12-02-2005, 02:15 PM
|
#10
|
حال قيادي

|
فقه الاستنساخ البشري.. رأي الشيعه
إن مسألة البحث والتطور العلمي من لوازم وجود الإنسان فوق هذا الكوكب، لأنه الطبيعة الناطقة والتي تقوّم الإنسان وتميزه عن غيره من الحيوانات هي مبدأ التفكير الذي يعد الأساس لاكتشاف كل مجهول في هذا الكون وبالتالي الانطلاق في آفاق التقدم العلمي.
وليس لدينا افضل ولا أكمل من الشريعة الإسلامية الغراء والتي لها في كل واقعة حكماً لترشيد وهداية الحركة العلمية واستثمار نتائجها لصالح البشرية.
والإنسان المؤمن بما يتحلى به من الرؤيا الكونية يرى أن الدنيا وسيلة إلى الآخرة، فهو حريص أن يعرف موقف الدين الإسلامي الحنيف من كل حادثة في زمانه، فيفزع إلى أهل الذكر وهم فقهاء الإسلام «رضي الله عنهم» من أجل معرفة الحكم الشرعي وتعميم تكليفه تجاه ذلك الأمر.
ومن هذه الحوادث ظهر في الغرب اكتشاف علمي كبير وعجيب قائم على أساس الاستنساخ الحيواني أي الحصول على نسخة طبق الأصل من الحيوان الموجود، وقد تمت التجربة بنجاح في بريطانيا باستنساخ نعجة سُميت (دولي) مما أثار ضجة عالمية كبيرة وأوجدت ردود أفعال متباينة بين موافق ومخالف خاصة مع إمكان تطبيقها على الإنسان.
تبدأ هذه العملية بانتزاع خلية جسمية لا جنسية من جسم الحيوان المطلوب استنساخه سواء كان ذكر أو أنثى (وفي مورد النعجة المذكورة تم أخذها من الضرع) ثم يتم بعد ذلك تفريغ الخلية من نواتها المشتملة بالطبع على (64) كرموسوم ثم بعد ذلك يتم وضع هذه النواة في بويضة أنثوية بعد تفريغها من نواتها الخاصة بها والتي كانت تشتمل على (32) كرموسوم وذلك في محيط غذائى خارج الرحم في المختبر، وبالتالي يصبح لدينا خلية نواتها من حيوان يحمل جميع صفاته الوراثية بعينها ومحيطها الغذائي (السيتوبلازم) من حيوان آخر وبما ان السائل السيتوبلازمي هو الذي يحدد مسير انقسام النواة، فسوف تبدأ النواة الضيفة بعد التحفيز الصناعي بالانقسام في اتجاه تكوين الجنين فتصبح في حكم النطفة، ثم يعاد حقن هذه النطفة المنقسمة إلى رحم أنثى حيوان حتى يستكمل هناك جنيناً تاماً يكون نسخة طبق الأصل من الحيوان صاحب النواة يحمل جميع صفاته الوراثية.
وعلى الرغم من أن هذه العملية لم تطبق بعد على الإنسان إلا أن إمكانها موجود، ومن اجل الاستعداد لمثل هذا الاحتمال، فقد لاذ المسلمون إلى علمائهم يستفتونهم عن رأي الدين والشريعة في اصل شرعية هذه العمليه والموقف الشرعي في هذا الطفل الحاصل من هذه العملية والذي يعد نسخة طبق الأصل من صاحب النواة.
حكم الاستنساخ البشري
((أولاً: عن جواز أصل العملية أو عدمه شرعاً لو تم تخليق إنسان بهذه الطريقة؟ وبأية شروط لو كانت؟))
ج1/ الظاهر إباحة إنتاج الكائن الحي بهذه الطريقة أو غيرها مما يرجع إلى استخدام نواميس الكون التي أودعها الله تعالى فيه والتي يكون في استكشافها المزيد من معرفة آيات الله تعالى وعظيم قدرته ودقة صنعته، استزادة في تثبيت الحجة وتنبيهاً عل صدق الدعوة، كما قال عزّ من قال : (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد).
