عرض مشاركة واحدة
قديم 12-17-2009, 12:40 AM   #4
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


1 مايو/أيار 2009: ساحة الهاشمي، الشيخ عثمان – عدن

في 21 مايو/أيار 2009، في الذكرى السنوية لإعلان الزعماء السياسيين الجنوبيين لاستقلال جنوب اليمن في 1994 (واليوم السابق على يوم الوحدة اليمني، إحياء لذكرى 22 مايو/أيار 1990، يوم توحيد الشمال والجنوب) اندلعت مظاهرة كبرى في ساحة الهاشمي التي تتوسط حي الشيخ عثمان في عدن. مظاهرة 21 مايو/أيار كانت كبيرة لأن رئيس جنوب اليمن المنفي، علي سالم البيض، كان قد خرج من صمته الطويل وفي مؤتمر صحفي في ميونخ دعى إلى انفصال جنوب اليمن. وقتلت قوات الأمن ثلاثة أفراد على الأقل وأصابت 25 إلى 30 آخرين رداً على المظاهرة.


وطبقاً لعدة شهود عيان، فإن قوات الأمن في عدة مرات فتحت النيران على المتظاهرين دون إعطاء تحذيرات وفي غياب أي تهديد قد يُبرر مثل هذه القوة. وبعد بدء قوات الأمن في إطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين، بدأ بعض المتظاهرين في إلقاء الحجارة على قوات الشرطة، التي ردت بمزيد من إطلاق النار. وإلقاء المتظاهرين للحجارة قد يكون فعلاً إجرامياً، لكنه لا يمثل مستوى التهديد الذي يبرر لقوات الأمن الاستخدام المتكرر للقوة المميتة.
عبد الناصر صالح أحمد عبيد، الطيار الحربي السابق الذي تم إجباره على التقاعد بعد الحرب الأهلية عام 1994، قال لـ هيومن رايتس ووتش كيف ملأ المتظاهرون الساحة في وقت مبكر من اليوم وأن قوة أمنية كبيرة كانت حاضرة بالفعل في انتظارهم:

وصلت حوالي التاسعة صباحاً. وكان الاحتجاج في ساحة الهاشمي. وكانت الساحة مليئة بالآلاف، كانت ممتلئة عن آخرها. راح الناس يرددون الشعارات ضد الفساد وحرية الجنوب. والأمن المركزي [قوات مكافحة الشغب] والحرس الجمهوري من صنعاء ووحدات جديدة بالآلاف ووحدات من الجيش كانت تملأ أرجاء الساحة. [74]
وطبقاً لأقوال عدة شهود عيان، فإن قوات الأمن سرعان ما هاجمت المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع وبدأت في إطلاق الذخيرة الحية نحوهم. نصر نصر عبد الله حاموزيبة، الجندي السابق الذي كان في الصف الأول من المتظاهرين يرفع لافتة عليها شعارات الحراك الجنوبي، روى كيف أصيب عندما حاولت قوات الأمن المركزي منع مجموعته من دخول الساحة، أولاً بالغاز المسيل للدموع، ثم بالذخيرة الحية:

كنت أرفع لافتة في مقدمة المظاهرة، في الصف الأول. أردنا دخول الساحة من شارع الكريمي، القريب من الساحة. وصلت وحدات الأمن المركزي ببنادق الغاز المسيل للدموع وأطلقت علينا الغاز. ثم التقطت امرأة من الصف الأول حجراً وألقته على الشرطة. وكان رجال الشرطة أمامنا، على مسافة نحو خمسين متراً، لكنهم كانوا يحيطون بنا أيضاً.
لكن أربعة جنود بدأوا في إطلاق النار نحو الصف الأمامي مباشرة. ولم يطلقوا رصاصة أو اثنتين، بل أفرغوا ذخيرة بنادقهم وأطلقوا رصاصات كثيرة. سقط اثنان منا مصابين، وأنا أُصبت في ساقي الأيمن وأصيب رجل آخر من ردفان في صدره. [75]
عبادي ناجي علي السهيل، ضابط الجيش الذي أُجبر على التقاعد عام 1994، أدلى لـ هيومن رايتس ووتش برواية مشابهة عن كيفية إصابته ذلك الصباح في الاحتجاج بساحة الهاشمي:

