عرض مشاركة واحدة
قديم 12-15-2005, 03:45 AM   #7
احمد سعيد
حال نشيط
 
الصورة الرمزية احمد سعيد

افتراضي

من سيرة (الصوت الشجي)
الامامة في الحرم مسؤولية عظمى

المصدر : رصد السيرة: طالب بن محفوظ


لكل شخصية صفحات مطوية من حياته, تختلف بين الامس واليوم, بين ظرف اجتماعي وظروف مستجدة طرأت على ساحة الحياة.
وفي هذه الصفحة نحاول ان نقلب صفحات من حياة احد الاعلام او العلماء, ونقترب من شخصيته ليتم التعرف على اهم المتغيرات في زمنه وزمن شباب اليوم لتقديم القدوة والمثل لهؤلاء الشباب.
وربما قد حفل ذلك الزمن من حياة ضيفنا بالكثير من المغريات والتحديات مع كيفية تعامله مع ما كان موجوداً ايام الشباب, ورؤيته لكيفية التعامل الامثل مع مغريات اليوم التي يشكو منها الشباب.
جاء الحديث في الاسبوع الماضي عن شخصية غابت عن الاضواء سنوات عديدة بعد تركه الامامة في المسجد الحرام وهو الشيخ الدكتور علي عبدالله بن علي جابر فحاولنا من خلال ما طرحناه ان نقترب من حياة ضيفنا منذ طفولته وحفظه للقران الكريم قبل سن البلوغ وتخرجه من الجامعة وحصوله على الماجستير والدكتوراه وتعيينه اماما بالمسجد الحرام واستاذا بالجامعة, ثم تطرقنا الى علاقته مع الملك خالد بن عبدالعزيز - يرحمه الله.
وفي هذا الاسبوع نكمل الحديث عن فضليته مع الامامه والقرآن:
الامامة
مع ان الشيخ علي جابر شرفه الله بامامة المصلين في المسجد الحرام الا انه يفخر بأن منحه الله بأن يكون استاذاً في الجامعة فقال عن ذلك: (الامامة في الحرم مسؤولية عظمى وأمانة كبرى وهي كما أنها تشريف فهي تكليف ولكن الله تعالى هو الذي يمن علينا بعونه وتوفيقه, والتدريس في الجامعة شيء محبب الى نفسي ولا سيما بعد حصولي على درجة الدكتوراه في الفقه المقارن فإن من وسائل ضبط تدريسها وعلم الانسان انما ينمو بأمرين القراءة الشاملة المستوعبة وبالتدريس لطلاب المعرفة).
مع القرآن
لمس الشيخ علي جابر أثر حفظه القرآن الكريم في حياته, وكان فضيلته مدركاً أن الانسان اذا ركز على تعقل القرآن ومعانيه وتفهمه فإن ذلك يزيده حفظاً وقوة على ما هو عليه, يقول عن ذلك الاثر في نفسه: القرآن ليس المقصود منه التغني وتحلية الصوت به وانما يجب ان يكون واقعاً عملياً سلوكياً يقوم الانسان بتطبيقه في واقع حياته كلها).
ويزداد هذا التأثر بكتاب الله الكريم عندما تحدث بقوله: القرآن الكريم انزله الله تعالى هداية للعالمين, وأحد مصادر هذه الشريعة الاسلامية, وهو أيضاً شفاء ورحمة للمؤمنين, والذي يقرأ القرآن بتعقل وتدبر وتفهم لمعانيه فلا شك أن ذلك يوصله الى طريق السعادة والنجاة في الدارين, وقد ورد على الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: (القرآن حجة لك أو عليك), فهذا الكتاب الكريم إما ان أن يكون حجة للانسان من حيث التطبيق العملي لما فيه من أوامر ونواه واما ان يكون حجة عليه عندما يخالف ما ذكر فيه, ولهذا لا يمكن ان نكتفي بحفظه بل لابد من تدبره فقد أنزله الله عز وجل للتدبر كما قال سبحانه: {كتاب أنزلناه اليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}.
ثم يتحدث فضيلته عن بداية حفظه للقرآن الكريم بقوله: (بدأت حفظ القرآن الكريم في مسجد الأميرة منيرة بنت عبدالرحمن -رحمها الله- ويقع في منطقة باب المجيدي بالمدينة النبوية, وقد بدأت الحفظ على يد شيخين كريمين في المسجد وحفظت على أيديهما أحد عشر جزءاً ثم رشحت بعد ذلك للالتحاق بالمعهد الذي افتتحته الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمدينة النبوية وكان يديره الشيخ خليل بن عبدالرحمن وهذا الأخير أكملت عليه حفظ باقي كتاب الله عز وجل وكان له دور بارز في تمكيني من الحفظ واتقان التجويد على أسسه السليمة).
