عرض مشاركة واحدة
قديم 12-17-2009, 12:36 AM   #3
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


تصعيد التوترات بين أهالي الجنوب والشمال

ازدادت التوترات بين "الجنوبيين" و"الشماليين" في الجنوب، الذين يرون في الأغلب الأعم أنهم متمايزون ثقافياً عن أحدهم الآخر. أثناء المقابلات مع هيومن رايتس ووتش كثيراً ما أبدى الجنوبيون آراءً سلبية عن "تخلف" الشماليين، وفي بعض الأحيان سبّوا (لفريق هيومن رايتس ووتش) الشماليين المارين في الشوارع أثناء الانتقالات ما بين الاجتماعات والمقابلات.

وفي بعض الحالات تحولت التوترات إلى هجمات. ففي المُكلا، هاجم المتظاهرون ونهبوا وأحرقوا متاجر يملكها شماليون. واتهم المتظاهرون رجال الأعمال الشماليين باتخاذ جانب قوات الأمن في قمعها للمتظاهرين، أو حتى المشاركة الفعالة في أعمال المداهمة والعنف ضد المتظاهرين. ولجان حماية الوحدة، برعاية الدولة، وتتم مناقشتها في موضع آخر من التقرير، شاركت في العنف ضد أهل الجنوب، ويزيد تشكيل هذه الجماعات من احتمالات العنف بين الطائفتين على المستوى المجتمعي.

حادث آخر مميت أودى بحياة ثلاثة شماليين صباح 10 يوليو/تموز 2009، في منطقة حبيل جبر في ردفان. عبد الحميد سعيد القطبي، 55 عاماً، وابنيه، فايز 14 عاماً، وياسين، 19 عاماً، وصهره، خالد علي عبد الله، 25 عاماً، كانوا في طريقهم من منزلهم إلى متجر الحلوى في منطقة "العسكرية" عندما أوقفهم مسلحون في سيارتهم وأطلقوا عليهم النار. ياسين القطبي الذي فر بعد أن لحقت به إصابات ثم اعتقد المهاجمون أنه لقي حتفه، قال لقناة اليمن التلفزيونية التي تديرها الدولة أن أسرته تلقت تهديدات متلاحقة بمغادرة المنطقة:

طلبوا منّا مقابلة علي سيف [الشعيبي] بالقرب من منزله في حبيل جبر. وبرفقة ثلاثة مسلحين، استجوب [الشعيبي] أبي واتهمه بالتعاون مع المخابرات اليمنية وطالبه بالرحيل عن المنطقة لأنه شمالي ولا ينتمي للمكان. وقال له أبي أن يأخذ كل شيء ويتركنا لحالنا، لكنه أصر على أن يعترف أبي بأننا عملاء للمخابرات. ثم أمر رجاله بإطلاق النار على أبي، فلقي مصرعه. وقتل أيضاً أخي وعمي. [49]
وقالت قوات الأمن إنها كانت تبحث عن أربعة "مجرمين على صلة بالحراك الجنوبي". [50] ورفض زعيم الحراك الجنوبي ناصر الخبجي الإقرار بأية صلة بين واقعة القتل وحركته، وقال: "لقد قمنا بإدانة هذه الجريمة الشنعاء ضد أصحاب المتاجر. وليس بيننا وبين أخوتنا من الشمال أية عداوة، فهم يعانون القمع كالجنوبيين". [51]

القاعدة في اليمن والحراك الجنوبي

اليمن ملجأ لعدد كبير من قدامى المحاربين "الأفغان العرب" ممن شاركوا في الحملة ضد السوفييت في أفغانستان، وحاولت السلطات اليمنية ربط الحراك الجنوبي بالقاعدة، باتهامها كما هو واضح طارق الفضلي بالتواطؤ مع القاعدة. ورفض زعيم الحراك الجنوبي والنائب السابق بالبرلمان صلاح الشنفرة هذه الصلة بقوله: "لا صلات تربطنا بالقاعدة ونحن لا نقبل أي حديث أو موقف من هذا النوع [العنيف]". [52]
زعيم القاعدة في اليمن، ناصر الوحيشي، أعرب علناً عن تأييده للحراك الجنوبي. وفي 14 مايو/أيار 2009 في بيان صوتي له، قال الوحيشي لشعب الجنوب: "نحن في تنظيم القاعدة نؤيد ما تفعلونه من رفض للقمع ونؤيدكم ضد الحكومة". [53]

