عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2011, 09:04 AM   #7
من السادة
مشرف سقيفة المناسبات
 
الصورة الرمزية من السادة

افتراضي

الخاتمة
لهذا كله كان منهج الدعوة إلى الله تبارك وتعالى منهج عميق خلاصته تنتهي إلى علم وعمل وحال، يتفرع عن العلم ما ذكرناه في شأن الأحكام ومعرفتها والاعتدال فيها وتعلقها بالدعوة، ويتفرع في شأن العمل ما ذكرنا من أن تكون الأخلاق قائمة والإسلام متمثلاً في شخص الداعي إلى الله تبارك وتعالى، ويأتي في شأن الحال ما أشرنا إليه من المقاصد والأغراض وما يحمله الإنسان من الوجدان، وما يتعلق بذلك من وجوب الرحمة في القلب التي منها ينطلق الداعي في دعوته فلا ينطلق متعالياً على من يدعوهم، بل محتملاً أن يكون أحد المدعوين شفيعاً له يوم القيامة ، ولا ينطلق في دعوته حين يدعو الناس على أنه أفضل منهم ولا أنه فوقهم، ولا يلمح مطمعاً من أموالهم ولا من ثنائهم ولا من إحسانهم ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ﴾ ﴿ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾.

ولذلك كان شغل الدعاة الأوائل الذين أدخلوا الإسلام إلى المناطق التي ذكرناها التجارة ليعفُّوا أنفسهم، ولينفقوا لا ليُنفَق عليهم، وليتصدقوا لا ليُتصدَّق عليهم، ليُعطُوا لا ليأخذوا، فهم يعطون العلم والدين ويعطون المال فوق ذلك أيضاً، فبذلك نجحت دعوتهم وأثمرت وعظمت كما هو الحال في المهاجر الذي بلغت ثروته بالعراق أحمالاً من الدنانير الذهب جاء بها معه وأنفقها في نفع الناس ودعوة الناس وإصلاح أمر الناس والرفق بالمساكين والضعفاء، فكان يذكِّر بأخلاق جده المصطفى صلى الله عليه وسلم، فكان يملك وادياً فسيحاً فيعطيه لأحد أعوانه في الخدمة في الدعوة إلى الله ، يا شويه خذ هذا المكان، يا مختار خذ هذا المكان، وادي كامل فيه قطع كبيرة يعطيها لهذا، وشِعب كامل يملكه يعطيه للثاني من الذين كانوا يقومون معه بالخدمة في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، فكان يعطي في الحس ويعطي في المعنى، رضي الله تبارك وتعالى عنه وأرضاه.

هذه ملامح منهج الدعوة إلى الله تبارك وتعالى في سِيَرِ المختار وورثته الأبرار، وهذا ملمحٌ إلى ما ركزَت عليه هذه المدرسة في منهج الدعوة إلى الله من الأوصاف التي بها تم النجاح، ونسأل الله أن يحييها فينا لننجح آخراً كما نجحوا أولاً في واقعنا وعصرنا الذي نعيش فيه، فنُقبل على الناس بتلك الرحمة وتلك الآداب وذلك العطف وذلك الاحترام لكل ذي كبد رطبة، لكل إنسان، لكل مسلم، لكل مؤمن، وإشاعة الألفة والأخوة والمحبة ومعرفة عظمة الوحدة بين المسلمين.

ثبتنا الله وإياكم على الاستقامة، وتفصيل ذلك يطول، وفي هذا الإلماح إلى الأُسس والمهمات كفاية إن شاء الله، والمتبصِّر تفتح له الأبواب، ليفهم من خطاب الله ما يتسع له به المجال، ويقوم به في دوره بدوه في حياته.

نسأل الله أن يمكِّننا وإياكم من حسن أداء الدور المحمود لديه، ويجعل سعينا مشكوراً عنده، ويثيبنا ويوفقنا وينظمنا في سلك المتواصين بالحق والصبر والحمد لله رب العالمين.
التوقيع :
كلما تعلقت بغير الله أذاقك الله الذل على يديه لا ليعذبك ولا ليحرمك __بل رحمة منه لتعود إليه__
أخيكم المحب في الله
  رد مع اقتباس