[حد من الوادي]

ورحل الفارس علي العامري.... عيضه العامري

الثلاثاء , 10 نوفمبر 2009 م

قبل عدة أيام رحل عنا الرجل الإنسان الشهيد علي سالم العامري ، في حادث أقل ما يوصف به أنه غادر وجبان ، استهدفه ومن كان معه ، وفي استهدافه وتصفيته لن يستهدفوا شخص الشهيد فقط الذي سيظل عالقاً في ذاكره من عرفوه ، بل استهدفوا المجتمع الذي خسر باستشهاده رجلاً من خيرة أبنائه ، و قامة وطنية عملت من أجل خدمة مجتمعها ، ولازالت لديها الكثير لتقدمه لهم لو طال بها العمر .

لقد عرفت الشهيد رحمه الله قبل أكثر من ستة وعشرون عاماً ، وكان آخر لقائي به في مارس من العام الجاري في مدينة سيؤن ، لقد كان في كل مراحل حياته رجل دمث الأخلاق ، طيب المعشر، ليس للكبر والتعالي مكاناً في سلوكه مع الآخرين ، كأنه كان يرى بأن ثروة الإنسان الحقيقية هي في كسب حب الآخرين وليس في كسب المال والجاه وهي فلسفة قل ما نجدها في سلوك الناس في الوقت الحاضر. رجل تحس حين تجلس معه أول مرة كأنك تعرفه منذ زمن ، وتحب أن تجلس معه ثانياً وثالثاً . فالرجل منذ عرفته طالباً حتى أصبح مسؤلاً لم أرى فيه سوى علي البسيط والمتواضع الذي عرفته أول مرة ، علياً الذي يقابلك دائماً بحرارة صادقة مصحوبة بابتسامته العريضة التي تشع من محياه .

لقد رحل الرجل الطيب .. ورحلت معه طموحاته وأمانيه في خدمة الناس يعرفها من جالسه عن قرب , لقد قصر بالشهيد العمر ، ولا ندري هل هي حقيقة عندما يقولون أن الطيبين لا يعيشون طويلاً , لقد قدم الرجل خدمات اجتماعية جليلة وبصمت حيث لم يكن يبتغي منها سوى خدمة مجتمعه ودينه ، من هذه الخدمات مساعدة عدد من الطلاب المتفوقين الفقراء في مواصلة تعليمهم الجامعي في الداخل من خلال توفير الإعانات المالية لهم التي يقوم بجمعها من أهل الخير حتى لا يكون الفقر مانعاً من مواصلة تعليمهم ، كما كانت مساعيه الخيرة أيضاً في دفع بعض الأثرياء للقيام ببناء بعض المدارس في الوادي ، و كان للشهيد دوراً مشهوداً خلال كوارث السيول الأخيرة التي حلت بالوادي مؤخراً . كما كان رحمه الله لا يألوا جهداً في مساعدة من يطلب منه ذلك إن كان قادراً ، ونحن لسنا بصدد تعداد مناقب الرجل ، ولكن حقاً علينا إن نذكر بعضاً من محاسن شهيدنا ،وهو جزء يسيراً من وفائنا له ، وإلا فالرجل يستحق الكثير ، يكفي أن نعرف بأنه كان دائماً يعطي أكثر مما يأخذ .

إن رحيله المبكر وبذلك الأسلوب الغادر قد أدمى قلوبنا وأبكى عيوننا ، فقد خسرنا أخاً حميماً وصديقاً عزيزاً ورجلاً مقداماً كنا نحب أن يبقى بيننا دائماً . لكن كُتب عليه أن تكون نهايته بتلك الصورة الحزينة ، ولكن مع كل ذلك سيبقى الشهيد علي سالم رمزاً من رموز هذا الوطن بما قدمه من خدمات لمجتمعه ،ومضرب الأمثال في التواضع ، وحب الناس له .
وأخيراً نسأل المولى عز وجل أن يجعله مع الأنبياء والصديقين والشهداء ، إنه قريب مجيب الدعاء .