ليس سهلا البحث والتّنقيب عن مناقب رجال حضارمة مضوا لهم تأثير على مجريات الحياة ، لم تدوّن أعمالهم خطّيا ، وإنّه من الخطورة ومن الهذيان تجريح الزّمان والمكان والذّات ، ومن الحصافة والعقل والكياسة والأمانة البحث بنزاهة .
النزاهة ونزعة الإصلاح والمروءة ليست لمن يهوى السّير في الظّلام ، إنّها لمن يمتطي جواد الكلمة ضحى .
العبثيّة والسّطحيّة في تناول عنوان من التاريخ لمجرّد الإثارة هو عبث بكنوز التّراث ، عبث بكلّ المقاييس .
إنّ الكتابة بهستريا هستريا وإنه سهل اليوم تسطير ما يحلو لسياسي متكسّب أو لكاتب كاذب مجهول الإسم والمكان لكسب شهرة أو بروز اسم على حساب هدم صروح وتجريح أعلام تاريخيّة ، لكنه من المشقّة والصّعوبة الحفر في ذاكرة التّاريخ لإبراز المشاهير إلاّ عند من تلذّ له المروءة وهي تؤذي من ذوي النّخوة والنّزاهة وقبلها حبّ الوطن والإعتزاز بالأجداد .
صلاح احمد والإصلاح
أخبار بلغت منها نفس الحكيم امْكدّرةْ = من نحو جاوه جاتنا في ضمن خط امْحرّرةْ
المضمون:
استلم الشيخ ، المقدّم الفاضل الشّاعر صلاح احمد رسالة بها قصيدة طويلة من شاعر معروف باسم ابن شيبان يقيم في جاوة ، جاء فيها:
قال التّميمي بانْظم اقْوالي سطور امْقرّرةْ = محكومة المبنى لها معنى سطور امْحررةْ
تشفي غليل الصّدر من شاعر حكيم امْصدّرةْ =مثل المشاخص من ذهب متسهّلةْ متيسّرةْ
من غير كلفة جابها لاهل المعزّة تذكرة= فيها كرم حاتم وفيها من شجاعة حيدرةْ
المحتوى:
الفتنة التي وقعت بين الإخوة في جاوة
أرسل التّميمي قصيدته إلى صلاح احمد في الهند ، وكعادة الشيخ نهض مستجيبا لنداء الإصلاح وأرسل قصيدة جوابيّة وألحقها بأخرى:
أخبار بلغت منها نفس الحكيم امْكدّرةْ= من نحو جاتنا ضمن خط امْحرّرةْ
إخوة تبيع اخوة بلا قيمة ولقّوا مَسْعرةْ =يا بيعة الخسران ماذا شرع يا اهل الهوبرهْ
ومنها:
وانتم فتحتوا باب في جاوه لألعاب الكرةْ=وقاموا الجهّال ألقوا بالشريعة مسخَرَةْ
يحكي بنور الله ما في الصّدق قط امْحاذرهْ=وإذا اصْطلحتوا ما علينا من كلاب المجزرةْ
القصيدتان مررت عليهما في إحدى أعداد جريدة التّرجمان الصادرة عام 1937 _ 1938
ثمّ تبعها بقصيدة أخرى قال فيها:
أخبار تبلغ من قداكم منها الجوف اشْتعلْ= بين الحبايب والمشائخ و.... والدّول
ما هو سوى ياهل الوطن ما هو سوى يا هل الأمل= لا بارك الله للذي فيها سفحْ ولاّ غزلْ
وان با نحصّل شرع با نعزم اليكم في عجلْ= بادْرج على لَخْوان باصرّ العماني والجفلْ
لجل صفو الحوض ما قصدي كساء ولاّ بدلْ=باسْرح على مصرفي لو بيع في عزّ الوسلْ
والعمر في السّتّين والطّاقة قليلة والكهلْ= لكنّنا رجّال وقت النّائبة ما بي كسلْ
كنت أفكّر وأنا اكتب القصيد من أوراقي وأتخيّل ماذا سيفعل السيد حسين بن حامد المحضار وصلاح احمد والشيباني لو أنّهم حضروا الآن وشهدوا على مشاكل الإختطافات وسرقة السيّارات؟.