[عبيدسالم باحنان]

نهر من عذب الكلام يستقي منه كل الأنام
وكنت أنا صاحب المقام أمر عليه لأنشر السلام
الذي يفقده بعض الأنام وهناك كنت أرى العابرين
يمرون عليه غير مكترثين انه من أصفى الينابيع
وفي يوم ليس بشتوي أو صيفي مررت عليه كما هي عادتي
ارتشف منه علي اروي عطشي وهنا مر أحد العابرين أمام ناظري
متجاهلاً مقامي وحاشيتي واستقى من عذب الكلام خاصتي
نظرت إليه باستغراب وتجاهل نظراتي في عجاب
تقدمت نحوه بلا رقاب وسألته أو تتقدم على صاحبة المكان؟؟
أجاب بعد أن أروى ظمأه وعطشه وهل أنتِ صاحبة الأرض والماء
أجابت بكل فخر واعتزاز نعم. وظهرت ابتسامة على ثغرها
كأنه البدر في ليلها قد خبأ نوره وبدا نورها
سحرته ابتسامتها وشلت حركته بريق عينيها
انحنى إليها ليقدم اعتذارا : أعذريني يا سيدتي على قلة عقلي
وامنحي بعضاَ من خيرك علي وبهدوء ساحر أجابت :
عفوت عنك. وبإشارة من إصبعها تحرك الجميع خلفها
كأن السحر في أناملها وعلى ضفاف النهر المترامي
حتى انطفئ بغروب أشعة شمسه وانقضت بعد هذا اليوم أيام
وكان العابر لا يمل القيام على أمل أن يرى من مَلكتهُ في هيام
وفي يوم شتوي بارد جاء منادي بالقرب من النهر يناد
أن زفافاً سوف يقام في البلاد زفاف ملكة الأرض من سيد الأسياد
وهنا وقع العابر مغشياً عليه فبعد ليال من شدة شوقه
يسرق قلب الملكة غيره ويبقى على ذكرى يعيشها
دامت لحظات ولكن من بديعها وإن كانت هي مليكته في يوم من الأيام
وأغرقته في نهر اسماه الهيام فهو عابر لا يعرف السلام
هوى السفر منذ سالف الزمان دائم الحل والترحال
وقد هده الحب في زمان ولكن هاهو يعود كما كان
ويزول كل شيء في آخر المطاف ويبقى نهر من عذب الكلام