عرض مشاركة واحدة
قديم 12-04-2009, 06:01 AM   #1
وفاء صالح بامشموس
حال نشيط


الدولة :  خورمكسر.عدن
هواياتي :  المطالعة في التاريخ والسياسة والشعر العربي
وفاء صالح بامشموس is on a distinguished road
وفاء صالح بامشموس غير متواجد حالياً
افتراضي لمحات هامة عن القائد الميداني لحرب تحرير الجنوب

في ذكرى إستقلالنا المجيد
الشهيد/ فيصل عبداللطيف الشعبي

(مقتطفات مما نشره الكاتب والسياسي عوض العرشاني المنتمي لجبهة التحرير المناوئة للجبهة القومية, في كتابه"الإرهاب الشيوعي في اليمن الجنوبية" الصادر في 1978)

تولى المناضل فيصل الشعبي وزارة الاقتصاد والتجارة والتخطيط فى أول حكومة تشكلت بعد الاستقلال مباشرة فى عام 1967 م وهو ابن عم الرئيس قحطان الشعبى أو رئيس لجمهورية اليمن الجنوبية ثم تولى منصب نائب رئيس الجمهورية ووزيرا للخارجية فى فبراير عام 1969 م , وتولى فى نفس العام رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية حتى الانقلاب الذى أتى بسالم ربيع على فى 22 يونيو 1969.
وبعدها تم اعتقال فيصل وتصفيته بسبب أرائه الاقتصادية والسياسية , المناهضة للشيوعية الدولية, وقد تولى أحد الرفاق ضربه فى مؤخرة رأسه أثناء التحقيق فى المعتقل وتوفى على أثرها فى زنزانته مساء الخميس الموافق 4 فبراير 1970 م حيث أعلن راديو عدن أنه قتل أثناء محاولته الهرب من زنزانته . وهذ غير صحيح على الاطلاق , فالرجل شجاع , ومواجه للصعاب , وهو ذو حجة ومنطق , هادىء وقوى.
كان بمثابة دينامو لا يتوقف عن الحركة . . شعلة من نشاط لا تتوقف ولا تعرف المنطقة شاباً يمثل حيويته ونشاطه ، كان جذوة من الاشعاع الفكرى والنضج السياسى المبكر . . وخسرت برحيله البلاد طاقة من طاقاتها السياسية ..والفكرية . . وبكاه الأصدقاء والخصوم على السواء.
وكان ما كان من قصة الجبهة القومية مع الاستعمار البريطانى ؟ ؟ إلا أن الرجل تفوق بذكائه وبتخطيطه وديناميكيته فى أن ينتزع اعترافاً من البريطانيين بالجبهة القومية ؟ ؟ وهذا شئ . . والأمانة التاريخية شئً آخر ؟ ؟
وكانت أحداث ما يسمى بالاستيلاء على المناطق . . ثم الحرب الأهلية ، ثم جنيف ، فالوصول إلى السلطة ؟ سلسلة طويلة من قصة الرجل وتكتيكاته وهى جزء هام من تاريخ ومسيرة الجبهة القومية ، وكان الرجل فى قمة الرعيل الذى وصل إلى السلطة . . ربما عن كفاح وجدارة بالنسبة له ، وربما عن تواطؤ بالنسبة للجبهة القومية بمجموعها, وهذا أمر من مهمة التاريخ الذى سيسجل فى وقته المناسب طبيعة ذلك التواطؤ ، وحجم ذلك التورط ؟ ؟
أما فى رحلة الرجل فالتسلسل منطقياً وطبيعياً فقد كان صاحبنا هو الدينامو الحركى ( فيصل عبد اللطيف الشعبى ) رئيس أول وزارة حكومة تقام بعد الاستقلال للجبهة القومية.

