الموضوع
:
الجنوب شعب عظيم اعلنها مدوية لاوحدة لافدرالية برع يا أستعمار
عرض مشاركة واحدة
04-07-2012, 01:32 AM
#
97
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه
رقم العضوية :
7709
تاريخ التسجيل :
Aug 2006
المشاركات :
75,497
لوني المفضل :
Tomato
التقييم :
10
مستوى التقيم :
لقد قلتها لك في صيف 95 يا جلال
هنا حضرموت / د. سعيد الجريري
الجمعة 6 أبريل 2012
(1)
جلال المعني هنا هو الدكتور جلال فقيرة وزير الزراعة اليمنية الأسبق، الذي كان زميلاً في بغداد حيث كنا طلاباً للدراسات العليا.التقيته أول مرة في صيف 1995، شاباً لبقاً في حديثه، هادئاً في أغلب الأحيان، مطمئناً إلى درجة البرودة الوحدوية، وكنت- على الرغم من هدوئي المعهود – مستفزاً جداً إذ كان الحديث بيننا عن الوحدة وما يسمونه الانفصال.
كنت أقول له بعبارات لا لبس فيها إنهم نحروا مشروع الوحدة، من الوريد إلى الوريد، وكان يقول بلغة المنتصر- ولكن بأدب- الوحدة عظيمة والانفصال ليس خياراً ولا حلاً، محاولاً التقليل من حجم الإحساس بفداحة الأخطاء التي مارسها ذابحو مشروع الوحدة السلمية، إذ عمّدوها – كما ظلوا يرددون- بالدم.
صديقي أبو إبراهيم ذلك الشاب الدمث الأخلاق المولود في الحديدة عام 1968م، كان يدرس العلوم السياسية، وكنت أدرس النقد الأدبي، وبقدر ما ما كان بيننا من ود – ومازال- على المستوى الشخصي والإنساني، كان الافتراق السياسي بيننا شرخاً يمتد في الأعماق.
وأذكر أنه عبر لي ليلتئذ عن استغرابه من كمّ الغضب الذي نفثته، وغسلي يدي من وحدة معمدة بالدم، وخلص إلى القول بأن الأيام بيننا وستثبت أن الوحدة منتصرة، وأن “المشاريع الصغيرة ” إلى زوال!.
(2)
درس جلال العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، وكنت أتوقع له مستقبلاً في الحقل الدبلوماسي اليمني، بوصفه مختصاً ويستطيع خدمة بلاده في هذا المجال الحيوي، ولما يتميز به من ملامح هادئة تبدي وداً كثيراً، لكنني فوجئت ذات يوم في فبراير 2006 بتعيينه وزيراً للزراعة اليمنية، فظننت لوهلة أن هناك تشابهاً أو تماثلا في الأسماء كالذي يحدث معي ويسبب التباسات معينة في بعض الأحيان.
في اليوم التالي قرأت سيرته الذاتية في إحدى الصحف فإذا هو نفسه د.جلال إبراهيم فقيرة، فتساءلت في نفسي: وما علاقة الأخ جلال بالزراعة والري؟ وعلى افتراض أن رئيسهم يلعب بهم كالبيادق، فلماذا يقبل شاب مثقف كجلال أن يكون وزيراً في مجال أبعد ما يكون عن العلاقات الدولية والسياسة الخارجية التي أمضى شطراً مهماً من حياته في تلقي اختصاصها ثم البحث العلمي فيها ولاسيما صنع القرار في السياسة الخارجية؟.أوَ لم يدرك جلال أن العبث بذوي الاختصاص مثله ثم قبولهم التعامل مع هذا العبث هو تكريس لبلطجة سياسية يمارسها النظام الذي عمد وحدته بالدم؟.
استذكرت ما جرى بيننا من نقاش صاخب في صيف 1995 في بغداد عن الوحدة وما يسمونه الانفصال، فأيقنت أن الخلل ليس في رأس النظام وحده، وإنما هو مستشرٍ في أوصاله، وأن جناية المثقفين اليمنيين ولاسيما ذوي المؤهلات والاختصاصات الدقيقة عظيمة، إذ يسوغون عبث الحاكم، فيقبل الأكاديمي المختص منهم في السياسة الخارجية مثلاً أن يكون وزيراً للزراعة، كما يقبل الأكاديمي المختص في علم اللغة أن يكون وزيراً للخدمة المدنية والتأمينات، أو أن يكون الأكاديمي المختص في النقد الأدبي وكيلاً لوزارة الداخلية للشؤون المالية والإدارية، وليس واحد منهم متسماً بشيء من سمات أو مزايا شخصية إدارية عربية ناجحة كالدكتورغازي القصيبي، صاحب كتاب (حياة في الإدارة) على سبيل المثال.
