عرض مشاركة واحدة
قديم 09-04-2009, 02:38 AM   #4
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


مدينة القتل

03/09/2009
محمد الغباري- بالاتفاق مع النداء:

خلافا لما ينبغي عليه الحال تزدهر في رمضان الكثير من السلوكيات التي تخلو من الأدب، وتتعارض كلية مع ما ندعيه من أن شهر رمضان هو شهر للتقوى، فكل يوم تسجل عشرات من حوادث الضرب والمشاجرة والصدام وصولا الى الاقتتال..

منذ يومين شهدت المدينة السكنية في حدة، وبعد الإفطار مباشرة، معركة عنيفة استخدمت فيها مختلف الأسلحة بين مجموعة من أبناء طائفة البهرة وأبناء أحد التجار، وأدت الحادثة إلى إصابة 5 أشخاص إصابة أحدهم خطيرة، ويبدو أن الحل القبلي جاهز وأن الحكومة غير معنية بالمعركة والأسلحة التي استخدمت فيها..

لم نعلم على وجه اليقين أسباب ظهور الأسلحة الرشاشة المعدلة، ولا دوافع هذه المعركة التي وقعت في حي يفترض أن غالبية مسؤولي الدولة يسكنون فيه. لكنا سمعنا أن ملايين من الريالات قد رصدت لإرضاء أبناء طائفة البهرة، وتهجيرهم وعلى الدنيا السلام، وحتى اللحظة لست متأكدا ما إذا كانت الشرطة قد حرزت الأسلحة التي استخدمت في المعركة، ولا طبيعة الموقف الذي ستتخذه اذا تم الصلح القبلي وذبح القانون تحت أقدام ثور يساق الى أمام منزل الضحية..

تستطيع الحكومة أن تتحدث عن الاستثمارات وعن القوانين وعن طوابير التجار الذين يحاولون الظفر بمشروع استثماري في اليمن.. لكنها لا تستطيع أن تخفي عن أي أحد أن عاصمة البلاد مخزن لمختلف الأسلحة ومدينة للقتل ومسرح لبطولات أبناء المشائخ وكبار الضباط والتجار، وهذا بحد ذاته أبلغ رسالة يمكن ان تصل الى كل مغفل قد يفكر بالقدوم الى هذا البلد..

ما زلت أتذكر كيف أن طقما عسكريا تعرض للاهانة والتوبيخ من احد الشيوخ الصاعدين عندما وجد ان الطقم يبحث عن أسلحة بالقرب من إحدى المقابر حيث كان الشيخ يشارك في تشييع إحدى الشخصيات، وأعلم جيدا أن طقما آخر يقف بصورة متواصلة عند باب احد المساجد لمنع او مصادرة الأسلحة، وأن أفراد هذا الطقم لايجرؤون على الاقتراب من الشيخ الذي يحضر لصلاة الجمعة معززا بكتيبة من حمران العيون المدججين بمختلف الاسلحة، لكن هؤلاء الاشاوس يكونون وحوشا مفترسة عندما يتعلق الامر بمواطن بسيط..

الأسبوع الماضي كان الصديق عبد الرحيم محسن عرضة لواحدة من بطولات البلاطجة حين اعترضوا طريقه وحاولوا الاعتداء عليه، ولما تمكن من الفرار بسيارته لم يرحموه بل هشموا زجاجها، ولان الرجل لايستند على قبيلة، ولا منطقة لا تقيم لقانون وزنا، فقد مرت الحادثة مرور الكرام، ومن قبلها عشرات ومئات الحوادث..

لامخرج لليمن من أوضاعها السياسية والاقتصادية الا بإعمال القانون وفرض هيبة الدولة على الكبير قبل الصغير، أما الانتصار المتواصل لقيم القبيلة على القيم المدنية، فسيقودنا جميعا الى مصير مؤلم عرفته بلدان ومجتمعات غيرنا، ولم نُجد نحن قراءة تلك الدروس، ونعمل على الدخول في مشروع طويل الامد لبناء الدولة الحديثة..


-----------------------------------------------------

الظلام هو الحل

03/09/2009

منصور هائل- بالاتفاق مع النداء:

يستحق الصديق الدكتور راغب القرشي كل الشكر والمحبة والامتنان على تعليقه البديع حول ما يحدث في صعدة لأنه انعش في ذهني ذاكرة الافتتان والنشوة والتحليق في الاعالي والصراخ بالفم المليان:

طز بتصريحات وبيانات الحزب الحاكم والحوثيين وأحزاب اللقاء المشترك ووسائط الاعلام والأوساط الاقليمية والدولية حول أهوال الحرب السادسة في صعدة التي دخلت أسبوعها الرابع، واجمعوا على أنها فظيعة، مروعة وكارثية وعلى درجة من العنف الذي قد لا يفضي إلى سقوط النظام الحاكم فحسب، وانما قد يأتي بعواصف تطيح باليمن واهله جميعاً.

