عرض مشاركة واحدة
قديم 02-22-2013, 11:23 AM   #5
سالم علي الجرو
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم علي الجرو

افتراضي

ـــ 5 ـــ

يهتم صالح عمير بإلقاء الضوء على الشروخ المعتمة في العلاقات الإنسانية ويتوجه عامدا نحو مواطن الخلل فيها ليكشفها، إنه ينطلق من التزامه التلقائي نحو المجتمع يريد أن يحميه من نسيانه لقيمه، فيدخر شعره كثيرا من الثيمات الاجتماعية. إنه يجيد الإنصات لنبض الناس والوطن هذا الذي ما عاد كثير من الشعراء يهتمون به سوى بشؤونهم الخاصة إلى درجة أن يصير صوتهم ضئيلا في ما يتعلق بالمجتمع ولعل بعضهم من جيل الشاعر، ونحن الذين تعودنا الابتعاد عن المسعى الحياتي اليومي نفاجأ بهذا الديوان كما لو كان شيئا غريبا، بينما هو في الواقع يعرينا ويعاتبنا، صحيح أن الفن يجب أن يحضر فينا كتصور عال، ولكن يجب ألا ننسى المجتمع، الديوان صرخة احتجاج على كثير من القيم المنهارة في المجتمع التي أهمل الناس الحديث عنها وانتقادها إذ تجد فيه الفتاة الجميلة التي يسعى الجميع للتلهي بها دون أن يتزوجها أحد (قصيدة ليلى ص21-22) والنمام اللئيم الذي يمتطي صدور المجالس متحدثا عن أي أحد (قصيدة لا مفر ص23-24) والأب المتنعم بالخيرات بينما ابنه يغرق في الفقر (قصيدة معاناة ص31-32) والراقصة الفاتنة التي شاخت وغدت قبيحة غير أنها ظلت على تهتكها (قصيدة الحيزبون ص35-37) والمدعي الثقافة المتعالي بنفسه كما لو كان أستاذا كبيرا (قصيدة عبقري ص42-43) والعاهرة التي تابت إلى الله من خطاياها لكنها سرعان ما عادت إليها (قصيدة قالوا ص46) واللاهث وراء المال ناسيا صحبه وأصدقاءه (قصيدة الأ يكفيك هذا الخير ص49-50) والأمثلة على هذا كثيرة.

لعل كل فرد في المجتمع مهيمن بطريقته الخاصة، وإن بدا أنه مهيمن عليه في بعض المواضع، وإعطاء الشاعر المرأة حيزا كبيرا من اهتمامه دل على ثيمة حديثة يطرقها الشعر العامي على يد الجيل الجديد من الشعراء، وتنتمي مجموعة هذه الأحوال إلى فضاء المدينة أكثر مما تنتمي إلى فضاء القرية وتظل شخصية الشاعر هي الشخصية المحركة لكل تلك التفاعلات والدافعة بها، وإن كان سيظل في هذا شيء من الخمول الشعري في نظر بعض النقاد مما قد يسبب للشاعر ألما ما لمحته في بعض وجهات نظره، ففعل الكتابة أناني أحيانا يريد الإخلاص له، أعني للجمالي فقط، لكن الشاعر لا يلتزم لهذا ولا يأبه له ساعيا نحو إرضاء طموح ذاته الاجتماعية لو جاز التعبير فيهيمن السياق الاجتماعي على ديوانه قصيدة بعد قصيدة إلى درجة قد يصل فيها إلى تكرار صوت المجتمع بصورة حرفية كما في قصيدة (زر من تشاء):


زر من تشأ ساعة الواجب أخي المؤمن

يا راسخ الاعتقاد يا صادق الإيمان



قبل الزيارة تواصل، اتصل، تلفن

لا تقتحم أي بيت لو كان.. مهما كان



في البيت يحيا يعيش الفرد مستأمن

في مملكة خاصة في واحة اطمئنان



لا تهتك أستار مسلم فيه مطمن

احذر تخالف شريعة خالق الأكوان



احذر تقع في خطأ فادح جلي بين

لا تجرح الأصدقاء والأهل والإخوان



في كل موقف أخي أرجوك استأذن

لا يحرك الضيف ساكن دونما استئذان



سلم على القوم لا تخفي السلام أعلن

وان قمت سلم إذا وقت انصرافك حان



أحك الكلام السوي إياك تتلسن

على بشر.. لا تقع في الإثم يا إنسان



غض البصر والنظر يا طيب المعدن

وتجنب الثرثرة والزور والبهتان



دع كل موضوع لا يغني ولا يسمن

في كل أمر اتق المولى عظيم الشأن



حافظ على هذه الآداب يا محسن

يا من تحب النقا والخير والإحسان



على النزاهة على النهج السوي برهن

تذكر آداب قد أوصى بها القرآن (ص119-121)
التوقيع :
  رد مع اقتباس