عرض مشاركة واحدة
قديم 11-14-2006, 01:01 PM   #13
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

.


شهدت حضرموت في القرون الماضية ظروف اقتصادية ومظالم اجتماعية ظلمت الطبقات بعضها البعض،
ثم اتفقت كل الطبقات الاجتماعية بالاجماع على صب مظالمها في المرأة، المرأة ذلك الكائن الضعيف
الذي تعرض عبر العصور إلى تجفيف منظم لمنابع الحب فيه، وكبت مشاعر الإحساس والعواطف ،
وبوح المرأة بالحب ولو حتى باللجؤ إلى أدوات التعبير من شعر أو نثر، يعد في نظر المجتمع قلة
في الحياء وتمرد على القيم الاجتماعية بعكس الحال عند الرجل الذي من حقه أن يبوح بحبه علنا ويعبر
عن عواطفه جهارا بكل وسائط و أدوات التعبير شعرا أو نثرا.
ووسط تلك المفاهيم الاجتماعية عاشت الشريفة خديجة بنت علي الحبشي شأنها شأن الحضرميات
من بنات جيلها. إلا أنها كانت تختزن في أعماقها مشاعرا فياضة بالحب والأشواق ككائن يملك
الأحاسيس ويملك موهبة التعبير عن تلك الأحاسيس..
فاستطاعت أن تكشف لنا بموهبتها الشعرية وأن تصيغ لنا المعاني الكبيرة بواسطة أدوات التعبير
المفهومة في المجتمع فلجأت إلى قرض الشعر الشعبي ونظمته على أصوات الأغاني الشعبية الشائعة،
نظمت لنا كثير من الأشعار صبت فيها مشاعرها العاطفية تجاه من تحب دون الإفصاح بصريح العبارة
عن حبها فنقرأ معاني الحب فيتجلى في شعرها الحبيب هو الله تعالى وتارة يتجلى لنا النبي محمد (ص)
وتفصح مرة بحبها لوالدها السيد علي الحبشي وتشير حينا أنهم إخوتها الذين نأت بعضهم الغربة وتصرح
بحبها لشيخ أبيها ومعلمه السيد ابوبكر بن عبدالله العطاس المدفون بحريضة وتارة يتجلى لنا ذلك الانسان
الذي اخفت سر حبه وسر اسمه في اعماق قلبها خشية من البوح بالتصريح المباشر باسمه ....
وأمام تلك الصور الرائعة من الحب والتي تحركها لواعج الأشواق يبقى الحنين للقاء بهؤلاء الأحبة في
الدار الآخرة وفي الأثر ( إن المحب يحشر مع من أحب) وترجمة لمعاني هذا الحديث قالت الشريفة خديجة:

في الحديث إن المحب يحشر مع من أحب........ ....... يالله أصلح كل حال
بانقع سعفه نهـــــار الخلق كلٍ في التعب .......... والصحــابه والعيـــال
مابغينـــا البعد بانحـشر مع من قـــــرب .............. الى رفيعات المعـالي

ولكن حتى يحين ذاك اليوم الوعود هناك أشواق للمحبة تهز قلوب المحبين قالت الشريفة خديجة
على صوت ( من حب صاحبه ما دور بديله ):

لي قلب شايق تحركه النسايم ........... يتذكر لي في أوقاته علايم
.................... ياريتنا الخف في قاعة رجيله

ومن بلي في المحبة صار ضايع ........ حبـّـان صيته في الآفاق شايع
...................... حتى من البعد باتسمع عويله

وكل مشتاق ماحــد يلومه ....... إذا تذكر صاحبــــه تقـــوا عــــزومه
.................. والشوق في القلب والطاقه قليله

............. (( من حب صاحبــــــــــــه ما دور بديله ))

يبقى مفهوم الحب عند الشريفة خديجة ضربا من ضروب الامتحان والبلاء ( البلية) للقلوب المكلومة
القلوب التي تعرف صادق المحبة ومعانيها الحقيقية قالت على صوت ( يارب بتي العكيه )

ما حد درا ما بحالي ............ بي شوق ماحد رثالي ......... ياهل القلوب الصفيه
من حب صاحبه يتعب ............ لا حـــــد يلوم من حب .......... فان المحبه بليــّـــه


ولكن هل لمن بلي بالمحبة أن يتلثم برداء الحياء خوفا من أقوال الناس ونقد المجتمع له؟؟
أو ان له الحق بالمجاهرة بالحب الحقيقي ذلك الحب الذي يفجر في كوامن النفس منجما يخرج
منه الدرر والجواهر ذلك ما باحت به الشريفة خديجة على صوت ( ياشمس شارقه من فوق سيئون )
وترجمة لنا فجاءت صورا جميلة عن معاني سامية لا يدرك مكنونها إلا العارف اللبيب ..
ولك أيها القارئ أن تتأمل معي جزيئاتها المترابطة باحكام وتهيم مع سبحاتها حين قالت فيها:

من بلي بالمحبه لا يحاذر ....... بايخرّج من اقواله جواهر
................ بايغني بها وانتم تسمعون

والمحبه لها عندي قواعد ........ غير ماحد معي فيها مساعد
.............. من قدا لي بهم خاطري محنون

يالمغني تفضل رد جواب .......... قبل لا عاد يظهر سر غاب
...................... كيرها في الكبد مرشون

وتتنقل بنا الشريفة خديجة بين جزيئات متكاملة ومترابطة وترسم لنا بأدوات التعبير البسيطة صورا
رائعة لمعاناة امرأة مترددة تحاول ان تبوح أو لا تبوح بمكنون سر حبها ولكن مهما حاولت البوح
فالنار لا تحرق إلا رجل واطيها وقلب المعنى بالحب هو المولع خاصة حين يكون المحب الذي تعنيه
الشريفة خديجة حين قالت

قلبــي المعنى مولــع ........ والعين تدمع .......... لا حل لش يالهويه
كــم لي قلبي معــذب ....... ونا مـسبـــب ........ والعقل مني هميّــه
العشق عندي فنـونــه ....... كافــه ونـونه ......... بتيـت فيه العكـيّــه
ياحبايب رثوه لحالي ..... في ذا الليالي ....... هيـّـا بنظــــره اليّــــه
من كــل حـب متــيـــم ...... في الحب مغرم ....... يهوى الأمور العليّـه
نفسي بذكر المديـنــه ...... دايم حـــزيـنــه ...... تشتاق خير البريــّـه
متى متى اشوف داره ..... واحضر مزاره...... سعف الوجوه الرضيـّـه

هنا يأتي الافصاح عن هذا الحبيب الأسمى هو حب لمدير الكون كله وخالق الناس فجعل الجميع
من حالة العدم إلى حالة الوجود بين ( الكاف والنون ) والشريفة خديجة افصحت أنها تهوى ( الأمور العليه )
ونفسها تفيض شوقا حين تذكر ( المدينة ) على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وتتمنى أن تزوره
بصحبة الوجوه الرضية من الصالحين الأخيار ....!!!


للحديث بقية مع شاعرة من سيئون ...!!!


.
التوقيع :
  رد مع اقتباس