عرض مشاركة واحدة
قديم 02-29-2008, 02:56 AM   #3
الشبامي
المشرف العام
 
الصورة الرمزية الشبامي

افتراضي

اللهُ تعالى يكفي نبيَّه المستهزئين

إن الله سبحانه وتعالى ناصر رسله والذين آمنوا ، وقد آذن من عادى أوليائه : بالحرب ، وليس أكرم عليه في خلقه من الأنبياء ، وليس نبي أكرم عند الله من خليله محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد

أخبرنا رب العزة بأنه يكفيه المتستهزئين وأن من شانه فإنما تدور الدائرة عليه .. قال تعالى ** إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهزِئِين } ، وقال تعالى {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} ..

أخرج البزار والطبراني في الأوسط عن أنس قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على أناس بمكة، فجعلوا يغمزون في قفاه ويقولون: هذا الذي يزعم أنه نبي ومعه جبريل. فغمز جبريل بأصبعه فوقع

مثل الظفر في أجسادهم، فصارت قروحا نتنة. فلم يستطع أحد أن يدنوا منهم. وأنزل الله {إنا كفيناك المستهزئين}.

قال السعدي رحمه الله : {إنا كفيناك المستهزئين} بك وبما جئت به ، وهذا وعد من الله لرسوله , أن لا يضره المستهزئون ، وأن يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة. {الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ

إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} : وقد فعل تعالى , فإنه ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به إلا أهلكه الله ، وقتله شر قتلة" (تيسير الكريم الرحمن) ..

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "ومن سنة الله أن من لم يمكن المؤمنون أن يعذبوه من الذين يؤذون الله ورسوله؛ فإن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه ، كما قدمنا بعض ذلك في

قصة الكاتب المفتَري، وكما قال سبحانه : {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِيَن * إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهزِئِين}.

وقال شيخ الإسلام رحمه الله في قوله تعالى {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} : فكل من شنأه وأبغضه وعاداه فإن الله تعالى يقطع دابره ، ويمحق عينه وأثره" (الصارم المسلول : ج1) ، وقال في موضع آخر

"فبيّن الله أن الذي يشنأه هو الأبتر لا هو ، والشنآنُ منه ما هو باطنٌ في القلبِ لم يظهر ومنه ما يظهر على اللسان ، وهو أعظم الشنآنِ وأشدهُ ، وكل جرمٍ استحق فاعلهُ عقوبةً من اللهِ إذا أظهر ذلك

الجرم عندنا وجب أن نعاقبهُ ونقيمَ عليه حدَّ الله ، فيجبُ أن نبتر من أظهر شنآنه وأبدى عداوته ، وإذا كان ذلك واجباً وجب قتلهُ ، وإن أظهر التوبةَ بعد القدرةِ ، وإلا لما انبترَ لهُ شَانِئٌ بأيدينا في غالب

الأمر ، لأنه لا يشاءُ شانئٌ أن يُظهر شنآنه ثم يُظهر المتاب بعد رؤية السيف إلا فعل ، فإن ذلك سهلٌ على من يخاف السيف. (الصارم : ج2)

ومثال هذا ما روى البخاري في "صحيحه" عن عبدالعزيز بن صهيب عن أنس قال: كان رجلاً نصرانياً ، فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم ، فعاد نصرانياً، فكان

يقول: لا يدري محمد إلا ما كتبتُ له، فأماته الله، فدفنوه، فأصبح وقد لَفَظَتْه الأرض، فقالوا: هذا فِعْلُ محمدٍ وأصحابه، نَبَشُوا عن صاحبنا فألقوه، فحفروا له وأعمقوا في الأرض ما استطاعوا، فأصبح

وقد لفظته الأرض ، فعلموا أنه ليس من الناس ، فألقوه" ..
قال ابن تيمية رحمه الله " فهذا المـلعون الذي افترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يدري إلا ما كتب له ، قصمه الله وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دُفن مراراً ، وهذا أمر خارج

عن العادة ، يدل كل أحد على أن هذا عقوبة لما قاله ، وأنه كان كاذباً ؛ إذ كان عامة الموتى لا يصيبهم مثل هذا ، وأن هذا الجرم أعظم من مجرد الارتداد ؛ إذ كان عامة المرتدين يموتون ولا يصيبهم

مثل هذا ، وأن الله منتقم لرسوله ممن طعن عليه وسبه ، ومظهر لدينه ولكذب الكاذب ؛ إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد"
ثم قال رحمه الله "ونظير هذا ما حدثناه أعداد من المسلمين العدول أهل الفقه والخبرة عما جربوه مرات متعددة في حصر الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني

الأصفر في زماننا ، قالوا : كنا نحن نحصر الحصن أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنع علينا حتى نكاد نيأس منه حتى إذا تعرض أهله لسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والوقيعة في

عِرْضِه ، تعجلنا فتحه وتيسر ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك ، ثم يُفتح المكان عَنْوَة ، ويكون فيهم ملحمة عظيمة ، قالوا: حتى إن كنا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه مع

امتلاء القلوب غيظاً عليهم بما قالوه فيه.
وهكذا حدثني بعض أصحابنا الثقات أن المسلمين من أهل المغرب حالهم مع النصارى كذلك ، ومن سنة الله أن يعذب أعداءه تارة بعذاب مِن عنده ، وتارة بأيدي عباده المؤمنين. (الصارم المسلول)
التوقيع :
  رد مع اقتباس