طز بكافة النسور والجيف.

طز باجتماعات دول مجلس التعاون الخليجي، والتحركات العربية والاوروبية والامريكية واجتماعات ملك ملوك، الاخ العقيد معمر القذافي «أبو سيف الاسلام» برئيسنا «أبو أحمد» -حفظه الله- ورئيس مصر «أبو جمال».!

طز بوساوس وهواجس وكوابيس «التوريث» التي أنهكت وأهلكت هؤلاء الرؤساء التعساء، وأهلكت معهم دولهم وبلدانهم وشعوبهم منذ أن تركز وتمركز كل همهم في الدنيا في نقطة واحدة محددة تمثلت في تحويل الوطن إلى مجرد ضيعة أو مزرعة يرثها أنجالهم عنهم، وفتحوا بذلك أبواب الجحيم مجتمعة لتدافع مجانين السلطة المتطلعين لاختطاف الضيعة تحت مسميات دينية ومذهبية و«شرعية» في بلاد انكشف عنها غطاء كل مشروعية، وتعوزها السوابق الشاهدة على أن شبق السلطة فيها يرتوي بغير الدم.

طز بأحداث الساعة والساحة المشتعلة، والرحمة على الضحايا من «شهداء التخلف» من طرفي بل أطراف التقاتل في صعدة، وعلى شهداء الحراك الجنوبي، وشهداء الماء والكهرباء.

ولن أسترسل في «الطزطزات» بإلزام من مقتضى العود إلى راغب. فهو طبيب أسنان لطيف كأبن غيمة، ويكسب قوته من العمل في عيادته التي تعمل بالكهرباء وليس بالفحم الحجري، وقد أعتزم الاعتكاف والتسبيح بحمد الظلام، وأعلن استعداده على التضحية بمصدر رزقه عبر تصريحه أنه يتمنى أن يكون أنقطاع الكهرباء مستداماً حتى لا يرى الاطفال في صعدة يلعبون بدبابات الجيش عوضاً عن الألعاب الالكترونية (الأتاري)، وحتى لا يرى الأطفال يتراشقون بالقنابل والالغام وأشياء من تلك التي جعلت أيران ترزح تحت طائلة الضغط والتفتيش الدوليين!

لقد لفتني صاحبي إلى امتزاج المأساة بالملهاة بمغايرته الثاقبة، وقدرته على تغميس المصيبة بقطر المرح، وأختلافه عن السائد والسائر في «خطاب» الفرقاء.

لفتني بتمنيه انقطاع الكهرباء تماماً وكلياً حتى يرى أكثر، وأختلافه عن كل من يزعم أنه يرى: «من يرى لا ينقصه شيء»، وجهر بتفضيل الظلام العام فليس ثمة ما يغري ويغوي وليس ثمة ما يحول دون الأشارة إلى تعويم الظلام فهو معمم بامتياز وعنف منقطع النظير وأي عنف في مستوى أنقطاع الكهرباء.

ثم أن الشاهد على هذا العنف المعمم يتمثل بخراب شبكة الكهرباء وانقطاعها لساعات طويلة في العاصمة ولأيام ولأشهر في الكثير من أرجاء البلاد، وانقطاع المياه لأيام وأسابيع وسقوط «الشهداء» في سبيل الكهرباء والماء في عدن وغيرها، وإعادة السؤال حول صحة ما يقال عن تخطي اليمن للعصر الحجري؟ وهل يعني ذلك -أي تجاوز العصر الحجري- أنقطاع الماء وانعدام الكهرباء وانعدام جدوى الشهادة في سبيل هكذا نوافل؟!
أما بشأن ضحايا حرب صعدة.. ترى في سبيل ماذا قضوا؟.

سبحانك أيها الظلام، والمحبة لطبيب الاسنان الذي اختزل الحالة اليمنية بعبارة ساخرة لم يهتد إليها جهابذة السياسة، فهو يختلف عنهم لأنه لا يفكر بأسنانه، ولأنه أسقط الكهرباء من حسبانه.

  رد مع اقتباس