نهاية الرقص مع الثعابين... سم زعاف أم ترياق شاف!
11/01/2010
بقلم عبدالله الثلايا-نيوزيمن:
اليوم يتكرر مشهد الاحداث الذي حدثت في أواخر عام 2006 والذي أزاح ستاره باستضافة لندن لمؤتمر "المانحين" لتنمية اليمن باستثناء أن المشهد اليوم يقف خلف الارهاب ومن خلفه سيادة الدولة التي لا تتواجد على الأرض أصلاً ومغامرة جريئة غيرمضمونة العواقب وقد تخاطر بمستقبل وطن وشعب بأكمله، وخاصة بعد تصريحات كلينتون الأخيرة بأن اليمن يهدد العالم.
الرقص والتماهي مع الثعابين
ولا يخفى على أي عاقل الأسباب الأصلية التي قادت إلى هذا التدهور وهذه الحروب الطاحنة المتزامنة التي أثبتت أن الأمر لم يعد في يد سلطة وأن الثعابين التي طالما تفاخرت السلطة علناً بالرقص معها قد تضخمت رؤوسها وصارت أنيابها تعض ولسانها يقذف السم وجسمها يحطم العظم. هذه هي مرحلة كسر العظم بين الراقصين التي وصل ألمها حتى المتفرجين. ولم يعد للمتفرجين الخارجيين إلا الخوف على أنفسهم من نمو هذه الثعابين بحربها في جحرها وحرب من يشجعها على الرقص. ويا خوفي أن يأتي اليوم الذي يأتي فيه العم سام ويطلب من السلطة التنحي عن العرش وإلا فإن مصير البلاد كمصير أحدهم رقص مع الذئاب مرة وأكلوه في مكان ليس ببعيد يدعى "العراق".
وبالرغم من ذلك، فالأمر قد يدعونا للتفكير العقلاني حول قرار أمريكا وحلفاءها بالتعامل مع القاعدة في بلادنا التي فشلت حكومتها في استئصالها أو بالأحرى إنتصرت في رقصتها على من يراقصها. فقد يكون ذلك أكثر حسماً من الحسم المعروف في تاريخ حكومتنا وخيرٌ من إستعداء البلدان التي كلت من تحذير بلادنا من استضافة الأعداء، هذه البلاد التي تخوض حكومتها حرباً استنزافية طويلة وفاشلة ضد الحوثيين والقاعدة والعصابات المسلحة في الصحراء والجنوب بالاضافة الى مالديها من تحديات قاتلة مثل الفساد الفتاك والتنمية الميتة. وفي الجهة الأخرى لا يدري أحد منا ما الذي تخبأه لنا أمريكا ورفيقاتها وراء "الدعم" المعلن الأخير.
تاريخ الاحراجات
يبدو أن السلطة نفسها أدركت أن الدولة لم تعد ممسكة بتلابيب الأمن الذي تفلت تماماً من يد السلطة ولم يعد لها الا جلب شركاء في الميدان...أي شركاء. فخلال فترة قصيرة فقط اتخذت القاعدة من أرضنا مركزاً لتوجيه عملياتها الدولية تخطيطاً وتعبئةً وتجهيزاً وتأهيلاً، ولا يخفى على أحد دور اليمن في عملية مقتل السياح الأسبان في مأرب والبلجيك والكوريين في حضرموت ومقتل واختطاف فريق طبي أجنبي في صعدة ثم الهجوم على السفارة الأمريكية ثم حادثة الانتحاري الذي فجر جسمه في حضرة مساعد وزير الداخلية السعودي ثم التفجير الانتحاري الجزئي للنيجيري فاروق عبدالمطلب على الطائرة الأمريكية مؤخرا،ً فضلاً عن فشل الدولة في حسم التعامل مع قيادات القاعدة والعمل معهم عن طريق الصفقات وخصوصاً منفذي تفجير كول وما بعدها. فالوضع الحالي الذي لا يمكن لأحد أن ينكره هو أن الدولة الراقصة تعيش أنهك وأضعف لحظاتها بينما ينعم مراقصوها بأوج نشوتهم وسيطرتهم. ولم يعد للدولة الا التسليم بالقرار الغربي ومحاولة الاستفادة ما أمكن من أي دعم منهم، وبالذات عنندما يكون القرار الغربي مجمعاً عليه بينهم وليس لحكومتنا قولٌ إزاءه.
