عرض مشاركة واحدة
قديم 09-24-2013, 09:03 AM   #2
من السادة
مشرف سقيفة المناسبات
 
الصورة الرمزية من السادة

افتراضي


رابطة علماء اليمن تتقدم الى الامة العربية والاسلامية والى كافة علماء اليمن بأحر التعازي في وفاة الداعية الحبيب منذر المساوى السقاف الذي وافته المنية مجاهداً داعيةً ففقدت الامة برحيله احد اعلام الدعاة الى الى الله وفي ما يلي نبذة عن الفقيد نقلاً عن صفحة الحبيب علي الجفري

إنا لله وإنا إليه راجعون

انتقل إلى رحمة الله أخي الداعية الإسلامي الشاب الموفق الحبيب منذر المساوى السقاف.

في أول رحلة دعوية إلى أندونيسيا في رِكاب أستاذي المربي الحبيب عمر بن حفيظ عام ١٤١٣ الموافق ١٩٩٣ تقرر قبول خمسة عشر طالبا اندونيسيا للدراسة على سيدي الحبيب عمر في مدينة العلماء تريم الغناء بوادي حضرموت، واكتمل العدد سريعا، وفي زيارة لإحدى المدارس الشرعية بالقرب من العاصمة جاكرتا لمحتُ فتى في مقتبل العمر نحيل البدن عليه سكينة وله سمت حسن، فسألته عن اسمه فأجاب بأدب وتواضع: خادمكم منذر المساوى السقاف، وهي أسرة من آل البيت النبوي الشريف سنية شافعية، غير أن أجداده قد انتقلوا إلى أندونيسيا لنشر الإسلام في ربوعها.
سألته هل سُجلت ضمن الطلاب المُبتعثين للدراسة في حضرموت فأجاب منكسرا: حاولت .. ولكن اكتمل العدد ولم يقع علي الاختيار، ربما ييسر الله السفر في الدفعة الثانية.
فاصطحبته إلى سيدي الحبيب عمر وأخبرته بخبره فتفرس في وجهه ثم قال متبسما: هذا لا يؤخر إلى الدفعة الثانية أضيفوه استثناءً.

خرج هذا الطالب مع الدفعة الأولى إلى حضرموت وكانت ظروف الدراسة بالنسبة لهم غاية في الصعوبة، فقد انتقلوا من بيئة خصبة الأرض متنوعة الأطعمة والأشربة سهلة المعيشة، لاسيما وكثير منهم من أبناء أسر علمية عريقة وأجدادهم ممن نشروا الاسلام في اندونيسيا، ولهم أتباع ومحبون كثر، فانتقلوا إلى تريم تلك المدينة المباركة صعبة المناخ قليلة الموارد وإن كانت عظيمة الواردات، وكان سيدي الحبيب عمر في طور التأسيس لدار المصطفى في بيته ابتداء، وفي الصيف ينتقل بهم إلى مدينة الشحر الساحلية في رباط المصطفى، فلما زاد عدد الطلبة الواردين من مختلف الأماكن تم استئجار قاعة ملحقة بمسجد التقوى في تريم لإقامتهم.
وفي ليلة شتوية جافّة شكى الطلاب إلى سيدي الحبيب عمر عدم كفاية الأغطية اللازمة لوقايتهم من البرد، فدخل سيدي الحبيب إلى منزله وعاد لهم بعدد من الأغطية، فلم تكفِ عددهم، فعاد إلى داخل المنزل وخرج لهم بأربعة أغطية، فأخبروه بأنهم في حاجة إلى غطاء واحد إضافي، فدخل إلى المنزل ليعود إليهم بعد وقت ومعه الغطاء المطلوب.
يقول الحبيب منذر وكان الغطاء الأخير من نصيبي فلما تلحفت به وجدت رائحته كريهة تشبه رائحة بول الأطفال !
فداخلني حزن وعتب، وتساءلت كيف يعطيني سيدي الحبيب مثل هذا الغطاء؟
وفي اليوم الثاني تحدث إلينا بعد الدرس السيد علي بن سميط ابن شقيقة سيدي الحبيب وقال: هل تعلمون ماذا حدث البارحة؟
لقد أخرج لكم سيدي الحبيب الأغطية المخصصة للضيوف، فلما طلبتم المزيد أخرج لكم الأغطية الخاصة به وبزوجته وبنتيه، فلما ذكرتم أنه تبقى لكم غطاء واحد لم يجد سوى غطاء ابنه الصغير فأخرجه لكم، وبات مع أسرته يعانون من شدة البرد ملتحفين ثيابهم وأرديتهم.
يقول الحبيب منذر فخجلت من عتبي على سيدي الحبيب الذي آثرني بغطاء طفله فانتزعه من عليه.

وبعد أربعة أعوام تخرّجت هذه الدفعة المتميزة مع افتتاح مبنى دار المصطفى، فأخذ عدد منهم زمام الإشراف على مدارس أُسرهم، وتعين البعض الآخر معلمين في المدارس، وغالبهم كان يجوب المدن والقرى في مختلف الجُزر الأندونيسية المأهولة وهي تزيد عن ٣٠٠٠ جزيرة، حاملين إليها مشاعل الهداية والدعوة إلى الله .

بدأ الحبيب منذر عمله الدعوي في الأحياء الفقيرة، وصار يكتب بيده دعوات إلى الشباب المعروفين بابتعادهم عن الدين وتناولهم المخدرات والمسكرات يرجوهم الحضور إلى جلسات كان يعقدها في أحيائهم، فكانوا يستغربون اهتمامه بهم ويحضرون، فتتأثر قلوبهم بموعظته وتسيل دموعهم ويقبلون على الله تائبين.
واتسعت دائرة الحضور حتى ضاقت بهم البيوت والمساجد، فانتقلت المجالس إلى الميادين العامة، وتأسست بهم مؤسسة دعوية، إلى أن اتسعت المجالس فلم تعد الساحات العامة تكفيهم، فانتقلت مجالسه إلى أكبر ساحات جاكرتا التي تعقد فيها المناسبات الوطنية، وظهرت المجالس المليونية في جاكرتا.
فأقبل على مجالسه الساسة الكبار والأعيان، وكان يُسمعهم النصائح النافعة، والموعظة الحسنة، وحضر رئيس الدولة مجمع المولد النبوي الشريف الذي يعقده هذا الداعية الشاب.
غير أنه رحمه الله اعتذر عن أي مشاركة سياسية أو حزبية كانت تعرض عليه، وجرّد نفسه لخدمة الدعوة إلى الله تعالى ونشر تعاليم الدين.
وفي العام الماضي ألحّ الحبيب منذر على الفقير إلى الله في حضور مجمع ليلة الإسراء والمعراج، فإذا بالمجمع يتخطى المليون من الحضور، وصرت أنظر إلى الناس على مدى البصر من كل تجاه، يحيطون بمنصة المجلس وقد أقبلوا من مختلف القرى قبل الموعد بساعات ليجدوا مكانا في الساحة الوطنية.
وكانت العيون تذرف بالدموع، والقلوب تضجّ إلى الله، وروح المحبة تسري في الجمع.

وفي أحد المجالس أحضر بمجموعة من الأطفال يلبسون الملابس القبلية التقليدية الشبيهة بملابس الهنود الحمر نوعا ما، واستأذن في أن يقدموا رقصة ترحيبية من التراث الأندونيسي بعد أن أخبرني بأنهم أبناء قبائل من جزيرة عريان التي لايزال فيها عدد من القبائل الوثنية، وبعد أن أسلم آباؤهم على يده أرسلوهم معه إلى المدرسة التي أسسها في جاكرتا، بعد أن اشترطوا عليه شرطا مفزعا، هو أنه إذا أُصيب أحدهم بسوء فإن حياته ستكون ثمنا لذلك، فقبل هذه المخاطرة رغبة في تعليمهم ليكونوا دعاة إلى الله.

وقد ابتُلي هذا الشاب بمرض صاحبه في دعوته فكان الأطباء يُعطونه الإبر المسكنة بإلحاح منه ليخرج إلى المجلس، فيعود أحيانا وهو محمول إلى المنزل فيرجع الأطباء إليه .

حتى حانت ساعة لقاء المولى فانتقل اليوم إلى الرفيق الأعلى إثر إصابته بنوبة قلبية.
أسأل الله أن يتقبله عنده في الفردوس الأعلى، وأن يخلفه في ذويه وطلبته ومحبيه بخلف صالح.
اللهم آجرنا في مصيبتنا هذه واخلف علينا خيرا منها.
إنّ العين لتدمع وإنَّ القلب ليخشع وإنّا على فراقك يا أُخيّ لمحزونون، ولا نقول إلا ما يقوله الصابرون: إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
التوقيع :
كلما تعلقت بغير الله أذاقك الله الذل على يديه لا ليعذبك ولا ليحرمك __بل رحمة منه لتعود إليه__
أخيكم المحب في الله
  رد مع اقتباس