عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2011, 09:02 AM   #6
من السادة
مشرف سقيفة المناسبات
 
الصورة الرمزية من السادة

افتراضي

فالأسس التي نلاحظ فيها نجاح المنهج الذي دخل بواسطته الألوف ثم الملايين إلى دين الإسلام بغير سيف، بغير قتال، بغير شدائد، بغير إشكالات وصعوبات كان من جملة الأسباب فيه أنه يقوم على العلم أيضاً في الأحكام، ولا يُتجاوز فيه الحد عند إصدارها، فالدعوة إلى الله مرتبطة بالعلم بأحكام الله على الاعتدال الذي ذكرناه.

فأما نظرية أنه لا يفوه بالدعوة إلى الله إلا متبحِّر في علم الشريعة فهذا بحد ذاته إضعاف لمنهج الله في الأرض، وللصلة به بين الناس، وفتح بابٍ لنسيان الأحكام، ولوقوع الناس في المخالفات، ولذهاب الأصول من الإيمان واليقين، والمحبة لله ورسوله، والتعظيم لله ولشرعه ولدينه، بل قال صلى الله عليه وسلم لمختلف مستويات الأمة أمامه، وفيهم الذي كان مصاحباً له من أول أيام نزول الوحي إلى السنة العاشرة في آخر عمره عند حجة الوداع، وفيهم الذي جاء بعد سنوات، وفيهم الذي أسلم قبل سنة واحدة، وفيهم الذي أسلم قبل أشهر، وفيهم الذي أسلم في ذاك الشهر، وهو يقول لهم: (ليبلغ الشاهد منكم الغائب) فكلَّف الجميع بالدعوة علماؤهم وقدماؤهم، والذين قضوا عمراً في فقه الأحكام والذين أسلموا قريباً، لكن دون أن يتجرَّأ أحد منهم على التقوُّل في الحكم؛ ومن هنا جاءنا في تاريخ الصحابة أنهم كلهم دعاة، ولم يكن مَن يتولى الفتوى منهم إلا مَن يُعدُّ بأصابع اليدين، وكلهم في شأن الدعوة إلى الله متسابقون وراغبون، ولكنهم في شأن الفتوى زاهدون ومتأخرون ومتدافعون لها، ( يتدافعون الفُتيا بينهم) ، كل ذلك لحُسنِ التربية من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصياغة تلك العقول والمدارك التي أدركت عظمة تلك الرسالة ومعنى الصلة بالله تبارك وتعالى.
التوقيع :
كلما تعلقت بغير الله أذاقك الله الذل على يديه لا ليعذبك ولا ليحرمك __بل رحمة منه لتعود إليه__
أخيكم المحب في الله
  رد مع اقتباس