.

كاتب عربي من (حضرموت)، وُلد في إندونيسيا، عام 1910 م ، أرسله والده إلى حضرموت ، شأنه شأن كثيرا من الحضارمة الذين كانوا يرسلون ابناءهم من المهجر الى حضرموت ليتعلموا اللغة العربية والفصاحة في نطقها وكتابتها.
إنه الشاعر والكاتب والروائي علي أحمد بن محمد باكثير ، ولد في سوروبايا بأندنوسيا لأبوين عربيين من حضرموت. وحين بلغ العاشرة من عمره سافر به أبوه إلى حضرموت لينشأ هناك نشأة عربية إسلامية مع إخوته لأبيه فوصل مدينة سيئون في 15 رجب سنة 1338هـ الموافق 5 أبريل 1920 م. وهناك تلقى تعليمه في مدرسة النهضة العلمية ودرس علوم العربية والشريعة على يد شيوخ أجلاء منهم عمه الشاعر اللغوي النحوي القاضي محمد بن محمد باكثير . وظهرت مواهبه مبكراً فنظم الشعر وهو في الثالثة عشرة من عمره، وتولى التدريس في مدرسة النهضة العلمية وتولى إدراتها وهو دون العشرين من عمره.
غادر علي أحمد باكثير حضرموت عام 1931 م متوجها إلى عدن ومنها إلى الصومال و الحبشة واستقر زمناً في الحجاز، وفي الحجاز نظم مطولته نظام البردة كما كتب أول عمل مسرحي شعري له وهو(همام أو في بلاد الأحقاف) وطبعهما في مصر أول قدومه إليها .
وصل باكثير إلى مصر سنة 1352هـ ،الموافق 1934 م ، والتحق بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً) حيث حصل على ليسانس الآداب قسم اللغة الأنجليزية عام 1939 م، وقد ترجم عام 1936م أثناء دراسته في الجامعة مسرحية(روميو وجولييت) لشكسبير بالشعر المرسل، وبعدها بعامين -أي عام 1938 م - ألف مسرحيته (أخناتون ونفرتيتي) بالشعر الحر ليكون بذلك رائد هذا النوع من النظم في الأدب العربي. التحق باكثير بعد تخرجه في الجامعة بمعهد التربية للمعلمين وحصل منه على الدبلوم عام 1940 م. كذلك سافر باكثير إلى فرنسا عام 1954 م في بعثة دراسية حرة .
وبعد انتهاء الدراسة فضل الإقامة في مصر حيث أحب المجتمع المصري وتفاعل معه فتزوج من عائلة مصرية محافظة، وأصبحت صلته برجال الفكر والأدب وثيقة، من أمثال العقاد والمازني ومحب الدين الخطيب ونجيب محفوظ وصالح جودت .. وغيرهم. ويعد الشاعر علي أحمد باكثير رائد شعر التفعيلة بلا منازع . بعد حياة من العطاء والابداع توفي الشاعر والأديب والروائي علي أحمد باكثير في مصر في غرة شهر رمضان من عام 1389 هـ الموافق 10 نوفمبر 1969 م، وقد أخترت لكم هذه القصيدة الرائعة :
خلق الله للجمال قلوباً=اجتباها من صفوة الشعراءِ
سكب النور في قلوبهم السو دِ= فعادت تموج بالأضواءِ
واستحالت مرائياً يعكس الكونُ =عليها ما عنده من مراءِ
واقفاً ناظراً محياه فيها =في غرورٍ كوقفة الحسناءِ
ما هو الكون غير ذاك الضعيف الـ =ـحول يسطو به على الأقوياءِ؟
ما هو الكون غير ذاك الي يشـ =ـفى به الداء وهو عين الداءِ ؟
غير ذاك الذي عليه تلاقى =ضربات السراء والضراءِ
غير ذاك الذي به تعثر الدنـ ـيا =على مرطها من الخيلاءِ
غير ذاك الذي به الحب والبغـــ ـضاءُ= بين الأحباب والأعداءِ
غير ذاك الذي به امتحن اللـ ـه =قلوب العصاةِ والأتقياءِ
غير ذاك الذي به يلوذ النسـ ـلُ =ويغرَى الآباءُ بالأبناءِ
غير ذاك الذي به يصير الكو نُ= نسيماً على بساطِ اللقاءِ
غير ذاك الذي تجمع فيه ما وعى= حسنه من الأسماءِ
غير ذاك الذي إليه و منه =كل ما في الوجود من أشياءِ
ما هو الكون غير فتنة حواءَ =وما في حواءَ من إغراءِ ؟
ليت شعري أكان للكون معنى =لو أتى آدمٌ بلا حواءِ ؟
عظمت دولة الجمال وعزت =وتعالى ما فيه من أسماءِ
بعض أسمائه يضيع به الدهـ ـرُ= فناء وما له من فناءِ
نفذت من أعماقه حكمة البا ري =وضاعت وساوس الحكماءِ
والسعيد السعيد من شم منه =أرجاً من حديقةٍ غناءِ
والسعيد السعيد من شهد اللـ ـه =على لوحِ نوره الوضاءِ
رب غاوٍ يلومني في نشيدي =وهو لا ينتهي عن الفحشاءِ
خاشع الطرف مطرق الرأسِ يمشي =بين خلين سمعةٍ ورياءِ
يظهر الفكر وهو في السر يغشى =ما تندى له جبينُ الحياءِ
وأنا الطاهر السراويل والبُردِ =نقيُّ القميصِ عفُّ الرداءِ
ليس منى الفسوقُ تأباه في جسـ ـمي =دماءُ الأجدادِ والآباءِ
ينهل الحسن من غرامي ولكن هو= صديانُ يلتظي من إبائي
كل حبي طهرٌ وقدسٌ وتسبيـ ـحٌ = لربي وصيغةٌ من دعاءِ
أنا عبد الجمال حررتُ في معـ ـبدهِ =مهجتي بلا استثناءِ
مهرقاً في محرابه ذوب قلبي =ما تراه مضرجاً من دمائي؟
أعبد اللهَ فيه: أقرأُ فيه =آية الاقتدارِ والإنشاءِ
إن يكن في الحدود جسمي فروحي =تتهادى في العالم اللانهائي