ولا يحرم من ذلك إلا ما كان عن طريق الزنى، ويلحق به على الأحوط وجوباً تلقيح بويضة المرأة بحيمن الرجل الأجنبي تلقيحاً صناعياً خارج الرحم، بحيث ينتسب الكائن الحي لأبوين أجنبيين ليس بينهما سبب محلل للنكاح.
أمّا ما عدا ذلك فلا يحرم في نفسه، إلا أن يقارن أمراً محرماً كالنظر لما يحرم النظرإليه، ولمس ما يحرم لمسه، فيحرم ذلك الأمر.
وقد سبق أن وَرَدنا استفتاء حول هذا الموضوع من بعض الاخوة الذين يعيشون في بريطانيا، عند قيام الضجة الإعلامية العالمية حوله بين مؤيد ومعارض، وقد أُشير فيه لبعض الأمور التي سبقت كمحاذير يتوهم منها التحريم وهي:
1 ـ إنتاج الكائن الحي خارج نطاق الأسرة:
ولم يتضح الوجه في التحريم من أجل ذلك، حيث لا دليل في الشريعة على حصر مسار الإنسان في انتاجه بسلوكه الطرق الطبيعية المألوفة، بل رقي الإنسان إنما هو باستحداث الطرق الأُخرى واستخدام نواميس الكون المودعة فيه التي يطلعه الله عليها بالبحث والاجتهاد، والاستزاده في طرق المعرفة، كما لادليل على حصر انتاج الانسان وفي ضمن نطاق الأسرة، ولا سيما بعد خلق الإنسان الأول من طين، ثم خلق نبي الله عيسى (عليه السلام) من غير أب، وخلق ناقة صالح وفصيلها على نحو ذلك كما تضمنته الروايات.
2 ـ إن هذه العملية تسبب مشاكل أخلاقية كبيرة، إذ من الممكن أن يستخدمها المجرمون للهروب من العدالة.
وهذا كسابقه لا يقتضي التحريم، فإن الإجرام وإن كان محرماً إلا أن فعل ما قد يستغله المجرم ليس محرماً، وما أكثر ما يقوم العالم اليوم بإنتاج وسائل يستخدمها المجرمون وتنفعهم هذه العملية، ولم يحطر ببال أحد تحريمها.
وربما كان انتفاع المجرمين بمثل عملية التجميل أكثر من انتفاعهم بهذه العملية، فهل تحرم عملية التجميل لذلك؟!
وفي الحقيقة أن ترتب النتائج الحسنة أو السيئة على مستجدات الحضارة المعاصرة تابع للمجتمع الذي نعيش فيه ويستغلها، فإذا كان مجتمعاً مادياً حيوانياً كانت النتائج إجرامية مريعة، كما نلمسه اليوم في نتائج كثير من هذه المستجدات في المجتمعات المتحضرة المعاصرة.
3 ـ إن نجاح هذه العملية قد تسبقه تجارب فاشلة تفسد فيها البويضة قبل أن تنتج الكائن الحي المطلوب.
فإن كان المراد بذلك أن إنتاج الكائن الحي لما كان معرضاً للفشل كان محرماً لأنه يستتبع قتل البويضة المهيأة لها وهو محرم كإسقاط الجنين.
فالجواب: إن المحرم عملية قتل الكائن الحي المحترم الدم، أو قتل البويضة الملقحة التي هي في الطريق إلى الحياة، وذلك بمثل تعمدالإسقاط، وليس المحرم على المكلف عملية إنتاج كائن حي يموت قبل إن يستكمل شروط الحياة من دون أن يكون له يد في موته.
فيجوز للإنسان أن يتصل بزوجته جنسياً إذا كانت مهيأة للحمل، وإن كان الحمل معرضاً للسقوط نتيجة عدم استكمال شروط الحياة له، بسبب قصور الحيمن أو البويضة، أو عدم تهيؤ الظرف المناسب لاستكمال الجنين نموه وكسبه للحياة.
وعلى كل حال لا نرى مانعاً من العملية المذكورة، إلا أن تتوقف على محرم كالنظر لما يحرم النظر إليه ولمس ما يحرم لمسه وغير ذلك.
.
|
|
التعديل الأخير تم بواسطة الدكتور أحمد باذيب ; 12-02-2005 الساعة 02:23 PM
|
|
|