وبدأ صراع السلطة

وبمجئ الجبهة القومية إلى السلطة بدأ الصراع على المقاعد الوزارية ، والمزايا الحكومية ، يتخذ طابعاً حاداً تمثل بذلك السيل العارم من مزايدات الشعارات . . ومناقصات الأفكار التى اتسمت بطابع السطحية والتهور بين الفرقاء المتصارعين فى الجبهة القومية على النحو المعروف .
ولم يكن للجبهة القومية من رموز سياسية وواجهات غير نفر قليل يعدون حقيقة بأصابع اليد ، وكان أبرزهم وأنضجهم فى ذلك الوقت بطل قصتنا هذه – ضحية مأساتنا – فيصل عبد اللطيف الشعبى يرحمه الله .
وكان سالم ربيع القاتل والقتيل . . وعبد الفتاح اسماعيل العميل البريطانى الروسى المزدوج . . كان هذا وذاك أقزاماً أمامه فكراً ونضالاً .
وكان أنقلاب 20 مارس وتمرد 14 مايو سنة 1967 . . مؤشرات هامة فى تصاعد الصراع بين المتنافسين على السلطة . . وفرسان طواحين الهواء ، وتشرد المتمردون وفى قمتهم زعيم التمرد (سالمين) وطردوا من كل مكان لجأوا إليه فى يافع أو الضالع إلى أن حل بهم المقام فى (قعطبة ) إحدى ألوية الجمهورية العربية اليمنية . . ونسج رفاق التمرد ( علاقات مشبوهة ) مع السفارات الأجنية عندما بدأ الجوع والتشرد يبلد العقول, ويسقط المزايدات, وهذه قصة طويلة ذات شئون وشجون ! .

وكان الرجل كريماً ومتسامحاً مع الرفاق

وكان فيصل عبد اللطيف . . رغم كل ما حدث من رفاق الأمس . . ومثيرى التمرد – كريماً ومتسامحاً . . كان رجلا, وكان إنسانا , بكل معانى الرجولة وفضائل الإنسانية .
وفى حين كان التمرد الذى قاده اليسار المغامر موجهاً إليه شخصياً ، وإلى قحطان الشعبى رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت إلا أن الأحقاد ، والاساءات والملاحم والمجازر ، والمآسى الدامية التى خلفها اليسار المغامر المتمرد وراءه ، لم تكن حائلاً دون اللمسات الإنسانية لمواساة الرفاق ! فبعث إليهم فى شمال الوطن بمرتباتهم وواسى عائلاتهم ، وشكل لجنة المصالحة برئاسته ، بين النظام الحاكم وبين المتمردين عليه فى مارس عام 1969 .
وحين عاد المتمردون إلى جنوب الوطن بعد أن نسجوا علاقاتهم الشهيرة مع سفارات الغرب ، بدأت بعودتهم للمأساة والصراع وجه آخر ، حيث عادوا بتلك العلاقات المشبوهة إلى قلب عدن لينسجوا مع كبار ضباط الجيش والأمن خيوط المؤامرة من جديد ! .

وكان انقلاب 22 يونيو سنة 1969

ولم يكن الرجل ساذجاً . . وهذه حقيقة للتاريخ . . ولكنه كان رفيعا فى خصوماته ، وإنساناً فى معاملاته . . وواثقاً بنفسه ومن مواقفه . . وكان يعرف حقيقة ( الأرض الجدباء ) التى يقف عليها منافسوه على السلطة . . ولكن الأمور كانت تجرى بما لا تشتهى السفن ! .
كان الحقد قد غرس جراحا فى نفوس القوم . . وهوس السلطة قد أعمى بصيرتهم فتحالفوا مع رفيق الأمس ، وعدو اليوم ، محمد على هيثم الذى كان وقتها وزيراً للداخلية ، وجانب من الجيش فى سبيل الوصول إلى السلطة .
واستغل اليسار الصراع الدائر بين رموز النظام فى ذلك الوقت . . محمد على هيثم وزير الداخلية , مدعوما بجانب من قوى الجيش والأمن ، وقحطان الشعبى رئيس الجمهورية , مدعوما هو الآخر بفريق من هذا الجيش والأمن لا يستهان به ، واستطاع اليسار المغامر أن يستغل حادثة ابعاد وزير الداخلية بأمر من رئيس الجمهورية فعقدوا تحالفاً مرحليا مع هيثم وعناصر الجيش والأمن وكانت من نتيجة هذا التحالف انقلاب 22 يونيو , الذى انقلب بعد ذلك – على نحو ما سنفصله بعد قليل – على (هيثم ) نفسه ، وعناصر الجيش والأمن ، التى شاركت فى جريمة الحركة التخريبية ، وسقط نظام قحطان الشعبى
وبسقوطه سقطت كل الرموز بما فيها فيصل عبد اللطيف الشعبى . . وكانت للقصة مشاهد أخرى ، وفتح الباب ، وهبت العواصف والرياح ، من النوافذ والأبواب ، وكان التحكم فى صدها, ضرب من ضروب الإستحالة ؟ ! .

