لماذا القيادات الجنوبية؟!
كاتب/عبيد الحاج
أمس تمت محاولة الاغتيال الغاشمة للواء الركن محمد ناصر أحمد، وقبل أمس نجا المناضل محمد علي أحمد من محاولة مماثلة، وقبلها استشهد العميد الركن بارشيد بنفس الطريقة الإجرامية، وقبل ذلك استشهد اللواء الركن سالم قطن بعملية إجرامية مماثلة.. وهكذا سلسلة عمليات إجرامية.. أو لنقل مسلسل اغتيالات جهنمي ذهب ضحيته عدد كبير من القيادات السياسية والعسكرية من أبناء المحافظات الجنوبية، ليس فقط خلال الفترة الحالية، ولكنه قد بدأ مبكراً بعد قيام وحدة 22 مايو 90م مباشرة..!
السؤال الكبير والخطير: لماذا استهداف القيادات من أبناء المحافظات الجنوبية..؟! ولمصلحة من تجري هذه التصفية الجسدية الدامية لخيرة الرجال والكفاءات السياسية والعسكرية الوطنية..؟
ومن المستفيد من غياب هؤلاء والتخلص منهم بهذه الطريقة الدراماتيكية التي لا تعطينا مجالاً حتى لتنفس الصعداء، ولملمة الأوراق وترتيب الصفوف..!
خلال الأزمة السياسية قبل حرب 94م عندما بدأت عملية الاغتيالات والتصفيات الجسدية للقيادات الجنوبية، كنت حينها أعمل في مكتب وزير الدفاع، وعند مناقشة الكيفية المناسبة لمواجهة هذه الأعمال الإجرامية، طرح العميد الركن علي ناجي عبيد مدير مكتب وزير الدفاع حينذاك خطة تفصيلية متكاملة لمواجهة الموقف على أساس الرد والردع بالصاع صاعين..! لكن وزير الدفاع اللواء الركن هيثم قاسم طاهر رفض هذه الخطة بشدة، وقال بالحرف الواحد: لن نعود إلى مربع التصفيات الجسدية، ولن نسمح لأحد أن يجرنا إلى هذه الدوامة المشؤومة..!
وحتى عندما تطور الموقف وطرح الموضوع على نائب الرئيس علي سالم البيض، حينها، كذلك رفض هو الآخر مجرد التفكير باستخدام العنف في مواجهة العنف..!
أعتقد أن قيادات الحزب الاشتراكي اليمني لديها من التجارب المأساوية الكثير بحيث شبت عن الطوق، واستفادت كثيراً من هذه التجارب، وأصبحت تكفر بالعنف وتستهجن الاغتيالات والتصفيات الجسدية، بعد أن تشبعت بثقافة الحوار بحكم تراكم الخبرات في خضم مراحل الصراعات السياسية والعسكرية الطويلة..!
اليوم لو نظرنا إلى قيادة الحزب الاشتراكي اليمني ممثلة بالدكتور ياسين سعيد نعمان ورفاقه الآخرين سنجد بأنها الأكثر عقلانية ومدنية من بين جميع القوى السياسية الوطنية، بل إنها الأكثر إيماناً بالحوار وبالدولة المدنية الحديثة وبالنظام والقانون، والأشد كفراً بالعنف والفوضى السياسية والأمنية..!
المفارقة الدامية تكمن في أن بعض القوى العصبية المتطرفة لاتزال أسيرة العنف والقتل، ولا تتردد في تصفية حساباتها مع الآخر بالتصفيات وأعمال الاغتيالات؛ لأنها للأسف لاتزال مسجونة في زنازين الماضي المتخلف ولم تلحق بعد بركب المدنية والتغيير..!
علينا أن نتنبه قبل فوات الأوان، بأن مسلسل الاغتيالات والتصفيات الجسدية للقيادات من أبناء المحافظات الجنوبية قد أصبح مكشوفاً الآن واستمراره سيكون له أضرار خطيرة جداً بالوحدة الوطنية..!
علينا أن نصحو ونحتشد ونرص الصفوف في مواجهة هذه القوى العصبوية الدموية المتطرفة، وأن نردعها ونوقفها عند حدها..
علينا أن نتحرك سريعاً قبل أن يفلت مقود الأمور من أيدي الجميع..!
[email protected]
في الخميس 13 سبتمبر-أيلول 2012 12:03:03 ص