صعدة ..وتوق لوطن ( لا تفخخه ) الحروب ..!! علي الكثيري
الأربعاء , 24 فبراير 2010 م
توقفت ( رحى ) الحرب السادسة ، بعد ستة أشهر من دورانها الجنوني في صعدة وحرف سفيان، وبعد ذاك الركام المؤلم من الضحايا والخسائر والماسي والجراح ، التي داهمت الوطن اليمني المثخن بالهزائم والأزمات والنكبات .
نعم ، قد توقفت الحرب بعد أن أنهكت الجميع ، لكن شبح اندلاعها مجددا ، لايزال يضرم الفزع في نفوس التواقين لوطن ( لا تفخخه ) دوامات الاحتراب ، ذلك أن الأسباب والعوامل التي ظلت تفجر دورات الاقتتال في صعدة وغيرها من مناطق البلاد ، لم تجد حتى اليوم الإرادة الحقيقية والفعل الجريء ، الذي يتعمق لاجتثاث جذورها ومنابعها ، على نحو يضع حدا قاطعا لكل ما يدفع الأفراد والجماعات لمواجهة الدولة بفوهات البنادق والمدافع، ونعتقد جازمين – والحال كذلك – ، أن الأسباب والعوامل التي ظلت تمحق البلاد والعباد بدورات الحروب ودوامات العنف ، كامنة في الاختلال العميق المتأصل في منظومات ومسارات إدارة البلاد ،
الذي يعبر عنه ذاك الغياب والتغييب لمرتكزات المواطنة السوية ، المتمثلة في العدالة في توزيع السلطة والثروة ، والديمقراطية المحققة للشراكة الفعلية وللتوازن في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين مناطق الوطن وفئاته ، والتنمية الشاملة المستدامة ، بموازاة الحضور الكاسح لممارسات الاستلاب والغبن والتمييز والاستحواذ ، والتعاطي مع ثراء التنوع والق الخصوصيات ، من خلال أفاعيل الصهر والطمس والقمع والاجتثاث ، فضلا عن الاستخدام غير السوي للدين في لعبة السياسة وتوازناتها ، فذاك كله أنتج بؤر الحروب المتتالية في شمال البلاد ، وهو أيضا ما يضرم المواجهات الدامية التي توشك على التحول إلى دوامات عنف في الجنوب والشرق .
إذا كان الاتفاق على وقف إطلاق النار في حرب صعدة السادسة ، خطوة شجاعة رحب بها وباركها كل اليمنيين ، فان الأهم الذي يأمله الجميع ، هو أن تتحرك منظومة الحكم بجدية باتجاه المعالجة الجذرية الشاملة لمجمل الاختلالات التي تفاقم من مهالك الفشل والتردي ، وتؤجج بؤر الاقتتال والعنف والتمزق ، والتي – للأسف الشديد – انزلقت بالوطن وأبنائه ووحدته إلى شفير هاوية مدمرة ،
وهذا ما يتأتى من خلال الشروع في تفعيل إصلاحات سياسية وطنية عميقة وشاملة تقضي إلى تجسيد المواطنة السوية بمرتكزاتها الثلاث ، والتوجه الفاعل صوب إعادة هيكلة نظام الدولة ، من خلال اعتماد نظام الدولة المركبة ( الفيدرالية ) .. نعم ، إن ما بلغته الحالة الوطنية المأزومة ، من مستويات خطيرة وراعبة ، لا يسمح بأي قدر من المكابرة والتردد والمراوغة ، فلا سبيل للنجاة والإنقاذ الوطني سوى الفيدرالية ، أما إبقاء الأوضاع على ما هي عليه ، فلا يصيب إلا في مجرى الإطاحة بالبلاد في مهاوي التفجر والتمزق و( الصوملة ) ..
ولله الأمر من قبل ومن بعد ..