بداية الغيث قطرة


وجاءت حركة 22 يونيو التخريبية , لتطرح على الدنيا أطنان الصفحات من المزايدات والشعارات . . وفى الجانب الآخر امتلأت السجون بمئات المعتقلين من عناصر الجبهة القومية لعهد ما قبل 22 يونيو والفئات الوطنية الأخرى . . واعتقل قحطان الشعبى رئيس الجمهورية فى معتقل خاص
واعتقل فيصل عبد اللطيف فى زنزانة منفردة , ومئات من أنصاره واكتظت السجون لتفتح العصابات , عشرات السجون الجديدة, التى ما أن تمتلئ حتى تفرغ على شكل مذابح ومجازر جماعية أشرنا إليها فيما سبق .

عجزوا عن محاكمته فقتلوه فى زنزانته


وحين اعتقلت العصابة رفيق الأمس فيصل عبد اللطيف لم تتورع من ممارسة كافة وسائل التعذيب الجسدية والمعنوية بمظاهرها وأساليبها الفاشية المختلفة التى – حددناها فيما سبق من هذا القسم – ومع ذلك كان الرجل بشهادة الكثيرين من أفراد العصابة ، شامخاً كالجبل ، راسخاً كالطود ، لم تهتز معنويته ، ولم تذل نفسيته ، وإنما كان يواجههم بالحقائق المرة التى أرهقت أعصابهم ، وأرعبت أقطابهم . . وهوالأمر الذى دفع بقادة العصابة إلى الاشتراك فى عمليات تعذيبه فى بعض مراحله الأولى ، ثم إصدار تعليماتهم إلى زبانيتهم بالتخلص منه فى زنزانته ، وعندما عجزوا عن تقديمه إلى المحاكمة ، أو تحديد تهمة معينة ، ومحددة بذاتها ، وبدأو التخلص منه بضربة على الرأس من الخلف , أذاعوا بعدها بيانا أعلنوا فيه أنه حاول الفرار من معتقله ، فى حين تم قتله بضربة فى مؤخرة رأسه داخل المعتقل أدت إلى مصرعه فى الحال كما أشرنا حالاً . .

تبريرساذج . . وجريمة أكبر من ذنب

لقد كان قادة العصابة يخشون تقديمه للمحاكمة, التى كان يطالبهم بها ، ويصر عليها ، لأن محاكمته كانت تعنى محاكمة لكل أفراد العصابة ، لأن الرجل كان يملك من الحقائق ومن الأسرار ، ومن الشجاعة الأدبية ، ومن الثقة بالنفس مالا يملك سواه من عتاة الإرهاب ، ومراهقى العصابة .
* كان فيصل عبد اللطيف شبحا مخيفا للعصابة فى سجنه . . وجبلا شامخا تقف فى سفحه طوابير العصابة أقزاما . . فاغتالوه . .
* قتلوه فى زنزانته بخسة ونذالة ، وجبن ، وقتلوا معه الإشعاع الفكرى ، والنضج السياسى فضلاً عن اغتيال الحقيقة والأسرار الرهيبة التى يعلم هو وحده وقائعها وخفاياها ؟ .

قتلوه فى زنزانته ، واغتالوا معه كل معانى الرجولة ومعانى الإنسانية وتاريخ حافل بالمواظبة والكفاح .

وداعا فيصل . فقد كنت صديقاً . . ورفيقاً . . وخصماً شريفاً . . ومع ذلك كنا نعتز بك . . ونقدر فى شخصك كل المعانى الإنسانية السامية .
وداعاً . . أيها الصديق والخصم معاً ، لأن لك ماثراً نعتز بها ، رغم أخطائك فى حقنا.

وداعاً فيصل . . فقد فقدنا فيك دماثة الخلق ، وشهامة الرجال ، وسماحة الإنسان . . وشرف الكلمة , رحمك الله فقد كنت ضحية الجهل . . وضحية الأقزام . . وأنصاف الرجال وعهد الإرهاب الفاشى النازى الستالينى الجديد .
[/SIZE]

التعديل الأخير تم بواسطة وفاء صالح بامشموس ; 12-04-2009 الساعة 06:24 AM
  رد مع اقتباس