[سالم علي الجرو]

الشعر القديم والشعراء

الشعر القديم ذو الأغراض العامّة المتعلّقة بالشأن العام من حيث السياسة والمذاهب وألوان الطيف وما يتبعها من جدل وصراعات ، يعتبر وثيقة وصحافة.

الشعراء

ليسوا عاديين فهم أوسع مداركا وفهما وحصافة وكياسة وفراسة وأغزر ثقافة ، ملمّين بالتاريخ والفقه وروايات الزمان ، ولعل ذلك ما كان يقرّبهم من السلاطين ومن الأعيان.

الشاعر عائض بلوعل:
لا يمكن أن تمرّ مرور الكرام على الكثير من قصائده بحيث تكتفي بحسن السّبك وحسن الإيقاع وطرب الموسيقى ، بل ستقف وتسأل:
ما معنى:

سبع الليل

مرسومــة اقتباس : مرسومة الجانب بلاسمهــا بســمْ في مصر ما بين الغبب والقاهره عليهن التسليم ما خطْ القلم وما قرأ القارىء ختام وما سجع قمري على سانق وناح ايش السّبب بين العرب هم والعجمْ الدّين واحــد والعوايد عــــاثرهْ كل من لُغُب ما با يحصّل له نسمْ الخيل في المرصن قيام قالوا ركوب الخيل لك ما با يباحْ

عندما قدم السيد المحضار إلى حضرموت الداخل برفقة جنوده قال الأبيات التالية في زامل بحضور الشاعر عائض عبود بالوعل الكثيري :
اليـوم يوم السعد والحظ القــوي= يوم الظفــر جبنا كرامـة ظـاهــرهْ
جبنا السفبنة من ركب فيها نجي= ومن تأخر بايقــع في الدّاهيــــــهْ
أموال في خزنتي ورجالي معــي= ما تختفي مثل الشموس الظاهره
ومن عصانا اليوم بكرة بـايجـــي= تائب ويمشي في الطريق العابره
هــذا كلام الصدق واللهـ والنبيي= يشهد وخلقه والسيــوف الباتــره

أبيات تعبر عن رأي الحكومة القعيطية على لسان وزيرها في موضوع خطير جدا وهي وحدة البلاد تحت الحماية البريطانية وأشار إلى القدرة المالية والعسكرية . أجابه عائض :
حبيب كيف الهرج والنطــق العــكي= كسرى وقيصــــر ما حت عالدائــره
مـــا بيع نــاموسي ولا عـزّي بشي = والملس ما اقبضهن خماسي بايـره
ذلا عوض لي راح شف حظه قـــوي= واليوم لشـرع كلها متســـــــاويه
والله لو ما الهام عــــاده مـحتـــــوي= بااهجم على الصفرا شبـام العاليه
والضعف والقــــوة وراهــــا تخـتفي= والله أعلم مـــــن يحــ،وز التـاليـه
والوعــد والميعاد لا مـــات الوصـي= بانقسـم الميراث تركة صــافيـــــه
لا مات الوصي: يتوعّده عندما ترحل بريطانيا
رد جميل من شاعر منثل السلطنة الكثيرية ويعبر عن وجهة نظرها . لم يستطع كسرى ولا قيصر السيطرة على الأرض فكيف ياأيها الوزير بكلامك الغير منطقي . أشار إلى العزة والسيادة وإلى المال ( الملس ، خماسي بايرة) ، كما توعد بتقسيم حضرموت أوهو يقصد مدينة شبام بين السلطنتين وهذا بالطبع بعد موت الوصي ( بريطانيا ) . كلام خطيرورسمي بين حكومتين كل ذلك في الزامل والناس تطرب وتتغنى . إنه مؤتمر أو قل مهرجان مفتوح .
التقيا الشاعران المسئولان في مكان وزمان آخرين . قال المحضار :

قال بو طالب وصلنا لا شبـــام العاليــة = إلى مدينة حضــرمــوت
جبنا العساكر والمدفع معي والحاشية = والبنادق والهــــــروت

أجابه عائض بالوعل الكثيري :
قل لبو طالب وصلتـم حضرموت الحامية = من دخل فيها يموت
ما حضرت النقر يوم السبت ظلت داوية = حيّها ذيك القـــوت
النّقر: موقعة في شقيّة بين القعيطي والكثيري

أبى الوزير إلا أن يتكلم بمنطق القوة والتفوق وجاء الرد في مستوى الوعد والوعيد . النقر موقع إلى الشرق من مدينة شبام دارت فيه معركة حامية . كل ذلك والود والإحترام المتبادل والأخوة الصادقة أساس الترابط بين الأصدقاء المتخاصمين، لا حصار لا تجويع أو إلتفاف على الحقائق .
كانت إقامة السيد الوزير الدائمة في المكلا ولكنه وصل فجأة إلى مدينة شبام بعد أن غادرها بأيام قلائل برفقة عدد من الجنود ، وكانت شبام مقسومة بي السلطنتين . أثار وصوله حفيظة ابن سند شاعر الكثيري ، ولما أن هناك مواثيق وإتفاقيات بي السلطنتين فإن ابن سند بدأ في القول :

ياالسيد المحضــار بانشكيــك = عند النــبي يـوم القيــامــة
وين المصاحف والكتب هاتيك= راحت مع الصاحب ردامة
أشار إلى العهود والمواثيق بين السلطنتين وهل أن السيد ينوي السوء ؟

أجــابه المحضــار :
كل السبب من عــلــي دعكيك = لي حط على الهيج الفدامـــة
واليوم لابي شي ولاشي فيـــــك = يابن سند حزت السلامــةْ

لي حط على الهيج الفدامهْ: إشارة إلى بريطانيا
كذلك عندما أشار السيد الوزير في مناسبة أخرى إلى هزيمة الكثيري في مدينة الشحر إعتبر عائض ذلك من إستفزازا فجاء رده قاسيا .

المحضــار :
يــا عائض البنـدر عليكـم غـاب = والحرب مـاهو باللبــابـة
سيل الهمة شل الطري والغـاب = هرجك حصل تقفيل بابـه
عليكم البندر غاب: يقصد هزيمة الكثير في موقعة الشحر عام: 1265هـ.
على الفور أجابه عائض :
من بايقفل هرجنا كـــــذّاب= ذا راس يلف لـلحـــــرابة
قد لي عوائد نصغ الأسلاب= واسحب سلبكم من زلابه
تراشق بالألفاظ النارية في قالب شعري في ظل وجود الوئام والتراحم والود بين المتخاصمين

المرجع: نفس المصدر