذات الكلام و ليس في لغته فالله تعالىأنزل القرآن عربياً على أهل الفصاحة و البيان من العرب و مع هذا فإن الفرق بينالقرآن المجيد و غيره من أصناف الشعر و النثر و الأدب البليغ هو ببساطة الفارق بينكلام الخالق و المخلوق و لننظر كيف يتحدى الله الناس بالقرآن بعد ذكر الحروفالمقطعة ليقول لهم إن هذا القرآن يتكون من هذه الحروف البسيطة و مع هذا فهو معجزةالمعجزات و آية الآيات الذي لا يستطيع انس ولا جان على الإتيان بسورة واحدة من مثله :
(( الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ))
(( الم. ذَلِكَ الْكِتَابُلاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ))
(( الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ))
(( الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُإِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْإِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ))
(( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُوَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَبِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ))
(( وَإِن كُنتُمْ فِيرَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِوَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ))
(( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِلَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً ))
و غير هذه الآيات المبهرات كثير ممايكشف لأولى الألباب عظمة و روعة كتاب الله و كلامه الخالد.
4) أخيراً و لمناعترضوا بقوله تعالى (( نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِالْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ )) فقد عموا عما قبل هذه الجملة فإن الله تعالىقال ((فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي )) و النداء هو الكلام من بعد فسمع موسى النداء منحافة الوادي ثم قال ((فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ )) أي أنالنداء كان في البقعة المباركة من عند الشجرة فلا يكون النداء من الشجرة و إنمامصبه عند من وقف عندها .





شبهة حول صفة النزول:


أورد المعترضون حديث رسول الله صلى الله عليه و أله و سلم الذيقال: (يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليلالآخر، يقول : من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له).
فزعموا أن نزول الرب يعنى أن يصير تحت مخلوقاته و ينافى استواءه على عرشه لأنالثلث الأخير يتكرر في كل لحظة.

بعد الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله:
و قد روى الثقات عنخير الملا
بأنه عـــــــــــــز و جل و عــــــــلا
فى الثلثالأخيـــــــــــــــــــــر ينزل
يقول هل من تائب فيُـــــقبــــــــــل
هل من مسيء طالب للمغفرة
يجد كريـــــماً قابلاً للمـــــــــعـــذرة
يمن بالخــــــــــيرات و الفضـائل
و يستر العيــــب و يعطىالســائل

ثانياً: أن نزول الله تعالى ليس كنزولمخلوقاته فنحن نثبت الصفة للرب إثبات بلا تشبيه و تنزيه بلا تعطيل تحت قاعدة ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )).
قال شيخ الإسلام رحمهالله و قدس روحه:
"و أما النزول الذي لا يكون من جنس نزول أجسام العباد فهذا لايمتنع أن يكون في وقت واحد لخلق كثيرين و يكون قدره لبعض الناس أكثر أو أقل بل لايمتنع أن يقرب إلى خلق من عباده دون بعض فيقرب إلى هذا الذي دعاه دون الذي لم يدعهو جميع ما وصف الرب به نفسه فليس فيه ما هو عام لكل مخلوقاته كما في المعية فالمعيةوصف نفسه فيها بعموم و خصوص ، و أما قربه من يقرب منه فهو خاص لمن يُقرب كالداعي والعابد و كقربه عشية عرفة و دنوه إلى السماء الدنيا لأجل الحجاج و إن كانت تلكالعشية قد تكون وسط النهار في بعض البلاد و تكون ليلاً في بعض البلاد فإن تلكالبلاد لم يدن إليها ولا إلى سمائها الدنيا و إنما دنا إلى السماء التي على الحجاجو كذا نزوله بالليل ، و هذا كما أن حسابه لعباده كحسابهم كلهم في ساعة واحدة و كلمنهم يخلوا به كما يخلو العبد بالقمر ليلة البدر فيقرره بذنوبه و ذلك المحاسب لايرى أنه يحاسب غيره ، كذلك في حديث أبى هريرة (( إذا قال العبد الحمد لله ربالعالمين قال الله: حمدني عبدي ... )) إلى أخر الحديث .
فهذا يقوله سبحانه لكلمصلى قرأ الفاتحة ممن لا يحصى عدده إلا الله كل منهم يقول الله له كما بقول لهذا ،و يحاسبهم كذلك فيقول لكل واحد ما يقول من القول في ساعة واحدة و كذلك سمعه لكلامهميسمع كلامهم كلهم مع اختلاف لغاتهم و تفنن حاجاتهم ، يسمع دعاءهم سمع إجابة و يسمعكل ما يقولون سمع علم و إحاطة لا يشغله سمع عن سمع ولا تغلطه المسائل ، ولا يتبرمبإلحاح الملحين ، فإنه سبحانه هو الذي خلق هذا كله و هو الذي يوصل الغذاء إلى كلجزء من البدن على مقداره و صفته المناسبة له ، و كذلك الزرع ، وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما ، فإذا كان لا يؤوده خلقه و رزقه على هذه التفاصيل فكيفيؤوده العلم بذلك أو سماع كلامهم أو رؤية أفعالهم و إجابة دعائهم سبحانه؟ ((وَمَاقَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ )) فمن كانت هذه عظمته كيف يحصره المخلوق سماء أوغير سماء حتى يقال إنه نزل إلى السماء الدنيا صار العرش فوقه و هو قادر أن ينزلسبحانه و هو على عرشه فقوله إنه ينزل مع بقاء عظمته و علوه على العرش أبلغ فيالقدرة و الموافقة و هو الذي فيه موافقة العقل و الشرع .

__________________
  رد مع اقتباس