وربما كان الوحيشي يتحدث بالنيابة عن التنظيم في اليمن فقط، إذ ندت عن زعيم القاعدة على المستوى الدولي تعليقات بعد شهر يعلن فيها أن لا علاقة للتنظيم بدعم انفصال جنوب اليمن. وفي 22 يونيو/حزيران 2009 أنكر مصطفى أبو اليزيد – العضو بمجلس الشورى الأعلى للقاعدة على المستوى الدولي والمعروف بلقب "القائد العام" للقاعدة في أفغانستان – أي دعم من القاعدة لانفصال الجنوب. أوضح أن القاعدة تناضل لإنشاء دولة إسلامية موحدة، في اليمن أولاً، ثم في العالم الإسلامي:
أصل [حركتنا] هو توحيد الأمة الإسلامية بأسرها ودول الإسلام... إننا لا ندعم الفصل [الانفصال]... سوف يأتي الحُكم الإسلامي ويحكم هذه الدولة العظيمة بدلاً من تشرذمها جماعات. [54]
وقد قلل بعض المحللين السياسيين اليمنيين واثنين من الدبلوماسيين الأجانب قابلتهم هيومن رايتس ووتش من شأن مزاعم وجود صلات مباشرة بين الحراك الجنوبي والقاعدة. وأحد السفراء الأوروبيين نعت هذه المزاعم بأنها "أداة لتشتيت الانتباه" استخدمها المسؤولون الحكوميون. [55]

6- الاستخدام غير القانوني للقوة المميتة ضد المتظاهرين السلميين

منذ عام 2007 والحراك الجنوبي يُنظم مظاهرات واعتصامات ومهرجانات ومسيرات، هي في الغالب سلمية، بشكل شبه يومي، بالإضافة إلى غير ذلك من أشكال الاحتجاج العلني، لإظهار صوت قضيتهم. وقوات الأمن من طرفها تلجأ بشكل مُتسق على نحو مقلق إلى فتح النيران على المتظاهرين، لتقتل وتصيب المتظاهرين العُزّل. ويبدو أن السلطات اليمنية غير مستعدة للسماح بالعرض العلني لمظالم الحراك الجنوبي، بغض النظر عن الطبيعة السلمية للحراك.

الأحكام القانونية الخاصة بحرية التجمع واستخدام القوة المميتة
الحق في حرية التجمع تصونه المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتنص على: "لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم". [56] واليمن دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية منذ عام 1987.
وأي قيد على حرية التجمع بناء على السلامة العامة أو الأمن القومي أو النظام العام يجب أن يخضع لتفسير ضيق، وإلا فإن الأسس المبهمة الفضفاضة لفرض هذه القيود قد تُستخدم لمنع جميع أشكال حرية التجمع تقريباً، لا سيما الاحتجاجات. [57]

والقانون اليمني الصادر عام 2003 بشأن تنظيم المظاهرات والمسيرات يدعو منظمي المظاهرات والمسيرات إلى إخطار السلطات ثلاثة أيام قبل الموعد المزمع للفعالية، إلا في حالة الاحتجاجات والتجمعات الصغيرة التي يعفيها القانون من هذا المطلب الإجرائي. [58] وينبغي على المتظاهرين ألا يزرعوا "الفتنة" أو يشككوا في "وحدة البلاد". [59] وفيما يسمح القانون الدولي لحقوق الإنسان للحكومات بالتحرك ضد الجماعات التي تستخدم العنف أو تروج له، فإنه لا يسمح للحكومات بحظر الجماعات لمجرد أنها من منطقة بعينها أو تروج للحكم الذاتي أو حتى الانفصال. [60]

القانون اليمني الخاص بالمظاهرات يحظر حمل السلاح في الفعاليات العامة. [61] ويطالب قوات الأمن بحماية المشاركين في المظاهرات وتوفير الرعاية الطبية لهم. وعلى قوات الأمن أن تُفرق حشود المتظاهرين في حالة ارتكاب جرائم، أو عندما تكون المظاهرات غير مُعلنة، أو في حالة أعمال الشغب. [62]
استخدام القوة من قبل قوات الأمن الحكومية ذات صلاحيات إنفاذ القانون محكوم بالمعايير الدولية. ومدونة الأمم المتحدة الخاصة بسلوك مسؤولي إنفاذ القانون ورد فيها أن "مسؤولي إنفاذ القانون عليهم الامتناع عن استخدام القوة إلا في حالة الضرورة القصوى وبالدرجة المطلوبة لأداء مهامهم". [63] ومبادئ الأمم المتحدة الأساسية الخاصة باستخدام القوة والأسلحة النارية تنص على أن على مسؤولي إنفاذ القانون "وبقدر الإمكان، اللجوء إلى السبل غير العنيفة قبل اللجوء إلى استخدام القوة"، ولا يحق لهذه القوات استخدام القوة "إلا إذا تبينت عدم فعالية السبل الأخرى". [64] وفي حالة وجود ضرورة لاستخدام القوة، على مسؤولي إنفاذ القانون "ممارسة ضبط النفس في استخدام هذه القوة وبالدرجة المتناسبة مع جدية الجريمة". [65] وورد في المبدأ 9 من المبادئ الأساسية:

على مسؤولي إنفاذ القانون الامتناع عن استخدام الأسلحة النارية ضد الأشخاص إلا في حالة الدفاع عن النفس أو عن آخرين ضد تهديد قائم بالموت أو الإصابة الجسيمة، أو لمنع ارتكاب جريمة جسيمة معينة تشمل تهديد جسيم للحياة، أو لاعتقال شخص يفرض مثل هذا الخطر ويقاوم سلطاتهم، أو لمنع فراره، وفقط في حالة عدم كفاية السبل الأقل خطورة في تحقيق هذه الأهداف. وعلى أية حال، فإن الاستخدام المميت عمداً للأسلحة النارية يجب عدم اللجوء إليه إلا إذا كان لا بديل له لإنقاذ الأرواح.

والمبدأ 10 من المبادئ الأساسية تطالب بأن يقوم مسؤولي إنفاذ القانون "بتوفير تحذير واضح لنيتهم استخدام الأسلحة النارية". [66] وتوضح المبادئ الأساسية بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا يمكن التحلل من هذه الأحكام بناء على "ظروف استثنائية مثل الاضطرابات السياسية الداخلية أو أية طوارئ عامة". أي أنها معايير لا يمكن التحلل منها. [67]

وفي الاحتجاجات الستة التي تعمقت هيومن رايتس ووتش في التحقيق فيها، انتهكت قوات الأمن اليمنية جميع أوجه المبادئ الواردة أعلاه تقريباً. ففي أغلب هذه الاحتجاجات، لم يمثل المحتجون تهديداً على الشرطة أو آخرين بشكل يستدعي استخدام القوة المميتة، فأغلب المظاهرات كانت سلمية وراح يردد فيها مدنيون عُزل شعارات ويرفعون اللافتات. وعندما بدأت أعمال إلقاء الحجارة أو غير ذلك من أعمال العنف، كان بإمكان قوات الأمن اللجوء إلى سبل غير مميتة لاحتواء هذا العنف. ولم تقم قوات الأمن في أي من المظاهرات التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش، بدعوة المتظاهرين إلى التفرق، أو هي أطلقت أعيرة نارية تحذيرية، أو غير ذلك من سبل تحذير المتظاهرين بأنها مقدمة على استخدام القوة المميتة. وفي أغلب هذه المظاهرات، لم تبذل الشرطة محاولات جدية تُذكر لاستخدام سبل غير مميتة لتفريق الحشود، مثل خراطيم المياه أو الرصاصات المطاطية أو القنابل المسيلة للدموع. وعندما استخدمت الغاز المسيل للدموع تلتها على الفور باستخدام الذخيرة الحية.

وبالإضافة إلى شهادات الشهود التي جمعتها هيومن رايتس ووتش وتحقيقاتها الميدانية في جنوب اليمن، تم التوصل إلى لقطات فيديو لهواة من المتظاهرين وُضعت على مواقع إلكترونية عامة. وأغلب هذه اللقطات تمثل تغطية خام وغير خاضعة لأي إعداد يُذكر وتُظهر قوات الأمن في مواجهتها لمن يبدو أنهم متظاهرين سلميين عُزل، بالقوة المميتة، وتتفق مع شهادات الشهود الموثقة أدناه.

وهذه الحالات الست تمثل النذر اليسير من إجمالي عدد حالات استخدام القوة المميتة من قبل قوات الأمن أثناء المظاهرات في جنوب اليمن، لكنها تُظهر نمطاً متسقاً بشكل مقلق للاستخدام غير القانوني للقوة من قبل قوات الأمن. والمنافذ الإعلامية مثل الجزيرة وثقت استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين في تظاهرات أخرى. [68]
وقالت وزيرة حقوق الإنسان اليمنية، د. هدى البان لـ هيومن رايتس ووتش إن وزارتها أوصت قوات الأمن بمختلف أشكال السيطرة على الحشود، رداً على وقائع القتل في الاحتجاجات الجنوبية. [69]

والحوادث التي وثقتها هيومن رايتس ووتش أدناه مُنظمة في ترتيب زمني عكسي، بدءاً بالحالات الأحدث ثم الأقدم. حالات إطلاق النار بشكل غير قانوني في مناطق حضرية مثل ساحة الهاشمي في عدن، موثقة بقدر أكبر من التفصيل، أكثر من الحالات في مناطق ريفية بعيدة، حيث كان من الأصعب الاستماع إلى شهادات متعددة من شهود عيان على هذه الفئة الأخيرة من الحالات.

31 مايو/أيار 2009: الضالع
في 31 مايو/أيار خرج الآلاف من المتظاهرين في مسيرة في الشارع الرئيسي بمدينة الضالع، الواقعة نحو 100 كيلومتر شمالي عدن، وهو يرددون الشعارات ويرفعون اللافتات الخاصة بالحراك الجنوبي. عبد الخالق مثنى عبد الله، المُدرس الناشط بالحراك الجنوبي، قال لـ هيومن رايتس ووتش كيف فتحت قوات الأمن النيران دون تحذير، لتتسبب في مقتل متظاهر وتُلحق الإصابات بآخرين:

وصلت حوالي التاسعة والنصف صباحاً، في الوقت الذي بدأت فيه المسيرة. كانت قوات الأمن موجودة هناك بالفعل. وبدأنا نسير في الشارع الرئيسي، وانضم أشخاص آخرون إلينا. وفجأة وفيما كنا نتحرك للأمام سمعنا طلقات نارية... وفي الوقت الذي بدأ فيه إطلاق النار، لم يكن هناك عنف [من المتظاهرين]، فقد كُنا في بداية مسيرتنا. وكان أمامنا حاجز للشرطة، لكننا لم نبلغه قط.
لم نسمع أي تحذيرات من قوات الأمن، ولم يطلبوا منا التفرق أو أي شيء؛ فذلك ليس بأسلوبهم. ربما أطلقوا 10 إلى 20 رصاصة مباشرة على الحشد. ثم انشغل الجميع بمحاولة مساعدة المصابين. ودام الاحتجاج 15 دقيقة ثم انتهى بإطلاق النار. [70]

نفس الشاهد شهد مقتل متظاهر آخر، هو توفيق الجعدي، متأثراً بعيار ناري: "رأيت أحد المتظاهرين يسقط إثر إصابته برصاص في رأسه وكتفه". وأصيب متظاهرين آخرين في ذلك اليوم. [71]
30 مايو/أيار 2009: شحر
في 30 مايو/أيار 2009 عقد مدنيون عُزل مظاهرة سلمية في بلدة شحر، مطالبين بالإفراج عن نحو 75 شخصاً محتجزين في مظاهرة نُظمت قبل يومين. وخرج المتظاهرون في مسيرة إلى مسجد عمر في وسط المنطقة الشاطئية بالبلدة، ثم إلى سدة الخور، وكانوا في طريقهم عائدين إلى مسجد عمر عندما واجهتهم قوة كبيرة من الأمن المركزي لمكافحة الشغب بأن اعترضت الطريق. ومع اقتراب المتظاهرين من خط الشرطة، بدأ الضباط أولاً في إطلاق النار في الهواء، ثم على المتظاهرين مباشرة، طبقاً لشاهد عيان:
انتظرنا الأمن المركزي لدى منزل بوباك، وكانوا في صف منتظم. اقتربنا منهم فأطلقوا النار في الهواء، نحو 50 رصاصة على الأقل. لم يتوقف الناس رغم ذلك واقتربوا حتى مسافة 5 أو 10 أمتار من الشرطة. ثم بدأوا في إطلاق النار على الناس. [72]

رصاصات الأمن المركزي أصابت تسعة متظاهرين على الأقل، وأودت بحياة عواض سعد برام، 21 عاماً، وكان في الصف الأول. وطبقاً لأبيه وشاهد عيان آخر قابلته هيومن رايتس ووتش، أصيب عواض سعد برام في رأسه وبعدة رصاصات في ساقيه. ولم يتم فتح أي تحقيق في واقعة إطلاق النار المميتة هذه. [73]

يتبع
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس