عرض مشاركة واحدة
قديم 11-09-2019, 03:09 PM   #269
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


اخبار المحافظات

كاتب تونسي : الجنوب العربي صرخة الحرية لشعب غير قابل للذوبان في الآخر. (بحث تاريخي)



2019-11-09 14:04
كاتب تونسي : الجنوب العربي صرخة الحرية لشعب غير قابل للذوبان في الآخر. (بحث تاريخي)
شبوه برس - خـاص - تونـس



إن كان لا مناص من مواجهة الواقع على حقيقته، فإن من حق الجنوب العربي تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة، بعد أن واجه سنوات عجافا في ظل الوحدة العقيمة التي لم يجن منها غير الفقر والعنف والإرهاب، وهي وحدة كانت نتيجة لتصفية ميراث الحرب البادرة في ظل بوادر انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1990، ثم أعيد فرضها بالقوة عام 1994، لكن دون أن تفتر إرادة الجنوبيين في الدفاع عن استقلالهم ورفض الذوبان في الآخر، بعد أن تبين لهم أن هناك فوارق تاريخية وثقافية واجتماعية تحول دون الاستمرار في القبول بوحدة الأمر الواقع.




الخلاف ليس جديدا ونزعة الاستقلالية عند الجنوبيين ضاربة في القدم، والشخصية الجنوبية لها خصوصياتها التي لا يمكن القفز فوقها، كالشخصية اللبنانية بالنسبة لسوريا، أو الشخصية الكويتية بالنسبة للعراق، أو الشخصية السودانية بالنسبة لمصر، فالجوار الجغرافي أو وحدة التاريخ في بعض جوانبه، لا يعنيان وحدة المزاج الشعبي الذي تتشكّل منه بنية الانتماء الوطني. هناك خصائص ثقافية واجتماعية عادة ما تكون وراء تشكيل منتج سياسي لا يمكن استيعابه بالوحدة الاندماجية الكاملة كالتي تم ارتجالها بسرعة قياسية عام 1990.



قضية الجنوب في صورتها الحديثة تعود إلى ثلاثينات القرن الـ19 حين كانت مناطق جنوب اليمن عبارة عن مشيخات وسلطنات متناثرة ومتناحرة تفتقر إلى كيان واحد يجمعها، الأمر الذي سهل على بريطانيا احتلال أبرز مناطقها وهي مدينة عدن عام 1839، وفي عشرينات القرن العشرين ضم البريطانيون المشيخات المحيطة بعدن كإجراء احترازي لمنع الأئمة الزيديين في الشمال من اقتحام عدن، ثم أسسوا عام 1959 ما عُرف باتحاد إمارات الجنوب العربي الذي ضم 21 مشيخة في جنوب اليمن.



وقد ورد في مذكرات المعتمد البريطاني لمحمية عـدن (1930 – 1940) السير برناد رايللي أنه في عام 1920 اجتاح الغزو الزيدي أراضي إمارة الضالع الأميرية الموجودة في محمية عـدن والتي تربطها بحكومة عـدن معاهدة حماية وصداقة من أيّ اعتداء خارجي. وفي عام 1923 واصل الغزو الزيدي اجتياحه لمناطق محميات عـدن الغربية واستولى على سلطنة البيضاء وأيضا على مكيراس في الجزء العلوي من سلطنة العوذلي في عام 1924، كما استولت الدولة المتوكلية اليمنيّة أيضا على منطقة العوذلي السفلي “لودر” عام 1926 وهناك قامت بريطانيا بقصفهم جوا وأرسلت لهم المزيد من القوات الجويّة البريطانية في إمارة الضالع وملحقاتها.



ومع ذلك، استمرت سيطرة الزيود على سلطنة البيضاء التي لم يبرم سلطانها أيّ معاهدة مع بريطانيا رغم أن إقليمه يمتد على الجانب البريطاني من حدود الأنجلو- التركية المعينة في عام 1914 باتفاقية الحدود الدّولية.