سرعان ما رحبت الحكومة اليمنية بدعوة بريطانيا و شركاء مقارعة الارهاب المتجسد في القاعدة، في استثمارٍ لضعف سياردة الدولة الأمنية على أراضيها ومياهها التي تستغلها جماعات القاعدة لشن عملياتها ضد أمريكا وحلفائها. بالرغم من ذلك، استقبل الكثير من اليمنيون ومنهم النخبة تلك المبادرة الدولية بشعور عميق من القلق والتشاؤم الذي لم تيدده أي تصريحات حكومية تطمينية نظراً لانشغال مسئولي الحكومة بالتخطيط لاستيعاب الدعم المرتقب وكون القرار حيال ذلك لم يعد في يد الحكومية وتولى التطمين عنهم مسئولون أمريكيون لعلمهم بحساسية الأمر بالنسبة للشعب اليمني.
ملامح بناء الغرب ليمن جديد
تشير المعلومات الأولية عن هذا الدعم بارتكازه على 3 محاور رئيسية يتصدرها زيادة دعم وتدريب وتجهيز قوات خاصة وكثيفة لضمان الوقاية من العمليات الارهابية يديرها خبراء ومدربين ومنسقين استخباريين، ويقارب مبلغ هذا الدعم 67 مليون دولار كمرحلة أولى تحدد تطوراتها ملامح مرحلتها الثانية. وهنا يتمحور قلق الحكومة اليمنية غير المعلن من قيام القيادات الاستخباراتية الغربية بعمليات جوية أو نوعية خاطفة عديمة الكفاءة طبعاً باسم الحكومة على مواقع ارهابية مستهدفة مثل تلك التي تكررها في المناطق الافغانية والباكستانية،.
أما المحور الثاني فهو دعم الاصلاحات في اليلاد لتختزل كل الاصلاحات السياسية والاقتصادية التي تتطلبها البلاد الى دعم جهود الدولة في الاعداد وتسهيل تحقيق اللامركزية والحكم المحلي وذلك بمبلغ 80 مليون دولار، وتواجه الحكومة تحديا صعباً في التخطيط لاستيعاب هذا المبلغ حيث لا تمتلك الوزارة المختصة خبرة سابقة في ادارة مل هذا المبلغ بكادرها غير المؤهل ووزيرها الذي يشغل وظيفة أعلى ولا يداوم فيها إلا مرة واحدة الأسبوع ليخلي الأمر لخلافات حادة بين وكلاءها ومدراءها العموم حول الصلاحيات والإدارة.
أما المحور الأخير فقد بقي محل خلافات بين الوزارات وبينها المانحين، فالحكومة تحرص على تدفق مبالغ الدعم الموجه لمشاريع التنمية الاجتماعية عبر وزارة التخطيط التي فقدت مؤخراً الكثير من الثقة والأموال نزراُ لعودة رجل الفساد الأول الى سدة الوزارة بعد أن كان قد خبا نجمه بعد إزاحة الوزير الأسبق الذي تلا إحجام المانحين عن دعم الوزارة بسبب تلاعبه بالمنح الموجهة للتنمية كان نتيجة آخرها سحب المساعدات الأمريكية الضعيفة أصلاً ومنح دراسة اللغة الانجليزية بسبب الاتجار بها في قطاعه.
أما وكالة التنمية الأمريكية فقد حزمت أمرها وبدأت تعد لنشر إعلانات الدعم إلى الداخل الأمريكي ليتولى المتعهدون والمنظمات الربحية الأمريكية إدارة تلك المشاريع فقط في 7 محافظات صنفوها بأنها تحتضن الإرهاب. أما الحكومة البريطانية فلا زالت تخشى من مسائلة دافع الضرائب إن هي إئتمنت الحكومة اليمنية على أمال الدعم. أما الوزارات الأخرى فهي تسعى للاستئثار بتلك الأموال جون أي إدارة مشتركة من قيل وزارة التخطيط أو المانحين. لم يتم تحديد مبالغ هذا الدعم والتي يتوقع أن تفوق 300 مليون دولار كما لم يتم تحديد الطريقة النهائية لإدارتها.
يفيد عدد م الاقتصاديين الى شكوكهم حول اتفاق المانحين على عجز الحكومة في ادارة مبالغ المساعدات كما هو المعتاد وعدم وجود الكوادر القيادية التي ستضمن شفافية الإجراءات وكفاءة العمل وجودة الخدمات. إلا أنهم يشيرون إلى إمكانية التغلب على تلك المشكلة باختيار أفضل اللاعبين في تحقيق التنمية من المؤسسات اليمنية ذات الخبرة في هذا المجال رغم قلتها.