تعز في ذكرى الثورة؟! - أحمد عثمان
01/11/2009 الصحوة نت – خاص:
يبدو الموت هذه الأيام حاضراً بقوة استثنائية في محافظة تعز‘ فإلى جانب استقبال الجنائز من جبهة صعدة، هناك "حمى الضنك" أكثر فتكاً وانتشاراً ووصلت إلى كل قرية وحارة وبيت تقريباً وهي تحصد العشرات دون أن يلتفت أحد الأمر الذي دفع بالأحزاب السياسية إلى توجيه استغاثة للمنظمات الدولية للتدخل الإنساني وسط إهمال رسمي وتجاهل مريب؟! قد لا يعلم البعض بأن هذه المدينة المكتظة لايوجد فيها سوى ثلاث مستشفيات اثنتين منها موجودة من قبل الثورة وواجد بناها الصينيون أيام الرئيس الإرياني، ومع ازدياد السكان أضعافاً مضاعفة من حوالي نصف قرن لم تكلف حكومة المنجزات نفسها ببناء مستشفى واحداً أضافياً ومتطوراً ناهيك عن تفريغ المستشفيات الثلاث من معنى الخدمة الصحية العامة؟!
ولم يبق سوى بعض الدكاترة يضيئون كالشموع بأشخاصهم قد تجدهم هنا أو هناك منهكين ومحبطين ومحاربين، صحيح أن هناك الكثير من المستشفيات الخاصة لكن هذه لا تفرق عن الحكومة سوى أن الموت عندها بفلوس والمرض بقيمة، يهتمون بالجيب ولا ينظرون للمرض، من يساعد أبناء تعز في مواجهة "حمى الضنك"؟! خاصة والخبرة مشغولون بأنفسهم والمشغول لا يشغل.
نخن لا نمزح ولا نزايد على أحد فالمحافظة منكوبة، منكوبة بحمى الضنك والمسئولين وأشياء أخرى في مقدمتها الماء؟! تصوروا ياعباد الله أن مئات الآلاف في هذه المدينة لا يأتيهم مشروع الماء إلا ست ساعات في السنة تزيد قليلاً أو تنقص، نعم ست ساعات في العام وليس في الشهر؟! وهو ما يضاعف دور الأوبئة وتواجدها؟!
أربعون ألف خريج سيموتون وعيونهم معلقة على بوابة الخدمة المدنية انتظاراً لوظيفة تحولت إلى حلم بعيد المنال، وأكثر ما يغيظهم هو تلك المعايير الظالمة التي تثبت كم نحن حقيرون وعديمو إحساس وقليلو حياء ودين وإلا كيف يقدم خريج 2008م و 2009م وبعضهم ثانوية عامة على خريجي 2000، 2001م حيث يتم التلاعب بالمعايير بما يستوعب المحسوبين؟!
أي وطن هذا الذي يفقد أبناؤه أدنى معايير العدالة والمواطنة وأراضي التعزية والندبة والتبب المحيطة تنهب بمساحات هائلة من عشرة ألف قصبة إلى مائة ألف واقلب من قبل قادة عسكريين ومتنفذين يتعاملون مع القضاء وشكاوى المواطنين بتعال يعكس مدى إساءتهم للثورة والجمهورية التي أوصلتهم إلى مواقعهم بفضل دفاع ودماء اليمنيين وفي مقدمتهم أبناء تعز الذين أنقذوا الجمهورية ودافعوا عنها ببسالة يستعصي عن المسح، واسألوا إن شئتم حرب السبعين وصغار الضباط فيها أمثال عبدالرقيب عبدالوهاب، وعبدالرقيب الحربي، ومحمد صالح فرحان .. وآخرون، والذين أخذوا زمام القيادة بعد أن فر غيرهم من الرتب العليا.
تبدو الطائفية تهمة جاهزة لأبناء تعز يدمغون بها حتى عندما يطالبون بحقهم من الدواء والحماية الصحية والماء والمواطنة المتساوية وتصور الوسائل السلمية التي يتبعها أبناء تعز وكأنها عصيان مسلح يفوق خطر الدبابة لأن البعض يرى أن وحدة وتنامي الوعي المدني والوسائل السلمية في هذه المحافظة يشكل خطراً على مشاريعهم الصغيرة ولذلك مورس ويمارس التهميش والتمزيق وتغييب المشاريع التي تؤجل كل عام منذ عشر سنوات "ولا يعدم القبيلي عذراً" كسياسة استراتيجية تنفيذاً لوهم قديم وخاطئ عبر عنه أحدهم بقوله: ذات يوم بأن تعز مثل اللغم الفردي ما إن ترفع قدمك عنه حتى ينفجر؟! ونسي هؤلاء أن الضغط هو الذي يولد الانفجار ومع هذا فتعز إذا انفجرت فلن تنفجر إلا سلمياً لصالح الوطن والجمهورية كشلال ماء متدفق بالعطاء.