ومع استمرار الاعتداءات الزيدية الشيعية لمحميات عدن الغربية الشافعية خاصة بعد الاستيلاء على الضالع والبيضاء ومكيراس ولودر في الفترة بين 1920 و1926 قامت الحكومة البريطانية عام 1926 بالمزيد من المحاولات- قبل اتخاذ أي قرار عسكري- للتوصل مع الإمام إلى اتفاق، وهذا عندما تم إرسال ضابط الاستخبارات البريطاني جيلبرت كلايتون إلى صنعاء محاولة منه إبرام معاهدة مع الإمام، لكن جميع مفاوضاته فشلت تماما، وقبله تم إرسال المسؤول الأوّل الكولونيل هارولد فيتنون جاكوب، أوّل مساعد مقيم في عدن، للتفاوض مع الإمام بعد جلاء الأتراك عن اليمن.



يشير المعتمد البريطاني في مذكراته إلى أن المفاوضات فشلت بسبب ادعاء الإمام بأنه يملك كل شبر في الجنوب العربي للجزيرة العربية، بما في ذلك الجزء الأكبر من محمية عدن، بل وعدن نفسها، معتمدا في ذلك على أن الأئمة الزيديين حكموا البلاد كلها منذ حوالي 1630 إلى حوالي عام 1730، وهو إدعاء لم تعترف به قبائل محمية عـدن بمن في ذلك حكامها المحليون الذين اعتبروا مطالبات الإمام مبالغا فيها، وأن الإمامة اليمنية لم تحكم مناطق الجنوب عبر التاريخ، بل جاءتها غازية.



الجنوب العربي



وبعد أن وصلت الحكومة البريطانية إلى طريق مسدود مع الإمام الزيدي لسحب قواته من المناطق التي غزاها في محميات عدن الغربية، أجهز سلاح القوات الجوية الملكية البريطانية في إمارة الضّالع عام 1928 على جيش الإمام الذي انهار وتقهقر وتراجع أمام ضربات الطيران البريطاني وتقدم قوات أمير الضالع من اتجاه ردفان وحالمين، ورغم تحرير الضالع ولودر ومكيراس من قبضة الدولة المتوكلية اليمنية إِلا أن سلطنة البيضاء، الممتدة على الجانب البريطاني من الحدود الأنجلو- تركية المعينة في عام 1914، لم تُحرر، وسلطنة البيضاء لم تبرم أبدا عنها الحكومة البريطانية أي معاهدة لتحريرها وكفالة حمايتها؛ لهذا ظلت تحت الحكم الزيدي رغم وقوعها في إطار محميات عدن الغربية وهذا الأمر كان جد سيء.



في أكتوبر 1963 اندلعت ثورة التحرير في جنوب اليمن، وتمكن الثوار من قتل المندوب البريطاني كينيدي تريفسكيس يوم 10 ديسمبر 1963، مما اضطر بريطانيا إلى سحب قواتها من عدن عام 1967، وفور خروجها أعلن عن قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بقيادة الرئيس قحطان الشعبي. وفي عام 1972 اندلعت اشتباكات حدودية بين دولتي شمال اليمن وجنوبه على خلفية مساعي إقامة وحدة بين البلدين، ثم وفي أواخر مارس 1979 بدأت مباحثات بين الرئيس الجنوبي عبدالفتاح إسماعيل والرئيس الشمالي علي عبدالله صالح توجت بالتوقيع على اتفاقية الوحدة، وتشكيل لجنة دستورية مشتركة لوضع مشروع دولة الوحدة، وقد أدت التفاهمات عام 1988 إلى السماح بالدخول والخروج من البلدين بالبطاقة الوطنية، وتأسيس منطقة استكشاف نفط مشتركة، ونزع سلاح الحدود.



ورغم أن دولة الجنوب، التي كانت أول دولة في الجزيرة العربية تتبنى العقيدة الماركسية وتنحاز للمعسكر الاشتراكي قد وجدت نفسها منذ 30 نوفمبر 1967 في مهب الصراعات الدولية بسبب الحرب الباردة، إلا أنها حافظت على سيادتها وكيانها الوطني المستقل وعلى عضوية الأمم المتحدة والجامعة العربية والمنظمات الإقليمية والدولية حتى 22 مايو 1990، تاريخ الإعلان عن قيام الوحدة اليمنية الانتقال

*- بقلم: الحبيب الأسود (كاتب تونسي)

التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس