عرض مشاركة واحدة
قديم 06-09-2012, 05:39 PM   #4
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


الثلاثاء, 08 مايو 2012 12:20
الجنوب : عن الهوية والمصير وأسئلة الحوار

بقلم : أحمد عبداللاه

١
في كل محطَّٓة من مآسي تداعيات الوحدة اليمنيه الفورية جدًا والتي قادت للحرب الإنتحاريه في سنة ٩٤، ثم استمرارها بفرض الأمر الواقع الذي لبسه الجنوب بكل شرائحه وشرائعه، حتى قيام الحراك الجنوبي ،أول حركة شعبيه عفويه في التاريخ المعاصر قبل رماد البوعزيزي وقبل ميادين التحرير والتغيير ، دون تخطيط من صنَّاع الثورات أو تصدير متسلسل عابر للحدود والاقاليم وبالتاكيد دون َصنْعة إعلاميه في حِمَى الدياوين ألملكيه أو الأميريه المباركه ، وفي ظل جفاف وتجفيف أي دعمٍ مادي ،


نقول في كل محطَّه كان ينمو في فضاءِ العقل سؤالُ الأَسْئِله وعنوان الحَيرْه العظمى ، لماذا كل هذا التاريخ الموحش الذي جرى وما حقيقة ( الحقائق ) التي سِيْقت في وَهْج المراحل وتأَصَّلَت دون فواصل في الوعي الجمعي للنخب السياسيه الجنوبيه ، حيناً من الدَّهْر ، لم يلْتَفِتو فيه لحاضر أو مستقبل وَهُمْ في قبضة فولاذيه للمعتقدات السياسيه التي شُرِّعَتْ كبديهيات وجوديه وأقدار لا تتحمل المراجعه او الخوض في التفاصيل ، وبالطبع دون مشاركة المجتمع مشاركة حقيقيه في صناعة مستقبله وإحتجاب أي إجتهاد منظم للبحث في التاريخ الوطني بعيد عن المنهج الأيديولوجي لتفسير حركة التاريخ ومآلاته ودون أي لمسة براجماتيه تشذِّب الجموح المسْتَعر نحو اهداف كبيره في النظريه دون تجربه واقعيه او نَمْذَجَة فكريه تأخذ بأسباب المخاطره .

هل كان كل ذلك بسبب إلتباس في الهويه حَمَلَه الثائرون الأوائل أم زيف في الوعي الناشئ وطغيان المزاج القومي النازح من بلدان الريادة العربيه ؟

كل شئ جائز هنا.

والنتيجه أتت بأن ذهب

الجنوب إلى غموضه مقتولاً وهامداً .. كتتويج لمراحل الحصاد التي ذهب في تداعياتها المبكره ألجيل ألذي حمل لواء الاستقلال وتبعته صفوف وهامات .. وقبلهم تمت الاطاحه بالأحزاب والمنظمات الجنوبيه .

ومع قناعتنا بأن تقييم كل حدث يجب أن يأخذ بعين الإعتبار إطاره التاريخي بحيث تتجلى الموضوعيه بعيدا عن محاولة (تلبيس) طرف هنا أو هناك تبعات ذلك التاريخ ، إلّا انه يجب التذكير الآن بهذا التاريخ والجنوب أمام استحقاقات مصيريه وإستحضار قواه لإمتلاك ذاته بذاته ولكي لا تنكسر النفوس أخيراً ونهائياً بعد كل هذا المسير المظلم وبعد أن فتح الحراك ، ثورة الجنوب ، أفقاً قادماً يحمل الأمل .

وإنْ قلنا بأنَّ الجنوب ذهب ولم يعد بعد ، في رحلة لا يغفرها التاريخ لاحد .

إلَّا أننا نستدرك دوما بانه ليس من الحكمة هنا أن يتحمل ذنبها أو فتنتها أحد .. لان الدروس التي نَنْهل منها اليوم تكفي لأن نمتلك حِكْمَة الحكماء وصبر الصابرين .


