الموضوع: نعم ولكن
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-02-2005, 03:19 AM   #1
sabb
حال جديد

افتراضي نعم ولكن

اود بهذه القصة القصيرة التى حدثت احداثها في حوالى الثمانينات من القرن الماضى لقصد الفائدة والعبره.
القصة اسمها (( نعم ولكن))
" ربحت سيدة امريكية عجوز(دردبيس) -على رائى الشاعر الجاهلى- جائزة يانصيب ولاية كلفورنيا وقدرها 55 (خمسة وخمسون) مليون من الدولارات وقالت المراءة الرابحة للصحفيين بعد فوزها بالجائزة ان هذه اول مرة اعقد فيها مؤتمر صحفيا وأول مرة اكسب فيها جائزة وأول مرة اربح 55 مليون دولار!
والمراءة التى هبطت عليها الثروة من السماء فى الثانية والستون من عمرها ولم يسبق لها الزواج من قبل وليس لها دخل ثابت وتقيم مع بعض القطط فى مسكن متواضع وتمارس اعمال السمسرة وتكدح بشدة وتحقق بالعافية 300(ثلأثمائة) دولار فى الشهر . ولذلك فالمراءة مذهولة ولا تعرف كيف تتصرف, انها تحلم بالطواف حول العالم وتريد ان تقتنى قصرا. وتفكر فى اقتناء يخت فاخر وتتمنى ان تتزوج عشرة رجال فى وقت واحد من طراز تايسون (لتعويض الفترة السابقة) وتريد تفتح ريقها على الكافيار وتتغذى بلحم الطاؤس وتحضر طعام العشاء بالطائرة من مطعم مكسيم فى باريس!
وأذا كانت المراءة التى اغتنت فجاة تحلم بأشياء كثيرة فالعبد لله يعتقد انها لن تحقق شيء من هذه الاحلام فالثروة جائت بعد فوات الاوان. فالعظام وهنت والشعر شاب والسيقان تقوست والعقل ضعف والبصر زاغ. وسحرالحياة انها مثل توفيق الحكيم تؤمن بالتعادلية(( قد تسلبك المال وتمنحك الصحة وقد تمنحك الموهبة وتمنع عنك القوة وقد تحقق لك كل ماتتمناه ثم تقضى عليك فجاءة!
فى ايام الصباء تتمنى لو تأكل الطعام الفاخر وفى الشيخوخة تتمنى لو تهضمه.. وفى الشباب تبكى لانك لاتستطيع الحصول على الحب وفى الشيخوخة تبكى لانك لاتستطيع ان تمارسه والدنيا كبيت جحا كلما خرجت من باب اكتشفت انك لم تخرج ولكنك دخلت اكثر! وهى دائما تعطى باليمين وتأخذ بالشمال.
كان للعبد لله شاعر..تعرف على ثرى عربي فى بداية الخمسينات ومدحه بقصيدةعصماء فنفحه ثروة كبيرة وأخذ الشاعر معه الى جنيف وأشترى له قصرعلى البحيرة وخلع الشاعر البدلة التى اشتراهامن سوق الكانتو وارتدى بدلة ايف سان لوران وبدل من الحبل الذى كان يلفه على عنقه ارتدى الرابطة من لانفان وبدلا من الاحذية الكاوتشك اشترى دسته احذية ماركة بالى وساكسون وكلارك وانفق صديقنا الشاعر على ديكور القصر عدة الوف من الدولارات وأثثه من ايطاليا بعدة ملايينمن الليرات وأشترى طاقما للطبخ من فرنسا وقوة للحراسة من يوغسلافيا وأستأجر لفيفا من الخدم من سريلنكا والفلبين وفيتنام. وبعد عام كامل من الجهد الشاق والانفاق الواسع اصبح القصرصالحا لأقامة ملك وعندما تم كل شىء دخل الشاعرقصره والقى بنفسه على كرسى مريح فى الشرفه الواسعة المطلة على البحيرةوجلس يتأمل ويفكر ويملاء عينيه بالمنظر الساحر ثم اغلق عينيه وأسلم الروح ومات.
فهكذا الحياة تضيق عندما يتصور الانسان انها تتسع. وتنتهى عندما يأمل الانسان ان تمتد, وتأتى الحياة عندما تطلب الموت, ويحدث الفرج عندما تشتد, ويبحث شاب عن مائة ربية ليبداء حياته دون جدوى وتربح امراءة عجوز فى الثانية والستون من عمرها جائزة يانصيب قدرها 55 مليون دولار وهى تحلم ان تفعل كل شىء ولكنها بالتأكيد لن تفعل شياء لانها هكذا الحياة
كما قال اوسكاروايلد(يحقق المرء فيها كل ما يتمناه ولكن ليس فى الوقت المناسب)
التوقيع :
شـبه الجـزيرة موطنـى وبـلا دى
من حضرموت الى حمى بغـدادى
  رد مع اقتباس