ورغم ذلك التواضع من الشيخ علي جابر الذي لمسه منه جميع المقربين منه وتأكيده على أن ليس للتغني وتحليه الصوت به الا ان حلاوة صوته بالقرآن جعلت العديد من الشباب يتأثرون به ويعودون ويتوبون الى الله بعد سماعهم له سواء من خلال امامته في المسجد الحرام أو من الاشرطة السمعية لكن الشيخ لا يدعي ذلك لنفسه بقوله: (لا أدعي لنفسي التأثير ولكني أقول إن الصوت الحسن وقراءة القرآن محبرّة له أثر عظيم في نفس الانسان المسلم, وهذا يتضح من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع ابن مسعود رضي الله عنه عندما قال له: (اقرأ عليّ) قال: كيف اقرأ وعليك أنزل, قال: (اني احب ان اسمعه من غيري) فقرأ عليه صدراً من سورة النساء حتى وصل الى قول الله تعالى: {فكيف اذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً}, بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال في ابن مسعود: من أراد أن يقرأ القرآن غضاً طرياً كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد, فلا شك أن الصوت الحسن والقراءة المحبّرة لها أثر عظيم على السامعين).
الامامة بالحرم
ومع ان الشيخ علي جابر حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة واتقن حفظه بصورة ربما قد أذهلت الحفظة فأرادوا خطو نهجه فلم يكن يطمح في الامامة الا أن الحكمة الالهية أوصلته ليكون اماماً بالمسجد الحرام يتحدث الشيخ عن ذلك بقوله: (لم تكن لدي رغبة في الامامة ولكن اقحمت فيها اقحاماً والا فان الباعث الاساسي على حفظ كتاب الله انما حفظه وتعقله وتدبر معانيه, ولم يكن المقصود منه ان يكون الانسان به اماماً ولكن شاءت الارادة الربانية والحكمة الالهية ان أتولى الامامة في مسجد الغمامة بالمدينة النبوية سنتين متتاليتين (1394 -1396) نفس العام الذي تخرج فيه من الجامعة ومن ثم مسجد السبق سنة كاملة, ثم جاءت سنة 1401هـ في عهد الملك الراحل خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله رحمة الابرار- فكنت اماماً له في المسجد الخاص به بقصره في الطائف وعندما نزل مكة المكرمة, وبالضبط في ليلة الثالث والعشرين من رمضان, طلب -رحمه الله- ان انزل الى مكة المكرمة وما كنت قد أعلمت مسبقاً بأني سأكون اماماً للحرم المكي الشريف أو سأتولى الامامة ليلة ثم يأتي بعدها تعيين رسمي بالامامة, فنزلت تلك الليلة وبعد الافطار طلب مني التوجه الى المسجد الحرام للصلاة بالناس في تلك الليلة, وكان المقرر هو تلك الليلة فقط ولكن بعض من الشخصيات والاعيان الموجودين في مكة طلبوا منه -رحمه الله- ان أبقى في الليالي التالية حتى بعد رحيله -يرحمه الله- الى الطائف مرة اخرى وبقيت الى ليلة التاسع والعشرين ثم صدر أمره -رحمه الله- بتعييني اماماً في المسجد الحرام).
ورغم ان الشيخ علي جابر فوجئ بامامة المصلين في صلاة التراويح الا ان المصلين لم يشعروا ولم يلاحظوا تلك الرهبة المعهودة على الائمة عندما يقف لأول مرة على المحراب للامامة فما بالك بمحراب المسجد الحرام الذي يمر امامه الطائفون ويصلي خلفه الملايين في ليالي العشر الأخيرة من رمضان, فلم ينتب الشيخ علي جابر رهبة الموقف حيث يقول عن ذلك الموقف: (من حيث الرهبة فلم تأتني وذلك بحكم أنني سبق ان تعودت الامامة سابقاً, لكن ما من شك ان الشعور عظيم والانسان يؤم المصلين بذلك العدد الكثيف في بيت الله الحرام في أول بيت وضع للناس الذي جعله الله مثابة للناس وأمناً, وهذه السعادة لا يمكن أن تعبر عنها كلمات أو عبارات انما اقول إنه لم يكن تكليفاً بقدر ما هو تشريف.
  رد مع اقتباس