٢

وفي مجريات الوحده إنصهر الجنوبيون في أكبر مفاعل إجتماعي ، بالغ التعقيد في تكويناته ، يعيش مآسي حُكَّامه وتاريخه منذ قرون ،

إنصهروا يحملون الصبر والأَمل تحت وطأتي النظام والواقع الذي وقف عنده الناس على عتبات متتاليه من رحلات الضياع والتبخر في فضاءات الله الفسيحه .. وأَمام العجز الإنساني إتَّبع المستضعفون خطى خاطفيهم ، على قسوة مشروعية فرض الأمر ، فاتَّسم عقدا الوحده بالضائِقه وقهر السنين خاصةً على المستوى الشعبي جداً ، في حين أن الامر برمَّته إختلف هنا وهناك على المستوى النخبوي السياسي والاجتماعي وغيره باحتساب متفاوت في القيمه الاجتماعيه والسياسيه للفرد أو الجماعة، أو المنطقة .. وهذا أمر طبيعي لا يعاب ...

إلّا أننا وفي هذه الصحوة الكبيره من ويلات الزمن وعبث التجارب السياسيه لم تُسْعِفنا اليَقَظَة الكامله للتوحد حول الضروره أولاً وحول البقاء الحُرْ أولاً ، فطفقنا نستطرد ماتَيَسَّر أو توَفَّر من الاختلاف في الرؤى والمواقع حول تسمية الوطن والهوية والمصير في لحظات فاصلة كهذه بل ونَسْتَتْبع مواقفنا بتذييل نظري لقناعات ، هنا وهناك ، لا تستقيم على مستوى واحد.

ومع تسليمنا بأنَّ مسائل الاختلاف هي وَصْفَة حيويه للشعوب المقهوره حين تضع ثقلها أمام فتح مصائر جديده أو إستعادت شروط بقائها ، ولقناعتنا هنا بان الجنوب أمام أسئلة الحرية الكامله أكثر من الصفقات السياسيه التي كانت دائماً عنواناً آسِراً لعلياء القوم من نَوَى الكتل ومكاتب الاحزاب ،

الا انه يجدر التاكيد في السياق بانه ليس من المنصف أن نضع أولوياتنا اليوم في جدال بيني حول المُسَمَّيات ألتي سبقت أو تلك التي لحقت قيام دولة الجنوب عام ١٩٦٧ ،

هَلْ جنوبٌ عربي أم يمني ؟ وما هي القيمه السياسيه والقانونيه للمسميات المختلفه الان ؟

وهل الإسم بوابة الهويه يدل عليها أم صفة تحتويها وتنوب عنها في مجريات الحياة ؟

فليغفر لي القارئ إن قلت :


لكأن على المرء هنا أن يَشُدَّ شعرَ رأسه ويقول :

أَلـِهذا الحد كنا غائبين عن حقيقة مَنْ نَحْن ؟ .




وهل الأبواب مُشَرَّعه والأحوال مُسَهَّلة لإختيار إسم لهوية الدوله الغائبه نشاغل به النفس أولًا قبل أن يأتيه الموعد والمنطق ؟

أليس من البديهي جداً أن تجد نفسك مستقلاً أولاً لتعرف مَنْ كُنْتَ وتختار من ستكون ؟

أليس هذا مُنْصِف في الوتيرة العاليه لمسيرة التدافع بالكلام ؟ ،

إلَّا إذا كنا نبحث عن مُطَهِّرٍ لجراحاتنا إلى حين التئامها ونفتتن بالنظريه وترهات الطريق ، والجنوب يجترح خطى إستعادة شخصيته السياسيه القانونيه وحقوقه الإنسانية في الوجود كشعب حُر أوقعته الصفقات التاريخيه في هلاك وتبعية قسريه بإسم الفتاوى الوطنيه -القوميه ،

هنا تبدو المسألة برُمَّتها وضعّ نفسي ، وهو مالا يجب ان يكون .


إنَّ الأمر حول تسميات الدوله الغائبه باعتقادنا ليس مجرد رأي يتم بثه هنا وهناك بل هو محتوى تاريخي بحت يجب البحث عنه بمهنية الأكاديميين والمؤرخين السياسيين المحايدين والمنصفين وعلى مدى كاف ، ولن يملك أحد الحق بان يوقف إي جهد علمي منظم في تقديم تاريخ نظيف للأجيال بحقائقه والتباساته ، فالتواريخ لازالت مُشَبَّعَه بالمراحل السياسيه :

التي اختطفت مفاهيم وحشرت أخرى ، وضَعَتْ مسارات وانْتَزَعَتْ أخرى من سياقاتها ، فَكَّكَت وركَّبت ، قَتَلَت وأَحْيَت مفاهيم نظريه ، أبْهَتت وجوه ورفعت ملامح ، أيقظت نزعات وأسْكَتت منطق العفوية والانسياب اللا إرادي لتحفة الفطرة
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس