عرض مشاركة واحدة
قديم 02-24-2015, 09:40 PM   #189
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

الجنوب العربي اسم وواقع حاضر منذ قبل الإسلام



الجنوب العربي اسم وواقع حاضر منذ قبل الإسلام


بقلم/ فيصل جابر القطيبي:






نود أن نوضح في موضوعنا هذا ما جاء في صحيفة الأيام (العدنية) في مقالة نشرت في العدد (5770) بتاريخ 10/7/2014م بعنوان (هل اخترع الاستعمار البريطاني الجنوب العربي) بقلم الأخ حسام محمد سلطان، ويبدو بأن الأخ حسام حاول بطريقة ما التأكيد على واحدية الأرض والثورة (الجنوبية واليمنية) وذلك غير صحيح مطلقاً ولكنه متداول في الكتابات التي وضعها المنتصر منذ قرون طويلة!؟ المنتصرون يكتبون التاريخ، لكن البحث الدقيق في الكتب والمخطوطات ومراجعة ما أخذ من النقوش القديمة يجد المتابع أموراً كثير تؤكد زيف ما تم الترويج له منذ قرون وردده الكثيرون ببغاوية مع أن الجنوب العربي اسم وواقع حاضر منذ قبل الإسلام.

حيث تعرف اليمن جغرافياً وتاريخياً ومنذ ما قبل الإسلام بحدودها وتعرف بلاد (العربية الجنوبية) أو (العربية السعيدة) بحدودها أيضاً والتي تمتد من عدن إلى إقليم ظفار والمناطق المجاورة في رأس هرمز الآن فتقطعت (ميجان) أو عمان تلك المناطق واقتطعت المملكة حدود الربع الخالي وتحول اليمن الآن التهام الجنوب العربي كاملاً ثم يأتي بعض حفدة السلاطين والجهلة ليتحدثوا عن استقلال تلك السلطنات عن بلاد العربية الجنوبية بدفع من جهات في اليمن خاصة المخلوع غير الصالح !؟.

لقد تعاقبت أزمنة كان يحدث فيها (احتلال) متبادل ما بين الدول القديمة القوية التي كانت تقام في البلدين الجارين بل ووصل نفوذ بعض الملوك من تلك الدول إلى حدود العراق...أما في القرن العشرين وبفعل المد القومي العربي إضافة إلى الهجرات الكبيرة من مناطق (جنوب اليمن) وهي (تعز والحجرية وتهامة) كانت تلك الهجرات الكبيرة خاصة إلى عدن سببها البحث عن العمل وسبل العيش بصورة أفضل مما هم عليه في ظل نظام منغلق وفاسد، ثم انخرط الكثير من المهاجرين إلى الجنوب أو في الجنوب من أبناء اليمن في الحركة القومية التحررية ضد الاستعمار البريطاني منذ ما قبل ثورة سبتمبر في اليمن، ووصل البعض منهم إلى مواقع قيادية كبيرة في الحركة الثورية والكفاح المسلح في عدن كل ذلك يدفعهم إلى القومي الناصري وشعارات المساواة والعادلة الاجتماعية التي تنادي بها الأفكار الثورية الاشتراكية والأممية...إلخ.

وكانت مشاركتهم الفعالة في الجوانب السياسية والنظرية وفي مفاوضات الاستقلال الوطني للجنوب ومن ثم تأثيرهم على القيادات الجنوبية من خلال شعارات الوحدة العربية والأممية والاشتراكية (وواحدية المصير) جاءت بنتائج كان أهمها تغيير تسمية الجمهورية الوليدة من (الجنوب العربية) إلى جمهورية (اليمن الديمقراطية الشعبية) أما مشاركة أبناء الجنوب العربي في الدفاع عن ثورة سبتمبر فهو لا يختلف كثيراً عن ما يحدث اليوم من خلال التيارات الثورية والدينية والقبلية التي تؤمن وتشارك بفكرة خاصة تنصرها في جميع بلدان الوطن العربي وهذا ينفي واحدية الثورة الجنوبية والثورة اليمنية (شكلاً وموضوعاً) كما أن الزعيم عبد الله السلال كان يعرف ذلك جيداً ويؤمن بالفرق بين الثورتين لذلك لم يدعو إلى (الوحدة اليمنية).

مطلقاً لا في بدايات ثورة أو (انقلاب) سبتمبر ولا أثناء ثورة الجنوب 14 أكتوبر أما في الوزراء أو إشراك للرئيس قحطان الشعبي في حكومة السلال في صنعاء كوزير لشؤون الوحدة أو الجنوب فقد فرضت ذلك مصر عبد الناصر على السلال كخطوة (دعائية) لنواة يمكن البناء عليها للوحدة العربية الكبرى وقد سخر من تلك الشعارات الرئيس اللبناني المسيحي كيل شمعون وأغضب ذلك الزعيم العربي جمال عبد الناصر!؟

أما (نظرية الأصل والفرع) فهي ليست (أحمرية ألبانية) أي نسبة للشيخ عبد الله الأحمر وهو من سلالة ناصر الألباني الملقب بالأحمر، كما قال القيادي المؤتمري سلطان البركاني أكثر من مرة للتشنيع على أصل أسرة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر ونشرت صحيفة المستقلة (أن الجندي ناصر الألباني قدم إلى اليمن مع القوات التركية التي كان يقودها القائد العسكري التركي سنان باشا.....) المهم أن نظرية الأصل والفرع تعود للإمام يحيى بن حميد الدين لتبرير مطالبته (بالجنوبية العربية) لضمها لليمن المتوكلية بعد تربع أجداده الأئمة الزيود على سدة الحكم في اليمن ابتداءً من نجران إلى صعدة ثم باقي اليمن وبعد مقتل الزعيم الديني الباطني علي بن الفضل على (العربية الجنوبية) وكان هدف مؤسس الدولة الزيدية في اليمن هو تأسيس قاعدة شيعية للانطلاق منها للسيطرة على باقي البلاد العربية كما تخطط الآن إيران للجماعة الحوثية في صعدة؟!!

فأعاقت تلك الفكرة الحروب مع اليمنيين شمال صنعاء وكذا مواجهاتهم المسلحة مع الفرق الشيعية الباطنية الأخرى كانت زعامات تلك الفرق الشيعية شخصيات غير علوية ولا يمنية مثل (الفارسي) منصور اليمن صاحب مسور والداعية علي بن الفضل الخنفري (الجنوبي)، الذي استطاع احتلال اليمن بعد انطلاقه من مدينة جعار في يافع (خنفر القديمة) وضم اليمن إلى العربية الجنوبية فكان ذلك الفعل الذي أقدم عليه ابن الفضل أحد المبررات لاحتلال الجنوب العربي لأول مرة بعد الإسلام واعتباره جزء من اليمن أو فرع تابع لليمن!؟.

حدث ذلك بعد أن اتحدت الجيوش (اليمنية) حتى الباطنية منها التي مرجعيتها وعلى بن الفضل واحدة أي أن الجيوش الباطنية اليمنية التي يفترض أن تساند ابن الفضل الجنوبي تخلت عنه وتحالفت مع الزعامات القبلية اليمنية برغم أن الإمام الهادي كان قد انهزم وتخلى عن مشروع والده القاسم وعاد لاستكانة في صعدة ونجران لكنه عاود التحالف مع الزعامات القبلية اليمنية ضد الجيوش الجنوبية التي كانت تحتل اليمن وذلك التحالف ألحق الهزيمة بقوات ابن الفضل بعد أن دبر أمر وفاته بحيلة دنيئة!؟.

كل ذلك يعني بأن المسألة مناطقية منذ عهد علي بن الفضل بل ما قبل ذلك بكثير منذ الممالك القديمة وعداوات ممالك سبأ وحمير وثورة كندة والتي استمرت (الثورات) حتى ما بعد هزيمة ابن الفضل في يافع وحضرموت إلى أن حقق الجنوب العربي استقلاله عند تأسيس السلطنة العبدلية في لحج!؟.

لقد كانت تلك الخيانات من الأسباب التي أدت إلى سقوط دولة ابن الفضل والتي حدثت من قيادات وتحالفات يمنية في جيش ابن الفضل ومن ثم طمس آثارها وكل ما خلفت من كتب وتراث فكري تماماً كما حدث في العام 1994م في عمران وصعدة ، حيث التزمت قوى وقبائل يمنية للرئيس البيض ثم تخلوا عنه وهم الذين قصدهم وعندما قال تعهدوا لنا ولكنهم لم يقرحوا طماشة ونفس تلك القبائل هي التي انقلبت الآن ضد حزب الإصلاح اليمني لصالح الجماعة الحوثية لأسباب طائفية!؟.

وما يثير الحزن بأن دكتور حضرمي متخصص في التاريخ يظهر على قناة السعيدة ليدلس على المتابعين بكلام غير صحيح ولا نعرف هدفه هل بسبب عقليته التي تتعامل بقاعدة الناقل وليس بقاعدة الناقد أن ما يتحدث به (الدكتور الوزير) هو كلام معروف في الكتب المتداولة منذ ما بعد دولة على بن فضل أما البحث في الكتب الجادة والمراجع والنقوش والمخطوطات التاريخية منذ ما قبل الإسلام فهو يتطلب الكثير من الصبر والمجالدة ولا نظن بأن وقت الدكتور وصحته يمكناه من ذلك ولا يزال يتجدد في عروق الدكتور ويدفعه للحديث في (مسائل متشابهة بعيداً عن أحكام في تاريخ المنطقة) إن صح التعبير.

(الكويت ليست عراقية وعدن ليست يمنية )

كما أن أحد أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي قال في مقابلة صحفية معه نشرت في صحيفة (عدن الغد) ساخراً (إذا كان الجنوب العربي غير اليمن فمن أين جئنا نحن؟ هل من المريخ ؟) ولا نعرف من يقصد بـ(نحن)!؟ واستناداً إلى ما تقدم فإن المنطق يقول بأنه يجب على (المستوطنين) اليمنيين في الجنوب التخلي عن فكرة ضم الأصلين إلى المناطق التي جاءوهم منها ويفترض الذوبان في الوسط الذي انتقل آباؤهم أو أجدادهم للعيش فيه وستبقى خصوصياتهم في إطار العائلة كما يحدث في جميع الهجرات البشرية منذ فجر التاريخ وليس العكس!؟ واليمنيون كانوا في المملكة السعودية بالملايين وانغمسوا في الحياة هناك وتخلقوا بطبع أهل الخليج ومع ذلك حفتهم المملكة ومهدت لعودتهم إلى اليمن للاستيطان والعمل في (الجنوب) بعد أن كانت تعارض الوحدة السياسية بين اليمن والجنوب العربي، وهذه الجزئية تلخص الموقف السعودي كاملاً من المطالب الجنوبية للحراك الثوري نحو الانفصال أي أن المسألة اقتصادية في الأصل ولها تداعيات مستقبلية على المملكة لذلك تؤدي المملكة ما عليها لليمن من خلال الأموال التي تحول للمشائخ والشخصيات السياسية المؤثرة والجماعات الدينية لتحقيق المستوى المعيشي الأدنى على الأقل للمواطن في اليمن خوفاً من الهجرات الجماعية إلى دول الخليج العربي لذلك تم تحويل الهجرة إلى الجنوب العربي برعاية من المملكة السعودية والمشكلة أن اليمنيين لم يفهموا ذلك وحاولوا ضم الجنوب إليهم!؟

إن الهجرات البشرية والتنقل للبحث عن الرزق والأمان سمة بشرية حدثت ولا زالت منذ فجر التاريخ الإنساني، وبسبب تلك الهجرات يحدث الاختلاط والتنوع الثقافي والعرقي (عدن أنموذجاً) وهو أيضاً ما حدث بين اليمن و العربية الجنوبية منذ أقدم العصور فأدت قوة الاحتكاك والاختلاط ما بين البلدين الجارين إلى قواسم مشتركة كثيرة كما في بلدان الخليج العربي فيما بينهم بل بين بلدان الخليج وحضرموت ؟ فإذا ما سألت شخص من أوروبا عن الفروق بين المواطنين في دول الخليج العربي في الملبس والمأكل والتصرفات (وحلب لبن الناقة) فسيجيب بأنه لا يوجد أي فرق مطلقاً!؟.

في حين نحن في المنطقة نستطيع تمييز السعودي عن القطري عن الكويتي عن الإماراتي في الملبس واللهجة. إن اللمسات العامة للجماعة البشرية التي تعيش في منطقة معينة تميزها عن جيرانها هي الخصوصية الثقافية ويطلق عليها (هوية) بحسب الفيلسوف الإنجليزي ت ــ س اليوت وهذا ما هو حاصل بين اليمن وبين الجنوب العربي وبين العراق وجنوب العراق والمسماة دولة الكويت مع أنهما متجاورتان فقط...!؟.

أما الهجرات الجماعية للقبائل وسكان مناطق بحالها فإنها تأخذ واحد من شكلين إما أن تذوب تلك الجماعات في المناطق التي هاجرت إليها (الأوس والخزرج) و(القبائل اليمنية والعربية الجنوبية في الفتوحات الإسلامية) مثال وأما أن تظل على ثقافتها الأصل كما الهجرات الألمانية إلى الأراضي البولندية والبقاء في إقليم خاص والهجرة إلى بولندا كانت تلك أحد مبررات هتلر لاحتلال بولندا و البدء بالحرب العالمية الثانية.....! على أساس أن تلك الأقلية الألمانية في بولندا يجب أن تحكم من ألمانيا؟

العربية الجنوبية في كتب التاريخ معروف المنهج العلمي الذي يستند إليه الدكتور جواد علي صاحب الكتاب الأشهر (تاريخ العرب قبل الإسلام) في كتاباته وأفكاره وأحكامه وآرائه وهي الرجوع إلى النقوش التاريخية والنصوص القديمة كما أن ما سنعرضه هنا لم يقله أو يكتبه الدكتور جواد علي نتيجة لحالة عاطفية طارئة بسبب ما يتعرض له الجنوبيون من ظلم وقهر من قبل قوات نظام اليمن، ولكن ما ننقله كان قد طرحه الدكتور جواد علي في كتابه الآخر (تاريخ العرب في الإسلام) وهو كتاب صغير كان قد صدر في العام 1983م منشورات دار الحداثة بيروت لبنان أي قبل أكثر من ثلاثين عام من الآن.

كما أن كتاب الدكتور جواد علي ليس كتاباً في السياسة بل هو كتاب تاريخي يتحدث عن الرسالة المحمدية وعن الرسول الكريم (صلَ الله عليه وسلم) ويرد به على شبهات النصارى ضد الإسلام وفي الصفحة (81) من الكتاب (السطر الأول) يذكر أن تجار مكة كانوا ينقلون ما يحتاجون إليه للتجارة من الشام إلى اليمن و(العربية الجنوبية) هكذا يذكرها (اليمن والعربية الجنوبية) وحتى لا يعتقد المتابع بأن ما قاله الدكتور جواد علي ربما تكون هفوة أو خطأ مطبعي فإنه يعيد ذكر ذلك في (السطر الثالث) من نفس الصفحة قائلاً: ((وينقل من بلاد الشام والعراق ما يحتاج إليه أهل مكة واليمن (والعربية الجنوبية وإفريقيا) ومعنى هذا أن اليمن غير العربية الجنوبية هي أرض مختلفة عن اليمن منذ أقدم العصور وليس وغير إفريقيا كما هو معروف طوال فترات التاريخ.

إن العربية الجنوبية هي أرض مختلفة عن اليمن منذ أقدم العصور وليس كلام الدكتور جواد علي أول ما صدر للتفريق بين اليمن والجنوب وسوف نستعرض في كتابات قادمة إلى حروب الردة وإرسال الخليفة الصديق جيش عكرمة بن أبي جهل إلى عمان والمهرة وحضرموت وجيش المهاجري أبي أميه إلى صنعاء وجيش سويد بن مقرن إلى عدن كما سنعرج إلى الدول والممالك القديمة في اليمن وفي العربية الجنوبية قبل الإسلام خاصة دولة حمير.
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس