عرض مشاركة واحدة
قديم 02-10-2010, 03:50 PM   #1
عصام صالح عمر
حال نشيط
 
الصورة الرمزية عصام صالح عمر


هواياتي :  الموسقى والفن الأصيل
عصام صالح عمر is on a distinguished road
عصام صالح عمر غير متواجد حالياً
افتراضي الموسيقى والغناء في الجزيرة العربية ( فن الصوت )

الموسيقى والغناء في الجزيرة العربية
(فن الصوت)

لا يمكن لنا أن نضبط تاريخاً معيناً نُرجع إليه بدء الموسيقى في هذه الدنيا فقد خُلقت مع خلقه تعالى ، وهي من أصوات الرياح والأمواج والحيوانات التي تُبديها عندما تبعث في الحياة وتشم نسيم الوجود - وللموسيقى ناحية أخرى هي الإيقاع أو الوزن الذي يشعر به الإنسان و الحيوان من الفترات المتساوية المضبوطة التي تُوجد بين دقات قلبه ، فلو نتوجه بالعناية إلى سماع وقع رجلينا برهة من الزمن ونحن نمشي لوجدنا أنفسنا نترنم بكلام أو بلحنٍ موزونين على هذا الوقع ، ففي الإيقاع أشترك الشعر والغناء وصار صنوين هائمين في بحر الخيال – وعلى هذا الأساس أبتكر العرب قديماً الحداء ، وهو الغناء الذي يُعين الإبل على قطع المراحل البعيدة بدون أن تشعر بتعب أو ثقل حُمُولتها، ثم تطور الإنسان وأخذ يبتكر الآلات الموسيقية من الحجارة واللوح ، والقصب ، وأداة النبل ، التي أوصلته لصناعة الأوتار والآلات الوترية ، الربابة ،العود ، والقانون ، والكمنجة إلى أخره .
ولذلك كانت الموسيقى سبباً في تقدم الأمم في الحضارة . قال نابليون بونابارت ( هي ربة التهذيب والذوق والجمال وقال أرسطو الموسيقى أول مهذب للخلق ولهذا من الضروري تعليمها للنشء .وكما قيل لو أردت أن تعرف حضارة شعب فاستمع إلى موسيقاه وأنا في هذه العجالة لو أردت أن أتطرق للموسيقى والغناء في الجزيرة العربية وبدايتها لأخذ مني ذلك وقتاً طويلاً ولكني آثرت أن أبدأ برؤوس أقلام للاستفادة وخصوصاً المهتمين بالثقافة الموسيقية .
الغناء في عهده الأول ، وكما أشارت بعض المراجع أنه بدأ بالخنساء حيث كانت الخنساء شاعرة الرثاء تُغني أو تُلحن مراثيها ، ولنقل تُلحن وتغنى الأعشى ميمون بن قيس متغزلاً في (هريرة) إحدى مغنيات الحيرة في أيام النعمان أيضاً كانت هناك شخصيات في العصر الإسلامي الأول ، أمثال أبو سعيد إبراهيم وكان مولى لعمرو بن عثمان بن عفان رضي الله عنه وكان شاعراً ومغنياً ثم ناسكاً بعد ذلك معتبراً من أهل الفضل بالمدينة ، عاش إلى أن أدرك هارون الرشيد ، وأيضاً جميلة المشهورة مولاة الأنصار ، ويقول فيها معبد اصل الغناء جميلة وفروعه نحن ، ولولا جميلة لم نكن نحن مغنين ، كانت جميلة لا تُغني إلا في بيتها فيأتي إليها الأشراف للاستماع إليها والاستمتاع بغنائها ، وحضر لديها يوماً ابن سُريج ومعبد وكانت عندها جارية مُحسنة لبقة فبدأت تُطارحها الغناء ، فقال ابن سريج : كنا نحن أحق بالابتداء فأعطته جميلة درساً حيث أجابته بقولها : كل إنسان في بيته أمير وليس للداخل أن يتأمر عليه ! فأجابها ابن سُريج بقوله: صدقتِ جُعلت فداك وما أدري أيهما أحسن أدبك أم غناؤك – فقالت له (كف يا عبيد) القصة طويلة فبرزت مكانتها عند أهل مكة والمدينة لجمال صوتها ، والجدير بالذكر أن الغناء في العهد الأول لم يكن فردي فقط وإنما كان ثنائي ، وجماعي ، وكان كل ما يُتغنى يسمى (الصوت )، وكان الخلفاء عندما يطلبون الإعادة كانوا يقولون للمغني أعد عليّ صوت كذا ويبدأه بمطلع البيت .[/align]
هيهات من أمةِ الوهَّابِ منزلُنا
إذا حَللنَا بسيفِ البحرِ من عَدَنِ
واحتل أهلُكِ أجياداً فليس لنا
إلا التذكّر أو حظُّ من الحَزَنِ
بالله قُولي له في غير مَعتَبَةٍ
ماذا أردتَ بطولِ المُكْثِ في اليمنِ

وهكذا أستمر المغنى والمغنيين في تواتر الأصوات والموشحات ، وظهرت االألون المتعددة لفن الصوت ، في الجزيرة العربية . في العهد الأول من الإسلام ظهر كثير ممن كانوا يمارسون الغناء ولنذكر منهم ، معبد في المدينة ، ابن مسجح ، ابن محرز ، وحبابة ، وعزة ألميلاء ،، وابن سُريج ، وجميلة مروراً بالعهد الأموي ثم العباسي الذي ظهر فيه إبراهيم المهدي ، وإبراهيم الموصلي وصولاً إلى زرياب الذي هاجر من بغداد إلى الأندلس وأسس أول مدرسة موسيقية وهو الذي أضاف وتراً خامساً في العود بعد أن كان أربعة أوتار
المدرسة الفنية في الجزيرة العربية تمتاز بمحافظتها على القالب الغنائي الأصيل الذي عُرف في المدينة المنورة من عهد الخلفاء الراشدين وإن كان منبعه الصحيح مكة ومنه انطلقت المدارس العربية الأخرى التي أثرت في كل بلد اعتنق الإسلام دينا .
وهذه المدرسة تعم كل الجزيرة العربية بما فيها ( اليمن ) وجميع سلطنات وإمارات الخليج وتدخل حتى البصرة بالعراق وهي ترتكز على فن الصوت الذي يتمثل في الارتجال الغنائي على قالبٍ مضبوط وإيقاع محدد ولا يتناول سوى المقامات العريقة التي تعتمد أصلاً على السلالم الموسيقية التي تشتمل على التجزئات الصوتية الصغيرة أمثال مقامات رست ، بياتي ، سيكا .
فن الصوت من الفنون الجميلة و الصوت من اقدم الفنون العربيه وكما أسلفت من ايام الجاهلية .. أيضاً من أرقى وابدع الفنون وهو الفن العربي الأصيل الذي نعتز فيه نحن العرب ، والصوت وصل إلى المغرب بواسطة زرياب عندما هاجر من بغداد وانتقل بعد ذلك عبر الأندلس وانتشر الصوت فيها واصبح له تلاميذ وأصحاب تبعوا مدرسته .. ولكنه اختفى بعدما توصل ابن زيدون لفن الموشح وبقي فن غناء الصوت في الجزيرة العربية إلى الأن وسمي بعد ذلك بالدان أو صوت الدان فأهل حضرموت يؤدون ما يُسمى بالدان أو صوت الدان وله عدة أنواع وهو ما يسمى في الوقت الراهن الريّض ، والحيقي ، والهبيش ولكنه هو فن الصوت الأصلي والذي تغير حسب تأثير المنطقة والموقع الجغرافي . وأهل مكة يطلقون عليه دانة والذي يؤدونه على مقاماته الأصلية السبعة إلى الآن المعروفة في السلم الموسيقي وهي مجموعة في عبارة ( بحمرٍدسج ) وهذا مصطلح من المصطلحات اللغوية الصوتية أي بمجرد ذكر أول حرف ، ويقصد بمعنى (بحمرٍ دسج ) الباء بياتي والحاء حجاز والميم مايا أي الهزام والراء راست والدال دوكا ، والسين سيكا ، والجيم جاركا ، - والجاركا معناه بالفارسية المقام الرابع والسيكا الثالث وهكذا وبعض المقامات عربية وبعضها من أصل فارسي كما يُتغنى في مكة إلى الآن إلى لون يُسمى دانة يماني ليس نسبة لأهل اليمن وإنما نسبة إلى البرعي اليماني وهو من أهل مكة ، و أهل صنعاء يؤدون اللون الصنعاني وهو أقرب إلى دانة مكة في الوقت الراهن وأطلق على إيقاعه إيقاع صنعاني حتى إلى عهدٍ قريب جداً في مكة أي ما يقارب الستين سنة أو أكثر كان يُطلق عليه صنعاني مكي أي إيقاعه صنعاني نسبة لأيقاعه فقط وفن الصوت قريب من بعضه ولكن يختلف في ضغوطه وتأثير المنطقة فكان له حُفاظه ومجيدوه ، والفرق بين الموشح والصوت ان الموشح ترقص عليه النساء والرجال .. اما الصوت لا ترقص عليه النساء فقط للرجال ويقال عنه ( الزفن ) .
فأُصول فن الصوت من مكة المكرمة وانتشر بعد ذلك في الحجاز والمدينة بالتحديد بعد ذلك اليمن ودول الخليج وأصبح يمارس بضغوط إيقاعية مختلفة وبأساليب مختلفة وأزدهر فن الصوت في اليمن وكثر شعراءه وأتقنوه وحافظوا عليه ، وغنوه باللغة العربية الفصحى واللهجة الدارجة ووصل إلى الخليج العربي وأصبح هذا الفن من الفنون التي انتشرت هناك ولكن في الخليج العربي يُؤدى فن الصوت بطريقة مختلفة عن مكة واليمن ، الزمن الإيقاعي يكاد يكون قريباً إلا أن الضغوط مختلفة كما أن هناك عامل مهم أن فن الصوت في الخليج مُزج وتلاقح مع بعض الألحان الوافدة مثل الهندية والإيرانية والسواحلية وغيرها ويظهر ذلك في بعض ما تغنى به جيل القرن الماضي وهناك الصوت الشامي ومقتبس من الصوت الحجازي ، ماهو جدير بالاهتمام والتعريف أنه تفرع من فن الصوت جميع الفنون في الجزيرة العربية وقد وضع بعض الملحنين المعاصرين ألحانهم عليه وقد عرف القرن الماضي عدداً من الفنانين الذين حافظوا على التراث وبثوه في الجيل الحاضر نذكر منهم من السعودية المغني الشهير المرحوم ( حسن جاوه) فهو من مواليد العشرة الأولى من القرن التاسع عشر تربى على الألحان القديمة مع حفظ أوسع للأشعار العربية من مختلف العصور والمواضيع وقُدرة فائقة على الارتجال الغنائي ، وتجول في البلاد العربية ، وبث فيها من فنه وتعرَفَتْ على حُسن أدائه وإتقانه العزف على آلة العود ويذكرنا
بحلاوة صوته وجميل أدائه وإتقانه العزف ما نُقل عن مغنييّ المدينة في العصر الإسلامي الأول كانت رحلاته للتعريف بالتراث الفني المتوارث في الجزيرة العربية وخصوصاً مكة المكرمة توفي حسن جاوة عام 1964م .
والشخصية الثانية هي الشيخ إبراهيم السمان وهو من أصل حلبي ومولود سنة 1894م أقام في المدينة المنورة واستقى من حياض فنها مع حفظ جيد للشعر العربي وللموشحات والأدوار يمتاز بصوت لا حدود له وحسب نقل من سمعه أنهم لم يتعرفوا على اتساع دائرته في جيلنا الحاضر ، ينزل للقرار إلى أبعد حد ويصعد للجواب بما يجعلك تخاله صوت فتاة لا يشبه سوى صوت إبراهيم بن المهدي حسبما وصفه كتاب الأغاني للأصفهاني .تجول في البلاد العربية وشارك في الحلقات الصوفية متميزاً بأداء القصة المولودية وختم حياته مؤذناً في الحرم النبوي 1963م
ومن المشاهير القدامى في القرن الماضي ضابط الإيقاع عرفة صالح با عرفة المولود بحضرموت سنة 1865م والذي بث الأيقاع العربي الأصيل في عدة أجيال ونشره في عدة محافل لتقدمه في السن كان ينشر جميع انواع الإيقاعات المتنوعة التي كانت تؤدى في فن الصوت توفي بمدينة جدة .
هذه نبذة عن فن الصوت في الجزيرة العربية والذي يُعتبر هو أساس الغناء في الجزيرة العربية .والذي كان هو البذرة الأساسية للغناء العربي بأسره.
عصام صالح عمر
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

- الموسيقى العربية وتاريخها للدكتور صالح المهدي
2- حارات مكة للأستاذ عبدالله أبكر
3- كتاب ألأغاني للأصفهاني

التعديل الأخير تم بواسطة عصام صالح عمر ; 02-10-2010 الساعة 04:39 PM
  رد مع اقتباس