كان عدد الجنود والأمن أكبر من المتظاهرين وكانوا مُسلحين، وأغلبهم من الأمن المركزي. كان المتظاهرون يحاولون دخول ساحة الهاشمي من الشوارع الجانبية، والأمن في الساحة وفي الشوارع الجانبية. في البداية حاولنا الدخول من جانب شارع سوق عدن الدولي، لكنهم أطلقوا الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي علينا.
عندما بلغنا طرف ساحة الهاشمي كنا كثيرين. وقف الأمن أمامنا وأطلق علينا النار، وأصيب ستة أشخاص، واحد تلو الآخر. وفي بعض الأوقات حاولنا الاقتراب [من الأمن] لحملهم على التراجع، وألقى الشباب عليهم الحجارة لكن قلنا لهم أن يكفوا عن هذا.

كنت ثالث شخص يُصاب ذلك اليوم، وقد أصيب ستة أشخاص في المكان، لكن إجمالي الإصابات ذلك اليوم كان 23 إصابة. كنا واقفين في مكاننا بلا حراك في اللحظة التي أطلقوا فيها النار، وكنا نردد الشعارات. ثم تكثف إطلاق النار، وهناك عدة ثقوب لرصاصات في ثيابي. وكنت في الصف الأول من المتظاهرين عندما أُصبت، لكن لا أعرف إن كان الناس يرمون الحجارة وقتها، لكن بعد أن أُصبنا غضب الناس وألقوا المزيد من الحجارة. دخلت الرصاصة كاحلي واخترقته من الجانب الآخر. وما إن وقعت نقلوني إلى المستشفى.

لم تقم الشرطة بتحذيرنا إطلاقاً قبل بدء إطلاق النار. [76]
محمد فاضل حيدر عزب، 15 سنة، روى لـ هيومن رايتس ووتش، كيف وبعد بدء إطلاق النار غضب بعض المتظاهرين وألقوا الحجارة على قوات الأمن فأطلقوا عليهم المزيد من الرصاص:

كنا سلميين في البداية، ثم بدأوا في إطلاق النار فبدأنا في إلقاء الحجارة عليهم. أنا و[شاب] آخر، ألقينا الحجارة على الشرطة، وردوا بالذخيرة الحية. كنا على مسافة نحو 50 متراً من الشرطة، والشرطة مختبئة خلف الجدران، فخرجوا من خلفها وأطلقوا النار. أصبنا دروعهم بأحجارنا عدة مرات، لكننا كنا بعيدين عنهم. أطلقوا علينا عدة مرات، وعندما انتهت ذخيرة بنادقهم عبأوها من جديد. وكنا مئات من الشباب في شجار مع الشرطة.
أصيب نحو 30 شاباً ذلك اليوم. أصبت في كاحلي برصاصة حية، وأصبت أيضاً بعبوة غاز مسيل للدموع في ساقي. [77]

عبد الخالق مثنى عبد الله، المدرس والناشط بالحراك، قدم لـ هيومن رايتس ووتش رواية مشابهة عن المصادمات ذلك الصباح:
بوصولنا كان الغاز المسيل للدموع قد بدأ. اختبأ الناس وراء البنايات وفي الشوارع الجانبية، وراحت قوات الأمن تطاردهم في شتى الأرجاء. ثم عادت قوات الأمن إلى تشكيلها النظامي، وتقدم الشباب منهم، فطاردوا الشباب. ألقى الشباب الحجارة على الشرطة وردت الشرطة بالذخيرة الحية.

كانت هناك مجموعة كبيرة من الشباب في الشارع الرئيسي. وكانت تفصل الشباب عن الشرطة مسافة كبيرة. أطلقت قوات الأمن النار مباشرة على الشباب وأصابتهم. ورأيت سبعة شباب يسقطون أمام عيني، وأحدهم أصيب في عنقه ومات، وآخر أصيب في رأسه ومات... راح الشباب يرجمون الشرطة بالحجارة عندما بدأ إطلاق النار، لكنهم كانوا على مسافة بعيدة منهم فلم يصيبوهم. وكانوا يرمون الحجارة فقط، ولا شيء غيرها. [78]

وطبقاً لعدة روايات صحفية، فإن ثلاثة أشخاص على الأقل ماتوا بعد إطلاق النار على المتظاهرين، مات أحدهم في المصادمات، واثنان في المستشفى متأثرين بإصاباتهما. [79] والقتلى الثلاثة هم عبد القاسم محسن حسن الطلالي، وعبيد مثنى سيل الحليمي، وأديب عبده عبد الله البهري.

واستمرت قوات الأمن في استخدام الذخيرة الحية أثناء جهود نقل المصابين إلى المستشفى. وإثر إطلاق النار في ساحة الهاشمي نقل المتظاهرون الجرحى إلى مستشفى خاص. وتجمع حشد كبير غاضب من المتظاهرين أمام المستشفى، حيث عالجتهم قوات الأمن مجدداً بالغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية، لتصيب متظاهرين آخرين. وقال أحد الحاضرين:

حين أُصبت، تعرضت لمشكلات أخرى في المستشفى. إذ كان المستشفى ممتلئاً عن آخره بالمصابين، وأقاربهم متجمعين للاحتجاج، وكان الزحام بالخارج شديداً. قوات الأمن المركزي [مكافحة الشغب] حضرت وفرقت الحشد بالغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية، وأصيب آخرون، ومنهم عبد الله خالد، يبلغ من العمر نحو 20 عاماً، وأصيب في جنبه وكان بحاجة لرعاية طبية في الخارج. وأطلقوا الغاز المسيل للدموع ودخل إلى المستشفى، ونحن بالداخل اختنقنا من الغاز فأعطونا أقنعة. [80]
محافظ عدن عدنان الجفري أنكر في ذلك اليوم تماماً وقوع أية مصادمات وقال: "لم تقع مصادمات بين قوات الأمن والمتظاهرين في عدن". واتهم "عناصر مارقة" و"مخربين" بالتسبب في الوفيات، في محاولتهم لبث الاضطرابات، وليس قوات الأمن. [81]

15 أبريل/نيسان 2009: الحبيلين

صباح 15 أبريل/نيسان 2009، تجمع الآلاف من المتظاهرين في معهد معلمين ردفان بالحبيلين، مسيرة ساعتين بالسيارة شمال شرق عدن، للاحتجاج على الاعتقالات الأخيرة في ردفان وزيادة التواجد العسكري في المنطقة. وكان الأمن المركزي قد بدأ بالفعل بالانتشار في منطقة المعهد منذ السادسة صباحاً، انتظاراً للمظاهرة. وطبقاً لأحد المشاركين: "ذهبت إلى المظاهرة لأن لي أصدقاء أصيبوا واحتجزوا. وقمنا بالاحتجاج أمام بوابات المعهد. وكان أغلب الحشد طُلاب، لكن المدنيون انضموا إلينا، ورحنا نطالب بالإفراج عن المعتقلين". [82] كريم زين ثابت، 20 عاماً، الطالب بالمعهد، وصف لـ هيومن رايتس ووتش كيف أصيب بعيار ناري:

حوالي الساعة 9:15 صباحاً، بدأ إطلاق النار، وكنت من أول المصابين، وأصبت برصاصة حية في قدمي. وفتح عناصر الأمن المركزي من شاحنتين النار علينا، وكنا في الشارع الرئيسي، ربما أطلق النار نحو 5 أو 6 جنود. وفتحوا النار من أسلحة أوتوماتيكية، فلم نتمكن من إحصاء الرصاصات، وأطلقوا على المتظاهرين مباشرة، على أقدامنا... وفي المعهد قبل أن تفتح الشرطة النار، لم يتم إلقاء أي أحجار، ولم يتم إلقاء الحجارة إلا بعد إطلاق النار. ولم تحذرنا الشرطة إطلاقاً، بل خرجوا من شارع جانبي وتقدموا نحونا في الشارع الرئيسي ثم فتحوا النيران. [83]

وبعد بدء إطلاق النار نقل المتظاهرون الجرحى إلى مستشفى محلي، حيث وقع صدام آخر مع قوات الأمن. أيمن سالم محسن علي، 25 عاماً، الطالب، وصف كيف أصيب عند المستشفى:
عند مستشفى ردفان، كنا نحو 300 متظاهر. رحنا نردد شعارات مثل: "الثورة الثورة يا جنوب!" وكان الأمن المركزي والأمن العام متواجدين، نحو 20 سيارة. لم تصدر منهم تحذيرات [التفرق]، بل فتحوا النار علينا بالذخيرة الحية، على الحشد تماماً، وأطلقوا البنادق الآلية نحو 15 دقيقة... وأصبت في خصري برصاصة عندما فتحوا النار. [84]
شخصان على الأقل، هما ماجد حسين ثابت ولول محمد الحليمية، قُتلا جراء إطلاق قوات الأمن النار في هذا الحادث لدى المستشفى. [85]

4- يوليو/تموز 2008: مفرق الشعيب، الضالع

في 4 يوليو/تموز 2008، نظم الآلاف من سكان الضالع الواقعة نحو 100 كيلومتر شمال عدن، مظاهرة في بلدة مفرق الشعيب القريبة للدعوة للإفراج عن المحتجزين من الاحتجاجات السابقة. ونصب الأمن المركزي أربع نقاط تفتيش حول المتظاهرين، وكان هناك نحو 100 ضابط شرطة في المنطقة. ولدى اقتراب المتظاهرين من خط الشرطة، فتحت الشرطة النار عليهم. وليد قاسم أسعد شعيبي، 25 عاماً، القيادي بمنظمة اتحاد شباب الجنوب، روى لـ هيومن رايتس ووتش كيف أطلقت عليه الشرطة النار عندما فتحوا النار على المتظاهرين دون تحذير:

تراجعنا في البداية، وقمنا بالتظاهر في منطقة أخرى، لكنهم أطلقوا النار على الأرض أمام أقدامنا ونحن نقترب من خطوطهم. وأصبت في الجزء العلوي من فخذي الأيسر، وأصبت جراء أربع رصاصات أخرى أصابت الأرض أمامي... لا أعرف إذا كانت الجروح بفعل الحصى المتناثر أم شظايا الرصاص الذي أصابني في ساقي... أقصر مسافة بين المتظاهرين والشرطة كانت نحو 10 أمتار، وعندها فتحوا النار. لم نحاول الاقتراب أكثر من ذلك، وكنت بين من دعوا المتظاهرين إلى التراجع. ولم أكن حتى في الصف الأمامي لدى فتحهم للنار. [86]

13 يناير/كانون الثاني 2008: ساحة الهاشمي، عدن

في 13 يناير/كانون الثاني 2008، الذكرى السنوية لاندلاع القتال عام 1986 بين جماعتين جنوبيتين متنافستين، تم تنظيم مظاهرة كبيرة في ساحة الهاشمي، في منطقة الشيخ عثمان بعدن. إذ يحتفل أهل الجنوب الآن بهذه الذكرى في مهرجان للتسامح والتصالح ووحدة شعب الجنوب، وشملت المظاهرة في الساحة إلقاء كلمات لعدة سياسيين بارزين، منهم علي مناصر وحسن باعوم وناصر نوبا وشالا الشايع وعيدروس النقيب وأحمد بن عمر الفريد، طبقاً للمشاركين. [87]

وكان يملأ ساحة الهاشمي وبالقرب من المنصة تواجد أمني كثيف؛ عناصر من الأمن المركزي وشرطة النجدة والجيش والشرطة النظامية. وكانت البنادق الآلية منصوبة على سيارات للأمن، وأغلبها بنادق آلية طراز أيه كيه 47. ثم بدأت قوات الأمن في إطلاق الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية على حشد المتظاهرين. ثابت عبيد حازم القحوري، العقيد بالجيش الجنوبي الذي أُجبر على التقاعد عام 1994، روى لـ هيومن رايتس ووتش كيف أصابته قوات الأمن عندما فتحت النار على المتظاهرين السلميين:

كنت ضمن الأمن الخاص بالفعالية، فكنت في الصف الأول [بعيداً عن المنصة]. ثم فجأة انطلقت رصاصات حية من خلفي. أصبت برصاصة من الخلف. ودخلت في فخذي الأيمن، وأصابت العضلة. وخلفي كان ضباط الأمن المركزي والنجدة والجيش والشرطة النظامية، على مسافة 40 متراً تقريباً. سمعت طلقات كثيرة لحظة إصابتي. [88]
لقي ثلاثة أشخاص على الأقل مصرعهم أثناء المداهمة في ذلك اليوم، طبقاً لثلاثة تقارير إخبارية. [89] أحدهم هو صالح أبو بكر البكري، من لحج. وأسرته رفعت قضية على لجنة أمن عدن في 17 يناير/كانون الثاني 2008، بتهمة إطلاق النار غير القانوني، لكن حتى الآن لم يتم فتح تحقيق أو جلسات في المحكمة بشأن مقتله. وبعد رفع القضية، تلقت الأسرة مكالمات هاتفية تهديدية من ضباط الأمن القومي، يقولون إن لم يتنازلوا عن القضية فسوف يخضعون للاحتجاز. [90]

دور الميليشيات الموالية للحكومة

الانتهاكات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش في اليمن لا تقتصر على تلك التي ارتكبتها قوات الأمن الرسمية. إذ توجد ميليشيات موالية للحكومة وضباط أمن في غير الزي الرسمي تواطأت في الانتهاكات. زيادة أنشطة الميليشيات والجماعات غير القانونية تعرقل كثيراً من آليات مساءلة قوات إنفاذ القانون، مما يثير احتمال وقوع انتهاكات إضافية وعنف بين مختلف طوائف المجتمع. الرئيس علي عبد الله صالح أطلق تحذيراً من العنف بين طوائف المجتمع في أبريل/نيسان، إذ حذر قائلاً:
إذا وقع أي شيء للوحدة لا قدر الله، فلن تُقسم اليمن إلى قسمين، كما يعتقد الكثيرون، بل إلى عدة أقسام... سوف يقاتل الناس من بيت إلى بيت ومن نافذة إلى نافذة... يجب أن يتعلموا الدروس مما حدث في العراق والصومال. [91]

نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين الجنوبيين وكذلك الصحفيين المستقلين الذين تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش قالوا إنهم يعتقدون أن الرئيس قرر إنشاء ميليشيات موالية للحكومة معروفة باسم "لجان الدفاع عن الوحدة اليمنية"، في أبريل/نيسان 2009، أثناء مصادمات الحبيلين (انظر أعلاه) والاحتجاجات في الجنوب. هدف لجان الدفاع عن الوحدة اليمنية، حسبما يرون، هو تنظيم مظاهرات مناوئة في الجنوب لصالح وحدة اليمن، لكن هذه الجماعات المشبوهة يبدو أيضاً أن لها يد في العنف ضد المتظاهرين. [92] وفي 25 مايو/أيار 2009، قابل الرئيس صالح زعماء قبائل موالين للحكومة ومسؤولين من المجالس المحلية في الحبيلين وردفان والضالع في قصره بصنعاء، وتناقلت التقارير أنه قال لهم: "أنا واثق أنكم ستبقون على ولاء لثورتي سبتمبر وأكتوبر"، ووعدهم بفتح معسكرات التدريب العسكرية في الجنوب دعماً لوحدة اليمن.

[93]
أعضاء اللجان المذكورة منهم أعضاء سابقين وحاليين في هيئات عسكرية وأمنية، وغيرهم من المسؤولين الحكوميين. [94]
الظهور الأول المعروف للجان كان عندما قامت مجموعة من الرجال المسلحين بالقرب من ملح بإيقاف شاحنة لصحيفة الأيام في طريقها لصنعاء، وصادروا وأحرقوا 16500 نسخة من الصحيفة. وطبقاً للشهود، فإن عناصر مسلحة وغير مسلحة من لجان حماية الوحدة ظهروا أيضاً أثناء المداهمات الأمنية التي استهدفت المتظاهرين، وقاتل عناصر اللجان إلى جانب قوات الأمن في مجمع الفضلي في 23 يوليو/تموز 2009. [95]

عبد الناصر صالح أحمد عبيد، الطيار العسكري المتقاعد البالغ من العمر 45 عاماً، قال لـ هيومن رايتس ووتش كيف كان حاضراً في مظاهرات 21 مايو/أيار 2009 في عدن، واختبأ عن قوات الأمن لتفادي اعتقاله. وعندما حاول السير إلى بيته، في التاسعة والنصف مساءً، أوقفت مجموعة من الشماليين سيارته. ووصفهم بأنهم "جنجويد"، في إشارة مهينة للميليشيات الموالية للحكومة التي ترهب المدنيين في منطقة دارفور بالسودان (وسبة جنوبية معروفة لوصف لجان حماية الوحدة). وعندما عثر الشماليون على ملصقات للرئيس السابق في المنفى لجنوب اليمن، علي سالم البيض، في سيارة عبيد، قاموا بضربه بقسوة. وفي النهاية لكمه أحد المهاجمين في عينه بأداة معدنية صلبة، مما أدى لتمزق عينه وإصابته بعمى دائم في تلك العين. [96]

وفي الكثير من الحوادث العنيفة ضد منظمي المتظاهرين من قبل رجال في زي مدني، من المستحيل معرفة من المسؤول. عصام مهدي علي، القيادي بمنطقته في جناح شباب الحراك الجنوبي، تعرض للاحتجاز حوالي الساعة السابعة والنصف صباحاً في احتجاج ساحة الهاشمي 7 مايو/أيار 2009، وظل رهن الاحتجاز حتى بعد منتصف الليل على يد الأمن السياسي، لأنه رفض توقيع تعهد بعدم المشاركة في المستقبل في الاحتجاجات. وبعد منتصف الليل بقليل، تم نقله برفقة محتجز آخر إلى ساحة الهاشمي وأُفرج عنهما. وبدأ في السير إلى بيته، فتوقفت سيارة أجرة إلى جواره، وقال له السائق أن يركب. وهو يفتح الباب الخلفي قبض عليه بعض الرجال من الداخل وأجبروه على ركوب السيارة. ونقله الرجال إلى جزء غير مأهول من عدن، بالقرب من محطة كهرباء المدينة، حيث هددوه وعذبوه:

كانوا ثلاثة، أحدهم جنوبي والآخرين شماليين. كانوا يلفون رؤوسهم بالشال. توقفوا وسألوني أسئلة، وهم يحرقون السجائر على ذراعيّ. سألوني لماذا أساعد الحراك، قائلين إننا يجب أن نعيش جميعاً في ظل الوحدة، وإن علينا احترام الرئيس، وإنه سيمنحنا جميعاً حياة مريحة، وأشياء من هذا القبيل. ثم هددوني قائلين إذا شاركت في احتجاجات 7 يوليو/تموز، فسوف يحفرون اسم الرئيس علي عبد الله صالح كاملاً في ذراعي بحرق السجائر فيه. [97]

يتبع
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس