عرض مشاركة واحدة
قديم 06-14-2009, 02:14 PM   #132
سالم علي الجرو
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم علي الجرو

افتراضي

قصّة غرام يبدو أنّها حقيقيّة ، بطلها:
عمر عبد الله بن طاهر النّهدي
رواها لي أحد الشعراء المعمّرين ، منقولة شفويا عن رواة قبله.

أشيع بأنه مجنون ، وهو رهن القيد في غرفة بيت طلل تشرف على بئر تورد إليها العشائر للإستقاء ، واصل الحكاية أن عمرا أحبّ إحدى بنات القبيلة الأخرى وتعلّق بها وتعلّقت به . لا حظ ذلك بعض أفراد القبيلة الذين اعترضوا فاشتكوه إلى شيخ القبيلة الذي طلب من أبيه أن يمنع ابنه من المجيىء إلى مضاربهم وإلا لحدث ما لم يحمد عقباه .
أبى عمر واضطرّوا إلى قيده بالسلاسل وأشيع بأنّه مجنون.
مرت أيّام كانت طوالا على إلفين ، وذات يوم طلبت الفتاة من صاحبة لها التنكّر في زيّ من تبغي الحطب ، وأن ترد على البئر وتأتيها بنبأ الخليل . كان عمر
يطالع من شرفة الغرفة فإذا به يرى لقادمة تقترب من البئر حتى استقرّت وصوّبت نظراتها نحو غرفة المجنون فسمعت صوته:
يا ذاك قل لذاك وان عادك قريب انْهمهْ 1
قل له ضنينك مقيّ في حلق مبهمهْ
والقوه في غلب عالي وين با تلْهمهْ2

سمع أبوه من الغرفة المجاورة وطلّ برأسه فرأى الفتاة وقد ولّت هاربه . أطلع الأب أفراد عشيرته على ماصار ، وكيف أن العيب سيلحق بهم عندما يعلم الناس بأن عمر ليس به جنون ، فقرروا إطلاقه وعلمت القبيلة الأخرى فاحتاطوا برقابة وأمن غير أنّ عمر اخترق الأمن النائم ذات ليلة ظلماء ودخل على مخدع حبيبته وبلمسة حانية على أنفها صحت من نومها وعانقته.
وبدأ همس الحب بينهما ورويدا رويا يرتفع الصّوت ، فأحس أبوها بالصّوت ، وفكّر في الأمر وأبعد التّفكير وقرر أن يختبر عقل هذا العاشق ، فقال:

ما جاني النّوم في ذا الليل قبّاص حاس3
بيّت يا ولد بن طاهر حسبناك عاس4
إلتفت عمر إلى مصدر الصّوت وهمّ بالرّد غير أن الكفّ المخضّب كان أسرع إلى فيه ليمنعه من قول شيء حتى لا يفتضح أمره ، فأزاحها وقال:
غصن المحبّين يجنونه عرب بالقياس5
لا يهبرونه ولا هم يقطعونه بفاس6
و الله لولا محبّة ناس ما حبّ ناس
ذلّ لعيناش يا الفضّة عشقت النّحاس

نهض للمغادرة بفتوّة وشجاعة فاعترضه الأب ، قائلا:
ـ الآن عرفت أنّك أهلا لأن تكون بعلا لها ، فعلى الرّحب والسّعة . أنت الآن ضيفنا وفي مأمن . نادى الحرس وأمرهم بذبح خروف وإعداد الوليمة لضيف
شجاع سيكون نسيبا للعشيرة.
أذعنوا لإرادة إلفين .. وأعلن موعد الزّواج . زفت الوفيّة إلى الوفي وعاشا زوجين في منتهى السّعادة.
( منتهى السعاد: هذه من عندي لم يقلها الرّاوي .... )


المرجع: كتاب: ( بلاد الأحقاف رموز وكنوز ـ سالم علي الجرو ) ، مع تعديل في نص السّرد
ـــــــــــــــ

[1] إِنهمه: ( بسكون النون وفتح الها وكسر الميم ): ناده في استعجال
[2] وين با تلهمه: من الإلهام: أي أين وكيف ستستدلّ عليه؟
[3] حاس: بعوض.
[4] بيّتتْ: أقبلت ، جئت في المساء
[5] يهبرون: الهبر: التّشذيب ، يقصد تشذيب الغصن
التوقيع :
  رد مع اقتباس