اقتباس :
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوعوض الشبامي
[ مشاهدة المشاركة ]
|
لا عجب أن ان أقرأ لوحة بانورامية عملاقة تعددت فيها ( صورا ثلاثية الأبعاد ) ، تناول فيها شاعرنا جراح لاتندمل أبتلي بها المجتمع البدوي الحضرمي .
بكل شفافية ومصداقية لجأ الشاعر باقديم الى شرح تلك اللوحة مجزأة ، ينقلنا معه من مربع إلى آخر ، ليبين لنا علل هي من ثمار المدنية الزائفة ، حين لجأ الإنسان الى الرحيل نحو المدينة وترك حياة الفطرة التي كان يعيشها أباؤه واجداده كانت الحياة بسيطة ، بعيدة عن التعقيدات ، حيث كان الناس يميلون بطباعهم للخير والحب والوئام متكاتفون ومتعاضدون فيما بينهم البين .
وبدون مقدمة إستهلال تقليدي تعودناها من الشعراء في حضرموت أقتحم شاعرنا باقديم جوهر الموضوع لينثر من لآلئ الجمان في هذه الصفحة ، وما علينا إلا أن نلهث في جمعها ونقتنص مفرداتها ، ونسعى لتفسير عباراتها المترابطة بدقة وإحكام ، تحكّم فيه الشاعر اباقتدار حين إمساك بزمام نواصي القوافي حتى أتته طوعا منقادة له .
كان ( الرحيل ) المحور الأول في هذه اللوحة الرائعة ، الرحيل الحزين من حياة الصروم والكهوف
رحلنا من كهوف الحيود المعتليات = ومن ورث الجدود المدون في السجلات
ومن زبن البوه والمحيل والأوليات = ومن وديان فيها المحارث والسبايات
ثم تمضي المقدمة مجلجلة في ايقاعاتها الموسيقية الداخلية تشد القارئ في لهث أن يستمر في قرأءة القصيدة وربما تشده نحو مرابع الصبا ، وصروم البادية حيث لهزيم الرعد ايقاع رائع ، وللمعان البرق سناء يخطف الابصار ويشيع البهجة في النفوس ، ولرذاد المطر وقع خاص خاصة حين يصبح بالغيث ويعانق شجيرات تتعطش له فتفوح برياءها .
إلى صبح بها الغيث فاحت بالنباتات = كلوا منها وعاشوا بها بأعمال وانيات
وكم من دقم وشعاب محنيه عجيبات = بها تسمع هدير الجمال الدوسريات
حلل وصروم جاويد مقعدهم نفاعات = تصبحهم تلاقي مسابتهم ملأنات
وياكم من مضلع مسيله مستقلات = على دقام الظفر والعوانيس المريات
يهيم بالضباء والوعول المربعيات = تهكمنا بتلك المقاطين الزهيات
المقطع الأول من هذه اللوحة حوى على ( كهوف ، حيود ، وديان ، ومحاريث ، وباسقات ، غيث ، نباتات ، دقم ، شعاب ، جمال دوسريات ، حلل ، صروم ، عوانيس مريات ( إبل مرية ) ضباء ووعول مربعية )
ولو استعرضنا ذلك الجزء من اللوحة الجميلة لأدركنا أن الشاعر حسن باقديم لم يكتب قصيدة فقط ، بل أنه فنان استطاع أن يرسم لنا بالكلمات صور جميلة أختزلت المكان ، والذي هو جزء من إرث الجدود المحفور في ذاكرة التاريخ . هذا الإرث هو المكان الحافل بصورطبيعية رائعة ، تتجانس بالتمام والكمال مع بعضها البعض . ويكون الإنسان الذي أكرمه ربه هو محور الكون وهذه الحياة ، وجد ليصارع نزعة البقاء ويسخر ما أجتباه به ربه لصالحه .
إلا أن حب التغيير نزعة تسيطر على البعض ، خاصة حين يكون الطمع قوس يدمي فؤاد الناس ، ومن ثم يقلب لهم ظهر المجن ، فيدركون بعد حين أنهم أفتتنوا بالمدنية الزائفة ، وحصدوا قشورها حين قرروا الرحيل نحوها .
انه ( الرحيل المر ) نحو الأمرُّ منه ....... نتابع ما كتشفه الشاعر حسن باقديم من زيف المدنية ، وخداعها في وقفة مع اللوحة الثانية من هذه القصيدة وقصة ( الرحيل نحو المدينة ) ...!!
.
|
شكرا جزيلا ... ياستاذنا حقيقه نشكرك شكر لايوصف وندعي لك باالدعاءالصالح ... هذا جزاك مني الدعاءالخفي باارك الله فيك شكري وتقديري لك