(3)
بعد أن قضى النظام وطراً من صديقي أبي إبراهيم أخرجه من وزارة الزراعة، ومضت مدة لنرى جلالاً بعدئذٍ في عصبة الخارجين من جبة حزب الحاكم، بعد مشهد جمعة الكرامة الصنعاني الدموي – 18مارس 2011.
حسناً لعل تلك عودة للوعي، يستعيد بعدها توظيف المنهج الأكاديمي في قراءة متغيرات السياسة الداخلية والخارجية، وهو المختص في العلاقات الدولية والسياسة الخارجية.
غير أن آخر ما قرأته من تفوهات الدكتور جلال السياسية ما قدمه في” ورقة عمل قدمها في الندوة الخاصة بالقضية الجنوبية وأسباب تفاقمها والحلول المطروحة في الساحة اليمنية التي نظمها الملتقى الوطني للشباب اليمني بالتعاون مع مبادرة القيادات الشبابية” – بحسب موقع نجم المكلا الإلكتروني- جاء في خلاصة ما تفضل به: أن (الدولة الاتحادية والفيدرالية خياران للحفاظ على الوحدة)، وأن هناك (ممارسات أفرغت مشروع الوحدة من محتواه وأوصلت الناس إلى فك الارتباط).
مازال صديقي أبو إبراهيم يمارس براجماتيته، كالحفاظ على وحدة نحروها بالحرب والفتوى، وما الممارسات التي يشير إليها إلا من مظاهر العقلية الاستحواذية الاستعلائية التي تعاملوا بها مع الجنوب المستباح والجنوبيين، وهو يصفها بـ(الممارسات) تخفيفاً، وإلا فهي خطايا وجنايات، ناهيك عن القتل بالرصاص الحي والملاحقة والاعتقال والإقصاء والتهميش الممنهج والحرمان من كل مزايا المواطنة المتساوية، بحيث لم يكن (فك الارتباط) إلا الخيار الأخير للجنوب كيما يدافع عن وجوده أولاً ويستعيد كرامته وسيادته على أرضه وهويته وتاريخه، في ظل دولة القانون، لا قانون القبيلة الذي يعيدون إنتاجه في كل مرة، وآخرها النهاية المؤجلة للثورة الشبابية السلمية كما وصفها عبدالحليم قنديل، في أحد مقالاته الأخيرة.
(4)
هاأنت بعد مضي 17 عاماً مازلت في الصفحة الأولى يا صديقي، فما كنت تستغربه من فرد مثلي كان يجادلك في بغداد عن استحالة الوحدة المعمدة بالدم، وأن الجنوب سيستعيد أنفاسه التي انقطعت بالحرب والفتوى، ها أنت تراه مشروعاً شعبياً وحراكاً سلمياً تحررياً قدم في 21 فبراير 2012م صورة لا لبس فيها عما يريده الشعب الجنوبي، فإن كنتم تحترمون إرادة الشعوب، فإن شعب الجنوب اليوم يجأر صبحَ مساءَ بأن الجرة مكسورة أيها الإخوة، وهو الصوت الذي لم تكن تدرك أبعاده وأصداءه العميقة وأنت تجادل فرداً جنوبياً لا يملك إلا غضبه في صيف بغداد، وكنتَ حينئذ مجرد طالب دراسات عليا، أما اليوم فأنت الوزير الأسبق وواحد ممن يحاولون هندسة القرار، لكنْ في الوقت الضائع، لأنكم أضعتم وقتاً طويلاً كنتم تصمون فيه كل جنوبي رافض للطغيان بأنه انفصالي!.
متعك الله بالصحة والسعادة يا صديقي، أما القضية الجنوبية التي قدمت ورقة عمل بشأنها في تلك الندوة، فكان حرياً بك أن تقدم ورقة أخرى عن القضية الشمالية التي ينبغي لك أن تكون أدرى بتداخلاتها وإشكالياتها، تلك القضية التي تقفزون عليها وتقدمون أنفسكم أوصياء على الجنوب وكأن ليس لديكم قضية أشد تعقيداً وإشكالاً، ثم أن من لم يستطع حل قضيته، ولم يستطع إنجاح ثورته ليس جديراً بأن يدعي قدرةَ ما، على حل أي قضية أخرى، إلا إذا أمكن أن نمحو المسافة المنطقية بين شيخ مشايخ القبيلة وأستاذ العلوم السياسية الأكاديمي، فعندئذ لا سبيل للحديث إلا عن عودة الفرع للأصل، والوحدة أو الموت وغيرهما من مقولات النظام الذي تزعمون الثورة عليه وعلى منظومة القيم التي يستند إليها.
التوقيع :
عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
حد من الوادي
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها حد من الوادي