من ( لندن ) إلى ( الرياض ) ... ! ...علي الكثيري
الخميس , 4 مارس 2010 م
من ( لندن ) إلى ( الرياض ) حضرت اليمن بكل أزماتها المركبة والشائكة ، على طاولات بحث ودراسة تداعى إليها واحتشد لها أشقاء وأصدقاء ، تنامي قلقهم من نذر الفشل والتفجر والانهيار والتمزق ، التي ما طفقت تتهدد هذا البلد المترامي الأطراف ، وصاحب الموقع الجغرافي الاستراتيجي المحوري جنوب شبه الجزيرة العربية ، حيث الممرات البحرية الملاحية الحيوية وحيث أعظم مخزون نفطي في العالم .
لقد قالت القوى الفاعلة والمؤثرة دوليا وإقليميا ، كلمتها تجاه ما ينبغي فعله لتجنيب اليمن مخاطر الفشل والانهيار والتشظي ، وتجنيب المنطقة والعالم تداعيات أي انزلاقه كتلك ، تحول هذا البلد إلى قاعدة لتيارات التطرف والإرهاب .. نعم ، قالت تلك القوى كلمتها في اجتماع لندن أواخر الشهر الماضي ، وهاهي مخرجات اجتماع الرياض مطلع هذا الأسبوع ، تصب في مجرى الدفع باليمن إلى رحاب التفعيل الجاد والعاجل لمصفوفة إصلاحات سياسية وطنية عميقة وشاملة ، بصفة ذلك الضرورة التي لابد من تجسيدها ، لتفادي التردي في مجاهل انهيار كارثي مدمر ،
فقد أبدى أشقاء اليمن وأصدقاؤها ، حرصا واستعدادا لا يحده حد ، لمساعدتنا – نحن اليمنيين – على مساعدة أنفسنا ووطنا لتجاوز ما يعصف بنا من تأزمات وتصدعات واحن ومحن وانسدادان ، وما يحدق بأرضنا وشعبنا من مخاطر ومهاوي راعبة ، وهذا الإجماع الإقليمي والدولي الحريص على استقرار وطننا واستمرار وحدته ودعم نمائه ونهوضه ، إجماع غير مسبوق يستدعي من الفعاليات السياسية وفي الصدارة منظومة الحكم في البلاد ، قراءته قراءة صائبة ودقيقة وواعية ، والتعاطي معه على نحو محقق لاستفادة وطننا منه ، من خلال إطلاق العنان للأفعال الإصلاحية الجريئة الملبية لاستحقاقات التغيير الجذري الشامل ، بما يؤسس لتحولات تاريخية ترسي مقومات الاستقرار والنماء والتماسك والوئام والاندماج الحقيقي ،
وذلك من خلال تفعيل مقتضيات العدالة في توزيع السلطة والثروة ، والشراكة الفعلية والتوازن السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين مناطق اليمن وكافة فئات أبنائه ، والتنمية الشاملة المستدامة ، وهو ما لا يمكن ان يتحقق في ظل هيمنة نظام الدولة المركزية البسيطة ، الملهب لسعير الغبن والانتقاص والتمييز والباعث للازمات والضغائن والتشظيات والنزعات الضيقة ، والهازم للاستقرار والنماء والوئام ، والهادم والمقوض لثراء التنوع والتكامل ، إذ توجب الحاجة والضرورة إعادة هيكلة الدولة في سياق توجه مطلوب ومرغوب لاعتماد نظام الدولة المركبة ( الفيدرالية ) ، الذي لا تتوفر الا في سياقه ممكنات تجسيد الشراكة والتنمية والاندماج ، وترسيخ فاعلية سلطة القانون والمؤسسات ، وتجفيف المنابع واجتثاث الجذور المنتجة لمحارق التطرف والإرهاب .
ولله الأمر من قبل ومن بعد ..