عرض مشاركة واحدة
قديم 06-29-2009, 09:53 AM   #17
هدير الرعد
حال نشيط
 
الصورة الرمزية هدير الرعد

افتراضي

من وجهة نظري هذه بعض الأسباب...
أولاً: حالة انعدام الثقة بين شريكي الوحدة جعلت كل طرف منهم يتوجس من الآخر خشية أن يستولي على السلطة بمفرده أو بالتحالف مع قوى أخرى متواجدة في الساحة. وأسهمت حالة الانفلات الأمني وعدم قدرة الأجهزة الأمنية في ضبط الأمن والحد من الاغتيالات التي راح ضحيتها عدد من قادة الحزب الاشتراكي، في تعميق حالة فقدان الثقة بين الحزب الاشتراكي من جهة وبين بقية أحزاب الإتلاف الحاكم (المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح)، وربما شعر كثير من قادة الحزب الاشتراكي أنهم أصبحوا عرضة للتصفية وبالتالي رأوا بأن عودة اليمن إلى ما قبل الوحدة فيه ضمانة أكبر للحفاظ على حياتهم.
ثانياً: بالرغم من الادعاءات المتكررة من قبل قادة الحزب الاشتراكي بأن الولاءات القبلية، وعشوائية اتخاذ القرارات السياسية من قبل القادة في الشمال، وتفشي الفساد المالي والإداري ونهب المال العام من قبل الرئيس علي عبد الله صالح وأعوانه، مما حدا به بحسب بعض الآراء إلى التراجع عن الاستمرار في الوحدة. إلا أنه لا يمكن تفهُم حقيقة وجدية تلك الادعاءات في ظل مجموعة من الحقائق منها:
1) أن أعمال الفساد المالي والإداري ونهب المال العام كانت عرضة للسلب والاختلاس من قبل الطرفين وربما كان الحزب الاشتراكي نفسه الفائز بحصة الأسد من تلك الأموال، ومن ذلك "تستر حيدر أبو بكر العطاس رئيس الوزراء، على مبلغ 37 مليون دولار قيمة النفط الخام لإدارة مصفاة عدن، فضلاً عن منع علي سالم البيض، وصالح منصر السيلي، توريد عائدات طيران اليمن (اليمدا) والنفط والأسماك والموارد الأخرى إلى خزينة الدولة" ، ذلك فضلاً عن قيام وزير الدفاع العميد هيثم قاسم طاهر، بترقية نحو 3500 ضابط من الحزب الاشتراكي خلافاً للقانون، فضلاً عن تستره على عمليات الفساد الإداري في المؤسسة العسكرية من خلال توفير الغطاء لجماعته، وتوزيع أراضي لبعض ضباط القوات المسلحة، لأغراض شخصية وبسبب ذلك قدم رئيس الأركان استقالته من منصبه احتجاجاً على تلك الممارسات .
2) تؤكد بعض المصادر أن تدهور الحالة الأمنية التي كان الحزب الاشتراكي يعلن تذمره منها وهو شريك في السلطة، كان الحزب نفسه قد شارك في صنعها، إذ تذكر هذه المصادر أنه "وبعد عودة علي سالم البيض، إلى صنعاء منهياً فترة اعتكافه الأول، بشهر واحد شهدت بعض المدن اليمنية (كلها شمالية) أعمال شغب في الفترة من 9 إلى 12 ديسمبر 1992م، وأن جميع التحقيقات حسب هذه المصادر، دلت على ضلوع ميليشيات الحزب الاشتراكي في تنفيذ تلك الأعمال .
وفي ضوء ما ذكر يمكن القول أن الدافع من وراء قرار الحزب الاشتراكي بالانفصال كان خوفه من تدهور مستقبله السياسي، خصوصاً في ضوء نتائج انتخابات أبريل 1993م، التي بددت طموحاته في السيطرة على الحكم في اليمن الموحد، وأدت إلى إلغاء صيغة التقاسم التي كان الحزب مستفيداً منها بحصوله على نصف المناصب الرئيسية في الحكومة، وذلك ما دفع ببعض قادة الحزب إلى تصعيد الوضع تمهيداً لخلق الظروف المناسبة لفرض الانفصال حفاضاً على مصالحهم الشخصية، وربما كان لظهور النفط بكميات مؤهلة للتصدير في بعض المحافظات الجنوبية، دوراً في تحفيز تلك القيادات لاتخاذ ذلك القرار لما لذلك من فوائد تمكنهم من الحصول على وضع اقتصادي أفضل. ويرى بعض المراقبين المختصين بالمنطقة، "أن المواطنين العاديين في الجنوب كانوا يرون بأن الانفصال أصبح في صالحهم اقتصادياً، فالجنوب يملك ثلث مخزون النفط في اليمن، في حين لا يُمثل عدد سكانه إلا سُدس عدد سكان الجمهورية اليمنية، كما أن ميناء عدن الحر قد ازدادت حركته وأصبحت مداخيله تشكل مورداً يشجع على الاستثمار" ، ذلك فضلاً عن حصول قادة الحزب ربما على وعود اقتصادية مجزية من قبل بعض دول الخليج لتطوير اقتصاد الجنوب في حال تمكنوا من فرض الانفصال.
وبعد فشل كل المحاولات الداخلية والخارجية في التوسط بين الرئيس ونائبه لاحتواء الأزمة، وتطبيق ما التزم به الجانبين في وثيقة العهد والاتفاق، تفجر الموقف وكانت البداية عندما قامت قوات الحزب الاشتراكي التابعة للواء باصهيب التي كانت متمركزة في مدينة "ذمار" عند حوالي الساعة الثامنة والربع من مساء يوم الأربعاء بتوقيت صنعاء بإطلاق نيران مدفعيتها وراجمات الصواريخ التابعة لها، باتجاه قوات الحرس الجمهوري ومعسكر الأمن المركزي في المدينة، كما تم توجيه القصف أيضا نحو عدد من المنشآت الاقتصادية والخدمية، من بينها المحطة التحويلية للطاقة الكهربائية خارج مدينة ذمـار. وأدى تدمير تلك المحطة إلى قطع التيار الكهربائي عن العاصمة صنعاء وضواحيهـا نهائياً. ولم تمضى على ذلك القصف سوى نصف ساعة حتى باشرت القوات التابعة للحزب الاشتراكي بمدينة "عدن" بشن هجوماً ضد كتيبتين من قوات الأمن المركزي التابعة للحكومة والتي كانت متواجدة في معسكر في منطقة خور "مكسر" جوار مطار عدن. وبعد ذلك توالت الأحداث ولم يأتي صباح يوم الخميس إلا وقد كانت الحرب مشتعلة على مختلف جبهات القتال .
التوقيع :
إلى من يرفع شعار التسامح ويدعوا إلى الفتنة ويبذر العداء... إلى من يرفض إصلاح البلاد إلا بالانفصال... ويرى أن لا قوة إلا بالتشرذم والانقسام... وأن لا تنمية إلا بتغيير التاريخ والهوية ولعن كل ماكان من شأن يمن الإيمان... نقول بمشاعر مليئة بالثقة والاطمئنان:

من يبذر الشر بين النــاس في ظل وحدتــهم= لن يجلب الخــير إذا ما أوقـــع الإنقسـام بــهم
فمن يرنوا إلى العلياء يستحضر الناس كلهمُ= ولن يجود بالمجد من لم يسـع في مودتــــهم
  رد مع اقتباس