عرض مشاركة واحدة
قديم 10-28-2009, 06:03 PM   #40
abu iman
حال متالّق
 
الصورة الرمزية abu iman

افتراضي

أستاذي الشاعر إخواني حلان السقيفة أشكركم جميعا على تكرمكم بقراءة ما كتبت و الذي قد يراه البعض شبيه بهذيان محموم، و أشكر من أتاح لنا هذه الفرصة لكي نبوح بما يجيش في صدورنا من ألم و حسرة على ماضي الأغنية التليد.
في الحقيقة نحن المشتغلون في مجال الموسيقى و ربما الفن كله، ضحايا مفاهيم أكل عليها الدهر وشرب، ليس من جهة بعينها بل من عدة جهات، فإستديوهات الإنتاج ليست وحدها علتنا بل تعددت العلل حتى أننا قد نجد صعوبة في تجزئتها إلى عناصرها، و لا ندري من أين نبدأ؟ فكما قال الشاعر:
تكاثرت الطيور على سعيد ++++ فلم يدري سعيد ما يصيد؟
أولا ـ الأغنية ضحية وسائل الإعلام، و المشتغلون في وسائل الإعلام المقروءة و المسموعة و المرئية. لعل الإهتمام الآلي و تكديس أحدث المخترعات الآلية وحدها في هذين المجالين دون الإهتمام بالكادر البشري لا يأتي حتما بنتائج قصوى و سنبقى نقدم المخادر على الشاشة. مع العلم هناك مبالغ باهضة تصرف لها.
ثاتيا ـ نحن أيضا ضحايا الكتاب المتفيهقين الذين يدسون أنوفهم فيما يعنيهم و ما لا يعنيهم. فليس كل حطاب نجار. إذ لا نرى في كتاباتهم نقدا أكاديميا بناء. و إن البحث في الكتابات اليمنية حول الأغنية - وهي نادرة - قل ما نجد فيها ما يبل ظمـأ المتتبع، رغم وجــود بعض الكتابات و الدراسات التي قد تغـري الباحث في هذا المجال بعناوينها الملفتة البراقة المختلفة رغم أهميتها إلا أنها لم تخرج في واقع الأمر عن كونها كتب تهتم بالجانب الوصفي أو الأدبي تتناول الأشعار أو التراجم و بعضها يتوه بنا في دهاليز محاولات البحث عن الأصول المفترضة و فروعها، يغلب عليها طابع الكتابة الصحفية منها بأساليب الدراسات و البحوث و لا تلتفت في الغالب إلى الجوانب الأكاديمية في الغناء لا في أنغامه و لا في دراسة مقاماته وتحليل ألحانه و إيقاعاته و التعرف على مدارسه و أساليب الأداء وغيرها من عناصر و مكونات الأغنية و ميزاتها و مميزاتها و التعرف على مراحل تطورها و ازدهارها أو حتى ركودها. ذلك أن جل أولئك الكتاب ليست لديهم خلفيات موسيقية أكاديمية أصلا و بعضهم لم يتمرسوا أو ينغمسوا في الوسط الفني، يمكنهم من بناء رؤى و تقييمات علمية تخرج بحصيلة تفيد المتتبع.
لعل هذين السببين الأولين هما علة العلل فهؤلاء جميعا يعتقدون في أنفسهم أنهم خبراء في كل شيء، خبراء في الإقتصاد، خبراء في السياسة، خبراء في الرياضة، خبراء في الموسيقى، خبراء في الأدب، خبراء في الزراعة، حتى أنهم ربما لا يعترفون بأن العالم يؤمن بالتخصص حتى في أدق الأمور.
ثالثا ـ دعنا نكون صادقين، الأغنية أيضا ضحية بعض المشتغلين في مجال الموسيقى و الغناء الذين لا يعرفون قيمة رسالتهم التي يحملونها، إن كانوا فعلا يرون في أنفسهم حملة رسالة مع تقديري لهم. فهم ينتهزون أول فرصة للظهور و أحيانا للكسب لا لغيرهما و أما مسألة رسالة و ما أدراك ما الرسالة فربما لم يخطر على بالهم.
رابعا ـ الأغنية أيضا ضحية الظروف السياسية و الإقتصادية. و هذا شأن معظم الدول النامية فإن الموسيقى و الغناء محله أواخر قوائم الأولويات.
خامسا ـ دور وزارة الثقافة ومكاتبها في المحافظات و المديريات و التي تحولت إلى ما يشبه متعهدي الحفلات الموسمية و المناسباتية فشغلها إعداد الحفلات و طباعة الكتب. أما قضايا التأهيل و التدريب فأمر و كأنه لا يعنيها و يكفي أن تجمع عازف من هنا و مطرب من هناك و ممثل من هنا و مخرج من هناك......إلخ
من هذا المنطلق، فلربما اصطدمت الطموحات بعثرات و بظروف تبدو غير مواتية لكي تتحقق.
وهكذا يا أستاذي الشاعر و يا أعزائي حلان السقيفة، عندما يوكل أمر الخبز إلى غير خبازه فماذا نتوقع أن نتذوق أو نأكل كذلك عندما توكل أمور الموسيقى و الغناء إلى مؤسسات و دوائر و هيئات قليلة الخبرة لا تمتلك أبسط المقومات الأساسية لممارسة مهامها و أنشطتها في هذا المجال، وربما وضعت برامج و خطط هي في الأصل إدارية و ليست فنية، وضعت من غير المختصين فلا شك و أن تعطي مردودات هزيلة باهتة لا تضيف جديدا و لا تبرز قديما. و لا تعبر إلا عن وجهة نظر قاصرة. ففاقد الشيء لا يعطيه..... للحديث بقية إن رأيتم أن أستمر في الكتابة و لا أريد هنا أن أقف محاضرا أمام أساتذة تعلمنا منهم ... و لكم كل التقدير
  رد مع اقتباس